لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل التصدير لأفريقيا "طوق النجاة" لإنقاذ صناعة الأسمنت في مصر؟

12:51 م الأحد 21 يوليه 2019

أسمنت

كتب- مصطفى عيد:

تلاحق الخسائر والأزمات قطاع الأسمنت في مصر، بسبب الزيادة الكبيرة في المعروض من الأسمنت عن الاستهلاك المحلي، ولا يبدو في الأفق حلا سريعا في المستقبل القريب.

وتحدث بنك استثمار "شعاع" في مذكرة بحثية حديثة، عن ضرورة توسع شركات الأسمنت المصرية، في التصدير لأفريقيا، من أجل تصريف جزء من الفائض الكبير في السوق المحلي.

ويرى شعاع أن التصدير لأسواق شرق ووسط أفريقيا ربما يكون أحد الحلول أمام قطاع الأسمنت المصري، الذي يعاني من الخسارة وتراجع الأرباح، بعد أن كان واحدا من أكثر القطاعات التي تحقق هوامش ربح مرتفعة.

لكن في المقابل يرى أحمد سليمان، محلل قطاع الصناعات ببنك استثمار سي آي كابيتال، أن التصدير ليس حلا لأزمة قطاع الأسمنت المصري، في ظل وجود فائض إنتاجي كبير في المنطقة المحيطة بمصر، واصفا سوق وسعر التصدير بأنه "غير واعد".

وتابع: "حتى مع خفض التكاليف، فكميات التصدير ستكون صغيرة، ولن تكون مناسبة لحل مشكلات القطاع وبالتالي الوضع لن يختلف كثيرا".

وتتفق نهى بكر مديرة شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء، مع سليمان، حيث قالت لمصراوي، إن الفائض الموجود بسوق الأسمنت أكبر من أن يتم تصريفه عبر الاتجاه إلى التصدير في الفترة الحالية.

ويواجه قطاع الأسمنت أزمات مستمرة وطاحنة منذ تحرير سعر الصرف وارتفاع تكلفة الإنتاج تزامنا مع هبوط الطلب بسبب تراجع الحالة المعيشية لقطاع كبير من المصريين، ودخول طاقات إنتاجية جديدة للسوق، وهو ما تسبب في زيادة فائض المعروض عن الطلب.

وأظهرت الشهور الأخيرة تفاقم معاناة شركات الأسمنت مع اتجاه بعضها للإغلاق، مثل تصفية الشركة القومية للأسمنت، بالإضافة إلى إعلان شركة السويس للأسمنت، في مايو الماضي، إيقاف مصنع أسمنت بورتلاند طرة، التابع لها، مؤقتًا، نتيجة الخسائر التي تكبدها المصنع، والتي وصلت في الربع الأول من العام الجاري إلى 72 مليون جنيه.

وبحسب القوائم المالية لشركات الأسمنت المقيدة بالبورصة، شهد الربع الأول من العام الجاري تراجعا في أرباح بعض هذه الشركات، بينما تحولت شركات من الربح إلى الخسارة، وتفاقمت خسائر شركات أخرى.

وينتظر قطاع الأسمنت مستقبلا صعبا خلال السنوات المقبلة، مع التوقعات باستمرار معاناة القطاع مع ضعف الطلب وزيادة المعروض من الإنتاج، وبالتالي خروج المزيد من الشركات من السوق.

وذكر تقرير حديث لوحدة الأبحاث في بنك استثمار فاروس، صدر في مايو الماضي، أن شركات الأسمنت تواجه ضغوطا كبيرة في ظل زيادة المعروض وانخفاض الطلب المحلي والصادرات، حيث تراجع الطلب بنسبة 9% ليسجل 12.3 مليون طن في الربع الأول من 2019، ما تسبب في تراجع أسعار المبيعات في الربع الأول بنسبة 5.3%.

ولا تعبر الزيادة في الأرباح التي سجلتها شركة السويس للأسمنت خلال الربع الأول من 2019 بنسبة 82%، إلى 213.1 مليون جنيه، عن وضع سوق الأسمنت في مصر، أو حتى عن نشاط الشركة الذي سجل خسارة بقيمة 149.2 مليون جنيه في ذات الفترة.

وجاءت أرباح الشركة من العمليات غير المستمرة وهي التي قد تنتج عن بيع أصل من أصول الشركة أو غيرها.

وتشكو شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات المصرية، بصفة مستمرة، من التحديات التي تواجه الشركات بسبب ارتفاع الفائض في الإنتاج عن الطلب بنحو 33 مليون طن بنهاية العام الماضي.

ووصل إجمالي الطاقة الإنتاجية لمصانع الأسمنت في مصر والبالغة 19 شركة بينها 18 شركة قطاع خاص، نحو 83 مليون طن العام الماضي، بحسب بيانات سابقة من الشعبة.

توقعات بتعثر شركات جديدة واستحواذات

ربما ينتظر قطاع الأسمنت مزيدا من الصعوبات خلال الفترة المقبلة، مع عدم وجود أي عامل جديد يحرك المياه الراكدة، وهو ما قد يدفع المزيد من الشركات إلى الخروج من السوق، بينما ستستمر الشركات الأخرى في السوق دون تحسن ملحوظ في أوضاعها المالية لسنوات عدة.

وقال أحمد سليمان لمصراوي، إن "وضع صناعة الأسمنت في حالة تدهور، فالطلب على الأسمنت بمصر في تناقص مستمر، وخفضنا توقعاتنا للطلب على الأسمنت خلال الفترة المقبلة نتيجة سوء الطلب في الشهور الأخيرة، والذي ينكمش منذ التعويم".

وأضاف أن "الطلب على الأسمنت سيظل في مستويات ضعيفة لن يتحرك منها، ومن المتوقع عدم حدوث أي نمو في الطلب خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة".

وذكر سليمان: "نتوقع أن تخرج 3 أو 4 من المصانع المتعثرة من السوق خلال السنوات المقبلة من بين 23 مصنعا، وبالتالي خروج طاقات إنتاجية من السوق، وهو ما لن يساهم أيضا في تحسين صورة القطاع لأن فائض المعروض أكبر بكثير من خروج هذه الشركات من دائرة الإنتاج والمنافسة".

وأشار إلى أن من المتوقع أن تستمر معاناة قطاع الأسمنت خلال السنوات الخمسة أو الستة المقبلة، حتى يبدأ في التعافي التدريجي جدا لمدة قد تصل إلى 10 أو 15 سنة مع تراجع كميات فائض المعروض وذلك بزيادة الطلب 2 أو 3% سنويا، حتى ترتفع معدلات البيع بشكل ملحوظ وتبدأ الشركات في تحقيق معدل ربحية جيد.

لابد من التصدير

قال بنك استثمار شعاع، في تقرير له اليوم الخميس، إن محركات العرض والطلب لسوق الأسمنت المصري تدفع منتجي الأسمنت لإيجاد منافذ أخرى للطاقات الإنتاجية الزائدة، وفي حالة عدم استطاعة ذلك من المحتمل خروج العديد من المنتجين من السوق كما هو الحال مع أسمنت بورتلاند طرة، والقومية للأسمنت، ومؤخرا أسمنت النهضة.

وأضاف أن صادرات الأسمنت مثلت ما نسبته 1.2% من إجمالي الكميات المنتجة في الربع الأول من 2019، وما يعادل 0.8% فقط من الطاقات التشغيلية.

وتابع: "نلاحظ أن أسواق التصدير التقليدية المحتملة مثل اليمن وسوريا والعراق وفلسطين لم يتم العمل على التواجد بها بعد، ومع ذلك لا تتمتع مصر حاليا بميزة نسبية في هذه الأسواق مقارنة بتركيا وإيران والسعودية نظرا للتكلفة والأسعار الحالية في السوق المحلية".

وذكر تقرير شعاع أن "التصدير أمر لابد منه" مؤكدا ضرورة أن يجد مصدرو الأسمنت مكانا لهم في أفريقيا، حيث هناك فرصة في شرق أفريقيا مع وصول معدل الاستهلاك إلى 33.9 مليون طن في عام 2018، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 37.6 مليون طن في 2020، بينما بلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية هناك 21 مليون طن سنويا، بفجوة 13 مليون طن في عام 2018.

ويرى شعاع أن هناك فرصة أيضا للوصول إلى دول وسط أفريقيا غير الساحلية تجاريا عبر البلدان المجاورة، حيث تعد إثيوبيا، وزيمبابوي، ورواندا جهات تصدير محتملة للمنتجين في الوقت الحالي، وفقا للتقرير.

وقال شعاع إن هناك مجالا لنمو الصادرات المصرية إلى دول الكوميسا إذا تم تطبيق التدابير اللوجستية المناسبة وتقديم الحوافز، مشيرا إلى إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية في يوليو الجاري.

كما أشار شعاع إلى إعلان وزارة قطاع الأعمال العام اعتزامها توفير خدمة الشحن البحري من العين السخنة إلى شرق أفريقيا بأسعار أرخص 20% من السوق، إلى جانب استهداف إنشاء مراكز لوجستية في أوغندا وجيبوتي بشرق أفريقيا.

لكن نهى بكر، المديرة التنفيذية لشعبة صناعة الأسمنت، لا ترى أن التصدير سيمثل حلا سريعا لشركات الأسمنت المصرية.

وقالت إن عدد المنافسين في السوق الإقليمي كبير، بالإضافة إلى أن أسعار التصدير بمصر مرتفعة بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، إلى جانب وجود صعوبات في النقل.

كما ان محلل سي أي كابيتال يرى أن "هناك صعوبة في دخول منطقة شرق أفريقيا بقوة في ظل المنافسة مع عدد من اللاعبين في أسواق هذه المنطقة مثل الإمارات، وإيران، والصين، كما أن هذه المنطقة ليست واعدة للتصدير، ولن يكون حجم التصدير إليها كبيرا، ومصر متواجدة فيها فعلا ولكن عبر تصدير كميات صغيرة مثل كينيا ومدغشقر بسبب صعوبة المنافسة".

وقالت نهى بكر إن تحسن عوامل التسهيلات اللوجستية للتصدير لشرق أفريقيا مثل توفير وسائل شحن بتكلفة أرخص، أو إنشاء مراكز لوجستية في هذه الدول قد تساهم في تحسن الصادرات على المدى المتوسط ولكن ليس في الوقت الحالي.

هل تملك الحكومة الحل؟

تشهد الفترة الأخيرة اجتماعات بين بعض منتجي الأسمنت وجهات حكومية لوضع حلول عاجلة وإنقاذ صناعة الأسمنت، خاصة بعد زيادة أسعار الطاقة والمازوت بدءا من الشهر الحالي وهو ما سينعكس على تكلفة الإنتاج بالزيادة ويفاقم من أزمة القطاع.

ولكن أحمد سليمان قال إن التواصل بين الشركات والحكومة مستمر منذ ظهور الأزمة بشكل ملحوظ في عام 2017 بعد التعويم، ولكن لم ينتج عن هذا التواصل أي قرار أو رد فعل من الحكومة يمنع حتى المزيد من التدهور في القطاع على الأقل.

وأضاف أن "خروج قطاع الأسمنت من هذه الأزمة يتطلب حلولا غير تقليدية ومن خارج الصندوق، خاصة أن المشكلة تتعلق بالعرض والطلب".

اقرأ أيضًا:

بعد إغلاق "بورتلاند طرة".. زيادة المعروض وقلة الطلب تخنق شركات الأسمنت

شعبة الأسمنت: قد نشهد حالات إفلاس إذا لم تتدخل الدولة لإنقاذ الصناعة (حوار)

شعبة الأسمنت: 33 مليون طن فائضًا في إنتاج مصانع الأسمنت خلال 2018

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان