خسائر وتوقف نشاط.. شركات السياحة تعاني بعد توقف عمرة رمضان
كتبت- ياسمين سليم:
في الخامس من رمضان كل عام يحزم محمود مبارك، مسؤول سياحة دينية في إحدى شركات السياحة، حقائبه استعدادًا لرحلته السنوية إلى الأراضي المقدسة لمتابعة برامج العمرة التي تنفذها شركته في هذا الوقت من العام.
هذا العام، جاء شهر رمضان ومبارك يمكث في بيته 3 أيام ويذهب إلى عمله 3 أيام أخرى دون أن يفعل شيء يذكر، والسبب توقف رحلات العمرة والسفر بسبب فيروس كورونا.
وأوقفت المملكة العربية السعودية العمرة للمواطنين والمقيمين بشكل مؤقت في 4 مارس الماضي، بناء على توصية اللجنة المعنية بمتابعة مستجدات الوضع لفيروس كورونا، وهو ما أعقبه قرار بوقف رحلات السفر من وإلى بعض الدول ضمنها مصر.
يقول مبارك "منذ يوم 15 مارس توقف العمل نهائيًا في الشركة سواء بالنسبة للسياحة الدينية أو السياحة الداخلية، وتوقفت مصادر الدخل تمامًا".
منذ توقف العمل اتخذت شركة مبارك قرارًا بتقسيم العمل على الموظفين بالتزامن مع الإجراءات الاحترازية التي بدأت مصر تتخذها لمواجهة الفيروس "أذهب للعمل 3 أيام وأعمل في المنزل 3 أيام أخرى، لكن الحقيقة لا يوجد عمل، عبارة عن شغل إداري أو تقفيل حسابات كانت مؤجلة"، حسب قوله.
يعتبر مبارك نفسه أفضل حالًا من غيره في العاملين في المجال السياحي ويقول "على الأقل حتى الآن شركتي تمنحنا مرتباتنا كاملة، لكن بعض الشركات اضطرت إلى أن تسرح العاملين بها أو تمنحهم نصف أو ربع مرتب، بالرغم من أننا من المفترض في موسمنا الكبير".
وتضرر قطاع السياح بشكل كبير جراء انتشار جائحة فيروس كورونا حول العالم والذي تسبب في إغلاق البدان وتوقف حركة السفر عالميًا.
ويعتبر موسم عمرة رمضان بجانب الحج، هو الأهم بالنسبة لشركات السياحة نظرًا للإقبال الكبير عليه.
وفي يونيو الماضي قالت وكالة الأنباء السعودية إن عدد المعتمرين المصريين الذين أدوا مناسك العمرة خلال العام الهجري 1440 بلغ أكثر من 541.9 ألف معتمر، لتحتل مصر المرتبة الأولى عربيًا في أعداد المعتمرين.
"هذا هو الموسم بالنسبة للسياحة الدينية بجانب الحج، قبل ما حدث بسبب كورونا كنا نتوقع أن نحقق مبيعات ومكاسب خيالية لكن الآن لم يعد هناك أي أمل"، وفقًا لمبارك.
الأمر نفسه يشعر به محمد منير، المدير التنفيذي لإحدى شركات السياحة، ويقول لمصراوي "الموسم كان يسير بشكل جيد حتى جاءت كورونا، ولأننا قطاع حساس تأثرنا سريعًا".
اضطر منير لإجراء إجراءات تقشفية سريعة حتى يحمي شركته والعاملين بها "اعطيت للموظفين إجازة منذ 15 مارس الماضي، مع استمرار دفع مرتباتهم، وتوقفنا عن المجيء لمقر الشركة لتوفير استهلاك الكهرباء والمياه، لكن لا أعلم إلى متى سأستمر هكذا خصوصًا أن الوارد صفر"، حسب قوله.
كان منير يعول كثيرًا على شهر رمضان ويقول "نحن نعمل طوال العام لنكفي مصروفاتنا فقط.. أما في رمضان فنعمل لنحقق أرباحًا".
ويضيف أن أزمة كورونا بدأت مبكرًا، حتى أننا لم نلحق أرباح موسم عمرة رجب وشعبان.
وخلف توقف أعمال شركات السياحة بشكل مفاجئ، أزمة جديدة نظرًا لأن الشركات لم تستطع حتى الآن استرداد أموالها التي دفعتها للجهات السعودية مسبقًا نظير الحصول على خدمات العمرة.
ويقول محمود مبارك إن المستحقات التي لدى الجهات السعودية لم تحصل عليها الشركات حتى الآن، وهو ما يسبب أزمة كبيرة للشركات لأنها لا تستطيع رد هذه المبالغ للمعتمرين الذي حجزوا مسبقًا أو حتى توفي بمستلزماتها اتجاه العاملين بها.
وهو ما يؤكده محمد منير، ويقول: "بالنسبة لي المبلغ لم يكن كبيرًا استطعت تدبير أموري ورد الأموال لأصحابها، لكن لا تزال أموال لدى الجهات السعودية بجانب شركات الطيران".
ومنذ أسبوع أرسلت غرفة شركات السياحة خطابا رسميا لأعضائها تطالبهم بموافاتها بالبيانات التفصيلية لمستحقاتهم لدى منظمي الرحلات والوكلاء.
وضمن مستحقات شركات السياحة، حجوزات سددتها لفنادق ورسوم الكشف الطبي والتأشيرة.
وفي تصريحات سابقة لحسام الشاعر، رئيس غرفة شركات السياحة، قال إن الشركات المصرية لم تسترد مستحقات العمرة الملغاة حتى الآن، رغم إعلان السلطات السعودية عن وضع آلية للاسترداد الإلكتروني، مشيرًا إلى وجود اتصالات مكثفة لإعادة الأموال مرة أخرى للشركات.
ستساعد المستحقات التي ستأتي من الجانب السعودي، منير، في الوفاء بالتزامات اتجاه موظفيه ويقول: "لم استطع أن اخفض من مرتباتهم مليم، لديهم أسر والتزامات لا ذنب لهم في ذلك".
لكن منير لجأ إلى صندوق إعانات الطوارئ للعمال بوزارة القوى العاملة، بعدما طلبت غرف شركات السياحة من كل الشركات ارسال أسماء موظفيها وبياناتهم تمهيدًا للحصول على منحة.
وبدأت وزارة القوى العاملة اليوم صرف إعانات للعاملين بقطاع السياحة لنحو 49 ألف عامل في 205 منشآت سياحية، متضررة من فيروس كورونا وبحد أدنى 600 جنيه وبتكلفة تصل إلى 57.2 مليون جنيه، بحسب بيان لمحمد سعفان، وزير القوى العاملة.
كان موسم عمرة رمضان يسير في اتجاه أن تحقق شركات مبارك ومنير أرباحًا بنهاية الموسم، إلا أنه بعد فيروس كورونا لم يتبق لهما إلا الدعاء بأن تعود الحياة إلى طبيعتها قبل موسم الحج لتستطيع الشركات تعويض ما فاتها في رمضان.
"الأمل الآن في الحج، هو الذي سيساعدنا ويعوضنا عن الوضع الحالي، رغم أن الأمر قد يبدو أنه لن يحدث"، بحسب منير.
فيديو قد يعجبك: