لماذا عادت مصر لطلب قرض جديد من صندوق النقد الدولي؟
كتبت- ياسمين سليم:
طرقت مصر باب صندوق النقد الدولي من جديد، للحصول على حزمة تمويلية بعد أن انتهى برنامج الإصلاح الاقتصادي مع الصندوق في نوفمبر الماضي، لكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفًا.
ذهاب مصر إلى صندوق النقد الدولي جاء من أجل تعزيز قدرتها على مواجهة فيروس كورونا، بحسب بيان لمجلس الوزراء يوم الأحد الماضي.
ووفقًا لبيان مجلس الوزارء فإن طلب الحكومة يأتي للحصول على نوعين من التمويل وفقا لبرنامج أداة التمويل السريع «RFI» وبرنامج اتفاق الاستعداد الائتماني«SBA».
وقالت الحكومة إن الطلب الجديد يعتبر أمرًا مهمًا لمصر خلال هذه الظروف والأوضاع الاستثنائية الحالية بهدف الاستمرار في الحفاظ على استقرار مؤشرات الاقتصاد المصري، وفقًا لبيان مجلس الوزراء.
وهو ما يؤكده فخري الفقي، مستشار صندوق النقد الدولي السابق، وعضو مجلس إدارة البنك المركزي سابقا، ويقول لمصراوي: "منذ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي حققنا استقرارًا ماليًا واقتصاديًا والآن نحصد ثمار الإصلاح ولا يمكن أن تأتي أزمة فيروس كورونا وتضيع هذه الثمار".
وأضاف "لو لم تتخذ مصر احتياطاتها حاليًا ستضيع هذه الثمار هباءً منثورًا".
ويعدد الفقي هذه الثمار قائلًا "مثل انخفاض عجز الموازنة ووجود فائض أولي بها وزيادة احتياطي النقد الأجنبي واستقرار سعر الصرف".
وتراجع عجز الموازنة خلال الأعوام الماضي، كما ارتفع احتياطي النقد الأجنبي لمستويات قياسية منذ قرار تحرير سعر الصرف.
وبحسب منى بدير، محللة الاقتصاد الكلي في شركة برايم القابضة، فإن طلب مصر تمويل من صندوق النقد الدولي، جاء لتغطية الاحتياجات التمويلية المتزايدة حاليًا خاصة في ظل نقص موارد النقد الأجنبي.
ويقول المستشار السابق لصندوق النقد الأجنبي إن فيروس كورونا أضر بالقطاعات المدرة للنقد الأجنبي في مصر، وأثر على معدلات النمو بالانخفاض ومن الممكن أن يهدد الاستقرار المالي لمصر بعد 3 سنوات من تطبيق برنامج إصلاح اقتصادي قوي.
وضمن القطاعات التي تعرضت للضرر بسبب كورونا، قطاع السياحة الذي يساهم بحوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب الفقي.
وأضاف أن تحويلات العاملين في الخارج والاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر، سيتأثرون وكلها المحركات الرئيسية التي تدر الدخل الأجنبي لمصر.
وفي منتصف الشهر الماضي قررت الحكومة تعليق السفر في مصر، في محاولة لمواجهة انتشار فيروس كورونا، وتماشيًا مع الإجراءات التي اتخذتها أغلب دول العالم.
ووفقا لهالة السعيد، وزيرة التخطيط، فإن أزمة كورونا غير مسبوقة، كما أن هناك عدم يقين كبير بشأن الأوضاع الاقتصادية في العالم.
وأضافت في مؤتمر صحفي بداية الأسبوع أن مؤشرات الاقتصاد المصري كانت بأفضل حالاتها قبل أزمة فيروس كورونا.
وستحتاج مصر هذا التمويل لأن تقديرات مشروع الموازنة العامة للعام المالي الجديد، تشير إلى أن مصر تحتاج إلى 96 مليار جنيه تمويلًا خارجيًا أي 6 مليارات دولار، بحسب منى بدير.
وأضافت: "سيكون لدينا فجوة تمويلية، بسبب الفقد الذي سيحدث في أدوات النقد الأجنبي وخروج الأجانب من الاستثمارات في أدوات الدين".
وبحسب فخري الفقي، فإن مصر ليست الوحيدة في دول العالم التي تطلب هذا التمويل من صندوق النقد، فهناك 102 دولة طلبت حتى الآن من الصندوق تمويلات ضمنهم دول متقدمة بسبب ما خلفه فيروس كورونا.
وقالت منى بدير إن حزمة التمويل السريع التي طلبتها مصر ستحصل عليها دون اشتراطات، كونها أداة وفرها الصندوق لأعضائه الذين يواجهون مشكلات ميزان المدفوعات- موارد النقد الأجنبي- بسبب كوارث طبيعية.
"أما اتفاق الاستعداد الائتماني الذي طلبته مصر، به اشتراطات لكن نحن ذاهبين للصندوق، وقد قطعنا شوطا كبيرًا في إجراءات الإصلاح الاقتصادي"، بحسب ما قالته منى.
وتابعت: "أي اشتراطات ستكون في ظل الإصلاحات الهيكيلة التي تنفذها مصر حاليا ومتلزمة بها من أجل أن تكمل وتحافظ على الإصلاحات التي نفذت بالفعل".
وكانت كريستالينا جورجييفا، مدير عام صندوق النقد الدولي، قالت إنه إذا تمت الموافقة على هذه الحزمة الشاملة من الدعم المالي لمصر، فسوف تعزز الثقة في الاقتصاد المصري، وتحقق تقدما أكبر في حماية فئات المجتمع الأكثر هشاشة، وتُرسي الأساس لتعافٍ اقتصادي قوي.
وأضافت أنه من شأنها أن تؤدي أيضا إلى تسريع جهود مصر الإصلاحية الرامية إلى دعم تحقيق النمو المستدام والغني بالوظائف على نطاق واسع.
بحسب مدير صندوق النقد الدولي فإنه "كما حدث في كثير من بلدان العالم، تأثر اقتصاد مصر بجائحة فيروس كورونا، وما ارتبط بها من ركود اقتصادي، واضطراب في الأسواق المالية".
وأضافت أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته تحركا بشكل عاجل وحاسم لمواجهتها، وذلك باتخاذ تدابير للحد من انتشارها وتقديم الدعم للمتضررين من الأفراد ومؤسسات الأعمال.
ومن المتوقع عرض طلب مصر للحصول على التمويل السريع في اجتماع المجلس التنفيذي لصندوق النقد خلال أسبوعين، بحسب ما قالته جورجييفا، في بيان سابق.
فيديو قد يعجبك: