لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الحفاظ على الاقتصاد والحماية من الوباء.. كيف نخرج من عنق زجاجة "كورونا"؟

03:34 م الأربعاء 08 أبريل 2020

هل يمكن حماية الناس والاقتصاد على السواء؟

كتبت- شيماء حفظي:

بدأت تداعيات أزمة فيروس كورونا، على الاقتصاد تتضح شيئا فشيئا، لتضع مجتمع الأعمال والحكومة أمام معادلة صعبة، تقتضي الوصول إلى اتفاق على آلية للتعامل مع فيروس كورونا تقلل من الضرر على مستويات مختلفة تتضمن العمال والشركات والاقتصاد، خاصة أن أزمة كورونا يبدو أنها ستستغرق مدة ليست قصيرة.

ويرى مستثمرون وخبراء اقتصاد تحدث إليهم مصراوي، أنه ليس هناك طريقة واحدة يجب ان يتم اتباعها لعبور الأزمة الحالية في ظل تراجع أداء قطاعات اقتصادية كبيرة، والخوف من تفشي المرض بين العمال، واتفقوا على أن كل قطاع بل أن كل شركة لها ظروفها.

كما يرى المستثمرون، أن إغلاق المصانع لا يعد حلا نهائيا لمواجهة تفشي المرض، وأن الخسائر المستقبلية للاقتصاد بشكل عام ستتفاقم مع مرور فترة زمنية أطول لتوقف الصناعة والتجارة، وأنه لابد من تقليل تكلفة هذا الضرر قدر الإمكان.

وتأتي تلك الرؤية متسقة مع تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمس، بأن الحكومة تعمل مع أصحاب المصانع للتأكد من اتخاذ إجراءات حماية العمال، وأسرهم، وإنه ليس مع تعطيل الدولة أو توقف الحياة، لكن هذا يلزمه حذر.

ويتزامن حديث الرئيس السيسي مع مطالبات رجال الأعمال بضرورة وجود آلية تسمح باستمرار الأنشطة الاقتصادية.

وبينما تزداد المطالبات بالحفاظ على العاملين بالشركات، يتوقع رجال أعمال وخبراء أن يفقد عدد من العمال وظائفهم خلال الفترة المقبلة، مشيرين إلى أن هذا سيعد واحدا من تأثيرات عالمية للأزمة، وليس في مصر فقط.

إشكالية إغلاق المصانع

يقول محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية، باتحاد الصناعات، إن المطالبة بإغلاق المصانع لحماية العمال "طرح له مبرر وأنا اتبعته حفاظا على العمال، لكن غيري من الشركات لم تقرر إغلاق المصانع، وهذ لا يعني أنهم لا يخافون على العمال".

وأضاف أن "الفكرة تختلف من شخص لآخر، لا يوجد معيار محدد يجب اتباعه، الأمر يتوقف على رؤية الإدارة وصاحب الشركة، ولا يمكن القول بأن هناك تصرف صح أو تصرف خاطئ".

ويقول محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن التحدي الحقيقي أمام الشركات هو الحفاظ على استمرارية الموارد المالية لضمان استمرار الحفاظ على حقوق العمال ومرتباتهم.

وقرر المهندس، تخفيض عدد العمال في "الورديات" وخفض الطاقة الإنتاجية للمصنع في شركته، لكنه لم يتجه إلى تخفيض المرتبات، كما لا يريد إغلاق المصنع بشكل كامل.

"نحتاج للعمل في المصنع، حتى إن لم يكن بطاقة كاملة، ونأمل أن تنتهي هذه الأزمة قريبا وتعود الأمور لطبيعتها، وطالما هناك إنتاج يمكن الحفاظ على العاملين، حسب إمكانيات كل شركة" بحسب المهندس.

ويضيف أن هناك شركات ملاءتها المالية تسمح لها بإغلاق المصنع ودفع أجور العاملين، لكن هذا لا يمكن تطبيقه على كل الشركات، لأن إنفاق السيولة المالية لدى الشركة على الأجور والنفقات، دون وجود إيرادات، قد يجعل الشركة تتعثر مسقبلا، وفي الأخير يفقد العامل عمله أيضًا.

ويرى المهندس، أن الأزمة الحالية باعتبارها لم تختبر من قبل، ولا يمكن الحكم على أبعادها دون تجربة، فإن التعامل معها، يختلف من قطاع لآخر، وأنه يجب البحث عن حلول تناسب كل قطاع وحجم الضرر الواقع عليه.

"لا يريد أي رجل أعمال التخلي عن عماله، أو أخذ قرار بتخفيض المرتبات، لكن نحن نحتاج لتوضيح الرؤية نحن جميعا في المحنة، ورجل الأعمال أو صاحب الشركة يتحمل عبئا كبيرا من أجل الحفاظ على استمرارية الشركة في ظروف العاصفة مثل هذه" بحسب المهندس.

وطالب المهندس، بالتعامل مع الأزمة في كل قطاع بشكل مختلف "لا يمكن إغلاق مصانع السلع الغذائية، ومصانع الأدوية، وهذه الأولوية لا تكون في مصانع الأدوات المنزلية، أو الحديد والصلب.. لا يجوز وضع كل مشكلة في ميزان واحد، كل ما نريده الحفاظ على العمال وصحتهم بالإجراءات الوقائية، واستمرار الشركة أيضًا".

لكن هاني برزي، رئيس شركة ايديتا للصناعات الغذائية، ورئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية، يرى أن إغلاق المصانع طرح "غير منطقي" لأن توقف صناعات معينة يخلق أزمة في الأسواق، مع زياة الاستهلاك، "وليس معنى وقف المصانع أننا لا نخاف على العمال، بل على العكس نحن ملتزمون بالإجراءات الوقائية".

"اضطررنا في مصانع السلع الغذائية لزيادة عدد الورديات ونعمل في وقت حظر التجول، لتغطية السوق والطلب، وننقل العمال بسيارات مخصصة، ونطبق معايير الوقاية والتعقيم، لا يمكن القول بأننا بذلك نضحي بهم، هم أيضا يدركون أن عليهم مسؤولية وهذا نقدره منهم" بحسب برزي.

وأضاف "وإذا كان هذا الوضع في قطاع السلع الغذائية، لا يعني إغلاق الشركات الأخرى، لأن المصانع لا تملك رفاهية الإغلاق واستمرار صرف مستحقات العمالة".

إجراءات اضطرارية

ويقول محمد حنفي، مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، إن المشكلة الحالية يلزمها "تضحية" من طرفي المعادلة لنتمكن من عبورها.

"ليس ممكنا الحديث عن إغلاق المصانع، الشركات تواجه أزمة في الإيرادات، بعضها إيراداته صفر، مع توقف التوريدات والتحصيل، وهنا تواجه مشكلة في توفير مرتبات العاملين خلال فترة العمل فما بالنا إذا أغلق المصنع بالأساس" بحسب حنفي.

وقال إن "أصحاب المصانع قد يتحملون أجور العمال دون إنتاج والبيع من المخزون لمدة شهر أو شهرين وسنجد متعثرين من الشهر المقبل، لكن إذا استمرت الأزمة فإن الوضع سيزداد صعوبة، لا يمكن لصاحب شركة أن يدفع أجر لا يقابله عمل".

"نحن أمام كارثة، إما أن نضحي وننزل للعمل والناس تأخذ احتياطاتها، أو أن المصانع تقف، وتصل لمرحلة أنها لا تستطيع توفير مصروفاتها، وتفقد كل السيولة التي لديها بسبب المرتبات والمستحقات للدولة، وعندها قد تصل إلى دائرة الإفلاس وفي هذه الحالة سيفقد العمال وظائفهم أيضا" بحسب حنفي.

وقال إن كل رجال الأعمال يواجهون مخاطر كبيرة خلال الفترة المقبلة، بسبب الأزمة، ولا يوجد خيارات كثيرة للتعامل، وسط توقف حركة بيع كافة القطاعات ماعدا الغذاء والدواء.

وبحسب ما قاله هاني برزي، إن هناك قطاعات تضررت مثل السيارات والسياحة والفنادق والمطاعم، "هذه القطاعات إذا أغلقت نتيجة الأزمة ستتضطر إلى تخفيض مصروفاتها منخلال تخفيض رواتب العاملين وهذا أبسط الإجراءات".

صمود مؤقت

يرى المستثمرون أنه بعيدا عن موقف الشركات من إغلاق المصانع أو تشغيلها، فإن صمودها أمام الأزمة "مؤقت" ولن يطول أكثر من شهور قليلة، وهو ما يصعب الوضع أكثر ليس على العامل فقط لكن على الشركات نفسها.

يقول هاني برزي، إنه "إذا استمر هذا الوضع فترة طويلة، فإن بعض الشركات لن تصمد أكثر من 3 أشهر وستضطر إلى هذه الإجراءات لتخفيض المصروفات مقابل انخفاض الإيرادات، فترة الصمود تختلف حسب القطاع، المصانع ليست جمعيات خيرية".

"في شركة ايديتا لدينا 7 آلاف موظف، أنا مسؤول عنهم حتى في إجازاتي، نفكر طول الوقت كيف نخفف الأعباء، وكيف نوفر المرتبات ونحن لا نبيع، هذا عبء لا يتحمله الموظف" بحسب برزي.

ويشير برزي، إلى أن التخلي عن العمالة نتيجة الضغوط، ليست مشكلة في مصر فقط، وأنه في أمريكا ارتفعت البطالة 10 ملايين شخص في أسبوعين، وهذا هو الوضع، في كل الشركات، إذا استمرت الأزمة سيلجأ أصحاب الشركات إلى تخفيض المرتبات كمرحلة أولى، ثم الاستغناء عن عمالة كمرحلة أخرى.

"لابد أن ندرك أن استمرار الأزمة سيؤدي إلى بطالة، وتراجع مبيعات الشركات وركود، وهذه سيناريوهات مطروحة ونأمل ألا نصل لها" بحسب برزي.

واتفق هاني توفيق خبير الاستثمار مه برزي، قائلا إنه إذا استمرت الأزمة ستلجأ الشركات لتخفيض رواتب العمال، وتخفيض أعداد العمال، لأن سيولة الشركات لا تتحمل الوفاء بتلك الأعباء في وقت لا يمكن لأغلب الشركات تحصيل مستحقاتها.

"الكاش لدى الشركات قد يغطي شهر أو شهرين لكنه لن يصمد أكثر، وهنا تخفيض المرتبات يكون بنسب تصاعدية حسب مرتبات العاملين، وهذا سيكون حلا مؤقتا أيضا حتى اتضاح الرؤية كاملة" بحسب توفيق.

تدخل حكومي

وتقول عالية المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابق، إن توقف المصانع أو عملها بالأساس هو قرار دولة، لكن بشكل عام، يجب أن تستمر المصانع في العمل، مع الالتزام الكامل بشروط أمن وسلامة وصحة عالية للحفاظ على صحة العمال،"وبدون هذه الشروط لا يجب أن نضحي بالعمالة لتشغيل المصانع".

وتضيف أن الشركات في بعض القطاعات ليس لديها سيولة نتيجة توقف النشاط مثل شركات السياحة، وأن تخفيض مرتبات العمال فيها لا يعد تجني عليهم من أصحاب العمل، لكنه يستلزم تدخل الدولة بمساعدة القطاعات المتضررة، وهو ما ظهر في قرارات الحكومة.

"الدول تساعد المؤسسات أثناء الأزمة، ممكن الدولة تتجه لأخذ إجراءات حسب قدرتها وميزانيتها، لكن الحالات التي تضررت بشكل مباشر تستلزم التدخل، بتعويض مباشر للعمال، في العموم، ليس هناك نمط معين نسير عليه".

وفيما تعلن الحكومة عن مبادرات لدعم مجتمع الأعمال، يرى مستثمرون أنها غير كافية، ولا تصب مباشرة في دعم المتضررين.

يقول هاني توفيق إن مباردات البنك المركزي، "خاطئة" ولا تخدم الهدف الأساسي منها وهي وصول "الأموال للمحتاجين بشكل مباشر" وتحتاج لإعادة النظر فيها.

"أنا مختلف جذريا مع تلك المبادرات، كان يجب أن تدخل الحكومة بشكل فوري لدعم الـ 7 ملايين أسرة تحت خط الفقر المدقع، لدينا حوالي 5 تريليون جنيه وفر من خفض أسعار الفائدة 3% كان الأولى توجيهه للأسر المتضررة، والوصول بالدعم للمستحق بشكل مباشر بدلا من توجيهها لرجال الأعمال" بحسب توفيق.

وأضاف "ماذا سيستفيد رجال الأعمال من خفض الفائدة وهم لا ينتجون، ولن يلجأ رجل أعمال للاقتراض لدفع مرتبات عمال، ويكون مضطرا لدفع أقساط وفوائد بعد ذلك، كان يمكن أن نوجه هذا الدعم للعاملين بالقطاع الخاص بشكل مباشر، كنا سنخفف العبئ عن أصحاب الشركات وندفع أموال في اتجاه يحقق نفع فعلي".

وقال هاني برزي، إن توفير قروض تمويلية للشركات بفائدة مخفضة، لا يمثل تسهيلا يتعلق بتحمل المرتبات، لأن البنك لا يقرض لدفع أجور، هو يقرض الشركات لتمويل عملية إنتاج، وهنا السؤال كيف تنتج الشركات وسط مطالبات بإغلاق المصانع؟

كورونا والاقتصاد

يقول المرشدي، إن "عدد من المصانع مازالت تعمل، وتراهن على أن الأزمة لن تطول في مصر.. حتى الآن لم ندخل بعد في مرحلة الركود، وإن كانت مبيعات بعض القطاعات تراجعت، لكن هذا أمر سابق معرفته وسيظهر بعد انتهاء أزمة الفيروس، ونأمل ألا يسوء الوضع كثيرا، لأن الوصول إلى نقطة حظر كلي سيؤدي لتوقف الحياة بالكامل، وهذا تبعاته على الاقتصاد كبيرة جدا".

ويقول هاني توفيق، إن الازمة ستؤثر على الاقتصاد المصري نتيجة تراجع إيرادات السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، والصادرات، وهذا سيؤثر سلبا بالطبع على الاقتصاد، لكن لا يمكن توقع حجم هذا التأثير أو مداه.

واتفقت عالية المهدي، مع أن التأثير على الاقتصاد الكلي للدولة، ليس متعلقا بالوضع الصحي في مصر لكنه بسبب الأزمة الخارجية.

"الضرر الواقع علينا سيكون نتيجة تراجع المصادر الخارجية، مثل السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر والصادرات هذا سيؤثر بالطبع على الاقتصاد حتى إذا لم تتأثر القطاعات الداخلية" بحسب المهدي.

وتوقعت المهدي، ارتفاع معدلات البطالة الفترة المقبلة، وإن لم يمكن الجزم بحجمها، لكن سيتم الاستغناء عن عمالة نتيجة الأزمة الحالية.

خلاصة التقرير

يرى خبراء الاقتصاد ورجال الأعمال الذين تحدثوا مع مصراوي أنه من الضروري التوصل إلى تصور للحياة في مصر يسمح بالحفاظ على الاقتصاد قدر الإمكان حتى يمكن تلبية احتياجات الناس من السلع والخدمات والحفاظ على العمالة، وفي نفس الوقت الحماية من انتشار فيروس كورونا، ودعم القطاعات المتضررة مثل السياحة وغيرها من الأنشطة التي توقفت.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان