إعلان

كورونا يلقي بظلاله.. تحديات كبيرة تواجه موازنة مصر قد يتحول بعضها لمنحة

03:58 م الأحد 10 مايو 2020

ارشيفية

كتب- مصطفى عيد:

تواجه الموازنة العامة للدولة خلال العام المالي المقبل تحديات كبيرة في ظل تداعيات أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد وتأثيرها على النمو وإيرادات الدولة.

وكشفت وزارة المالية في البيان المالي التمهيدي لمشروع موازنة العام المقبل، عن عدة مخاطر محتملة تهدد مستهدفات مشروع الموازنة، وذلك في ضوء حالة عدم اليقين السائدة بشأن أداء الاقتصاد العالمي، ووجود عدد كبير من المخاطر الاقتصادية والمالية.

ويأتي ذلك في ضوء مستجد مهم وظرف صعب جدا يتمثل في تداعيات أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، والتي ستنعكس على بعض المخاطر التي ذكرتها الوزارة سلبيا، وذلك مثل معدل النمو الاقتصادي وبالتالي تراجع عجز الموازنة وزيادة نسبة الدين عن المستهدف له.

ولكن ربما تنعكس هذه المحنة الاقتصادية العالمية إيجابيا على بعض المخاطر المحتملة الأخرى التي تواجه الموازنة، لتأتي في صورة منحة مثل أسعار البترول العالمية، والفائدة المحلية.

معدل النمو المحلي والعالمي

قالت وزارة المالية إنه مع تراجع معدل النمو المتوقع العام المقبل ستتأثر تقديرات الموازنة سلبا بسبب انخفاض قيمة الناتج المحلي ومعدلات نمو النشاط الاقتصادي من خلال انخفاض المتحصلات الضريبية والإيرادات الأخرى المرتبطة بالنشاط الاقتصادي.

وأضافت أن من أهم هذه الإيرادات انخفاض إيرادات قناة السويس، والحصيلة الجمركية، وحصيلة ضريبة القيمة المضافة على المطاعم والفنادق في ضوء التأثر الكبير لقطاع السياحة، وكذلك إيرادات الموانئ والقنصليات.

وتتوقع الحكومة أن يحقق الاقتصاد معدل نمو 3.5% خلال العام المالي 2020-2021 في حال انتهاء أزمة كورونا في يونيو المقبل، وأن يهبط إلى 2% فقط إذا استمرت الأزمة حتى ديسمبر 2020.

وتوقع صندوق النقد الدولي، في تقرير الشهر الماضي، أن يحقق الاقتصاد العالمي انكماشا حادا نسبته 3% في العام الجاري، نتيجة لجائحة كورونا، على أن ينمو الاقتصاد العالمي 5.8% في 2021، مع عودة النشاط الاقتصادي لطبيعته بمساعدة السياسات الداعمة.

وتوقعت سلمى حسين الباحثة الاقتصادية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن ينعكس التراجع المتوقع للنمو الاقتصادي على حصيلة الضرائب وبالتالي إجمالي حصيلة الإيرادات.

وقالت إن حصيلة الضريبة على السلع والخدمات العام المقبل قد تقل عن المتوقع لها هذا العام مع تراجع الاستهلاك المحلي بسبب أزمة كورونا.

وقال نعمان خالد محلل الاقتصاد الكلي بشركة سي آي كابيتال لإدارة الأصول، إن من المتوقع أن تتأثر حصيلة الضرائب المتوقعة خلال العام المقبل، وذلك مع تأثر نشاط القطاع الخاص، إلى جانب التسهيلات التي يمكن أن تقدمها الدولة للهيئات والشركات التابعة لها لمساعدتها على مواجهة تأثير الأزمة.

ارتفاع عجز الموازنة

تتوقع وزارة المالية ارتفاع العجز الكلي لموازنة العام المقبل إلى نحو 7.7% من الناتج المحلي مقارنة بنسبة 6.3% في تقديرات الموازنة الأصلية، وذلك في حال استمرار أزمة كورونا وامتدادها خلال النصف الثاني من عام 2020.

ويتوقع خالد أن يصل عجز الموازنة في العام المقبل إلى حدود 9% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بما بين 7.5 و8% يتوقعها للعجز خلال العام المالي الجاري، خاصة مع الإنفاق الإضافي لمواجهة تداعيات أزمة كورونا.

وخصصت الحكومة 100 مليار جنيه لمواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا، أنفقت منها نحو 40 مليار جنيه في أول شهرين ونصف من الأزمة.

وقالت سلمى إن "ارتفاع عجز الموازنة سواء العام الحالي أو المقبل لن يكون مقلقا بالدرجة التي تتعلق بكيفية إنفاق الزيادة في المصروفات".

ارتفاع نسبة الدين وسعر الدولار

قالت وزارة المالية إن من المتوقع ارتفاع نسبة دين أجهزة الموازنة العامة للدولة إلى 84.5% من الناتج المحلي الإجمالي في يونيو 2021 بدلا من 82.8% في تقديرات مشروع الموازنة المقبلة، وذلك في حالة استمرار تأثير فيروس كورونا إلى النصف الثاني من عام 2020.

وأشارت سلمى حسين إلى أن أحد المخاطر والتي لم يشر إليها مشروع الموازنة بشكل واضح هو التراجع المتوقع للموارد الدولارية العام المقبل سواء إيرادات السياحة أو الصادرات أو غيرها في مقابل ارتفاع التزامات سداد القروض.

وتوقعت سلمى أن تجري الدولة مفاوضات مع الدائنين من أجل مد آجال السداد وربما إعادة جدولتها بما يخفف الضغوط على قدرة مصر على سداد الديون وفي نفس الوقت على سعر صرف الدولار.

وحددت المالية متوسط لسعر الدولار في الموازنة عند 16 جنيها، وهو ما يراه نعمان خالد أنه يتفق مع الواقع، والذي قد يتراوح بين 16 و16.5 جنيه خلال العام المقبل، وحتى لو زاد السعر عن هذه الحدود فلن يكون بعيدا عنها.

ولكن سلمى قالت إن تراجع حصيلة الموارد الدولارية أمام التزامات سداد الدين قد تهدد سعر صرف الدولار أمام الجنيه خلال العام المالي المقبل بما يبعد به عن مستوى الـ 16 جنيها.

ولجأت مصر لصندوق النقد الدولي، للحصول على تمويل جديد ضمن برنامج للتعاون مع الصندوق لمدة عام وهو ما قد يخفف من تأثير التراجع المتوقع لحصيلة مصادر النقد الأجنبي.

مخاطر ربما تحمل مؤشرات إيجابية

أسعار النفط:

توقعت وزارة المالية في مشروع الموازنة أن يبلغ متوسط سعر برميل النفط خلال العام المالي المقبل نحو 61 دولارا، وهو ما ترى أنه تقديرا يعتبر ضمن الحدود الآمنة وقت إعداد الموازنة.

وأشارت المالية إلى أنه في حال ارتفاع سعر النفط العالمي بخلاف السعر المفترض بمشروع الموازنة بنحو دولار للبرميل سيؤدي ذلك إلى تدهور صافي علاقة الخزانة العامة مع هيئة البترول بنحو 1.5 مليار جنيه، وبالتالي التأثير على العجز الكلي للموازنة، والعكس صحيح.

وتوقعت سلمى حسين أن يبقى متوسط سعر برميل البترول أقل بكثير عن متوسط السعر في مشروع الموازنة، وذلك بعد الانخفاض الحاد في الأسعار خلال الشهور الأخيرة.

وأشارت إلى أن إدراج المالية لسعر البترول ضمن المخاطر المحتملة بالموازنة ربما سيتحول لعامل إيجابي عبر تحقيق وفورات بالموازنة يمكن بها تغطية الالتزامات الإضافية الناجمة عن أزمة كورونا.

ولكن نعمان خالد يرى أنه ربما لا تتمكن الدولة من تحقيق وفورات كبيرة من فارق سعر البترول بين الموازنة والمتوقع حدوثه، مع التخلص من دعم أغلب المنتجات البترولية في السنوات الأخيرة.

أسعار الفائدة

وتوقع نعمان خالد أن ينعكس الخفض الأخير في أسعار الفائدة للبنك المركزي في مارس الماضي، إيجابيا على الموازنة المقبلة بتحقيق وفورات مقارنة بالتوقعات بمخصصات الفوائد بمشروع الموازنة.

وكانت وزارة المالية قالت إنه إذا ارتفع (انخفض) متوسط سعر الفائدة 1% خلال العام المالي المقبل، سيؤدي ذلك إلى زيادة (خفض) فاتورة خدمة دين أجهزة الموازنة بنحو 8 إلى 10 مليارات جنيه خلال الـ 12 شهرا التالية لقرار زيادة (خفض) سعر الفائدة.

وخفض البنك المركزي أسعار الفائدة 3% دفعة واحدة في 16 مارس الماضي لمواجهة تداعيات كورونا، وهو ما قد لم يأخذه مشروع الموازنة بالاعتبار في تقديراته لأنه ربما قد حدث بعد إعداد تقديرات المشروع.

فيديو قد يعجبك: