كيف يؤثر حظر استيراد السكر على الشركات المحلية وأسعار السوق؟
كتبت – شيماء حفظي:
حظرت الحكومة المصرية أمس الخميس، استيراد السكر الأبيض والخام لمدة 3 أشهر، تزامنًا مع انخفاض كبير في سعر السكر عالميًا، وهو قرار يوفر حماية لشركات السكر المحلية، بحسب ما قاله متعاملون في الصناعة لـ"مصراوي".
وقال متعاملون في صناعة السكر، لـ"مصراوي"، إن انخفاض أسعار السكر المستورد نتيجة انخفاض سعره عالميًا، مقارنة بأسعار السكر المصنع محليًا، يسبب خسائر للشركات المحلية، والتي تواجه صعوبة في البيع.
وأضافوا أن قرار حظر الاستيراد، سيساعد الشركات على تحقيق مبيعات، خاصة وأنها كانت تدخل في منافسة "غير عادلة" مع المنتج المستورد، في وقت تراجع فيه الطلب العالمي على السكر، بسبب تداعيات أزمة فيروس "كورونا" عالميًا.
ويبلغ حجم استهلاك مصر من السكر بين 3 و3.2 مليون طن سنوياً منها 2.4 مليون طن إنتاج محلي، ويتم تعويض الفارق من الاستيراد، بحسب ما قاله وزير التموين علي المصيلحى في بيان أمس.
ويعمل في قطاع صناعة السكر، 8 شركات تنتج من قصب السكر، وتنقسم إلى شركة السكر للصناعات التكاملية للقصب وتمتلك 8 مصانع بالوجه القبلي ومصنع تكرير بالحوامدية، إضافة إلى 7 شركات لإنتاج سكر البنجر، بينها 3 شركات فقط قطاع خاص، بحسب ما قاله عبدالحميد سلامة، رئيس شركة الدلتا للسكر سابقا، لـ"مصراوي".
وتحقق الشركات المحلية اكتفاء ذاتيا بنسبة 75% من إجمالي الاستهلاك المحلي.
لماذا انخفضت أسعار السكر عالميًا؟
يقول إسلام سالم الرئيس التنفيذي لشركة القناة للسكر، لـ"مصراوي"، إن التداعيات الاقتصادية لأزمة فيروس "كورونا المستجد"، أدت إلى تراجع الطلب على العديد من المنتجات وبينها السكر، إضافة إلى تأثير انهيار أسعار النفط.
وبحسب بيان لوزارة التجارة والصناعة، اليوم، فإن تقلبات أسعار السكر العالمية الناجمة عن هبوط أسعار البترول لأدنى مستوياتها أدت إلى هبوط أسعار السكر وبصفة خاصة السكر الخام بنسبة 30%.
وأضاف سالم أنه "نتيجة لتراجع أسعار النفط تتراجع أسعار الإيثانول أو ما يعرف بالوقود الحيوي، وهو منتج يتم تصنيعه من قصب السكر، ونتيجة لهذا تلجأ الدول المصنعة مثل البرازيل إلى زيادة إنتاجها من السكر على حساب الإيثانول، وبالتالي يرتفع حجم المعروض من السكر عالميًا".
وأشار إلى أن هذه الزيادة في المعروض لم يتم استيعابها في السوق العالمي، نتيجة التراجع في الطلب الصناعي عالميًا بسبب إغلاق المصانع في الكثير من الدول بعد أزمة "كورونا"، وتبع هذا انخفاض في سعر السكر بالبورصة العالمية.
وتشير البيانات العالمية إلى تراجع بنسب تتراوح بين 15 إلى 20% في الطلب على السكر عالميًا، خلال الخمسة شهور الأولى من العام، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، نتيجة أزمة "كورونا"، فيما تراجع متوسط الأسعار بنحو 30% مع بداية الأزمة ثم تعافت بنحو 15%، لكنها لا تزال في اتجاه هبوطي، بحسب سالم.
لماذا يضر انخفاض السعر الشركات المحلية؟
تواجه شركات إنتاج السكر في مصر -أغلبها شركات حكومية- تحديات كبيرة بسبب أزمة "كورونا" وتراجع الطلب العالمي وانخفاض الأسعار، وهو ما ظهر في نتائج أعمال شركة الدلتا للسكر خلال الربع الأول من العام الجاري.
وقالت الشركة في بيان للبورصة الشهر الماضي، إنها تحولت للخسارة خلال الربع الأول من العام بقيمة 118.78 مليون جنيه مقابل أرباح بلغت 70.49 مليون جنيه بالفترة المقارنة من 2019، نتيجة الهبوط الشديد بأسعار السكر العالمية، وتبعها انخفاض أسعار السكر المحلية وانخفاض المبيعات لغلق قطاع كبير من مستخدمي السكر مثل المنشأت السياحية والنوادي والكافتريات وأثره على انخفاض متوسط الأسعار بالسوق.
قال عبدالحميد سلامة، رئيس شركة الدلتا للسكر سابقًا، لـ"مصراوي"، إن زيادة حجم المستورد منخفض السعر يقلل من مبيعات الشركات المحلية التي تتحمل تكلفة عالية في الإنتاج، وهذا الفرق يترجم في سعر المنتج النهائي بنحو1 إلى 2 جنيه للكيلو.
ويضيف سالم، أن انخفاض أسعار السكر عالميًا يجعل أسعار السكر المستورد أقل بكثير من أسعار المصنع محليًا نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج، ما يؤدي لتراجع مبيعات الشركات المحلية مع عدم قدرتها على خفض الأسعار لمنافسة الوارد.
وانخفضت تكلفة طن السكر المستورد إلى بين 5500 و6000 جنيه للطن، وهذه الأسعار لا تتناسب مع تكلفة الإنتاج في الشركات المصرية، بحسب سالم.
ويشير سلامة، إلى أن تكلفة المواد الخام في مصر (القصب والبنجر) أغلى من أي دولة في العالم، بما يعادل 100 جنيه للطن الواحد من المحصولين الزراعيين، بسبب انخفاض متوسط ملكية الفلاحين للأراضي، وهي أكثر بند مكلف في الصناعة خاصة بعد تحول المصانع للعمل بالغاز الطبيعي.
وتتحمل الشركات تكلفة مواد خام فقط لإنتاج الطن تبلغ نحو 7 آلاف جنيه في سكر القصب (لإنتاج طن سكر يحتاج 10 أطنان قصبًا بتكلفة الطن الواحد نحو 700 جنيه)، بحسب سالم.
أما في صناعة السكر من البنجر، فإن تكلفة إنتاج الطن تصل إلى نحو 6500 إلى 7 آلاف جنيه (إنتاج طن سكر يحتاج لـ7 أطنان بنجر سعر الطن نحو 650 جنيهًا).
وتزرع مصر نحو 300 ألف فدان من قصب السكر سنويًا (محصول مستمر لمدة 5 سنوات)، ونحو 500 إلى 550 ألف فدان بنجر (تتغير سنويا ويتم استيراد التقاوي) بحسب ما قاله سلامة.
كيف يساعد القرار الشركات المحلية؟
وقال سالم، إن قرار حظر الاستيراد، يمكن الشركات المحلية من تصريف إنتاجها، وتحقيق مبيعات دون أن تواجه منافسة غير عادلة، خاصة ومصر تستورد أكثر من 95% من السكر من البرازيل التي لديها فائض كبير من الإنتاج حاليًا بسبب أزمة النفط.
وأشار إلى أن دعم شركات السكر، ليس فقط لأنه سلعة استراتيجية، لكن لأن صناعة السكر ترتبط بأبعاد أخرى، مثل الفلاحين الموردين للقصب والبنجر، والعاملين في هذه الشركات، وكذلك أنها مصدر للخشب الحبيبي، والمنتج الوحيد للكحول الإيثيلي الذي يدخل في صناعة المطهرات.
هل تتأثر أسعار السكر بالقرار؟
اتفق المصدران، في أن حظر الاستيراد لن يسبب زيادة أسعار السكر في الشركات المحلية، خاصة في الوقت الحالي مع تراجع الطلب.
وقال سلامة، إن الطلب على السكر لا يتغير بشكل متسارع أو بشكل متذبذب، وبالتالي لا يتغير السعر إلا بظروف عالمية للاستيراد أو تغير تكلفة إنتاج محلي، لكنه في حال وقف الاستيراد فزيادة السعر ونقص المعروض سيكون بسبب "تصرفات تجار"، وهذه تحتاج للرقابة من الدولة على العملية التجارية والتخزين.
وأضاف سالم، أن حجم الفجوة بين الاحتياج والإنتاج المحلي ليست كبيرة، وفي ظل الظروف الحالية لا يتوقع أن يضغط الطلب على المعروض محليًا وبالتالي لن يرتفع السعر، خاصة مع اقتراب دخول طاقات إنتاجية جديدة قريبًا.
"من المقرر أن يبدأ إنتاج شركة القناة للسكر في مارس 2021، بطاقة إنتاجية نحو 450 ألف طن في العام الأول للتشغيل وهي نصف الطاقة الإنتاجية للمصنع على أن تصل للطاقة الإنتاجية في السنة الثالثة" بحسب سالم.
فيديو قد يعجبك: