ركود المبيعات يلاحق "سوق المستعمل" بسبب كورونا
كتبت – شيماء حفظي:
على كرسي خشبي مغطى ببعض الأقمشة، يبيت محمد خليل، أمام مخزن الأثاث المستعمل – ليالٍ متواصلة دون أن يستقبل زبونا بائعا أو مشتريا، منذ انتشار فيروس كورونا المستجد.
يملك خليل - الذي يعمل في تجارة الأثاث المستعمل منذ أكثر من 35 عاما – مخزنا ملحق بورشة صغيرة، في منطقة أرض اللواء، لكنه يشتكي من أن أزمة كورونا، أصابت تجارته بالركود، وانعكست على "مصروف بيته" أيضا.
"منذ بداية الأزمة توقف الناس عن تجديد منازلهم، ولم يُقبل أحد على بيع أثاث مستعمل، وفي نفس الوقت لم يأتي مشتري طالبا لقطعة أثاث يستخدمها، ربما لخوف الناس من العدوى مع إجراءات الإغلاق التي فرضت".
وفي مارس الماضي، فرضت الحكومة قرارا بحظر التجول وتقليل عدد ساعات العمل في المحال التجارية، وهو وضع استمر قرابة 3 أشهر لمنع تفشي المرض في مصر.
لكنها عادت ورفعت حظر التجول، بدءا من الأسبوع الماضي، ومدت عدد ساعات العمل حتى التاسعة مساء، من أجل دعم الاقتصاد والأفراد في مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية.
حالة الركود، التي اشتكي منها خليل، لم تصب تجارة الأثاث المستعمل فقط، لكنها طالت أيضا تجارة المستعمل في قطاع الهواتف المحمولة والأجهزة المنزلية، بحسب ما ما قاله رتجار لمصراوي.
وتنتشر تجارة المستعمل، في السلع المعمرة، لكنها تتركز بشكل كبير في الأثاث، والأجهزة المنزلية (الغسالات والثلاجات والبوتاجازات) بالإضافة إلى الهواتف المحمولة.
ويبلغ حجم سوق المستعمل في الأجهزة المنزلية نحو 10% من حجم التجارة في هذا القطاع وفقا لما قاله فتحي الطحاوي نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بالغرف التجارية لمصراوي.
ويقول إبراهيم الريدي، تاجر أثاث مستعمل إنه فقد خلال الثلاثة أشهر الماضية، دخلا شهريا بنحو 6 آلاف جنيه، نتيجة الركود في سوق المستعمل، ضمن تداعيات كورونا.
"كان لدى الناس قدرة على تجديد المنزل وشراء أثاث جديد، وبالتالي بيع الأثاث القديم، لكن بسبب الأزمة أصبح البيع للضرورة لتوفير أموال، وانخفضت حركة الشراء ما سبب خسائر كبيرة، بالإضافة لتوفير نحو 15 ألف جنيه إيجار لأربعة مخازن للموبيليا" بحسب الريدي.
"أصبحت أولويات الأسر الطعام، وتأمين أموال للاحتياط من الفترة المقبلة، ولم يعد أحد يفكر في الموبيليا، ولن يعود للعمل بشكل سريع، إلا بعد أن يتخطى الناس الازمة ماديا ونفسيا" بحسب إبراهيم.
وبحسب دراسة للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، انخفض دخل نحو 73.5% من المشتغلين في مصر بسبب كورونا، فيما تعاني 33.2% من الأسر المصرية من عدم كفاية الدخل للوفاء بالاحتياجات.
وأظهرت الدراسة أن 50.3% من الأسر المصرية لجأت إلى الاقتراض "السلف" من الغير لمواجهة نقص الدخل، فيما حصل 5.4% من الأسر على منحة العمالة غير المنتظمة، فيما حصل 17.3% على مساعدات من أهل الخير فما باع 1.5% من الأسر جزءًا من ممتلكاتهم.
ويقول أحمد جمال، تاجر أدوات منزلية مستعملة بمنطقة حلوان إنه "خلال أول شهرين من الأزمة تأثرنا جدا، والخسائر كانت كبيرة، توقف الناس بشكل تام عن البيع والشراء بسبب الخوف من المرض، وبسبب انخفاض الدخل وتراجع الأجور وفقد العمل".
لكن مع تعود الناس على الأزمة، والتعايش مع كورونا، عادت الحركة نسبيا، "خاصة من يحتاج لجهاز لمنزله ولا يمكنه شراء المنتجات الجديدة، الإقبال لا يصل إلى 50% مقارنة بما قبل الأزمة" بحسب جمال.
وبسبب الأزمة تأثر دخل جمال الشخصي من مشروعه "أصبح دخلي شبه منعدم، لجأت إلى السحب من مبلغ سبق وادخرته، بالإضافة إلى أني أتحمل نحو 4 آلاف جنيه شهريا إيجار مخزن وأجرة عامل".
لجأت أسرة أحمد جمال، إلى ترشيد إنفاقها "كنا ناكل يوميا لحمة أو فراخ، خفضناها إلى مرة أو مرتين أسبوعيا بالتناوب، كما خفضنا مصروفات الأولاد، بشكل تلقائي انخفضت ميزانية كل شيئ حتى تمر الأزمة".
وتظهر دراسة الإحصاء، انخفاض استهلاك الأسر المصرية من اللحوم خلال أزمة كورونا بنسبة 25.7% والطيور بنسبة 22.8% والأسماك بنسبة 17.5% والفاكهة بنسبة 14.5%.
ويقول محمد المهدي، الرئيس التنفيذي لنقابة الاتصالات والمحمول ووكيل شعبة المحمول بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن سوق المستعمل تأثر بتراجع مبيعات الهواتف المحمولة في سوق الأجهزة الجديدة نتيجة الأزمة.
"الفترة الماضية احتفظ الناس بالأجهزة التي يستعملونها – وإن كانت شاشة مكسورة أو موديل قديم – لأنهم لا يمكنهم شراء جهاز جديد، فانخفض عدد الأجهزة المستعملة المعروضة للبيع"، بحسب المهدي.
وأشار المهدي إلى أن تأثير الأزمة الاقتصادي على الأفراد ودخولهم، سيدفعهم إلى تأجيل خطوة تغيير الهاتف المحمول خلال الفترة الحالية، وهذا يؤثر بالتبعية على المعروض في سوق المستعمل حتى وإن وجد زبون للمستعمل.
"من يملك هاتف يمكنه استعماله لعدة أشهر أخرى لن يبيعه حاليا، لذلك سيلجأ المضطر إلى شراء هاتف جديد بإمكانيات تناسب المبلغ الذي يمكله"، بحسب المهدي.
وأشار المهدي، إلى أن هناك تراجعا لسوق المستعمل في الهواتف المحمولة من1 فترة، نتيجة توافر منتجات جديدة بأسعار "مناسبة" لشرائح دخل منخفصة في السوق.
ويتوقع التجار، أن تصاحب مبيعات سوق المستعمل ركودا موازيا لركود تجارة الأجهزة الجديدة خلال الفترة المقبلة، وهوما يصفه خليل بـ "ميزان التجارة" حيث يقوم سوق المستعمل على عمليتين عكسيتين لكنها متزامتنتين "لازم يكون فيه ناس تبيع لكي يوجد ناس تشتري".
ويقول المهدي إنه "إذا لم يكن لدى الشخص البائع قدرة على التجديد وبيع ما لديه وإحلاله بسلع جديدة، لن يكون هناك مشتري يحصل على سلعة رخيصة نسبيا".
فيديو قد يعجبك: