رئيس شنايدر إلكتريك: استثمرنا 30 مليون يورو العام الماضي رغم كورونا (حوار)
وليد شتا: 2020 عام تحديات لكن خلق لنا فرصا بقطاعات الرقمنة والطاقة
قطاع الرقمنة والبيانات مشجع للتوظيف ومنفتح للتوسع
2021 عام الاستثمار ونستهدف تصدير نصف إنتاجنا
مصر تسير بخطى جيدة على مسار التحول الرقمي والطاقة المتجددة
كتبت – شيماء حفظي:
قال وليد شتا الرئيس الإقليمي لشركة شنايدر إلكتريك شمال شرق أفريقيا والمشرق العربي، إن الشركة استثمرت نحو 30 مليون يورو خلال العام الماضي على الرغم من تداعيات كورونا، وذلك من أجل زيادة رأس المال وإضافة خط إنتاج جديد بمصنعها في مدينة بدر.
وأضاف شتا، في حوار مع مصراوي، أن الشركة تمكنت من عبور "أزمة كورونا" العام الماضي، بفضل الاهتمام المتنامي بالرقمنة ومراكز البيانات ومشروعات الطاقة الذي خلفته، وقوة المشروعات التي تعمل بها الشركة خاصة مع القطاع الحكومي.
وتستهدف الشركة العاملة في مصر منذ عام 1987، أن ترفع صادراتها العام الجاري لتصل إلى 50% من إنتاجها، والعمل على توطين الصناعة، بحسب شتا.
وإلى نص الحوار...
لماذا تحتاج مصر للطاقة الجديدة والمتجددة؟
الطاقة المستدامة تعتمد على مصادر غير منتهية على عكس البترول والغاز، مثل الشمس المتواجدة إلى الأبد، وهذا يعني أن مصادر الطاقة متجددة ما يعني استمرارية الطاقة الناتجة عنها.. أي دولة تسعى لتنويع مصادر الطاقة لديها لأسباب استراتيجية معروفة، ومصر لديها خطة طموحة بحلول 2035 تصل إلى أن أكثر من 40% من الطاقة ستكون موجودة من مصادر جديدة ومتجددة، ومن ضمن الأسباب الاهتمام بالحفاظ على البيئة وتقليل الانبعاثات في ظل التأثير الحالي على المناخ، ونرى أن مصر تسير في هذا التوجه أسرع من كثير من الدول التي تعمل فيها شنايدر إلكتريك.
هل تعتبر الشمس هي المصدر الوحيد للطاقة المتجددة؟
بالطبع لا، الشمس ليست المصدر الوحيد للطاقة الجديدة والمتجددة، لأن أي مصدر يمكن منه توليد طاقة بخلاف البترول أو الفحم أو الغاز أو بشكل عام الموارد التي تنضب يدخل تحت مظلة مصادر الطاقة المتجددة، مثل الأمواج مثلا، أو الرياح.
كما أن الحديث عن الطاقة الجديدة والمتجددة، يوازيه ترشيد استهلاك الطاقة، لأن ترشيد الاستهلاك قد يكون أهم من البحث عن مصادر أخرى لتوليدها، نحن نعتقد أن المعضلة يجب أن تحل بالطرفين، سويا.
فيما يتعلق بتنويع مصادر الطاقة المتجددة في مصر، لدينا أمثلة قوية مثل محطة بنبان في أسوان التي تنتج حاليا أكثر من ألف ميجا وات من الطاقة الشمسية، والمشروع نفسه يسير بسرعة شديدة، وكان لنا شرف المشاركة فيه، هذا إنجاز، بالإضافة لمشروع المحطة النووية وهذا دليل على التنوع في مصادر الطاقة المتجددة.
هل ترى أن مصر بها وعي لترشيد استهلاك الطاقة؟
أعتقد أن تعريفة استهلاك الكهرباء هي الوسيلة الرئيسية لترشيد استهلاك الطاقة لأن ما لا قيمة له غير مهم، بمعنى أن النظر للتكلفة يجعل الناس يفكرون في استهلاكهم.
فيما يتعلق باستهلاك القطاع الصناعي والتجاري، فهي أكثر بالطبع من المنازل، في ظل الطفرة الصناعية التي تشهدها مصر، وهنا يأتي دورنا في شنايدر إليكتريك حيث نركز على مخاطبة هذا المجال، لأنه يعكس فعالية أكثر من مبدأ ترشيد استهلاك الطاقة.
هل تحل الطاقة المتجددة محل الطاقة العادية؟
الطاقة الجديدة والمتجددة لها حدود، يكفي أن سحابة واحدة في السماء توقف إنتاج محطة شمسية، لذلك لابد من وجود طاقة تقليدية تغطي العجز الناتج عن هذا التوقف، سيظل دائما احتياج للطاقة العادية لكن ما نعمل عليه هو النسبة بين الطريقتين، لزيادة نسبة الاعتماد على الطاقة المتجددة مقارنة بالطاقة العادية.
في مصر لدينا فائض في الكهرباء.. كيف نخلق فرصا لإنتاج الطاقة المتجددة؟
وزارة الكهرباء تبذل مجهودا رائعا في دعم أسعار الكهرباء للمستهلك، وهي أسعار مازالت في الإجمال مدعمة جدًا، لذلك التحرك في هذا المجال ليس سهلا، لكن التوسع في الطاقة الجديدة والمتجددة سيساعد في حل المعادلة، لأن تكلفة إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة حاليا مقاربة لتكلفة إنتاج الطاقة العادية، وهذا يسهل سوق العمل فيها، خاصة مع توجه مصر لتصدير الكهرباء.
هل يمكن نقل الطاقة الشمسية بدون اللجوء لشبكة وزارة الكهرباء؟
في المطلق، ممكن لأي مؤسسة أن تبني محطة طاقة شمسية لاستعمالها الخاص، لكنه سيحتاج لتخزينها لاستخدامها في الليل، والطاقة الكهربائية لا تخزن سوى في البطاريات عادةً وفي حالات الاستهلاك الكبير للطاقة لا يمكن تطبيق هذا التصور، لذلك فإنه من المستحسن أن يتم ضخ إنتاج الطاقة الكهربائية في شبكة وزارة الكهرباء بحيث يعاد توزيع الكهرباء حسب الاحتياج.
هل يمكن أن تعتمد الصناعة على الطاقة الشمسية.. لو أخذنا شركة مصر للألومنيوم مثالا؟
شركة مصر للألومنيوم شركة كثيفة الاستهلاك للطاقة، مثل عدد من الصناعات، وهي تتحمل مصروفات كبيرة مقابل الطاقة، على الجانب الآخر الاعتماد على توليد الطاقة الشمسية سيكون فكرة جيدة خلال فترة تشغيل المصنع بالنهار، لكن أيضًا سيكون محتاج لوجود إمداد احتياطي من الكهرباء العادية.
هل من المتوقع أن تضطر مصر لخفض إنتاج الكهرباء مستقبلا؟
لا أعتقد ذلك، نحن حاليا نصدر فائض إنتاجنا لدول تحتاج هذا المنتج، وفي المستقبل ما نسميه فائضا الآن سيكون احتياج واقعي، خاصة في ظل الزيادة السكانية المتوقعة والتطور الصناعي والاقتصادي المخطط له، وهذا يفسر ضرورة ضخ الاستثمارات في هذا القطاع حاليا.
تعمل شنايدر إليكتريك في حلول الطاقة.. ما هي القطاعات التي تستثمر فيها؟
نعمل في شنايدر في 4 قطاعات تتضمن قطاع الرقمنة ومراكز البيانات، وقطاع الطاقة بما يحتويه من كهرباء وبترول وغاز وطاقة جديدة ومتجددة، وقطاع المباني بكافة أنواعها التجارية والمولات والمنازل والمستشفيات والمدارس، والقطاع الصناعي من المصانع الصغيرة والكبيرة، ونخدم كل قطاع من هذه القطاعات بالطريقة المناسبة والملائمة له بداية من الأمور السهلة مثل أعمال الإنارة ومفاتيح الكهرباء، وتصل إلى المعدات الأكثر تعقيدا لإحداث توازن لأجهزة المستشفيات حال انقطاع التيار الكهربائي.
كيف أثرت كورونا على قطاعات عمل الشركة.. ومن استفاد من الأزمة؟
كان هناك تحديات في جميع القطاعات، لكن بسبب قرار الحكومة باستمرار العمل خاصة في المشروعات القومية والاستثمارات الحكومية فقد قلت التداعيات على الرغم من الأزمة لكن على الجانب الآخر تراجعت استثمارات القطاع الخاص وهذا أمر طبيعي.
في النصف الثاني من 2020، ظهر اهتمام شديد بقطاع مراكز المعلومات والداتا سنتر، وحقق معدلات أداء جيدة مع اتجاه الشركات والأفراد للعمل من المنازل والبحث عن حلول الداتا والاتصالات، لكن على الجانب الآخر شهد قطاع المباني هدوءا خلال العام الماضي، خاصة القطاع الفندقي.
هل عانت شنايدر من ارتفاع تكلفة الإنتاج أو تعذر استيراد الخامات بسبب كورونا؟
مع بداية الأزمة، أوقفت الصين مصانعها 15 يومًا واكتشف العالم أنه يجب تصنيع المواد الخام بجوار المستهلك وأن تصنيع الخامات في مكان واحد ليكون مصنع واحد يخدم العالم هي فكرة قديمة وليست صائبة، وبالتالي توجهت الشركات لاستراتيجية تنويع مصادر استيراد الخامات، والتوجه لزيادة التصنيع المحلي.
نحن في شنايدر، تأثرنا بطريقة طفيفة مقارنة بما حدث في دول أخرى، خاصة أننا نستورد مكوناتنا من صاج ونحاس من الشركة الأم – وهي لديها مخزون كبير في كل دولة تعمل فيها بخلاف الشركات التي أصبحت بحاجة للتحوط من مثل تلك الأزمات.
هل المشروعات القائمة على إتاحة المعلومات وتحليلها لديها فرصة في مصر؟
تأسيس البيانات أساسي فيه إتاحتها، نعمل حاليا على المنتجات الموصولة بعالم الإنترنت، وهذا القطاع يشهد طفرة كبيرة جدًا، وأنا أشجع المسؤولين ومتخذي القرار على إتاحة المعلومات والبيانات باعتبارها مادة خام تسهل عمل كل الأطراف المستهلكين لها، وطالما البيانات متاحة يمكن البناء عليها ولدينا مثال على ذلك في العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة حيث البنية الأساسية تم تنفيذها أخذا في الاعتبار قطاع المعلومات.
كيف تخدم مشروعات البيانات حياة المواطنين؟
لو أخذنا مثال تسجيل الرقم القومي ووجود ميكنة لبيانات الأفراد، هذا يسهل بالطبع رقمنة كل الخدمات المرتبطة بتوفره، مثل استخراج التراخيص ورخص السيارات وجوازات السفر، وكذلك خدمات المستشفيات وهذا يطبق حاليا في منظومة التأمين الصحي ورأينا ذلك في حملة 100 مليون صحة، وخدمات التعليم أونلاين .. حوكمة الدولة وخدماتها قائم على الرقمنة وهذا يتطور، لكنه يحتاج لتوعية الأفراد بهذه التقنيات وأهميتها والتخلي عن التقليدية، وضرورة التعامل معها مثل الشمول المالي مثلا، ونرى في مجال الكهرباء فرصا لتبادل الخدمات من خلال تطبيقات إلكترونية قريبا، ونحن متفائلون بتنامي دور التكنولوجيا الرقمية في قطاع الطاقة.
ما هي مشروعات مراكز البيانات التي تنفذها شنايدر؟
نفذنا مركز بيانات وزارة الاتصالات، وهو بتكنولوجيا الجيل الرابع وهو مخصص لتخزين البيانات ويتطلب إجراءات معينة للحفاظ على استمرارية هذه البيانات، كما لدينا مراكز بيانات كبيرة مع عملاء مختلفين سواء حكومية او قطاع خاص، نشارك في مراكز بيانات في العاصمة الإدارية والقاهرة لكن مازالت لم تدخل إطار تنفيذي ويمكن التحدث عنها لاحقا.
هل هذا القطاع موظف للعمالة .. وهل لدينا خبرات مؤهلة؟
لدينا نقص عمالة في قطاع البيانات وعالم الرقمنة وهناك أيضًا فرص عمل لكل ما يتعلق بالبرمجيات والتكنولوجيا، لأن أعمال الرقمنة والكمبيوتر، ستدخل في كل المجالات، ولن يكون هناك قطاع يخلو من وظائف رقمنة، وأشجع الشباب على دخول هذا القطاع.
ما دور الشركة في محطة تحلية مياه الجلالة.. وما فرص التوسع في هذا القطاع؟
نحن موردين لتكنولوجيا تخدم تحلية المياه لنساعد في استهلاك الطاقة بأعلى كفاءة والبرمجيات المتعلقة بهذا في المنشأة، ولسنا أصحاب القرار الاستثماري لتحلية المياه، ونحن نعمل في محطة مياه الجلالة ونحو 90% من محطات التحلية في مصر.
نحن نحلل المعلومات المرتبطة بأداء المحطة، ويمكننا تحديد الهدر في المياه واكتشاف التسرب ومكانه والتعامل معه، من خلال حلول تكنولوجية تقدمها شنايدر إلكتريك.
أرى إمكانية للتوسع في مشروعات هذا القطاع، خاصة في القرى السياحية التي تؤسس بالمناطق الساحلية حيث أن تحلية المياه أفضل من نقل المياه العذبة إلى هذه الأماكن، ويمكن التعامل مع تكلفة التحلية من خلال ضبط استهلاك الطاقة والتي تمثل 70% من تكلفة تشغيل المحطة أيضا في ظل التوجه للطاقة المتجددة، وفي ظل استهداف الدولة لإنتاج نحو 2.8 مليون متر مكعب يوميا مياه محُلّاة، وهذا مشروع تسير بسرعة الصاروخ.
كيف ترى خطة تحويل السيارات للغاز والكهرباء.. وهل مصر مؤهلة لذلك؟
فيما يتعلق بتصنيع السيارة الكهربائية، فالبنية التحتية في مصر مجهزة خاصة في ظل توافر فائض من الكهرباء، وهناك توجه للدولة لهذه الصناعة، لكن المعضلة تكون في توفير محطات الشحن، نحن في شنايدر نشارك في تجهيز البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية، فإذا توافرت محطات الشحن سيكون هذا انطلاقا كبيرا لهذه المركبات وكثير من المحطات بها شواحن الأن.
كما أن التحول للغاز الطبيعي ضروري، لأن التنوع مطلوب، خاصة ونحن بحاجة لتقليل التلوث الناتج عن البنزين، وهناك تكنولوجيا جديدة لتشغيل السيارات بالهيدروجين.
ماذا عن استثمارات الشركة في محور قناة السويس؟
لدينا خطة مازالت قائمة تحت الدراسة أن ننقل المركز اللوجيستي من بدر والعاشر من رمضان إلى المنطقة الصناعية بقناة السويس، ضمن مشروعات التطور، ونحن في انتظار البنية التحتية التي تتم في هذه المنطقة وأن يبدأ متخصصوا النقل والتوزيع والشحن أن يستقروا هناك لنتمكن من تقديم خدماتنا، ونتوقع أن يتم ذلك خلال عامين إلى 3 أعوام.
ما هي حجم استثمارات الشركة في 2020.. وماذا تتوقع في 2021؟
ضخت شنايدر إليكتريك في 2020 استثمارات بنحو 20 مليون يورو نقدا كزيادة رأس مال الشركة، في أغسطس الماضي، على الرغم من أزمة كورونا، كما استثمرنا 10 ملايين يورو في مركز التوزيع الحالي بالعاشر من رمضان، وإضافة خط إنتاج جديد بمصنع الشركة في بدر سيتم افتتاحه في 2021، لإنتاج لوحات كهربائية جديدة من طراز جديد صديق للبيئة، لاستبدال الخطوط المتهالكة، ليبلغ إجمالي خطوط الإنتاج 6 خطوط إنتاج، وهذا يجعل 2021 عام تفاؤل لنا وننتظر استكمال المرحلة الثانية والثالثة من مراكز التحكم.
نستهدف أيضا في 2021 زيادة صادراتنا لتكون 50% من إنتاج الشركة مقارنة بنحو 30% من الإنتاج حاليا للشرق الأوسط وأفريقيا.
كما سنركز في شنايدر خلال العام الجديد، على توطين الصناعة المتعلقة بنشاط الشركة في مصر، في ظل الدعم الكبير الذي نحصل عليه من الحكومة فيما يتعلق بالإجراءات والنقاشات، والتواصل مع الوزارات المعنية وحصول الشركة على مستحقاتها من برنامج دعم الصادرات.
فيديو قد يعجبك: