هل يؤثر ارتفاع أسعار البترول العالمية على مصر؟
كتب- مصطفى عيد:
توقع خبراء بترول ومحللون أن تستقر أسعار البترول خلال الفترة المقبلة حول مستوياتها الحالية، وأن تتراوح بين 50 و65 دولارا للبرميل، وذلك بعد صعودها الملحوظ خلال الأسابيع والشهور الأخيرة متجاوزة مستوى 60 دولارا للبرميل.
وبحسب بيانات وكالة بلومبرج، شهدت أسعار البترول ارتفاعا كبيرا خلال فترة الـ 100 يوم الأخيرة، حيث سجل سعر برميل خام برنت بنهاية تعاملات أمس 61.47 دولار مقابل 37.46 دولار بنهاية تعاملات أكتوبر الماضي بزيادة 24.01 دولار بنسبة زيادة 64.1%.
وأعلنت المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط، في يناير الماضي، تخفيض إضافي في إنتاجها اليومي من البترول بحوالي مليون برميل خلال شهري فبراير ومارس، وهي بخلاف ما تنفذه السعودية مع الأعضاء الآخرين في مجموعة أوبك+، مشيرة إلى أن قرارها يهدف إلى دعم اقتصادها وسوق النفط.
وكانت مجموعة الدول المصدرة للنفط وحلفاؤها "أوبك+" اجتمعت في 5 يناير الماضي، لبحث مصير إنتاج النفط خلال شهر فبراير الجاري، بعدما قررت زيادة الإنتاج خلال الشهر الماضي بواقع 500 ألف برميل يوميًا.
وأقرت المجموعة زيادة طفيفة لدولتي روسيا وكازاخستان بلغت 75 ألف برميل يوميًا لكل منها في شهري فبراير ومارس، لتتراجع تخفيضات الإنتاج المقررة سابقًا إلى 7.125 مليون برميل في فبراير المقبل و7.05 مليون برميل في مارس.
وكانت المجموعة أقرت خفضًا للإنتاج بمعدل 9.7 مليون برميل، بدءاً من مايو حتى يوليو الماضيين، ثم مددت هذا الخفض في أغسطس، قبل أن تقرر في سبتمبر تقليص معدلات الخفض إلى 7.7 مليون برميل يوميًا حتى نهاية العام الماضي.
ما التوقعات لسعر البترول خلال الفترة المقبلة؟
توقع أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، أن يستقر سعر برميل البترول خلال الفترة المقبلة قرب مستوياته الحالية بين 55 و65 دولارا، بعد الصعود الأخير خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة، وذلك في حالة عدم حدوث أي ظروف غير طبيعية لها تأثير كبير في الأسواق.
وقال أسامة كمال، لمصراوي، إن المستويات الحالية لأسعار البترول تمثل السعر العادل للبرميل في حدود 60 دولارا، وإنه إذا انخفض عن هذا المستوى بأكثر من 5 دولارات يمثل خسارة للمنتجين، والعكس يمثل خسارة للمستهلكين.
واتفقت رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث ببنك استثمار فاروس، مع الوزير الأسبق، حيث تتوقع أن تعود أسعار البترول للتداول بين 60 و65 دولارا للبرميل خلال الفترة المقبلة، بحسب ما قالت لمصراوي.
ويرى نعمان خالد، محلل ومساعد مدير ببنك استثمار أرقام كابيتال، متفقا مع كمال ورضوى، أن سعر برميل البترول سيبقى عند مستوياته الحالية وهي نفس المستويات التي كان عليها قبل أزمة كورونا وحرب الأسعار السعودية الروسية في بدايات العام الماضي.
وشهدت أسعار البترول هبوطا حادا خلال شهري مارس وأبريل الماضيين انخفضت خلالهما أسعار برميل خام برنت إلى مستويات بين 20 و35 دولارا وسط تحركات كبيرة للأسعار، وذلك تزامنا مع بدء تداعيات أزمة جائحة كورونا على الأسواق، وأيضا حدوث حرب أسعار بين السعودية وروسيا خلال تلك الفترة.
وقال نعمان خالد، لمصراوي، إن الوصول للمستويات الحالية لأسعار البترول حدث بشكل أسرع مما كان متوقعا له، وهي المستويات التي تعبر عن آمال تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية وعودة الطلب على النفط بعد تداعيات أزمة فيروس كورونا.
ودعمت الآمال بتطبيق حزمة مساعدات بقيمة 1.9 تريليون دولار لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، أسعار البترول خلال الأيام الأخيرة، وهي الحزمة المتوقعة تمريرها من قبل المشرعين الأمريكيين بمجرد طرح لقاحات الفيروس على مستوى العالم هذا الشهر، وفقا لتقرير سابق لوكالة رويترز.
وأشارت الوكالة إلى أن الآمال في انتعاش اقتصادي أسرع، وقيود إمدادات النفط من منظمة أوبك وحلفائها دفعت الأسعار إلى أعلى مستوياتها في عام خلال الأيام الأخيرة.
وتوقع مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، تذبذب أسعار البترول بين مستويات 50 و60 دولارا للبرميل من خام برنت القياسي.
وقال يوسف إن ذلك يأتي في إطار تحكم كبار منتجي النفط في تقليص سقف الإنتاج مع إعلان السعودية الخفض الطوعي للمعروض مؤخرا بمليون برميل يوميا من النفط السعودي وهو أحد عوامل الضغط لرفع الأسعار من جانب العرض.
وأضاف أنه من جانب الطلب يأتي دور الدول المستوردة بقيادة الدول صاحبة التكنولوجيات المتطورة في استنباط بدائل النفط ومشتقاته، حيث انتشرت السيارات الكهربائية وغيرها من بدائل للنفط بسرعة كبيرة أصبحت تمثل خطورة لكبار منتجي النفط مخافة كساد الطلب وهو ما سيدفعهم للحفاظ على المستويات السعرية المناسبة والمنافسة مع بدائل النفط.
هل تتأثر الموازنة والاقتصاد في مصر من الصعود الأخير للبترول؟
قال أسامة كمال، لمصراوي، إن الموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي لن تتأثر بالصعود الأخير لأسعار البترول، لأن المستويات التي وصلت لها الأسعار الحالية لا تزال ضمن توقعات الحكومة لمتوسط أسعار البترول عن العام الحالي.
وتتوقع وزارة المالية أن يصل متوسط سعر البترول خلال العام المالي الحالي إلى 61 دولارا لبرميل خام برنت مقابل سعر تقديري 54.6 دولار للبرميل خلال العام المالي الماضي، بحسب البيان المالي لموازنة عام 2020-2021.
وأضاف كمال أنه حتى لو ارتفعت الأسعار عن المستويات الحالية خلال الفترة المقبلة فإن الموازنة لن تتأثر بسبب تطبيق الحكومة سياسة التحوط في حالة ارتفاع أسعار البترول عن المقدر لها في الموازنة.
واتفقت رضوى السويفي مع كمال، على التوقع بعدم تأثر الموازنة بالصعود الأخير لأسعار البترول، لأن متوسط سعر البترول على مدار ما مضى من السنة المالية لا يزال أقل من المستوى المقدر له في الموازنة العامة عند 61 دولارا.
وأوضح كمال أن مصر لا تصدر كميات كبيرة من البترول وبالتالي لن يكون لارتفاع الأسعار الأخير تأثير كبير على ميزان التجارة لمصر.
وقال مدحت يوسف إن تأثير ارتفاع أسعار النفط أو انخفاضه على الاقتصاد المصري لن يكون مؤثرا بشكل كبير كون مصر في اتجاه تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية اعتمادا على إحلال الغاز الطبيعي محل المازوت والبوتاجاز والبنزين والسولار.
وأضاف أن هناك مؤشرات بعدم ارتفاع أسعار البترول والمنتجات البترولية بما يفوق الأسعار المقدرة بالموازنة، وبالتالي لا تأثير لذلك على الأسعار المحلية للبنزين والسولار.
وتراجع الحكومة أسعار البنزين والسولار والمواد البترولية الأخرى كل 3 أشهر بناءً على تحركات الأسعار العالمية للبترول خلال الشهور الثلاثة السابقة عليها والتغير في سعر الصرف.
وأشار يوسف إلى أن ارتفاع أسعار النفط لمستوى 60 دولارا للبرميل يعني ارتفاع أسعار المنتجات البتروكيماوية ووقود النفاثات والنافتا والتي يتم تصديرها للخارج مما سيساهم في ارتفاع ربحية شركات البتروكيماويات المصرية والأسمدة ومعامل التكرير الحديثة.
فيديو قد يعجبك: