عادت إلى حيث بدأت.. رحلة أسعار البترول مع تداعيات أزمة كورونا؟ (جراف)
كتب- مصطفى عيد:
واصلت أسعار البترول الخام ارتفاعها عالميًا خلال الأيام الأخيرة، وذلك بعد أن تجاوزت مستوى 60 دولارًا للبرميل لخام برنت، لتعود إلى مستوياتها قبل تداعيات أزمة كورونا المستجد.
وبحسب بيانات وكالة بلومبرج، ارتفعت أسعار خام البترول برنت إلى 63.30 دولار للبرميل بنهاية تعاملات أمس الاثنين بزيادة 87 سنتا مقارنة بمستواها في ختام تعاملات يوم الجمعة الماضي بنسبة زيادة 1.4%، وذلك للجلسة الثانية على التوالي.
وجاء هذا الصعود قبل أن تنخفض الأسعار خلال تعاملات اليوم 29 سنتا بنسبة 0.46%، لتصل في الثالثة والنصف عصرا إلى 60.01 دولار.
رحلة أسعار البترول مع تداعيات أزمة كورونا
شهدت أسعار البترول خلال الـ13 شهرا ونصف الشهر الأخيرة تقلبات حادة تأثرا بعدة عوامل كان أبرزها تداعيات أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد والتي بدأت في الظهور والتراجع الحاد في الطلب، إلى جانب حرب الأسعار بين اثنين من أكبر منتجي البترول وهما السعودية وروسيا.
وأسهمت هذه العوامل في تراجع حاد لأسعار البترول حيث وصل سعر برميل البترول إلى نحو 22.74 دولار لخام برنت في نهاية مارس 2020 منخفضا بنسبة 65.5% أي الثلثين مقارنة بنهاية عام 2019.
وأدى هذا التراجع الحاد إلى مراجعة السعودية وروسيا موقفيهما من حرب الأسعار ليعلنان التعاون بعد ذلك في إطار ما يسمى مجموعة أوبك+ وتم الاتفاق على خفض قياسي للإمدادات قدره 9.7 مليون برميل يوميا بدأ سريانه في أول مايو الماضي، وهو ما تزامن مع بدء بعض تخفيف إجراءاتها الاحترازية بعض الشيء.
ولكن هذه المحاولات لم تفلح في تحقيق ارتفاع كبير في أسعار البترول؛ ليصل سعر البرميل نهاية مايو إلى 35.33 دولار ثم صعدت إلى فوق 40 دولارا خلال الفترة من يونيو إلى سبتمبر قبل أن تعود إلى تحت مستوى 40 دولارًا مرة أخرى في أكتوبر.
وتزامن انخفاض أسعار البترول في أكتوبر مع زيادة أعداد الإصابات بكورونا في أوروبا والولايات المتحدة مرة أخرى في بداية الموجة الثانية، وأيضًا تقليص معدلات خفض إنتاج أوبك+ إلى 7.7 مليون برميل يوميا.
وبدأت بعد ذلك بدءا من نوفمبر قواعد اللعبة في التغير مع الآمال بتعافي أسرع للاقتصاد العالمي مع بدء ظهور اللقاحات ضد فيروس كورونا والإعلان عن نسبة فعاليتها المرتفعة، حيث ارتفعت أسعار البترول تدريجيا حتى وصلت خلال الشهر الجاري إلى مستوياتها قبل جائحة كورونا.
وكانت مجموعة الدول المصدرة للنفط وحلفاؤها "أوبك+" اجتمعت في 5 يناير الماضي، لبحث مصير إنتاج النفط خلال شهر فبراير الجاري، بعدما قررت زيادة الإنتاج خلال الشهر الماضي بواقع 500 ألف برميل يوميًا.
وأعلنت المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط، في يناير الماضي، تخفيضًا إضافيًا في إنتاجها اليومي من البترول بحوالي مليون برميل خلال شهري فبراير ومارس، وهي بخلاف ما تنفذه السعودية مع الأعضاء الآخرين في مجموعة أوبك+، مشيرة إلى أن قرارها يهدف إلى دعم اقتصادها وسوق النفط.
بينما أقرت أوبك+ زيادة طفيفة لدولتي روسيا وكازاخستان بلغت 75 ألف برميل يوميًا لكل منها في شهري فبراير ومارس، لتتراجع تخفيضات الإنتاج المقررة سابقًا إلى 7.125 مليون برميل في فبراير المقبل و7.05 مليون برميل في مارس.
ودعمت الآمال بتطبيق حزمة مساعدات بقيمة 1.9 تريليون دولار لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، أسعار البترول خلال الأيام الأخيرة، وهي الحزمة المتوقع تمريرها من قبل المشرعين الأمريكيين بمجرد طرح لقاحات الفيروس على مستوى العالم هذا الشهر، وفقا لتقرير سابق لوكالة رويترز.
وشهدت بذلك أسعار البترول ارتفاعا كبيرا خلال فترة آخر 3 شهور ونصف الشهر، حيث ارتفع سعر برميل خام برنت بنحو 69% بنهاية تعاملات أمس مقارنة بسعر 37.46 دولار بنهاية تعاملات أكتوبر الماضي بزيادة 25.84 دولار.
التوقعات القادمة
وبينما توقع خبراء بترول ومحللون، في تقرير سابق لمصراوي منذ أيام، أن تستقر أسعار البترول خلال الفترة المقبلة حول مستوياتها الحالية، وأن تتراوح بين 50 و65 دولارا للبرميل في عام 2021 مع عودتها لمستويات قبل كورونا، يتوقع بنكا جيه بي مورجان تشيس وجولدمان ساكس حدوث دورة ارتفاع أسعار جديدة للنفط عندما يتوقف الوباء.
وبحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية اليوم، كانت التوقعات الأكثر تفاؤلا هي عودة أسعار النفط الخام العالمية نحو منطقة 100 دولار للبرميل، وهو مستوى لم يتم الوصول إليه منذ عام 2014.
وأشارت الصحيفة إلى أن الزيادة المتوقعة مبنية على الاعتقاد بأن الحوافز المالية ستعزز الاستهلاك تمامًا، كما أنه تم سحب الاستثمار في الإنتاج الجديد من الصناعة، وإن مثل هذا الانفصال بين العرض والطلب، والذي يغذي الارتفاع الدائم في الأسعار، هو الشرط الأساسي لما يسمى بالدورة الفائقة.
ومن شأن ذلك أن يغير الأوضاع في قطاع النفط، الذي ضرب العام الماضي بفعل فيروس كوفيد-19 الذي أصاب الطلب، والتوقعات حول ما سيعنيه تبني السيارات الكهربائية على نطاق واسع للسوق، بحسب الصحيفة.
وقال كريستيان مالك رئيس قسم النفط والغاز في جيه بي مورجان، لعملاء في مؤتمر عبر الهاتف الأسبوع الماضي: "سنواجه نقصًا في النفط قبل أن لا نحتاجه في السنوات المقبلة.. يمكننا أن نرى النفط يتخطى 100 دولار للبرميل أو حتى أعلى".
وقال جيفري كوري، المحلل المخضرم في بنك جولدمان ساكس، والذي كان صوتا رئيسيا في آخر دورة نفطية كبرى بين عامي 2003 و2014، لصحيفة فاينانشيال تايمز، إنه يعتقد أن هناك مخاطر حقيقية تتمثل في تداول النفط في نطاق 80 دولارًا أو أعلى هذا العام.
ولكن هذه المرة لم يكن ظهور الصين المتعطشة للطاقة هو ما يتوقع أنه سيعزز الاستهلاك، ولكن من سيعزز ذلك الإنفاق التحفيزي من قبل الحكومات في جميع أنحاء العالم مثل 1.9 تريليون دولار المقترحة في الولايات المتحدة من قبل إدارة بايدن، بما في ذلك البنية التحتية "الخضراء"، بحسب الصحيفة.
فيديو قد يعجبك: