كيف تتأثر العلاقات التجارية بين القاهرة والخرطوم بتعويم الجنيه السوداني؟
كتبت- منال المصري وشيرين صلاح:
توقع مصرفيون وخبراء اقتصاد وتجار أن يسهم قرار توحيد سعر صرف الجنيه السوداني في انخفاض تكلفة استيراد السلع من السودان، وبالتالي زيادة حركة التجارة بين مصر والسودان.
وأعلن بنك السودان المركزي، اليوم الأحد، خفضًا حادًا لقيمة العملة المحلية (الجنيه السوداني) مقابل الدولار، وأعلن عن نظام جديد لتوحيد سعر الصرف بين السوقين الرسمي والموازي.
وبحسب بيان البنك المركزي السوداني، أدى القرار إلى انخفاض سعر بيع الجنيه السوداني مقابل الدولار من 55 جنيه سوداني إلى 393.75 جنيه سوداني في الجهاز المصرفي.
وأشار المركزي السوداني إلى أنه قراره يهدف إلى القضاء على السوق السوداء بالسودان، وعودة تدفقات موارد النقد الأجنبي في البنوك هناك.
ونظريا يؤدي خفض سعر عملة ما إلى تراجع قيمة السلع التي تباع في الدولة صاحبة العملة عند تقييمها بسعر عملة أخرى، وهو ما يسهم في زيادة جاذبية هذه السلع مع تراجع أسعارها بالعملات الأجنبية وبالتالي يعد ذلك أحد العوامل المؤدية لزيادة صادرات الدولة صاحبة العملة.
وتستورد مصر من السودان بعض السلع مثل اللحوم الحية والمجمدة، والسمسم، ومنتجات العطارة، والحبوب، وثمار زيتية، ونباتات طبية وعلف، وقطن.
وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بلغت واردات مصر من السودان 203.6 مليون دولار خلال 2019 مقابل 207.5 مليون دولار خلال 2018، بنسبة انخفاض قدرها 1.9%.
هل تتأثر أسعار واردات السودان إلى مصر؟
قال محمد عبد العال الخبير المصرفي، لمصراوي، إنه من المتوقع بعد إعلان البنك المركزي السوداني تعويم الجنيه السوداني تراجع أسعار السلع المستوردة من السودان في مصر، وذلك نتيجة انخفاض العملة السودانية.
وأضاف عبد العال أن تداول سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار حاليا قرب 400 جنيه سوداني يضيف ميزة تنافسية إلى السلع السودانية المصدرة إلى الأسواق المختلفة ومن بينها مصر وذلك لتداول السلع بأسعار أقل من الأسواق المنافسة لها مثل الأرجنتين والبرازيل.
وأشار إلى أنه في حالة نجاح السودان في استمرار العمل بقرار التعويم يترتب على ذلك تعزيز التجارة البينية بشكل عام على مستوى الأسواق الخارجية المختلفة، ومع مصر بشكل خاص، بعد عودة تداول الدولار في السوق الرسمي له بالبنوك والصرافات والقضاء على السوق السوداء بالخرطوم.
وعانى السودان خلال الفترة الماضية من وجود سعرين للصرف الدولار أحدهما رسمي في البنوك والصرافات، والآخر غير رسمي في السوق السوداء، مما أدى إلى نضوب موارد الدولار في البنوك السودانية، والتأثير على معدلات صادرات الدولة، بحسب عبد العال.
وأوضح الخبير المصرفي أنه بعد إعلان تحرير سعر الصرف سيؤدي ذلك إلى تكوين البنوك حصيلة من النقد الأجنبي، مما يؤدي أيضا إلى زيادة الصادرات المصرية للسودان.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، وصلت قيمة الصادرات المصرية إلى السودان 465.5 مليون دولار خلال عام 2019، مقابل 399.3 مليون دولار خلال عام 2018، بنسبة زيادة قدرها 16.6%.
وكانت أهم الأصناف التي تم تصديرها إلى السودان لدائن ومصنوعاتها (مواد خام لصناعة البلاستيك)، وحديد ومصنوعاته، وزجاج ومصنوعاته.
وقال مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، إن خفض سعر صرف الجنيه السوداني وتوحيد سعره مقابل الدولار سيؤدي إلى تراجع أسعار كل أنواع السلع المصدرة من السودان إلى مصر، ولكن بشرط قدرة السودان على الاستمرار في تنفيذ برنامجه للإصلاح الاقتصادي.
وهو ما اتفق معه، أحمد صقر نائب رئيس غرفة الإسكندرية وأحد مستوردي اللحوم، حيث قال إن تراجع سعر صرف الجنيه السوداني سينعكس بالإيجاب على أسعار السلع التي يتم استيرادها من السودان بحيث تتراجع في الأسواق، حتى لو كانت كميات اللحوم التي يتم استيرادها من هناك صغيرة.
وبحسب صقر، تمثل كميات اللحوم الحية والمجمدة المستوردة من السودان نسبة صغيرة تصل إلى 2% فقط من إجمالي واردات مصر من اللحوم، مشيرا إلى أن هناك كميات أخرى من اللحوم تدخل بطريقة غير شرعية.
وقال مجدي توفيق نائب رئيس شعبة العطارة بغرفة القاهرة التجارية، إن مصر تستورد أنواعا قليلة أيضا من سلع العطارة من السودان مثل الكركديه السوداني واللبان الدكر، مشيرا أن تأثير تراجع سعر الجنيه السوداني سينعكس على تلك الأصناف.
وأضاف توفيق، أن مصر ستستفيد من تحرير صرف عملة السودان في زيادة حركة التبادل التجاري بين البلدين.
ويستهدف توحيد سعر صرف الجنيه السوداني القضاء على الدولرة، وزيادة صادرات السودان، وإصلاح الاختلالات الاقتصادية، لكن تحقيق ذلك يتوقف في قدرة البلد الجار على الاستمرار في تحرير سعر الصرف، بحسب مصطفى بدرة.
اقرأ أيضا:
السودان يقر خفضًا حادًا للجنيه بعد تفاقم الوضع الاقتصادي.. فما القصة؟
فيديو قد يعجبك: