انهيار السوق.. هل تعصف ضريبة الأرباح الرأسمالية بالطروحات في البورصة؟
كتبت – شيماء حفظي:
مع بداية جلسة اليوم، هوى المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية بنسبة 2% مواصلا حالة هبوط بدأت قبل خمسة أيام، في أعقاب تأكيدات حكومية بتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على سوق المال.
التأثر السلبي في السوق، قد يمتد إلى الطروحات المستقبلية في البورصة مع تخوف المستثمرين من ضخ أموال جديدة وقلق الشركات من تراجع قيمتها السوقية حال انخفضت التداولات، وفقا لما يراه مسؤولين وعاملين بالسوق، تحدث إليهم مصراوي.
وتداول المؤشر الرئيسي، بعد أول ساعة من جلسة اليوم عند مستوى 10490 نقطة، منخفضًا من مستوى 11187 نقطة بنهاية تعاملات الثلاثاء الماضي، بتراجع 697 نقطة.
وأكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، في تصريحات أمس، نية الحكومة فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية مطلع العام المقبل، رغم اعتراضات مستثمرين في البورصة، فيما قال الوزير إن القانون جاء بناء على مشاورات مع سوق المال.
ما القصة؟
في نهاية أغسطس الماضي، نشرت الجريدة الرسمية، قرارا وزاريا، بشأن دليل قواعد المعالجة الضريبية للأرباح الرأسمالية الناتجة عن التصرف في الأوراق المالية والحصص وأذون الخزانة وضريبة الدمغة على التعامل في الأوراق المالية.
ونص الدليل على تطبيق ضريبة 10% على صافي أرباح التعامل فى البورصة على المقيمين، وذلك من أول يناير 2022.
وكانت الحكومة أقرت تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة بنسبة 10% في يوليو من عام 2014 لكن الضريبة أدت لاضطرابات في سوق المال وأزمة في طريقة احتسابها وهو ما اضطرت معه الحكومة لتأجيل الضريبة لمدة عامين في مايو 2015.
وعاد الجدل بشأن الضريبة مع انتهاء فترة التأجيل الأولى في عام 2017 لتؤجلها الحكومة مجددا لمدة 3 سنوات، ولكنها فرضت في المقابل ضريبة دمغة تصاعدية على التعاملات.
وفي العام الماضي 2020 أجلت الحكومة تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة للمرة الثالثة حتى نهاية 2021، كما خفضت ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة وألغتها على الشراء والبيع في نفس اليوم، ليعود الجدل من جديد بشأنها بعد نشر دليل قواعد المعاملات الضريبية للأرباح الرأسمالية في الجريدة الرسمية.
وضريبة الأرباح الرأسمالية تخضع لوعاء ضريبة الدخل، ويتم تحديدها على أساس قيمة صافى الأرباح الرأسمالية لمحفظة الأوراق المالية المحققة فى نهاية السنة الضريبية على أساس الفرق بين سعر بيع أو استبدال أو أى صورة من صور التصرف فى الأوراق المالية، وبين تكلفة اقتنائها، بعد خصم عمولة الوساطة.
كيف نرى الطروحات؟
تسعى الحكومة منذ اتفقت مع صندوق النقد الدولي على برنامج الإصلاح الاقتصادي في 2016، إلى تقليص حصص ملكيتها في شركات القطاع العام، من خلال طرح حصص منها في البورصة، وأعلنت فعلا عن طرح 23 شركة في برنامج طروحات حكومية، لم ينفذ منها سوى طرح حصة إضافية صغيرة من الشرقية للدخان المدرجة أصلا في البورصة.
وخلال العام المالي الجاري، تستهدف الحكومة طرح 5 شركات، تبدأها بطرح شركة إي فاينانس خلال الأشهر المقبلة، فيما تستهدف البورصة، زيادة عدد الشركات الخاصة المتداولة في السوق.
لكن المحللون يرون أن الأوضاع الحالية في السوق، لا تبشر بنجاح أي طروحات، حكومية أو خاصة، مشيرين إلى أنه لجذب مزيد من المستثمرين لإنجاح الطروحات الجديدة، لابد من تخفيف الأعباء الضريبية، وتهيئة المناخ الاستثماري، وليس العكس.
ويقول محمد ماهر رئيس الجمعية المصرية لتداول الأوراق المالية، والعضو المنتدب لشركة برايم لتداول الأوراق المالية، إن الأثار السلبية لزيادة الأعباء الضريبية تقع في الأساس على المستثمر في البورصة، وهو يتحمل بالأساس مخاطر عالية، وتؤثر على قراره الاستثماري.
"لا يمكن توقع أن تنجح طروحات حكومية أو خاصة، في ظل زيادة الأعباء على الاستثمار بقرارات الضريبة، إضافة إلى المتغيرات العالمية وجائحة كورونا".
يرى ماهر، أن المخاوف ستطال طرفي الاكتتابات، فصاحب الشركة سيخشى من عدم قدرة المستثمرين على تغطية الاكتتاب نفسه، إضافة إلى عدم اليقين من التداول الإيجابي على السهم بعد القيد، وبالتالي قد تتعرض الشركة لانخفاض قيمتها السوقية، وهو عكس هدف الطرح بالأساس.
أما المستثمر، سيعزف عن ضخ استثمارات جديدة وسط كل هذه الضرائب، وقد يتجه لأوعية ادخارية أقل مخاطرة، ولا تتحمل عوائدها ضرائب كبيرة، مثل الأرباح من الاستثمار بالقطاع المصرفي، بحسب ماهر.
وهو ما اتفقت معه رانيا يعقوب، رئيس مجلس إدارة شركة ثري واي لتداول الأوراق المالية، وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية، مشيرة إلى أن التأثير ظهر من الآن في هبوط الأسهم، ومخاوف من الأفراد المستثمرين.
"الأفراد يسحبون أموالهم لأنهم متخوفين من فتح الملفات الضريبية وهذا يقلل من أحجام التداول، وبالتالي إذا كان هناك طروحات ستواجه صعوبات في التغطية لأنه لن يجذب سيولة"، وفقا لما قالته رانيا.
تشير هذه القرارات، إلى حالة ارتباك في نظرة الدولة إلى البورصة، فتشرح رانيا:"كيف تفرض الحكومة الضريبة في وقت تلجأ فيه للبورصة لتفعيل دورها، في جذب سيولة من طرح شركات كبيرة وعملاقة وإعادة ضخها في مشروعات أخرى".
ويقول سليمان نظمي عضو مجلس إدارة البورصة المصرية ورئيس شركة سمسرة لتداول الأوراق المالية، إننا نسمع من سنوات عن الطروحات الحكومية لكنها لا تتم، وهذه مشكلة بالأساس تؤثر سلبا على السوق، قبل حتى الحديث عن الضريبة.
ويضيف، أن السوق به عدد من الأزمات على مستوى تنظيم الأعمال، تحتاج للتدخل لحلها، وليس إضافة مزيد من عوائق الاستثمار، وأكثر العوائق ضررا هو فرض الضريبة.
تأجيل أم إلغاء؟
"الضريبة قرار سيادي فرضت وقت التعويم، ولاقت استياءً كبيرًا من المستثمرين خاصة الأجانب، وطلبوا من الممولين فتح ملفات ضريبية، وحينها فرضت ضريبة الدمغة بصورة انتقالية حتى التوصل لصيغة لضريبة الأرباح الرأسمالية"، بحسب ماهر.
وأضاف "نحن لا نعترض على القانون، لأن فرض الضريبة هو قرار سيادي، الأزمة حاليًا هو في قدرة السوق على تحمل هذه الضريبة خلال الوقت الحالي، المستثمرين يخسرون وتحصل منهم ضريبة دمغة، توقيت طرح الدليل كان يجب أن يتم بالتنسيق مع الرقابة المالية والبورصة بحيث يتم اختياره وفقا لوضع السوق وهو ما لم يحدث".
"كل اللي في البورصة 200 شركة من 150 ألف شركة في مصر، والضريبة تستهدف جمع نحو 350 مليون جنيه سنويًا فيما أن هبوط السوق قد يفقده 2 مليار جنيه في تداولات يوم واحد، وبالتالي قيمة المنفعة المنتظرة لا تتساوى مع خسائر تحقيقها"، بحسب ماهر.
الضرر الحاصل والمتوقع مستقبلا، يستدعي - وفقا للخبراء – إعادة النظر في توقيت تطبيق الضريبة، وتنمية سوق المال حتى يكون قادرا على الوفاء بالالتزامات الضريبية التي تريد الحكومة تحصيلها.
تقول رانيا، إن كل أطراف السوق تسعى لإيضاح الصورة لوزارة المالية، مشيرة إلى أن مجلس إدارة البورصة، يستعد بكافة الطرق لشرح تأثيرات القرار على السوق.
ويضيف نظمي، أن "وقف تطبيق الضريبة تحتاج لقرار سيادي، أسوة بكل الدول المحيطة بنا، لتسهيل الاستثمار وجذب المستثمرين الأجانب، وليس العكس، أسواق الخليج تخفض الضرائب والعمولات وتعطي تسهيلات، وهو ما ينمو بحجم الأسواق هناك".
فيديو قد يعجبك: