أزمة طاقة تضرب أوروبا.. فهل تستفيد صادرات مصر من الغاز الطبيعي؟
كتبت- ياسمين سليم:
قد تكون أزمة الطاقة التي أصبحت قارة أوروبا على أعتابها بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي ونقص الإمدادات، سببًا في زيادة صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.
وتوقع محللون لمصراوي أن تدفع هذه الأزمة كميات الصادرات المصرية من الغاز إلى أوروبا، كما ترفع قيمتها مع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال إلى مستويات غير مسبوقة.
ماذا يحدث؟
ارتفع الطلب على الغاز الطبيعي في أوروبا والدول الآسيوية مما شكل ضغطًا على الإمدادات الروسية التي تمد أوروبا بأغلب الغاز الطبيعي عبر شبكة أنابيب تمتد في أغلب دول أوروبا.
ونتيجة لزيادة الطلب على الغاز ارتفع السعر في المعاملات الفورية لمستويات قياسية، في ظل نقص واضح من الإمدادات مما ينذر بأزمة كبرى في فصل الشتاء الذي يرتفع فيه الطلب على الغاز من أجل التدفئة.
ويتداول الغاز الطبيعي في العقود الآجلة اليوم عند 6.07 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وهو عند أعلى مستوى له منذ 8 سنوات، بحسب بيانات وكالة بلومبرج.
وتداول الغاز الطبيعي في المعاملات الفورية عند 29 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مع توقعات أن يبقى فوق 25 دولارًا خلال هذا الصيف، وفقًا لبيانات وكالة رويترز.
ويعد الفارق بين سعر الغاز الطبيعي في العقود الآجلة والتداولات الفورية نظرًا لانخفاض المعروض في التداولات الفورية، في حين أن العقود الآجلة تكون الشركات ملزمة بضخ الغاز بنفس الأسعار وعادة ما يذهب هذا الغاز إلى شبكة الأنابيب مباشرة.
وتدهور الوضع في أوروبا بسرعة وتحول إلى أزمة واتخذت بعض الدول إجراءات سريعة لمواجهة هذه الأزمة، وقررت إسبانيا عدة إجراءات طارئة لخفض فواتير الطاقة، فيما تخطط فرنسا لدفع 100 يورو لمرة واحدة إلى ما يقرب من 6 ملايين أسرة منخفضة الدخل، بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة.
هل تتأثر مصر؟
يتوقع محللون أن تعود هذه الأزمة بالنفع على مصر بارتفاع حصيلة تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.
وقال محمد أبو باشا، كبير محللي الاقتصاد الكلي في بنك الاستثمار هيرميس، إن هذه الأزمة من الممكن أن تفيد مصر في زيادة حصيلة التصدير لأن مصر حاليًا تبيع شحناتها في سوق- Spot market المعاملات الفورية- وليس عن طريق العقود الآجلة.
وهو ما اتفق معه مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول السابق، وقال إن الميزة حاليًا أن الأسعار زادت مع اقتراب موسم الشتاء والذي يكون عادة موسم فائض في مصر من الغاز الطبيعي، مما يعني أن أسعار و عائدات تصدير الغاز المسال المصري ستتضاعف.
ولا يتوقع أبو باشا ويوسف أن تكون الكميات المصدرة من مصر إلى أوروبا كبيرة عن المألوف.
وقال أبو باشا إن "الكميات لن تكون كبيرة، لأن مؤخرًا اتفقت مصر على تحويل كميات من الغاز الطبيعي إلى لبنان".
واتفقت مصر مؤخرًا مع لبنان على تصدير الغاز الطبيعي لها عبر "خط الغاز العربي" الذي يمتد من الأردن إلى سوريا ثم لبنان، وذلك لحل أزمة الطاقة التي تضرب لبنان.
مصر في سوق الغاز
وفي مارس الماضي، عادت مصر لتصدير أول شحنة من الغاز الطبيعي لأوروبا من مصنع دمياط لإسالة الغاز، بعد توقف 8 سنوات بسبب مشكلات حول تشغيل المصنع.
وأعطى إعادة فتح مصنع دمياط للإسالة، مصر مصدرًا إضافيًا للتصدير في ظل طموحاتها بأن تصبح مركزًا إقليميًا للغاز مع زيادة إنتاج مصر من الغاز الطبيعي عبر الحقول المكتشفة حديثًا وعلى رأسها حقل ظُهر العملاق.
وقال تقرير لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (OAPEC) في أغسطس الماضي إن مصر أسرع الدول العربية نموًا في تصدير الغاز الطبيعي المسال، إذ صدرت نحو 1.4 مليون طن غاز مسال في الربع الثاني من العام الجاري، مقابل عدم تصدير أي غاز خلال نفس الفترة العام الماضي.
وضم التقرير عدة دراسات تتوقع أن تصبح مصر لاعبًا أساسيًا ومنافسًا بارزًا في سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي.
وتظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إن صادرات مصر من الغاز الطبيعي قفزت 3 أضعاف خلال الربع الأول من العام الجاري لتحقق 564 مليون دولار.
وتبلغ احتياطات مصر من الغاز الطبيعي نحو 2.186 تريليون متر مكعب، أي ما يعادل 77.2 تريليون قدم مكعب، وفقًا لبيانات من شركة بي بي وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وبدأت مصر خطوات واسعة لتحول لمركز إقليمي للطاقة، وساهمت في إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط والذي يهدف للتعاون بين الدول وإنشاء سوق إقليمي للغاز في المنطقة.
كما تخطط مصر لمد خطوط بين دول المنتدى للاستفادة من إنتاج الغاز بين الدول وبعضها.
وتعتمد مصر على محطتي إسالة الغاز في دمياط وإدكو لمد أوروبا بالغاز المسال ومن أجل ذلك اتفقت مع إسرائيل على استيراد الغاز ثم تسييله وإعادة تصديره مرة أخرى.
فيديو قد يعجبك: