رئيس اتحاد المصدرين: مصر فقدت ريادتها في القطن طويل التيلة لكن لا يزال أمامنا فرصة (حوار)
كتبت– شيماء حفظي:
تصوير: محمد معروف
قال أحمد البساطي، رئيس اتحاد مصدري الأقطان المصري، إن حصة مصر من القطن طويل التيلة تراجعت من 85% قبل 50 عامًا لتصبح نحو 28% من إنتاج العالم من هذه الأقطان رغم أنها صاحبة السمعة الأشهر في هذا الصنف.
وأضاف البساطي، في حوار مع مصراوي، أنه رغم عدة تحديات عالمية لا يزال أمام مصر فرصة لتعظيم عائداتها من القطن، مشيرا إلى ضرورة التنسيق بين اتحاد المصدرين مع كافة أطراف منظومة التجارة الداخلية وزراعة القطن، بما يساهم في تحسين وضع المنظومة ككل.
وانتخب البساطي رئيسًا لاتحاد المصدرين في يناير الجاري، وهو صاحب خبرة في قطاع تجارة الأقطان منذ 25 عامًا، وسبق أن تولى رئاسة الاتحاد في 2010.
وإلى نص الحوار
ما هي مهام اتحاد مصدري الأقطان واستراتيجية عمل المجلس الجديد؟
تأسس اتحاد مصدري الأقطان بقانون 211 عام 1994 باسم مختلف لأنه كان مؤسس قبل ذلك بـ 75 عاما، وتأسست لجنة تجارة القطن في الداخل، على أن يكون المُصدر مسجلا في اللجنة والاتحاد، يبلغ عدد شركات التجارة الآن 280 شركة لتجارة القطن في الداخل و70 شركة للتصدير.
أحد أهم مهام الاتحاد هي التحكيم، لأن تجارة القطن هي مبالغ كبيرة تتحرك لهوامش ربح قليلة جدا، وحالات التقاضي العادية في النزاعات تأخذ وقتا وهذا قد يؤدي لحالات إفلاس، فالعالم توصل إلى أسلوب التحكيم من خلال 18 اتحادًا في العالم تحت مظلة تسمى "سيكا" معترف بهم دوليًا ومن ضمنهم الاتحاد المصري.
من خلال الاتحادات، توثق كل التعاقدات بين المشتري والمصدر، وإذا نشأ نزاع يتعلق بإمدادات أو توقيت الشحن أو الدفع، يلجأ إلى الاتحاد الذي يشكل لجنة تحكيم ويخرج بحكم ابتدائي ثم استئنافي نهائي ويمكن تنفيذه بصيغة تنفيذية من القضاء المحلي، وتعمم التحكيمات للسيكا وكافة الاتحادات التابعة. إذا امتنع أي طرف عن التنفيذ يوضع في قائمة سوداء سواء بشركته أو الشركات التي ترتبط به، وهذا يمنع التعاون معه في أي مكان في العالم.
إضافة إلى ذلك للاتحاد مهام الترويج لمنتج بلده ووضع سياسة المنظومة القطنية وهي منظومة أشمل وأعم من فكرة التجارة، ونحن نركز على هذه المهمة حاليا لأننا نرى الأطراف تعمل في جزر منعزلة دون تنسيق، كاتحاد نأمل أن نعود لدورنا مرة أخرى، وأن يكون هناك دائرة صنع قرار ما يختص بالمنظومة كلها، وأن نعمل بالتنسيق مع لجنة تجارة القطن بالداخل كفريق عمل.
هل من صلاحيات الاتحاد التدخل في التسعير؟
ليس من حق الاتحاد التدخل في تسعير الأقطان، قصة تسعير القطن كانت مرتبطة بالنظام الاشتراكي عندما كانت الزراعة إجبارية والمشتري واحد وهو الحكومة، ورغم أن مصر كانت اللاعب الأهم في العالم وكان يمكنها تحديد السعر وفقا للحصيلة الدولارية التي تحتاجها، لكن هذا جعل المستهلكين يفكرون في طريقة للتعامل مع هذا الأمر، واكتشفنا أن تسعير القطن، أثبتت ضرر أكبر من نفع، وعلى مدى سنوات تطورت المعدات لتحقيق أعلى كفاءة إنتاجية من الأقطان الأقل مزايا من القطن المصري، كما عملت أمريكا على تطوير سلالة قطن البيما الذي أصبح ينافس القطن المصري.
ما هو البيما الأمريكي؟
البيما الأمريكي أصله بذرة مصرية من منطقة ميت عفيفي وكان اسمه قطن مصري أمريكي حتى الثمانينات وكانت لتبادل البحث وليس الزراعة التجارية، ومع وضع مصر لشروط تسعير وأحيانا وقف تصدير مفاجئ، قررت أمريكا زراعة القطن ومعالجة مشكلاته وتقليل الشوائب، وعلى مدى السنوات تم تطويره والترويج له فأصبح الأن سعره أعلى من القطن المصري.
ما حجم القطن المصري من استهلاك وإنتاج العالم؟
إجمالي الإنتاج العالمي والاستهلاك من الأقطان يتراوح بين 24 و 25 مليون طن، بينها من 400 إلى 600 ألف طن فقط في دائرة القطن طويل والطويل الممتاز، ويمثل القطن المصري الطويل والطويل الممتاز من 1.5 إلى 2% من إجمالي الإنتاج العالمي.
كانت مصر تستحوذ على 85% من حجم إنتاج هذا النوع وكانت اللاعب الأساسي قبل 50 عاما، الآن أصبح عدد المنتجين 8 مناشئ وأصبحت حصة مصر تتراوح ما بين 27 و28% سنويا.
لماذا تراجعت حصة مصر من القطن الممتاز؟
بشكل عام تراجعت حصة الاستهلاك العالمي من القطن طويل التيلة، مع تطور المعدات والماكينات المنتجة للغزول، وأصبح ممكنا إنتاج غزول رفيعة من مواد خام "أقطان" أقل كفاءة من القطن الطويل، وهي الأقطان المتوسطة.
وتنقسم أنواع الغزول إلى ثلاث فئات وهي سميكة أو متوسطة أو رفيعة، وتعد الرفيعة هي الغزول التي تنتج من القطن المصري، لكن تمكن المنتجون من الحصول على نمر رفيعة من الغزل من البيما الأمريكي الذي يتمتع بشوائب أقل.
في مصر كان لدينا مشكلات تتعلق بالزراعة البدائية والجني اليدوي حيث يشترك 12 عاملا في جمع القنطار باستخدام أكياس بها شوائب، ما يسبب ظهور عيوب كبيرة في الأقمشة لدى صباغتها، ولا تظهر في مراحل الغزل الأولى أو استخدامه في اللون الأبيض.
كذلك تفتت المساحات الزراعية، حيث إنتاج القطن المصري كله يأتي من خلال 300 ألف مزارع في المتوسط بمساحات 1.5 فدان مقارنة بأن انتاج أمريكا يتم من خلال 40 عائلة مساحات 3 آلاف فدان في المتوسط.
ساهم أيضا ارتفاع تكلفة الزراعة وظهور محاصيل أعلى قيمة اقتصاديا في تراجع المساحات، فمنذ تحرير تجارة القطن في 1994 أصبح الفلاح حرا ويزرع المحصول الذي يحقق له مكاسب اقتصادية، خاصة في وقت زادت قيمة استئجار الأراضي لغير المالكين، وارتفاع تكلفة عمالة جمع القطن التي كانت تصل في التسعينات ما بين 6 و 8 جنيهات لليوم أصبحت 120 جنيها لليوم، وبلغ تكلفة جمع القنطار ألف جنيه قبل التعويم فيما يبلغ سعر القنطار ألفي جنيه.
كذلك خلال السنوات الماضية، تم رفع الدعم الذي كانت تقدمه الدولة للفلاح على مدخلات الزراعة، كما أن الإنتاجية من الزراعة التقليدية منخفضة جدا مقارنة بالمنافسين في محصول القطن طويل التيلة والطويل الممتاز، حيث يبلغ إنتاج الفدان 5.3 قنطار زهر، مقارنة بإنتاج كاليفورنيا بـ 18 قنطار للفدان و إسرائيل 20 قنطار للفدان.
هل ما زال أمام القطن المصري فرصة للنمو؟
رغم تراجع إنتاج مصر من الفئة الأساسية وهي القطن الطويل الممتاز من عائلة البارابادوس إلى 3 أو 4% من إنتاج مصر، وظهور فئات فرعية هي طويل ممتاز وطويل وطويل متوسط، والتي تسببت في انخفاض سعر القطن المصري أمام البيما، إلا أنه لا يزال لدينا ميزة تنافسية، ولا يزال القطن المصري لديه سمعة عالمية تضاهي شهرة الأهرامات، يمكننا البناء عليها، لأن خصائص القطن المصري الطويل الممتاز في حال خفض الشوائب يتم تقييمه أعلى من البيما أو باقي الأصناف التي تزرع في مصر حاليا، لأنه أكثر متانة في الغزول الرفيعة.
هل تحتاج مصر لزيادة المساحات المزروعة من القطن؟
المساحة المزروعة هي أقل مشكلة تواجه مصر، وأنا لست مع زيادة المساحة الزراعية في المطلق، لأن زيادة المحصول تعني أن الأسعار تقل، لكن علينا أن ننظر للفرص الأخرى البديلة في العالم لأن السوق هو من يحدد القيمة العادلة من خلال العرض والطلب.
علينا أن نفكر هل هناك حاجة عالمية لزيادة الكمية المعروضة من هذه السلعة أم لا، إضافة إلى موقف شركات التجارة التي اشترت القطن من الفلاحين هل تمكنت من بيعه أم لا حتى لا يتراكم مخزون.
خلال السنوات الماضية تراجعت المساحات التي كانت تزرع في مصر، لكن على الجانب الآخر هناك دول غطت هذا الاحتياج وبالتالي فحجم المعروض حاليا يغطي الاستهلاك العالمي مع وجود مخزون استهلاك لمدة 10 شهور، وهو أمر مهم دراسته قبل التحرك لزيادة المساحات.
على وزارة الزراعة ألا تصرف بذورا للفلاحين لزراعة مساحات أكبر، لأنه إذا انخفضت الأسعار العام المقبل ستخلق أزمة في السوق، وكذلك لا نريد خفض الإنتاج، على الأقل يمكننا الحفاظ على المساحات الحالية أو أن تكون زيادة طفيفة ومحسوبة، ليكون لدينا سياسة استقرار والحفاظ على المشتري.
من هم أبرز المشترين من القطن المصري؟
أكبر مشتري للقطن كانت الهند بلا منازع بـ 57 إلى 60% من إجمالي الصادرات، ثم تأتي باكستان والصين بشكل تبادلي، لكن الصين أصبحت تعتمد على البيما الأمريكي أكثر ومع سنوات قد لا يشتري قطن مصري، وإجمالا بلغت صادرات مصر من القطن الموسم الماضي (2020- 2021) نحو 87 ألف طن، بقيمة إجمالية نحو 237.4 مليون دولار.
اقرأ أيضا:
رئيس اتحاد القطن: تراجع حجم تعاقدات التصدير رغم ارتفاع الأسعار الموسم الحالي
بعد قفزة أسعار القطن.. هل ينصح رئيس اتحاد المصدرين بالتوسع في الزراعة؟
فيديو قد يعجبك: