تبدأ غدًا.. كيف تمول الحكومة عجز الموازنة في السنة المالية الجديدة؟
كتبت- شيماء حفظي:
تبدأ غدًا الجمعة السنة المالية الجديدة 2022-2023 في مصر، والتي تتحمل فيها الحكومة عجزًا أكبر من حيث القيمة مقارنة بالعام المالي الجاري، يضعها تحت ضغوط البحث عن مصادر لتمويله وسط تقلبات الاقتصاد عالميا.
وتتوقع الحكومة ارتفاع العجز الكلي في السنة الجديدة إلى 558 مليار جنيه، مقابل 475.5 مليار جنيه خلال العام الجاري ليبلغ 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبين خيارات التمويل، يطفو صندوق النقد الدولي وبرنامجه المتوقع إلى الواجهة كحل رئيسي، لكن يبقى الاعتماد الأكبر على الاقتراض المحلي، وفقا لما قاله الخبير الاقتصادي هاني جنينة لمصراوي.
فيما تسعى الحكومة لدعم جزء من احتياجاتها التمويلية من خلال جذب استثمارات دولارية عبر خصخصة حصص في شركات وأصول مملوكة للدولة، في وقت تحقق الدول الخليجية فوائض مالية نتيجة ارتفاع أسعار النفط.
أموال الخليج
يقول وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق، لمصراوي، إن الوزارة تطرح الفرص الاستثمارية على المستثمرين الأجانب بما فيها الصناديق السيادية العربية ورجال الأعمال نظرًا للحاجة لتوفير الدولار.
وتعتزم الوزارة طرح حصة بين 20- 30% من شركة جديدة يتم تأسيسها لتضم عدة فنادق حكومية على المستثمرين، إضافة لعدد من المشروعات العقارية والفندقية.
"الأولوية للمستثمر الأجنبي لأن الهدف الأساسي هو توفير دولار، هذه مساهمتنا في مشروع أكبر لجذب الاستثمارات الأجنبية وتواجد أكبر للقطاع الخاص وخاصة الأجنبي وهو التصور الذي طرحته الحكومة في وثيقة ملكية الدولة" بحسب توفيق.
كان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، طرح الشهر الجاري، وثيقة ملكية الدولة للحوار المجتمعي، معلنًا القطاعات التي تنوي الحكومة التخارج منها جزئيًا أو كليًا لإعطاء مزيد من المساحة للقطاع الخاص وزيادة مساهمته في الاقتصاد.
وتستهدف الحكومة جمع 10 مليارات دولار سنويًا من خلال تسييل الأصول المملوكة لها، بإجمالي 40 مليار دولار خلال 4 سنوات.
وإضافة لذلك، أعلنت السعودية عن وديعة جديدة بقيمة 5 مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري في أواخر مارس الماضي، فيما وقعت مصر والسعودية اتفاقات (أغلبها بين شركات قطاع خاص) بقيمة 7.7 مليار دولار الشهر الجاري.
واستحوذت مجموعة القابضة ADQ الإماراتية على حصص في 5 شركات مصرية مقابل نحو 2 مليار دولار في أبريل، فيما تعهدت السعودية بقيادة استثمارات بقيمة 30 مليار دولار لمصر، إضافة لاستثمارات قطرية في الطريق.
صندوق النقد
يتفق هاني جنينة، مع وزير قطاع الأعمال على أن طرح الأصول الحكومية على المستثمرين الأجانب في هذا الوقت "ملائم أكثر" بالنظر لحاجة الدولة لتوفير الدولار، لكنه يرى أنه على المدى الطويل قد يساهم القطاع الخاص المحلي في هذه الشراكات.
لكن هل تكون استثمارات الأجانب في الشركات المصرية كفاية لدعم الموازنة، يجيب جنينة أن "هذا قد يوفر جزءا معتبرا من هذا الدعم، إلى جانب خطوات أخرى، لكنها تحمل مخاطرة في حالة عدم إعادة استثمار أرباح المستثمرين مرة أخرى وتحويلها إلى الخارج والذي سيكون له تأُثير سلبي بالتأكيد على ميزان المدفوعات".
ويشير جنينة إلى أن أموال الخليج لا تعد الخطوة الرئيسية الوحيدة في تمويل عجز الموازنة الذي ستحتاج الحكومة لسلك أكثر من طريق لمحاولة تخفيف أعبائه.
"نبدأ أولا بترشيد بند الدعم ونحن نتحدث بشكل أولي عن دعم الخبز، إذا تمكنت الحكومة من ترشيد فاتورة دعمه سيخفف من العجز"، بحسب جنينة.
ويضيف أن التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي من شأنه أن يخفف أيضا من عجز موازنة السنة المالية "أتوقع أن يكون الصندوق مصدرا رئيسيا جدا، وأعتقد أن قيمة القرض لن تقل عن 10 مليارات دولار، خاصة في ظل أن لدينا مشاكل تمويلية والتزامات كبيرة تتراوح بين 15 و20 مليار دولار مطلوب سدادها في الستة شهور المقبلة".
لكن القرض بهذه القيمة لن تحصل عليه مصر مرة واحدة ولكن من خلال شرائح على فترات زمنية، "وهذا يعني أنها ستحصل على جزء منه فقط خلال السنة الجديدة، بما قد يغطي نحو 20% من العجز" بحسب جنينة.
وبعد ذلك سيكون على الحكومة طرح سندات بالعملات الأجنبية في الأسواق الدولية، ويمكن اعتبار أن مصادر الدين الخارجي متمثلة في الخليج وصندوق النقد والسندات، ستؤمن نحو ثلث عجز الموازنة، وفقا لجنينة.
ماذا بعد؟
يرى هاني جنينة، أنه بعد كل هذه الخطوات ستكون الحكومة مضطرة لتمويل نحو ثلثي عجز الموازنة من خلال الدين المحلي، وهو ما سيدفعها عند نقطة ما لرفع أسعار الفائدة المقدمة للبنوك في العطاءات المحلية، والذي يمكن أن يجذب شهية مستثمري الأموال الساخنة مرة أخرى.
تقبل وزارة المالية، حاليا، كميات قليلة للغاية من الطلبات المقدمة من البنوك والمستثمرين لشراء أذون خزانة في عطاءاتها بسبب ارتفاع متوسطات أسعار الفائدة المقدمة.
لكن جنينة يرى أن "الحكومة ستضطر في النهاية إلى رفع تدريجي لأسعار الفائدة داخليا، لكنها ستلجأ إلى تغيير هيكل الطرح لتعتمد على أذون الخزانة بشكل أكبر، ولمدد زمنية قصيرة على أمل انخفاض الفائدة مرة أخرى".
وأذون وسندات الخزانة أو كما يطلق عليها (أدوات الدين المصرية) يطرحها البنك المركزي بالنيابة عن وزارة المالية بشكل دوري أسبوعيًا مقابل نسبة فائدة بهدف مساعدة الحكومة على سداد مصروفاتها وهي إحدى الأدوات المعمول بها في دول العالم، لسد العجز بين الإيرادات والمصروفات.
فيديو قد يعجبك: