نقاط خلاف.. لماذا تأخرت مصر في الاتفاق الجديد مع صندوق النقد؟
كتبت- شيماء حفظي:
تتفاوض مصر مع صندوق النقد الدولي للاتفاق على برنامج للإصلاح الاقتصادي يصاحبه تمويل، تقدمت إليه منذ مارس الماضي، بينما تظهر المؤشرات أن المفاوضات لا تسير في شكلها الأمثل.
وطلبت مصر دعمًا من الصندوق لتنفيذ برنامجها الاقتصادي الشامل، في نهاية مارس بعد نحو شهر من اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، والتي رفعت أسعار السلع والطاقة وخاصة البترول والقمح الذي تعد مصر أكبر مستورد له.
يصف صندوق النقد، الأزمة الروسية الاوكرانية بأنها تسببت في تداعيات وبيئة اقتصادية ضغطت على جميع البلدان وأنتجت تحديات على الاقتصادات وبينها مصر، ولهذا خفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي.
لكن الصندوق يرى أنه للتخفيف من تداعيات الحرب على الدول، فإن على حكومات البلاد المتضررة، ومن بينها مصر، اتخاذ مجموعة من تدابير الاقتصاد الكلي والسياسات الهيكلية من شأنها أن تخفف من تأثير هذه الصدمة وتحمي الضعفاء وتحافظ على مرونة الاقتصاد وآفاق النمو على المدى المتوسط.
لكن تصريحات مسؤولين من الجانبين تشير إلى أن الاتفاق ربما يستغرق وقتًا لإتمامه، بالنظر لما يصفه خبراء بـ "طلبات متشددة" من الصندوق ربما لا توافق عليها الحكومة.
خلال زيارته إلى ألمانيا في يوليو، طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي من أوروبا التوسط لمصر لدى صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض لم تحدد قيمته بعد.
وقال السيسي، في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني: "منقدرش نعمل زي أوروبا إن الأسعار تنعكس على المواطن لأن ده لو حصل في مصر هيحصل مشكلة كبيرة جدا هيعمل تضخم لا يتحمله المواطن وهنا حالة عدم الاستقرار هتبقى على المحك".
وتابع: "اللي بنطلبه من أصدقائنا في أوروبا يعاونوننا في هذا الوضع لإيصال رسالة لمؤسسات التمويل الدولية زي صندوق النقد أو البنك الدولي بأن الواقع الموجود في بلادنا لا يحتمل المعايير المعمول بها خلال هذه المرحلة وحتى تنتهي هذه الأزمة".
كانت الولايات المتحدة أعلنت في بيان مشترك هذا الشهر أنها تساند مصر في مسعاها للحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي، مشيدة بالمشاورات الجارية حاليًا بين مصر وصندوق النقد الدولي.
وفي مؤتمر صحفي هذا الأسبوع قالت بيتيا كوفا بروكس، نائب مدير قسم البحوث الاقتصادية بصندوق النقد الدولي إن مصر طلبت مساعدة من صندوق النقد الدولي وإن بعثة زارت مصر نهاية الشهر الماضي، وعقدت لقاءات مع السلطات المصرية والتفاوض لا يزال مستمرًا مع الحكومة المصرية.
لكن في مراجعته للاقتصاد المصري هذا الأسبوع، قال صندوق النقد إن مصر بحاجة لإجراء "تقدم حاسم" في الإصلاحات الهيكلية والمالية.
الإصلاحات الهيكلية التي يشير إليها الصندوق تتمحور وفقا لما قاله الخبير الاقتصادي هاني توفيق حول خفض الدعم.
وقال توفيق على صفحته على فيسبوك عن الإجراءات المطلوبة من مصر: "روشتة إصلاح هيكلي سابقة التجهيز من جانب الصندوق بترشيد الدعم وخفض العجز المالي واستئناف برنامج الخصخصة، وغيرها من الشروط والطلبات التي تهدف الى سداد ديوننا - فقط - عن طريق السيطرة على الدعم وعجز الموازنة وسعر العملة والتضخم".
وأضاف توفيق: "أرجو ألا نكتفي من قرض الصندوق بما يكفي فقط لسداد مديونيتنا، بل أرجو أن نستغل قرض الصندوق، وما يعقبه من تخفيف حدة وضخامة الدين الخارجي، في العمل على بدء حزمة من الاستثمارات الخارجية من صناديق سيادية ومؤسسات دولية لتمويل المكون الأجنبي في مشروعات صناعية وزراعية، سواء كانت مشروعات جديدة، أو في شكل توسع في مشروعات ناجحة قائمة، وطبقاً لمعايير وأولويات أهمها: لا اقتراض جديد إلا لمشروعات إنتاجية ذات جدوى اقتصادية مؤكدة".
تسعى الحكومة للاتفاق على برنامج الإصلاح الاقتصادي، ليس فقط من أجل التمويل، وفقا لما قالته جيهان صالح المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء، لكن أيضا لأنه يمثل دعما في جذب الاستثمارات "ليس مهم قيمة القرض لكن مهم أن يكون معنا دعم من المؤسسات الدولي لجذب الاستثمارات".
وبينما تتوقع بنوك استثمار أن تتضمن الإصلاحات التي يطلبها الصندوق مزيدا من تخفيف فاتورة الدعم في الموازنة والتي قد تتضمن تحرير سعر الخبز المدعم لتقليل فاتورة دعمه، قالت صالح في حوار تلفيزيوني إن هذا غير صحيح والحكومة لن تقبل بشروط قاسية على المواطن في الاتفاق.
وتعمل الحكومة على الوصول لحلول للنقاط الخلافية في المفاوضات الدائرة مع الصندوق، حيث قال محمد معيط وزير المالية في تصريحات تليفزيونية أمس: "مثل أي محادثات، دائما هناك وجهتا نظر واتفقنا على بعض النقاط واختلفنا على نقاط أخرى. هناك تقدم جيد جدا ونناقش النقاط المتبقية".
ويأمل معيط أن تصل الحكومة إلى اتفاق على البرنامج مع الصندوق قبل ديسمبر 2022، بحسب ما ذكره أمس.
فيديو قد يعجبك: