هل يوافق صندوق النقد لمصر على الشريحة الثانية للقرض رغم التضخم والدولار؟
كتبت- شيماء حفظي:
يجري صندوق النقد الدولي، خلال الشهر الجاري، المراجعة الأولى للاقتصاد المصري، للموافقة على ضخ الشريحة الثانية من القرض، والتي يتوقع أن تبلغ 347 مليون دولار.
وبينما يواجه الاقتصاد المصري تحديات تتعلق بسعر الصرف، والتضخم المرتفع، يُتوقع أن يوافق الصندوق على الشريحة الثانية في ظل "تعهدات" حكومية باستكمال الإجراءات التي تحد من التضخم وتضمن مرونة سعر الصرف.
والحد من التضخم، ومعالجة تشوهات سعر الفائدة، وإلغاء الفائدة المدعمة، والتحول نحو سعر صرف مرن يعكس الطلب والعرض ولا يعتمد على دعم سعر العملة المحلية على حساب الاحتياطي الأجنبي، وخفض دعم الموازنة العامة للدولة، هي طلبات لصندوق النقد الدولي، الذي وقع اتفاقا مع مصر بتمويل 3 مليارات دولار في ديسمبر الماضي.
نظرة على الاقتصاد المصري
قال فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، لمصراوي، إن الصندوق "بالطبع" سيوافق لمصر على الشريحة الثانية، وذلك لعدة أسباب.
وأضاف: "بالنظر إلى 8 مؤشرات للاقتصاد الكلي، وهي: النمو، والتشغيل والتضخم وعجز الموازنة والدين العام والاحتياطي الأجنبي وسعر الصرف وميزان المدفوعات، 6 منهم شغالين كويس ماعدا التضخم المتسارع وسعر الصرف"، وفقا للفقي.
وتتوقع الحكومة أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 4.2% بأعلى من تقديرات الصندوق للعام المالي الجاري بنحو 0.2%، وانخفض عجز حساب المعاملات الجارية خلال الربع الأول من العام المالي 2022-2023، وتضاعفت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر.
وخلال فبراير ارتفع احتياطي النقد الأجنبي لمصر إلى 34.35 مليار دولار مقابل 34.22 مليار دولار في نهاية يناير.
ويقول هاني جنينة، المحلل الاقتصادي والمحاضر في الجامعة الأمريكية، لمصراوي، إن التضخم وسعر الصرف لا يزالان عقبة في الطريق: "..فيه مستهدف تضخم 16% آخر مارس وإحنا بعيد عنه وفيه مستهدف لتحرير سعر الصرف ولسه الجنيه مدار إلى حد ما".
التضخم المتسارع
قفز معدل التضخم السنوي في المدن المصرية خلال فبراير الماضي لمستويات تاريخية- مسجلا أعلى مستوى في خمس سنوات ونصف - إلى 31.9% في فبراير من 25.8% في يناير 2023، كما وصل معدل التضخم الأساسي إلى رقم قياسي عند 40.3% خلال فبراير.
ويقول الفقي، وهو أيضا أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ـ جامعة القاهرة، ومساعد مدير تنفيذي سابق بصندوق النقد الدولي، إن هذين المؤشرين (التضخم وسعر الصرف) لا تزال الحكومة تعمل عليهما، ويمكنها أن توضح خطواتها المرتقبة للصندوق والذي يتوقع أن يتفهم ذلك.
وأشار الفقي، إلى أن التضخم المتسارع وهو "تحت السيطرة وإن كان خارج مستهدف البنك المركزي" حيث بلغ متوسط التضخم السنوي خلال عام 2022 سجل نحو 13% ومتوقع أن تنكسر حدة متوسط التضخم مع يونيو المقبل وأن يصبح قريبا من أرقام ما قبل الأزمة، على أن يبدأ رحلة التباطؤ في النصف الثاني من العام على أن يسجل رقما أحاديا ويصل لـ 7% في يونيو 2024.
وقال إن البنك المركزي اتخذ طريقه نحو التشدد في رفع سعر الفائدة لكسر حدة التضخم وهذه هي معركته الأساسية، "إنت كمان قللت مبادرات خفض أسعار الفائدة وكل دعم سعر الفائدة تم إلغاؤه".
وفي نوفمبر الماضي، أوقف البنك المركزي 5 مبادرات للفائدة المدعمة، والتي أطلقها لدعم قطاعات مختلفة في الاقتصاد، ورغم استمرار بعض المبادرات لكن قيمة الدعم المقدم منها ستتحمله الحكومة والموازنة بدلا من البنك المركزي.
وقد يتعهد المركزي للصندوق خلال المباحثات برفع سعر الفائدة في جلسة 30 مارس، والتي تشير التوقعات بـ "رفع أكبر من 1% وقد يصل إلى 3% رفع للفائدة"، إذا اتفق الجانبان على أن هناك حاجة ملحة لذلك.
وفي محاولة لتقليل أثر التضخم، أقرت الحكومة حزمة للحماية الاجتماعية، وزيادة المرتبات والمعاشات، وتبكير صرف هذه الزيادة إلى أبريل، ومحاولة التخفيف الأعباء عن المواطنين بتوفير سلع مخفضة.
سعر الصرف
يشير الفقي إلى أن مرونة سعر الصرف في مصر، تعد أحد البنود الشائكة في محادثات الصندوق، رغم إعلان البنك المركزي التزامه بها، لكن بنوك الاستثمار العالمية تتوقع ارتفاع سعر الدولار على المدى القصير.
وسمح البنك المركزي بانخفاض سعر الجنيه أكثر من مرة خلال الشهور الماضية، ما يعكس الطلب المتزايد على الدولار مقارنة بالعرض، وارتفع سعر الدولار إلى مستوى فوق 30 جنيهًا من مستوى 15 جنيهًا في مارس 2022.
ويقول الفقي إن الالتزام بمرونة سعر الصرف "اختبار مهم للبنك المركزي.. منزلتش ولا دولار من الاحتياطي للسوق بما انعكس على مرونة سعر الصرف، وظهور السوق السوداء هو دليل على أن المركزي لم يتدخل".
وأشار إلى أن هناك إجراءات أخرى لدعم الموارد الدولارية منها تدفقات من الصندوق نفسه، إلى جانب طروحات واستثمارات أجنبية مباشرة مرتقبة.
التوصل لاتفاق
يرى الخبيران أن التوصل لاتفاق لصرف شريحة القرض "ممكن" لكن لا تزال الحكومة في حاجة لتسريع بعض الإجراءات، أو التعهد بتسريعها.
ويقول هاني جنينة، إن الحكومة أجلت زيادة سعر السولار في قرار لجنة تسعير الوقود الشهر الجاري، فيما لا نزال ننتظر تنفيذ صفقات بيع الأصول والتي تعد مصادر دولار مهمة.
"فيه مستهدف رفع أسعار المحروقات (بما فيها السولار) و تم تأجيل السولار وفيه مستهدف بيع أصول بمليار دولار قبل آخر مارس و لسه منتظرين. فهناك بعض الأمور محتاجة سرعة" وفقا لجنينة.
وقررت الحكومة رفع أسعار البنزين بنسبة كبيرة في اجتماعها مارس الجاري، فيما تخطت نسبة زيادة سعر البنزين 92 النسبة المقررة في معادلة التسعير التلقائي 10% لتعويض الفترات التي لم ترفع فيها الأسعار بالحد الأقصى، لكنها رغم ذلك أبقت على أسعار السولار دون تغيير.
ويرى فخري الفقي، أن الحكومة يمكنها أن تؤجل تنفيذ خطوة أو خطوتين من قرارات "لا يمكنها تمريرها مرة واحدة، خاصة فيما يتعلق بالدعم".
وأضاف أنه يمكن للحكومة أن تشرح ذلك للصندوق "يعني أنا مش عاوز الدعم يزيد، فنزود بشكل أكبر شوية على المقتدرين أكثر، في مقابل تخفيف العبء عن الشريحة الأكبر من المواطنين بعدم رفع السولار".
وأشار الفقي إلى أن ذلك لا يعني أن الصندوق قد يحجم عن صرف الشريحة الثانية، مضيفا: "ممكن الحكومة تتوصل لاتفاق مع الصندوق أن يكون فيه إرجاء أي خطوة تشعر الحكومة بأنها لا يمكن تمريرها مرة واحدة".
فيديو قد يعجبك: