لماذا تأخرت الحكومة في إعلان أسعار البنزين الجديدة وما التوقعات؟
كتب- أحمد والي :
أرجع خبيرا بترول تأخر الحكومة في الإعلان عن أسعار البنزين والسولار للربع الحالي والتي كان من المفترض إعلانها في بداية يوليو الماضي إلى أن القرار السياسي الذي قد يرى أن الحالة الاجتماعية والمعيشية للمواطنين لم تكن تتحمل زيادات جديدة في الأسعار خلال الأسابيع الأخيرة.
ويتوقع الخبيران، اللذان تحدث مصراوي إليهما، أن تتخذ الحكومة قرارا برفع أسعار البنزين (وربما السولار) في وقت لاحق من الربع الحالي، وذلك ضمن متطلبات برنامج الإصلاح الاقتصادي وللاقتراب من مستوى التكلفة خاصة مع الهبوط الحاد الذي شهده سعر الجنيه منذ مارس 2022.
وتعقد لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية التابعة للحكومة اجتماعا كل 3 أشهر (من المفترض أن يكون في الأسبوع الأول من شهور يناير وأبريل ويوليو وأكتوبر من كل عام) لتحديد مصير أسعار الوقود، لكن انعقاد هذا الاجتماع قد يتأخر أحيانا ليعقد في أي وقت من الشهرين التاليين خلال نفس الربع.
ويأتي ذلك بعد أن رفعت اللجنة سعر لتر السولار جنيها واحدا في مايو الماضي، وكذلك رفعت أسعار البنزين في مارس بين 75 قرشا وجنيه للتر الواحد، في آخر اجتماعين لها.
وبعد هذه الزيادات، وصل سعر لتر السولار إلى 8.25 جنيه، ووصل سعر لتر بنزين 80 إلى 8.75 جنيه، ولتر بنزين 92 إلى 10.25 جنيه، ولتر بنزين 95 إلى 11.50 جنيه.
أسباب سياسية للتأخر
قال مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، لمصراوي، إن قرار لجنة التسعير التلقائي في الفترة الحالية أصبح قرارا سياسيا مرتبطا بالظروف الاجتماعية، ونظرة القيادة السياسية لوضع الأعباء المعيشية للمواطن المصري خاصة في ظل حالة التضخم المرتفع التي تعاني مصر منها، وهو ما قد يكون سبب تأخر القرار حتى الآن.
ويتفق الدكتور رمضان أبو العلا، الأستاذ بكلية هندسة البترول بجامعة السويس، مع مدحت يوسف، على أن تأجيل قرارات أسعار البنزين والسولار للربع الحالي حتى الآن يعود إلى أسباب سياسية، ونظرا للحالة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين التي قد لا تتحمل أي زيادة جديدة في الأسعار في الوقت الراهن.
ويأتي ذلك بعد أن واصل معدل التضخم السنوي في المدن تحطيم أرقامه القياسية مرتفعا إلى مستوى جديد في يوليو الماضي عند 36.5% مقابل 35.7% في يونيو، بينما انخفض معدل التضخم الأساسي بشكل طفيف ليبقى قرب مستواه القياسي الذي سجله في الشهر قبل الماضي، حيث سجل 40.7% في يوليو مقابل 41% في يونيو الماضي.
ويعتقد الدكتور رمضان أبو العلا أن التأخر في إعلان قرار لجنة التسعير التلقائي قد يكون إشارة بتوصيتها برفع الأسعار، بينما يتم دراسة تأثير مثل هذا القرار في حال اتخاذه على الشارع اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، خاصة أن الوضع في الأسابيع الأخيرة مع قفزة التضخم قد لا يحتمل أي زيادة جديدة في الأسعار.
وتراجع الحكومة أسعار المواد البترولية كل 3 أشهر من خلال اللجنة المشكلة بقرار من رئيس الوزراء منذ يوليو 2019، وذلك بناءً على تطورات الأسعار العالمية للبترول "متوسط سعر خام برنت خلال الربع السابق للقرار"، وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، بالإضافة إلى أعباء التشغيل داخل مصر، على ألا تتجاوز نسبة الزيادة أو الخفض 10% كحد أقصى.
كان سعر الدولار ارتفع بنسبة 96% مقابل الجنيه خلال الفترة من مارس 2022 حتى منتصف مارس الماضي، قبل أن يستقر على هذا المستوى الذي اقترب من 31 جنيها خلال الشهور الخمسة الأخيرة.
وشهدت حركة أسعار البترول تراجعا ملحوظا خلال الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بما كانت عليه في الربع الأول، خاصة في شهري مايو ويونيو، والتي تراوحت بين 70 و80 دولارا لبرميل خام برنت، لكن الأسعار زادت بشكل ملحوظ فوق مستوى 80 دولارا للبرميل في آخر 4 أسابيع، وهو ما قد يرفع احتمالات زيادة أسعار الوقود في ظل استهداف الوصول لمستويات التكلفة.
توقعات بزيادة البنزين
يتوقع مدحت يوسف أن ترفع الحكومة أسعار بنزين 92 و95 بما يتماشى مع متطلبات برنامج الإصلاح الاقتصادي، حتى ولو كانت نسب الرفع بسيطة، وذلك لكونها ترتبط بطبقات مستهلكين لديهم قدرات مالية عالية وكنوع من الالتزام النسبي لبرامج المراجعة.
ويرجح يوسف في المقابل تثبيت أسعار المنتجات البترولية المرتبطة بالمواطن مثل السولار، وأسطوانة البوتاجاز.
ويتوقع رمضان أبو العلا أن يشمل قرار لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية لهذا الربع زيادة أسعار البنزين مع احتمالية لرفع سعر السولار.
كانت مصر اتفقت مع صندوق النقد الدولي على التعاون في برنامج للإصلاح الاقتصادي مدته 46 شهرا، والذي وافق المجلس التنفيذي للصندوق في ديسمبر الماضي على دعمه بتمويل 3 مليارات دولار تصرف على شرائح.
وبحسب ما كشفت عنه وثائق الاتفاق المعلنة في يناير الماضي، تعهدت الحكومة المصرية بتنفيذ آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بشكل مستمر بما يعكس تحركات الأسعار العالمية للبترول في أسعار الوقود المحلي، وذلك ضمن برنامج التعاون.
وبحسب الوثائق، قالت الحكومة إنها ستمتنع عن خفض أسعار الوقود حتى يتم إلغاء دعم الوقود للمنتجات التي تغطيها الآلية (أي جميع المنتجات باستثناء غاز البوتاجاز والوقود للمخابز).
ورغم ذلك، تستهدف وزارة المالية زيادة مخصصات دعم المواد البترولية بنسبة 53% خلال العام المالي الجاري لتسجل نحو 119.4 مليار جنيه مقابل 78 مليار جنيه متوقعة للعام الماضي، وفقا للبيان المالي للموازنة العامة للدولة للسنة 2023-2024.
فيديو قد يعجبك: