لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

انتصار أكتوبر

12:22 م الأحد 09 أكتوبر 2011

بقلم: د. عمرو الشوبكى 

لم ينتصر الجيش المصرى عسكرياً فقط فى حرب أكتوبر ٧٣، ولم يرد الكرامة للشعب المصرى وللشعوب العربية بعبوره قناة السويس وتحريره جزءاً من أرض سيناء، إنما انتصر أيضاً حين استعاد تقاليده كجيش وطنى محترف حارب دفاعاً عن الوطن بشرف ونزاهة وقدم الشهداء، الذين روت دماؤهم الذكية أرض سيناء الطاهرة.

الجيش المصرى له مكانة خاصة فى نفوس المصريين، وأى محاولة للتشكيك فى وطنية هذا الجيش، وفى دوره التاريخى فى نهضة هذا البلد، منذ أن أسس «محمد على» الدولة المصرية الحديثة، أمر مرفوض من عموم المصريين، فقد ظل الجيش هو عماد الدولة منذ أسسها «محمد على» عام ١٨٠٥ حتى الآن.

ومع ذلك ظل دوره السياسى محل جدل، فقد أرسل الواقع المعاصر إشارات مختلفة عن قراءات أجيال أخرى من المفكرين المصريين العظام، كالدكتور أنور عبدالملك، حين كتب عن «الدولة التى يبنيها العسكريون»، حين ثبت أن مصر الناهضة هى التى يحميها العسكريون ويبنيها المدنيون.

إن جيش مصر السياسى صنع ثورة يوليو ٥٢ التى كانت جزءاً من تجارب التحرر الوطنى فى كثير من بلدان العالم، حتى وصلت إلى بلد مثل فرنسا، حين بايعت الجنرال «ديجول» لمواجهة أولاً الاحتلال النازى، ثم حكمها بعد ذلك.

وقد أخفقت تجارب التحرر الوطنى (على أهميتها وإيجابيتها فى سياقها التاريخى) أن تجلب الديمقراطية لكل الشعوب التى حكمتها وجاءت هزيمة ٦٧، ثم الثورات العربية، والإصلاحات التى شهدتها تركيا (بوضع الجيش تحت السلطة المدنية)، لتثبت استحالة نجاح نموذج الجيش السياسى، فى أن يبنى نهضة أى بلد ويجلب له الديمقراطية.

إن انتصار أكتوبر هو انتصار للجيش المهنى، ونكسة ٦٧ هى هزيمة للجيش السياسى، فكثير منا يعرف الأدوار السياسية التى لعبها المشير السابق عبدالحكيم عامر، والأخطاء الجسيمة التى وقعت فيها مؤسسات الجيش، حين تدخلت فى تفاصيل المشهد السياسى، فى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.

إن الطريق إلى أكتوبر بدأ بإعادة بناء الجيش المصرى على أسس مهنية منضبطة، أو بالأحرى إعادته إلى تقاليده الأولى التى قام عليها منذ تأسس بصورة حديثة فى عهد «محمد على».

إن الجيش الذى ضم قادة مثل: المشير أحمد أبوإسماعيل، والفريق سعد الدين الشاذلى، والفريق الجمسى، والمشير أبوغزالة، والشهيد الفريق عبدالمنعم رياض، كان لابد أن ينتصر فى حرب أكتوبر ٧٣.

وقد حافظ الجيش على تقاليده المهنية طوال عهدى السادات ومبارك، أى جيش مهنى ليس بداخله أحزاب ولا تيارات سياسية وليس له علاقة بالسياسة، وفجأة وجد نفسه مسؤولاً عن إدارة المرحلة الانتقالية، الأخطر فى تاريخ مصر بكل مشاكلها وتجاذباتها، فارتكب المجلس العسكرى أخطاء عديدة أثارت غضب كثير من المصريين، واعترض كثير من الشباب المخلص واحتج على سياسات المجلس العسكرى وأخطائه (ولا أقصد ناقصى الوطنية الذين يهينون الجيش ويسيئون له)، وبات خطر العودة للجيش السياسى يمثل أكبر عائق أمام نجاح تجربة التحول الديمقراطى فى مصر وخصماً من المعانى العظيمة لحرب أكتوبر.

إن انتصار أكتوبر هو انتصار لقيم الجيش المهنى الذى لا يلعب أدواراً سياسية، أما ما يجرى الآن من ضبابية ومن ألعاب سياسية واضحة أو خفية يقوم بها المجلس العسكرى، أمر يخصم من رصيد الجيش، ولا يحافظ على مكانته السامية فى قلوب المصريين.

إن عجلة التاريخ قد دارت، ولن يقبل المصريون بحكم عسكرى جديد، ولن يتنازلوا عن بناء نظام مدنى ديمقراطى، وبجيش مهنى محترم يفخر به كل المصريين، إذا ما ظل بعيداً عن الحكم والإدارة السياسية.

اقرأ أيضا:

هنا الجزائر

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان