بالصور.. انهيار عقارات الإسكندرية ''رعب يتجدد يوميا''
تحقيق - سرحان سنارة:
لا تكاد تمر أيام قليلة، إلا وتستيقظ مدينة الإسكندرية على كارثة اعتاد الكثيرون على سماعها، ربما يختلف المكان والزمان ولكن تبقى تفاصيلها واحدة، وهى الانهيار المتكرر لعقارات الثغر سواء المبنية منذ زمن أو الحديثة المنشأ.
ورغم وضوح أسباب انهيار تلك العقارات والتي من المفترض أن يكون سقوط عقار واحد فقط يدق جرس إنذار للجميع، الا أن تحرك المسئولين يقتصر فقط على استخراج جثث الضحايا من أسفل الأنقاض، دون البحث عن حل جذري للمشكلة التي باتت تهدد أرواح آلاف المواطنين بعروس البحر الأبيض المتوسط.
وتبقى حوادث انهيار 4 عقارات حارة البطارية بالمنشية والتي أدودت بحياة 19 شخص، وعقار الجمرك الذى تسبب في مصرع 4 أشخا ، وآخرهم انهيار مصنع حجر النواتية مثال حي على تفاقم تلك الكارثة.
29 ألف قرار إزالة
في البداية وقبل البحث عن أسباب تكرار تلك الكوارث كشف الدكتور أسامة الفولي، محافظ الإسكندرية السابق، عن أرقام وإحصائيات صادمة عن مخالفات البناء في الإسكندرية، قائلا إن غرفة عمليات محافظة الإسكندرية رصدت مخالفات بناء بمعدل 20 ألفا و349 مخالفة بناء منها 12 ألفا و300 مخالفة قبل ثورة 25 يناير و8 آلاف و49 مخالفة بعد أحداث ثورة يناير وحتي اليوم وهو ما تم رصده فقط، مؤكدا أنه تم تحرير 29 ألفا و669 قرار إزالة لتلك العقارات.
وأشار الفولي الى أن الكارثة التي شهدها حي الجمرك تهدد كل أحياء الإسكندرية لكثرة العقارات التي تم بناؤها بدون ترخيص في ظل إمكانيات المحافظة المحدودة وعدم توافر مساكن اقتصادية لنقل أصحاب العقارات المتهالكة إليها الأمر الذى يؤدى إلى استمرارهم في البقاء بها رغم حالتها الآيلة للسقوط.
المحافظ مسئول
وحول الشق القانوني، يقول المستشار أسامة كشك، رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، إن مسئولية انهيار أى عقار تقع أولا على صاحب العقار ثم المحافظ ورؤساء ومهندسي الأحياء، مطالبا بتقديم محافظ الإسكندرية للمحاكمة لتقاعسه في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة العقار وتنفيذ القانون وتواطئه في حماية المواطنين مما يعرضهم للموت لذلك يجب تقديمه لمحاكمة الجنايات.
وأضاف كشك أن القانون الحالي لمحاسبة المخالفين لا يكفى ويجب وضع تشريعات جديدة رادعة تنص على مصادرة العقارات التي تبنى بدون ترخيص والأرض التي تقع عليها أيضا بالإضافة الى معاقبة من يقوم بشراء أي وحدة سكنية داخل عقار غير مرخص، وكذلك منع شركات الكهرباء والمياه من توصيل المرافق للعقارات المخالفة.
جيولوجيا التربة
ويرجع الدكتور هشام سعودي، خبير التخطيط العمراني، تكرار انهيار العقارات بالثغر إلى قدم عدد كبير من مباني المحافظة وخاصة بالأحياء القديمة وغياب الصيانة الدورية لها مما يؤدى الى انهيارها، بالإضافة الى مساهمة حالة الفوضى التي أعقبت ثورة 25 يناير في إنشاء العديد من المباني المخالفة التي لم يراع فيها المعايير الهندسية للبناء.
وطالب سعودي بتكاتف جميع الجهات التنفيذية بالمحافظة لإزالة تلك المخالفات فورا حفاظا على أرواح المواطنين.
وعن مدى ارتباط نوعية التربة بانهيار عقارات الثغر.. يقول الدكتور ثروت عبد الفتاح، أستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة الإسكندرية، إن مباني المحافظة تقع على ثلاث نوعيات من التربة، ففي غرب الاسكندرية تربة جيرية وشرقها تربة طينية وأيضا رملية ولكنها ليست مشكلة في حدها ذاتها، قائلا إن الأهم هو وجود تقرير فني جيولوجي قبل الشروع في أية إنشاءات، حيث يجب أن تتوافق نوع الأساسات بنوعية التربة لضمان سلامة المبني.
وتابع عبد الفتاح قائلا: ''أخطر ما يهدد عقارات الثغر هو الضغط على شبكات الصرف الصحي وتسرب المياه إلى التربة يهدد بكارثة قد تهدد مئات العقارات''.
ويضيف الدكتور على بركات، نقيب المهندسين بالإسكندرية، إن غياب الشرطة والأمن بعد ثورة 25 يناير ساهم في بناء آلاف العقارات دون تراخيص أو أي قواعد إنشائية أو إشراف هندسي كما أن الانفلات الأمني حال أيضا دون تنفيذ قرارات الإزالة أو مواجهة تلك المخالفات التي حقق من ورائها المخالفين أرباحا طائلة حيث يحقق المخالفين أرباحا تقدر بمليون جنيه عن الدور الواحد.
ويشير بركات أنه في ظل غياب الأمن والمسئولية الاجتماعية لدى المخالفين نتوقع انهيار عقار كل صباح فالمخالفات مازالت مستمرة حتى هذه اللحظة ويتم بناء عقار كامل في 4 أيام فقط مما يعتبر جريمة قتل فعلية يسقط ضحاياها بعد شهور.
حلول وتوصيات
من جانبهم أوصي خبراء كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية بسرعة إزالة المنشآت غير الآمنة إنشائياً والتي تمثل خطر داهم على حياة سكانها وسكان المباني المتاخمة، والتعامل مع هذه المنشآت بالجدية التامة عن طريق لجنة إنشائية استشارية بالتعاون مع نقابة المهندسين .
وشدد أساتذة كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية علي ضرورة قطع جميع المرافق عن المباني المخالفة ومتابعة المباني تحت الإنشاء بحيث يتم قطع إمدادها بالمرافق مباشرة حال شروعها في المخالفة.
كما أوصت بحظر جميع التعاملات القانونية على العقارات المخالفة (الآمنة إنشائيا) وعدم النظر في الدعاوى القانونية المقامة بشأنها والاعلان عن ذلك في جميع وسائل الإعلام لحين استصدار تشريع بمصادرة هذه الوحدات أو فرض غرامة عليها تساوى قيمتها السوقية الفعلية.
قائمة سوداء للمخالفين
كما أوصت ورشة عمل جمعت الخبراء والمسئولين التنفيذين بالمحافظة لمناقشة الأزمة بإعداد سجل بالمباني المخالفة والمقاولين المخالفين (قائمة سوداء) بالأحياء وحظر التعامل عليها نهائياً، مع بضرورة البدء فوراً في عمل حملة إعلامية بكافة وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية لتحميل المسئولية كاملة لكل من يساهم بالتعامل بشأن العقارات المخالفة سواء بالبيع أو الشراء أو بالوساطة.
كما أوصت اللجنة بوضع ملصقات على كافة العقارات وفى جميع شوارع المحافظة لضمان وصولها لكافة شعب الاسكندرية، مع اعتبارها مسئولية جنائية لا تسقط بالتقادم، يتم التعامل معها بالطرق القانونية سواء بالإزالة أو المصادرة (في حالة عدم الاستدلال على المالك الحقيقي للعقار) ، أو بفرض غرامات باهظة.
وأشار الدكتور خالد السيد، وكيل كلية الهندسة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة بهندسة الإسكندرية، إلي مجموعة من التوصيات يمكن تنفيذها على المدى الطويل ومنها تسهيل الاجراءات اللازمة لاستخراج التراخيص فيما يتعلق بالهدم أو البناء أو الترميم أو التعديل مما يحفز جميع المتعاملين في سوق العقارات على التعاملات القانونية، وتشجيع الاستثمار العقاري البديل من قبل المحافظة داخل الاسكندرية وفى الامتداد الأفقى بمنطقة غرب الاسكندرية.
وطالب بتوفير مشروعات مناسبة لمحدودي الدخل وللشباب وتوفير ما يلزمها من طرق مواصلات سريعة ورخيصة ، كما أوصي بإصدار قرار من محافظ الاسكندرية بتوحيد الارتفاعات في مناطق الاسكندرية المختلفة طبقاً للقانون.
فيديو قد يعجبك: