''تميم البرغوتي'' يروي قصة دخوله غزة وعودته رغما عنه
كتبت – جهاد الشبيني:
بكلمات نُسجت بمشاعر الغضب والحنين والأسى، وعبارات تحمل في طياتها سخط على سياسات حكومية امتنع عن معارضتها، لتكون أقل شيء يقدمه لأهله في غزة، روى الشاعر الفلسطيني ''تميم البرغوتي'' قصة دخوله لقطاع غزة تضامنًا مع لأبناء بلده الأصل، في عدوان إسرائيلي أسفر عن مئة ونيف قتيل.
قال البرغوتي أنه دخل غزة مع المئات، ببطاقات شخصية، لأول مرة منذ عام 1967، وأن الحكومة المصرية ''خافت من منع مئات الشباب المنتمين لكافة الأحزاب والتيارات السياسية المصرية من الدخول؛ فيعتصموا وتطالب كل أحزابهم بفتح المعبر''.
وأوضح أن الحكومة المصرية اشترطت على حماس أن تعيدهم بعد فترة قصيرة من دخولهم، مشيرًا إلى أنهم أخذوا جوازات سفرهم ولم يعيدوها إليهم إلا عند الخروج، وأخبروهم أنهم إذا تأخر منهم واحد وبقيَ في غزة، فإن بقية الوفد سيُعلق في المعبر.
وأشار إلى أنهم ألزموهم بالبقاء في حافلات معدة لهم، معلقًا على ذلك بقوله: ''قدموا لنا سببًا مقنعا وهو تأميننا، رغم أننا لم نطلب تأمينًا ولم نأت إلى غزة تحت القصف ونحن نفكر في الأمان''.
عائد إلى بلدي
استأنف البرغوتي روايته، وقال: ''أخبرت السلطات في المعبر أنني فلسطيني، فأنا لست وافدًا متضامنًا، بل عائد إلى بلدي ولا يحق لأحد إخراجي، فلم يردوا لي الوثيقة التي دخلت بموجبها وبقيت لديهم، وقالوا لي إن هذا شرط الجانب المصري ولا يقدرون أن يستثنوني''.
وقال الشاعر الفلسطيني تميم أنه حين وصل إلى مستشفى الشفاء في غزة، أعرب عن رغبته في البقاء، وقال لهم: ''أنا لم آت للسياحة كقنديل وعبد السلام وغيرهم من أقماع السلطة العربية، أنا أريد البقاء حتى يفرج الله''.
وكان الشعور ذاته يحمله الغزيون، حيث أوضح البرغوتي أن المسؤولين في المسشفى وحكومة غزة ووزارة الصحة وحركة حماس أخبروه أن تلك هي رغبتهم أيضًا، واتصلوا بالمسؤولين عن المعبر ليخبروهم بأنه باق، وأن عليهم أن يعملوا اللازم.
لكنهم عادوا وأخبروا تميم بأن عودته وعودة الجميع كان هو شرط السلطات المصرية ليدخلوا غزة أصلًا، وأوضح البرغوتي: ''نظرًا لما تملكه سلطات المعبر المصرية ومن خلفها حكومة القاهرة والجهات السيادية المصرية من وسائل ضغط على غزة وأهلها، ونظرًا لحاجة القطاع إلى تعاون المصريين في شأن الجرحى الذين يستخدمون المعبر، فقد أخبرني المسؤولون في المستشفى أن السلطات الفلسطينية في المعبر تفضل أن تنفذ الشرط المصري''.
رب ضارة نافعة
تابع البرغوتي: ''كان من الممكن أن أرفض الذهاب، فلن تستطيع الحكومة في غزة إبعادي، ولن تستطيع مصر أن ترفض عودة مواطنيها'' وعلل تميم رد فعله بأنه لم يرد ''الضغط على أناس تحت القصف ويقودون المقاومة، وهم أدرى باحتياجاتهم''.
واستطرد الشاعر الفلسطيني: ''لو أن السلطات المصرية كانت هي من أخبرنا أننا لن ندخل غزة إلا يومًا وبضع يوم، لاعتصمنا في المعبر ولتحركنا في القاهرة، ولفعلنا كل ما بوسعنا، وأقمنا الدنيا وأقعدناها على رؤوسهم، حتى ندخل بلا شرط''.
واستكمل تميم روايته: ''السلطة المصرية ضغطت على حماس، فكان الفلسطينيون هم من أخذوا جوازاتنا، وهم من طلبوا منا المغادرة وهم مضطرون، فلم يكن ممكنًا أن نحتج عليهم وإنما جئنا لنساندهم''.
وعفى الشاعر الفلسطيني السلطات الفلسطينية في غزة من مسؤولية قرار إعادتهم، وأوضح: ''أجبرتهم السلطات المصرية على ذلك'' وأعرب عن غضبه إزاء السياسة المصرية التي تحدث عنها قائلًا: ''إنها مليئة بالجبن، جبن إغلاق المعبر، وجبن الكذب حين يقولون أنه مفتوح، وجبن اشتراط عودتنا من غزة بعد يوم وكأننا سياح، وجبن أن يفرضوا تنفيذ القرار على حماس حتى لا نستطيع نحن أن نعارضهم''.
وأشاد البرغوتي بالمقاومة الفلسطينية قائلًا: ''كل المجد للمقاومة الفلسطينية، ولقيادتها، وقلوبنا معهم وغضبنا لهم لا منهم، إنما غضبنا على من يبتزهم ويضطرهم إلى ما لا يريدون، وكل العار لهذا الحصار الذي ترعاه الحكومة المصرية حتى بعد الثورة''.
وانهى البرغوتي روايته، التي لم تتجاوز عشر فقرات، آملًا في العودة، حيث قال: ''نحن عائدون إن شاء الله وسنبقى، ورب ضارة نافعة، كلما أخرجونا كلما اقتضى ذلك فتح المعبر مرة أخرى لنعود، ولن نكف حتى يفتح هذا المعبر للناس بلا تأشيرة وللبضائع بلا استثناء، وحتى يكون تسليح غزة وتعضيد قدرتها للدفاع عن نفسها ضد إسرائيل أولوية الحكومة المصرية''.
فيديو قد يعجبك: