جدل داخل ''التأسيسية'' حول مادة العزل السياسي ينتهي بأزمة
القاهرة- أ ش أ:
فجر المستشار حسام الغرياني رئيس الجمعية التأسيسية للدستور جدلا جديدا حول المادة''232'' من مشروع الدستور قبل التصويت عليها .
وتنص المادة على أن :'' تمنع قيادات الحزب الوطني المنحل من ممارسة العمل السياسي والترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية لمدة عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور. ويقصد بالقيادات كل من كان عضوا بالأمانة العامة للحزب أو بلجنة السياسات أو بالمكتب السياسى أو كان عضوا بمجلسي الشعب أو الشورى في الفصلين التشريعيين السابقين على ثورة الخامس والعشرين من يناير '' .
وقال الغرياني إن هذا النص فيه أمر يجب أن نقف عنده، وسنجد واحدا من الأعضاء الذين انتخبوا على قواعد الحزب إياه، الذي حل، الحزب الوطني، كان في ميدان التحرير أثناء الثورة ومعه ابنه، ومات ابنه وسالت دماؤه على ملابسه، فهل نعاقبه، وهناك أيضا من عينوهم في هذه الأمانات واستقالوا منها قبل خلع حسني مبارك وقبل قيام الثورة، أليس هذا تعبيرا عن موقف، نطردهم أم نستثنيهم ؟ '' إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا''.
وأضاف أن هذه المادة تقول أن هذا دستور ثوري وأنا مرحب بها ولا أقول احذفوها، وإنما اطلب منكم مخاطبة ضمائركم، هل من انشق عن هذا الكيان وانضم للثورة يعزل أم يعطى نيشانا ''، هذا النص رغم ضرورته يحتاج إلى قدر من التهذيب.
واقترح د.عبد الرحمن البر أن ينص على أن يمنع من العمل السياسي والترشح كل من كان عضوا فى الأمانة العامة للحزب أو لجنة السياسات أو المكتب السياسي أو كان عضوا بمجلس الشعب أو الشورى يوم 25 يناير.
وقال العضو أحمد خليل إن المادة 219 التى يجب أن توضع فوق رؤسنا ، لم تأخذ كل هذا القدر من المناقشة بينما نناقش هذه المادة.
وقال المهندس حاتم عزام إن هذه المادة يجب ألا تتحدث عن استثناء شخص بعينه، وتساءل بمن ستأخذنا الرحمة بمن أصابوا الشعب بالفشل الكلوي أم قتلوهم في انهيارات العمارات.
وقال إكرامي مسعد ، ممثل مصابي الثورة في تأسيسية الدستور إن القاعدة الفقهية تقول إن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، وطالب بالموافقة على المادة وفاء لذكرى الشهداء والدماء التي سالت في الثورة.
واتفق د.محمد عمارة مع د. عبد الرحمن البر في استثناء من تخلوا عن مواقعهم بالحزب الوطني المنحل قبل 25 يناير.
وقال العضو صبحي صالح (الحرية والعدالة) إن الأصل أن يوجد النص وأن نضيف إليه المحليات وأن نضبط المعايير، ولن يموت عضو الحزب المنحل إذا لم يدخل البرلمان دورتين لأنه ظل يسرق 50 سنة، فليتركنا 5 سنوات.
واعترض العضو محمد الفقي ''حزب الوفد'' قائلا إن هذه المادة ستخل بالدستور وستسيء إليه، وستحرم أناسا ربما يظلمون.
وقال د. حسن الشافعي، ممثل الأزهر، إنه من حيث المبدأ فإن الفكر الدستوري لم يعد يرحب بفكر العزل السياسي، وقد كنت واحدا من الذين عزلوا، وفكرة العزل مشبوهة وكريهة ، ولا يمكن للدستور أن يتعرض لأمر من هذا القبيل أساسا، يمكن ذلك للقانون أو الأحكام المؤقتة، أما دستور ثورة ويتوج في آخر مواده بمثل هذا فإن ذلك سيكون ندبة في وجه الثورة.
واقترح إلغاء هذه المادة أساسا، سواء لجانب الفكر الدستوري أو فكر ثورة يناير، قائلا إنني لا أتكلم ممثلا عن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وقد شارك الأزهر في الثورة ، وأصدر وثائق قال عنها الأوروبيون إنها وثائق مذهلة ولم نتوقع صدورها عن مؤسسة دينية ، ثم اقترح إضافة المحليات إلى نص المادة رغم ما تقدم به.
وعقب الغرياني قائلا :'' لم أقل لكم لا تعزلوا، لكن العزل السياسي ليس محله الدستور، وما تفعلونه الآن هو انتقام أو ثأر دستوري، هذا دستور رائع قررنا فيه من الحقوق والحريات ما لم يتقرر من قبل، فلا تصموا وجدانكم، احذفوا هذا النص أو خففوه''.
وانفعل الغرياني عندما قاطعه بعض الأعضاء اعتراضا، فقال إنه ليس معنى أنني أجلس على المنصة أن أحرم من الكلام، وقال ''اعزلوا هؤلاء الأشرار ، لكن لا تزروا وازرة وزر أخرى '' ، فخذوا بما قاله د.عبد الرحمن البر وضعوا حدا بتاريخ 25 يناير''.
وتابع وإذا كان د. حسن الشافعي تحدث باستحياء عن شيخ الأزهر فأنا أتحدث بوضوح ، شيخ الأزهر ضموه إلى لجنة السياسات لكنه استقال بعد جلسة واحدة، وعندما قالوا له إن مبارك في ألمانيا للعلاج انتظر حتى جاء وذهب له باستقالته.
وأشار إلى أن جميع أعضاء لجنة السياسات في السجن فيما عدا شيخ الأزهر الذي شارك في الثورة، وأصدر الوثائق الرائعة، وألف القلوب حولنا في تأسيسية الدستور.
وقال العضو د.جمال جبريل إن مصلحة الشعب لا تمنع من وضع مثل هذه المواد في الدستور وهناك مواد مثلها، كما في الدستور الألماني، فقال إنه بغض النظر عن الموضوع يمكننا النظر فيمن يعزل.
وقال حاتم عزام إن هذه المادة مطلب شعبي، مضيفا أنه يتفق مع ما طرحه الدكتور حسن الشافعي الذي طرح نصا هو :'' تمنع قيادات الحزب الوطنى المنحل من ممارسة العمل السياسي والترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية فى الفصلين التشريعيين السابقين على ثورة الخامس والعشرين من يناير ، والمجالس المحلية لمدة عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور''.
ويقصد بالقيادات كل من كان عضوا بالأمانة العامة للحزب أو بلجنة السياسات أو بالمكتب السياسي أو كان عضوا بمجلس الشعب أو الشورى في الفصلين التشريعيين السابقين على ثورة الخامس والعشرين من يناير.
وقال الدكتور محمد البلتاجي إن معاني الانتقام أو الثأر لم تدر بخلد أحد، لكن بعد عامين من الدماء، وجدنا من يعود إلينا بكل صفاقة وبجاحة على ساحة الإعلام متحدين الثورة والثوار وبالتالي من حق الثورة أن تؤمن مسيرتها، وما كنا نريد أن يجرى الحديث على لسان الدكتور حسن الشافعي أو الغرياني عن قامة في مصر، لكننا لن نستثني فئة وإنما ينبغى تطبيق المعايير على الجميع حتى لو كان هذا، ويجب أن نضع القاعدة العامة في الدستور ونترك التفاصيل للقانون، ليكون الدستور دلالة للمجتمع على أن هؤلاء لن يعودوا إلى الساحة.
وطرح الدكتور محمد سليم العوا صيغة تجمع بين الصيغتين اللتين طرحهما الشافعي والبر ، وانفعل الدكتور حسن الشافعي وهدد بالانسحاب :'' قائلا إنني سأنسحب إذا كانت سيرة شيخ الأزهر ستلاك على كل الألسنة، وهم بالانصراف. وقال العوا يبدو أن الزميل الشافعي فهم كلامي خطأ.
وحدثت أزمة وسادت أجواء من التوتر في الجلسة، وقام الغرياني بإخراج المصورين من القاعة وبذلت مساع لإثناء الشافعي عن موقفه.
فيديو قد يعجبك: