لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

انصبوا خيامكم فى دهشور

12:33 م الإثنين 06 أغسطس 2012

بقلم - محمد أمين : 

لو كنت مكان وزير الداخلية الجديد، أحمد جمال الدين، لنصبت خيمة فى دهشور، وأدرت شؤون الوزارة من هناك.. أولاً: حتى يشعر الجميع بأن الدولة موجودة عند أطراف أصابعه.. ثانياً: حتى تعود العائلات القبطية التى هجرت منازلها، ليس فقط حتى تعود، لكن حتى تشعر بالأمن والأمان.. الحلول الجزئية لا تفيد فى هذه الملفات.. ترك الجروح دون تنظيف يضرب الجسد كله بالتسمم.

لا أهول من حادثة دهشور.. الحادثة ذاتها مخيفة.. ربما بدأت مشاجرة عادية.. يحب البعض أن يقول إنها حادث فردى.. أقول إذا كانت الحادثة فى بدايتها عادية فإن ما انتهت إليه، من تهجير قسرى للأقباط، جريمة كبرى.. من هنا كان نصب خيمة الوزير ضرورياً.. مكاتب الوزراء ينبغى أن تتنقل حسب الأحوال.. من حسن الحظ أننا رأينا، لأول مرة، وزراء الداخلية، فى الشارع بعد الثورة.

يعنى إيه تهجير الأقباط قسراً؟.. يعنى غياب الدولة، ويعنى شيوع حالة من البلطجة من ناحية، والقهر من ناحية أخرى.. فماذا تنتظرون من مقهورين؟.. ماذا تنتظرون من مواطن ترك بيته وأرضه ومواشيه؟.. المسألة لا يمكن حلها بمجالس عرفية.. «لا» للدولة العرفية، «نعم» لدولة القانون.. استغربت أن الرئيس مرسى تعهد بأن تخضع أحداث دهشور لمحاكمة عادلة.. الأصل أنها عادلة.

لا أتصور أن ننتظر حتى تنتهى المحاكمات العادلة.. غياب المواطن عن بيته يوماً واحداً يقتله من داخله.. لابد أن التهجير القسرى للأقباط يملأ العالم الآن.. السياح يتابعون ما يجرى عبر الفضائيات.. سأل الرئيس مرسى بعض السياح فى الأقصر: هل تشعرون بالأمن فى مصر؟.. قالوا ''لا''.. إجابة صادمة، لكنهم لم يتعودوا الكذب، ولو كان رئيس الجمهورية نفسه، من يسألهم؟!

صحيح أن السياح أحرجوا الرئيس لكنهم كانوا صادقين.. أهل البيت لا يشعرون بالأمن، فكيف يشعر به الضيوف؟.. أهل البيت يهجرون بيوتهم وأراضيهم، ومواشيهم قسراً، فراراً بحياتهم، فكيف يشعر السائح بالأمن؟.. الصراحة ليست قلة أدب.. حرية التعبير ليست بجاحة.. الغربيون لا يعرفون الإتيكيت فى الرأى.. الأمن ليس وجهة نظر.. أثق أن وزير الداخلية سوف يتحرك لوأد الفتنة.

زهقنا من الطبطبة، ومن تبويس اللحى.. زهقنا أكثر من المجالس العرفية.. فى كل مرة يغلقون الجرح على صديد.. الأصل أن المواطنين أمام القانون سواء.. متساوون فى الحقوق والواجبات.. فلماذا يبقى مواطن فى منزله، بينما يهجر آخر منزله، إذا كانت الحادثة عادية؟.. لا ينبغى أن يكون الحل عادياً.. أقترح على وزير الداخلية أن ينقل مكتبه إلى دهشور، لا أقول الرئيس نفسه.

الأولوية الأولى التى يتبناها الرئيس هى الأمن.. خطة الـ ١٠٠ يوم أصلها الأمن.. لا يمكن حل المشكلة بالتليفون، ولا بالتوجيهات.. يفترض أن يكون الحل ثورياً.. الرئيس جاء بعد ثورة، والحل مازال تقليدياً، على طريقة مبارك.. هناك خمسة تكليفات من الرئيس لمحافظ الجيزة احتواء للأزمة.. أظن أن رئيس جمهورية الثورة عليه أن يكون فى مقدمة من يستقبل المهجرين قسراً (!).

دولة القانون هى الحل.. لا ينبغى أن ينتظر الرئيس التقارير الرسمية.. التقارير تكذب حين تقول ''من تركوا منازلهم، إنما تركوها من تلقاء أنفسهم''.. لا من المنطق، ولا من العقل.. فهل يترك مواطن بيته لأنه مرتاح أو مطمئن؟.. انصبوا خيامكم فى قلب دهشور من أجل مصر.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان