بعد طرد الضباط لوزير الداخلية..هل يحدث التمرد الثالث للأمن المركزي؟
كتب - عمرو والي:
أثارت واقعة طرد عشرات من ضباط الأمن المركزي لوزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم حالة من الجدل، بعدما منعه الضباط من أداء صلاة الجنازة، على النقيب أحمد البلكي، وأمين الشرطة أيمن عبد العظيم، اللذين وافتهما المنية على خلفية أحداث بورسعيد، أثناء تأمين سجن بورسعيد العمومي.
وحاول الضباط الاعتداء على الوزير، وطالبوه بسرعة مغادرة المسجد، احتجاجًا على عدم تسليح الضباط بالذخيرة الحية في مواجهة المتظاهرين، والاكتفاء فقط بالقنابل المسيلة للدموع.
وعلى الرغم من محاولات إبراهيم لتهدئة الضباط ،إلا أن تلك المحاولات فشلت، ومع هذا الحادث وسط غاضب عارم من ضباط الأمن المركزي، نطرح تساؤلاً حول إمكانية حدوث تمرد مثلما شهدت قوات الأمن المركزي عامي 1986و2009 بالتزامن مع الاجتماع الذي يعقده الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، مع وزير الداخلية لاحتواء هذا الغضب بين الضباط والمجندين.
التمرد الأشهر
وكان التمرد الأشهر لجنود الأمن المركزي في فبراير 1986، عندما تمردت فرق متعددة من قوات الأمن ،نتيجة توزيع منشورات تحوي ''شائعات''، عن مد الخدمة للمجندين سنة أخرى، لتكون ثلاث سنوات بدلًا من سنتين.
واستمرت حالة الانفلات الأمني لمدة أسبوع،أُعلن فيها حظر التجوال، وانتشر فيها الجيش في العاصمة، وتمكنت قواته من ردع التمرد، واعتقل وقتل العديد من أفراد الأمن المركزي، وقامت طائرات الهليكوبتر بضرب معسكرات الأمن المركزي بالجيزة بالصواريخ، بعد أن قامت قوات الأمن المركزي بإحراق العديد من الفنادق والمحال التجارية ووصلت الخسائر إلى عشرات الملايين من الجنيهات.
توابع وآثار
وأُقيل إثر هذه الأحداث اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية، وعُزل عدد من القادة واتخذت بعض قرارات تحسين أحوال الجنود، كما تم اتخاذ قرارات من شأنها الحد من تعداد جنود الأمن المركزي ونقل معسكراتهم خارج الكتلة السكنية كما اتخذت قرارات ضمنية بشان نوعية الجنود الذين يتم تعيينهم بالأمن المركزي مستقبلًا، وسقط ستون قتيلًا وفقًا للبيانات الرسمية وأحيل 1236 جندياً و 31 مدنيًا إلى محاكم أمن الدولة المشكلة وفقًا لقانون الطوارئ.
التمرد الثاني
أما الإضراب الثاني فكان في نهاية عام 2009عندما اعتقلت أجهزة الداخلية مجموعة من ضباط الأمن المركزي وأحالت 250 منهم إلى الاحتياط وذلك بعد تزعمهم تمردًا بمعسكر ناصر للأمن المركزي بمنطقة الدراسة، حيث رفض الضباط تنفيذ أوامر القيادة العليا بالتوجه إلى رفح بعد تردد أنباء عن مصرع مجند أمن مركزي بنيران إسرائيلية، وتكتمت الوزارة على الخبر وهو ما دفع رئيس العمليات بالمعسكر، وباقي أفراد الكتيبة البالغ عددها 4200 مجند لإعلان رفضهم التوجه إلى حدود رفح المصرية.
قسوة الضباط
ومع مطلع عام 2010 احتوت وزارة الداخلية ثورة 6 آلاف مجند وعسكري ضد رؤسائهم في معسكر التشكيلات لقوات أمن القاهرة، فبدأت أحداث التمرد أثناء طابور التمام حينما فوجئ القائمون على السجن العسكري بمنطقة رمسيس بتمرد جميع المجندين بالمعسكر ضد قائديهم، وتحطيمهم مباني إدارة المعسكر، والاستراحة المخصصة للضباط .
وقد أرجعت تحقيقات النيابة العسكرية ثورة الجنود إلى قسوة الضباط معهم، إلى جانب تأجيل حصول الجنود على إجازاتهم، وإرهاقهم في العمل في غير الأوقات المخصصة لذلك، الأمر الذي دفع 14 من كبار المجندين إلى قيادة ثورة داخل الصفوف .
الداخلية تعترف بالضغوط
ومن جانبه استبعد اللواء هاني عبد اللطيف، وكيل الإدارة العامة للإعلام بوزارة الداخلية، حدوث أي تمرد أو ماشابه، مشيرًا إلى أن انفعال ضباط الأمن المركزي على وزير الداخلية لم يكن سوى نتيجة الضغوط الرهيبة، التى يتعرض لها هؤلاء الضباط خلال الآونة الأخيرة.
وأضاف : الشرطة المصرية مهمتها الأساسية حفظ الأمن والأمان للمواطن، وممتلكاته بالإضافة إلى المنشآت الحيوية في البلاد، مشيرًا إلى أن الجنود تعرضوا ومازالوا يتعرضون لضغوط قوية، نتيجة أفعال العناصر المشاغبة والتي تعتدي عليهم بالألفاظ والحجارة والمولوتوف.
وأوضح قائلًا: غضب الضباط طبيعي للغاية، لشعورهم بحالة من الضيق والمرارة لوفاة النقيب البلكي بالإضافة إلى أمين عبد العظيم أمين الشرطة، نظرًا لعدم تسليحهم سوى بقنابل الغاز المسيلة للدموع ، داعيًا لهم بالرحمة والمغفرة.
وناشد عبد اللطيف: جموع المواطنين بالتصدي لأي شخص يستغل التظاهرات السلمية، التي تجري خلال الأيام الحالية في الهجوم على المنشآت وتعطيل المرافق، والعمل على الإساءة إلى المتظاهرين السلميين من الشعب المصري.
واختتم حديثه قائلًا '' العناصر الإجرامية تحاول دفع البلاد إلى مزيد من الصراعات، ونحن عازمون على التصدي لها بكل قوة من أجل حفظ وسلامة المواطن''.
الأزمة والحل
وفي نفس السياق أعرب اللواء محمد عبد الفتاح عمر، الخبير الأمني، عن توقعه بعدم حدوث أي تمرد داخل صفوف الشرطة بعد الأحداث الأخيرة ، مشيرًا إلى أن الحوادث السابقة التي شهدتها قوات الأمن المركزي في الماضي، كانت لها ظروف ووقائع مختلفة عمَّا نعيشه الآن.
وأضاف : وزير الداخلية عندما دخل المسجد، وجد حالة من الغضب العارم من زملاء النقيب أحمد البلكي الذي عُرف عنه التزامه في العمل، مشيراً إلى أنَّه كان محبوبًا للغاية حيث ربطته معرفة شخصية بعائلة الفقيد.
وأوضح : الطالب يدخل كلية الشرطة ليتخرج منها، بهدف الحفاظ على سلامة المواطنين مشيرًا إلى أن ظروف المهنة نفسها تُعرض صاحبها للتعامل مع المجرمين، والخارجين على القانون، وبالتالي لا يعلم مصير الفرد سوى خالقه.
وتابع حديثه ''على الوزير التماس العذر للضباط، لأنهم تعرضوا لإهانات ومشاق كثيرة معربًا عن أمنياته في أن يقوم الوزير برفع الروح المعنوية لهم، من خلال اجتماعات لأنَّهم أول من يواجهون أي اعتداء، وأعتقد أن هذا حدث''.
وختم حديثه قائلًا: '' لكل أجل كتاب '' ، ونحتسبه عند الله شهيدًا، مطالبًا الضباط بالالتزام والتحمل، واصفًا المهنة بالقدرية.
فيديو قد يعجبك: