2013 .. عام ميلاد دستور جديد في بلد ''مبتقولش لا'' على الاستفتاء
كتب - أحمد علي:
شهد أواخر عام 2013 إعلان ميلاد دستور جديد لمصر، التي لم تقل ''لا'' للدساتير على مدار تاريخها، وها هو ينتهي العام بدعوة الرئيس المؤقت للبلاد المستشار عدلي منصور، الشعب المصري للإستفتاء الشعبي، خلال يومي 14 و15 يناير المقبل، على الدستور الجديد التي وضعته لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسى، والتي أجرت تعديلات على دستور 2012 المعطل، فى فترة زمنية إقتربت من ثلاثة شهور.
كانت اللجنة بدأت عملها يوم 8 سبتمبر الماضي، بعد تشكيلها بقرار جمهوري من الرئيس المؤقت للبلاد طبقا للإعلان الدستوري الصادر فى 8 يوليو الماضي، لتضم مختلف الشخصيات السياسية والقانونية وفقا لمعايير تم الإتفاق عليها لتمثيل مختلف الفئات والمجالات، وبدأت اللجنة عملها من خلال المسودة الأولية للتعديلات الدستورية التي أجرتها لجنة الخبراء ''العشرة'' التي قامت على مدار شهر كامل قبل تشكيل لجنة الخمسين، بإجراء تعديلات على دستور 2012 المعطل.
وشهدت اللجنة خلافات كبيرة منذ بداية عملها، بشأن مواد الدستور وخاصة المواد المتعلقة بهوية الدولة وكذلك المتعلقة بنسبة الـ''50% '' عمال وفلاحين ، بالإضافة إلى أزمة مجلس الشورى وقرار اللجنة بإلغاءه، إلى جانب مواد القوات المسلحة والمتعلقة بوزير الدفاع والمتعلقة بالمحاكمات العسكرية للمدنيين.
حيث بدأت أزمة مواد الهوية بإلغاء لجنة الخبراء ، المادة 219 بالدستور المعطل والتي كانت متعلقة بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية فى الدستور، وهو ما إعترض عليه حزب النور السلفي الذى أعلن إصراره على بقاءها أو بقاء مضمونها حفاظا على الشريعة الإسلامية من وجهة نظره، إلى جانب إصراره على عدم النص على مدنية الدولة فى المادة الأولى من الدستور بعد أن كانت هناك مطالبات من جانب بعض أعضاء القوى المدنية وممثلي الكنيسة بذلك، وكذلك الخلافات حول المادة المتعلقة بمرجعية الأزهر الشريف فى القضايا المتعلقة بالشريعة الإسلامية.
إلا أنه بعد عقد رئيس لجنة الخمسين لعدد من اللقاءات المغلقة بين ممثلي الأزهر الشريف والكنيسة والنور ، تم التوافق على إلغاء المادة 219 المفسرة لمبادئ الشريعة الإسلامية والاكتفاء بالإشارة إلى أحكام المحكمة الدستورية العليا المفسرة لمبادئ الشريعة في ''ديباجة الدستور'' وكذلك الإشارة إلى مدنية الدولة في إحدى فقرات الديباجة لتنص على أن الدولة حكومتها مدنية، كما تم إلغاء مرجعية الأزهر الشريف في القضايا المتعلقة بالشريعة الإسلامية بدستور 2012 لتصبح مرجعيته في الشئون الإسلامية وعلوم الدين فقط.
كما شهدت أزمة بقاء مجلس الشورى من عدمه خلافات واسعة داخل اللجنة، إنتهت بإلغاءه فى الدستور الجديد، حيث كان هناك جبهتان داخل اللجنة، أولهما وكانت المؤيدة لبقاؤه وعلى رأسها عمرو موسى رئيس اللجنة والسيد البدوي رئيس حزب الوفد وأحمد خيرى ممثل العمال بالإضافة إلى ممثلي الفلاحين وممثلي حزب النور وغيرهم، والثانية كانت جبهة الرفض التي طالبت بإلغاء الشورى وكان على رأسها سامح عاشور نقيب المحامين وجابر نصار رئيس جامعة القاهرة وعمرو الشوبكي أستاذ العلوم السياسية ومنى ذو الفقار وممثلي الشباب وغيرهم، وهى الجبهة التي أملت رغبتها على اللجنة فى جلسة التصويت الأولية التي قررت إلغاء الشورى بعد تأييد 23 عضو للإلغاء مقابل 19 فقط رفضوا إلغاؤه، فيما فشلت محاولات كل من ''البدوي'' وخيرى'' لإعادة إجراء التصويت عليه مرة أخرى أو النص فى الدستور على بقاءه فى الدستور بشرط عدم إنتخابه إلا بعد مرور خمس سنوات كمرحلة إنتقالية.
أيضا من المواد التي شهدت خلافات شديدة داخل الخمسين، المادة المتعلقة بمحاكمة المدنيين عسكريا حيث لاقت رفضا من عدد من الأعضاء من بينهم الدكتور محمد أبو الغار ومحمد سلماوى المتحدث الرسمي باسم لجنة الخمسين والفنان التشكيلي محمد عبلة، وعضو لجنة المقومات الأساسية للدولة الدكتور محمد غنيم، والناشط السيناوي مسعد أبو فجر، ومقرر لجنة الحريات هدى الصدة والناشط عمرو صلاح والناشط النوبي حجاج أدول.
وكذلك شهدت اللجنة أزمة بسبب نسبة العمال والفلاحين بالدستور، والتي تم إلغاءها بعد تصويت أغلب الأعضاء على ذلك بزعامة ممثلي حركة تمرد وشباب الثورة فى الوقت الذى دافع ممثلي العمال والفلاحين وممثلي حزب النور عن بقاءها بشكل كبير، إلا أنه كان دون نتيجة أمام تربيطات باقي أعضاء اللجنة لإلغاء النسبة.
وتسببت إلغاء نسبة الفلاحين والعمال فى نشوب أزمة جديدة متعلقة بالنص على كوتة للفئات المهمشة من عدمه، وكذلك متعلقة بشكل النظام الإنتخابي فى الإنتخابات البرلمانية المقبلة، حيث نشبت خلافات بين الأعضاء حول شكل النظام الإنتخابي مابين نظام الفردي الذى طالب به ممثلي تمرد والشباب وعدد أخر من الأعضاء وبين نظام القائمة الذى طالب به حزب النور السلفي وبعض الأعضاء فيما طالب عدد أخر من الأعضاء وخاصة من ممثلي الأحزاب والقوى السياسية المنتمية لجبهة الإنقاذ بالنص على النظام المختلط ، وكذلك تكرر الصراع بين الأعضاء على تحديد نسبة كل فئة من الفئات المهمشة وهي ''العمال والفلاحين والمرأة والشباب وذوو الإعاقة والمصريين بالخارج'' في البرلمان القادم ، وهو الأمر الذى كاد أن يفجر اللجنة في آخر ساعات عمل بها، إلا أنه تم التوافق عليها بإحالتها إلى الرئيس المؤقت للبلاد لتحديدها بعيدا عن الدستور في محاولة لتجنيب الدستور الجديد مثل هذه الصراعات السياسية حتى لا يؤثر ذلك على مشاركة المواطنين في الاستفتاء أو التصويت عليه.
وشهدت أيضا لجنة الخمسين فى أخر لحظاتها تعديلا جوهريا فى خارطة الطريق، من خلال تعديل المادة التي كانت تلزم بإجراء الإنتخابات البرلمانية أولا إلتزاما بخارطة الطريق ، لتصبح دون تحديد أي الإنتخابات البرلمانية أم الرئاسية أولا، على أن يقوم المشرع الحالي وهو رئيس الجمهورية بتحديد ذلك.
وتشير التوقعات إلى أن نتيجة التصويت فى الإستفتاء على الدستور الجديد ستكون بالموافقة عليه، نظرا لأن الشعب المصري لم يرفض دستورا أو تعديلات دستورية جري الإستفتاء عليها من قبل، فالدساتير المصرية في تاريخ مصر الحديث بدأت مع إصدار محمد علي باشا اللائحة الأساسية للمجلس العالي 1825، ثم أتبعها في يوليه 1837 قانون'' السياستنامة'' .
وكانت أولى مشاهد لهذه الدساتير خلال حقبة الخديوى إسماعيل، حيث صدر في 22 أكتوبر 1866 لائحة تأسيس مجلس شورى النواب وانتخاب أعضائه، وكانت هذه اللائحة تقوم على صياغة قانونية عصرية، في نصوص محددة ومفصّلة.
وخلال حقبة الخديوي توفيق، صدر بتاريخ 7 فبراير 1882 ما سُميت (اللائحة الأساسية)، وهي خاصة بانتخاب أعضاء مجلس النواب. وصدر دستور للبلاد سنة 1882 في عهد الخديوي توفيق، إلا أن سلطات الاحتلال الإنجليزي قامت سريعا بإلغائه. ولكن الشعب المصري واصل تصميمه على التمسك بإصدار الدستور حتى نجح فى إصداره في 19 أبريل سنة 1923.
و ظل دستور سنة 1923 قائما إلى أن ألغي في 22 أكتوبر سنة 1930. وبعد خمس سنوات عاد العمل بدستور سنة 1923 وهو الدستور الذى استمر معمولا به إلى ديسمبر 1952.
و بعد ثورة الضباط الأحرار، صدر أول إعلان دستوري في 10 ديسمبر سنة 1952 أعلن فيه باسم الشعب سقوط دستور سنة 1923. وفي 13 يناير 1953 تم تكوين لجنة لوضع مشروع دستور جديد على أن تراعي الحكومة في أثناء تلك الفترة الانتقالية المبادئ الدستورية العامة. وفى 10 فبراير سنة 1953 صدر إعلان دستوري ثان متضمنا أحكام الدستور المؤقت للحكم خلال فترة الانتقال.
وعند نهاية الفترة الانتقالية صدر في 16 يناير من 1956 إعلان دستوري مبشرا بدستور جديد، إلا أن العمل ظل مستمرا بالإعلان الدستوري الصادر في 1953 حتى أجري استفتاء في 23 يونيو من ذاك العام. كما تم إعداد دستور جديد بعد اتحاد الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا وهو دستور الوحدة في مارس من نفس العام.
وفي بدايات حكم الرئيس الراحل أنور السادات، أعلن عن دستور 1971، وتم تعديل هذا الدستور في 30 إبريل 1980 بقرار من مجلس الشعب.في سنة 2005 عُدِّل الدستور مرة أخرى لينظم اختيار رئيس الجمهورية بانتخابات مباشرة الشهير بتعديلاته للمادة 76 والتي جرت على إثرها أول انتخابات رئاسية في مصر. وفي 26 مارس 2007 جرى استفتاء بموجبه عُدِّل الدستور مرة أخرى ورف بدستور قانون الإرهاب المادة 179.
وبعد قيام ثورة 25 يناير وتخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم، كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي تولى إدارة شئون البلاد، لجنة للقيام ببعض التعديلات الدستورية بلغت 63 مادة. وتم الاستفتاء عليه في 19 مارس 2011. وبعد موافقة الشعب المصري في الاستفتاء، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في يوم 30 مارس 2011 إعلاناً دستوريا شمل أغلب التعديلات التي تم إقرارها في الاستفتاء بالإضافة إلي بعض المواد الأخرى.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة… للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: