كيف احتوت وزارة الخارجية رد فعل العالم على عزل مرسي؟
كتب - سامي مجدي:
ما أن أطاح الجيش بالرئيس السابق محمد مرسي من منصبه، وكلف مكانه المستشار عدلي منصور بإدارة شؤون البلاد لفترة انتقالية، على اثر ضغط شعبي تمثل في مظاهرات حاشدة في القاهرة وغيرها من محافظات الجمهورية، حتى تحركت وزارة الخارجية بكل إداراتها وعلى كافة الأصعدة لشرح ما جرى في 30 يونيو ما تلاه من إجراءات.
الخارجية شحذت من هممها وهمم السفارات والقنصليات في الخارج لمواجهة واحتواء ردود الفعل عن عزل مرسي، وعدم اعتباره ''انقلابا عسكريا''، بل ''ثورة شعبية''.
بداية التحركات كانت باتصالات مكثفة أجراءها وزير الخارجية محمد عمرو، الذي كان قد أعلن استقالته قبل عزل مرسي، حيث تواصل مع نظرائه في العديد من الدول الغربية على رأسها الولايات المتحدة التي تبعث لمصر مساعدات بقيمة 1.5 مليار دولار سنويا.
ووفقا للقانون الأمريكي فإن أي مساعدات تقدمها الولايات المتحدة لأي دوله تُمنع حال حدوث انقلاب عسكري، وهو ما لم تقره الإدارة الأمريكية في بياناتها أو تصريحات مسؤوليها التي اتسمت بالحذر في التعامل مع ماجرى في مصر.
الخارجية أكدت في الاتصالات أو المقابلات التي أجراها مسؤوليها وسفراء مصر بالخارج التزام مصر بتنفيذ خارطة الطريق التي توافقت عليها القوي السياسية المختلفة ووفقا للتوقيتات الزمنية الواضحة والمحددة كما وردت في الإعلان الدستوري وبما يؤدى إلى إقامة ديمقراطية حقيقية راسخة.
وصبيحة عزل مرسي بدأ وزير الخارجية محمد عمرو سلسلة من اتصالات حيث اتصل بوزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وتركيا والسعودية والجزائر وقطر والأردن، بالإضافة إلى البارونة كاثرين أشتون الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي.
وأوضح عمرو أن ''ما حدث يوم 3 يوليو يمثل انعكاساً حقيقياً لإرادة ومطالب الشعب المصري التي عبرت عنها الجموع الهائلة التي خرجت إلى الشوارع، ومطالب القوي السياسية بمختلف توجهاتها''، مضيفا أن الجيش وجد لزاماً عليه الاستجابة لهذه المطالب وتجنيب البلاد احتمالات الصدام ''الكارثية''.
كما أوضح عمرو أن خارطة الطريق التي وردت في بيان القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي هي انعكاس لما تم الاتفاق عليه بين القوي السياسية بمختلف توجهاتها.
أضاف وزير الخارجية أن ما ذُكر في بعض الدوائر عن انقلاب عسكري لا يعكس حقيقة الوضع، حيث أن ما حدث قد جاء نتيجة لمطلب شعبي، وأن القوات المسلحة ليس لها أي دور سياسي في المرحلة الانتقالية القادمة وأن دورها يقتصر علي حماية الوطن والمواطنين.
كما أجرى الوزير في 4 يوليو، اليوم التالي لعزل مرسي مقابلات مع عدد من ممثلي وسائل الإعلام العالمية شملت صحف واشطن بوست ونيويورك تايمز وول ستريت جورنال، بالإضافة إلى وكالة رويترز للأنباء، وذلك لشرح التطورات الجارية في مصر.
وعلى مدى الأيام الماضية واصل الوزير وسفراء وقناصل مصر حول العالم اتصالاتهم ولقاءاتهم الإعلامية للتأكيد على أن ما حدث جاء استجابة لمطالب جموع الشعب المصري الحاشدة التي خرجت على مدار الأيام الماضية ولمطالب القوي السياسية بتوجهاتها المختلفة.
أزمات على الطريق
إلا أن وزارة الخارجية واجهتها عدة أزمات بدأت بتعليق أنشطة مصر في الاتحاد الأفريقي وفق قرار لمجلس الأمن والسلم الأفريقي الذي اعتبر أن ما جرى ''انقلابا عسكريا''، وهو ما دعا مصر للإعراب عن أسفها وعرضت إيفاد مسؤولين مصريين رفيعي المستوى لشرح ''حقيقة'' وتطورات الأوضاع بعد عزل مرسي.
كما بعثت الخارجية المصرية بخطاب إلى مفوضية الاتحاد الأفريقي وباقي الدول الأفريقية لتوضيح ما جرى والدفع بأن ما شهدته مصر ليس إلا ''ثورة شعبية'' ساندتها القوات المسلحة.
كما تعاملت وزارة الخارجية مع التصريحات التركية والإيرانية، واستدعت السفير التركي في القاهرة حسين عوني بوسطالي للتعبير عن رفضها لتصريحات بعض المسؤولين الأتراك على رأسهم رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان.
وقد كشفت مصادر دبلوماسية تركية أن أنقرة قررت الاتصال مع النظام الجديد بعد عزل مرسي، مضيفة لصحيفة الحياة اللندنية أن الاجتماع بين وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو ونحو 40 سفيراً تركياً في أنقرة يوم الجمعة شهد سجالاً حول الدور التركي في دعم الربيع العربي وخصوصاً في مصر.
وأوضحت المصادر أن بعض السفراء شددوا على ضرورة بدء اتصالات ديبلوماسية فوراً مع النظام الجديد في مصر والرئيس الموقت المستشار عدلي منصور، على رغم تحفظ وزير الخارجية داوود أوغلو شخصياً عن مثل هذه الخطوة.
على الصعيد الإيراني أجرى وزير الخارجية محمد عمرو ونائب الرئيس للشؤون الخارجية محمد البرادعي اتصالات مع وزير خارجية إيران على أكبر صالحي أثمرت عن تأكيد الجانب الإيراني أن الشعب المصري هو من يقرر مصيره وأنه لا تدخل في الشؤون الداخلية المصرية على الإطلاق.
وفي هذا الصدد، قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن الوزرة قامت بدورها المنوط بها وهو الدفاع عن وجهة النظر المصرية المعبرة عن الشعب المصري في كافة المحافل الدولية، مضيفة في تصريحات لمصراوي أن الخارجية اعتبرت أن ما جرى ثورة شعبية ولابد من إيصال هذه الصورة للعالم أجمع.
ولم تخف المصادر حالة الفرح التي انتابت أغلب العاملين في الحقل الدبلوماسي بعد عزل مرسي، معزية ذلك إلى الحالة التي وصلت إليها السياسية الخارجية المصرية خلال العام المنصرم، وعدم وضوح الرؤية والتداخل وحالة التهميش التي كانت تعاني منها الخارجية لصالح أشخاص بعينهم في النظام السابق، على حد قوله المصادر.
وأشارت المصادر إلى أن وزارة الخارجية وسفارات وقنصليات مصر في الخارج نجحت إلى حد كبير في مواجهة واحتواء ردات الفعل على عزل مرسي، موضحة أن سفراء وقناصل مصر قاموا باتصالات بالمسؤولين ووسائل الإعلام في البلدان التي يعملون بها لتوضيح وجهة النظر المصرية والدفاع عن حق الشعب المصري و''ثورة 30 يونيو''.
من جانبه، قال دبلوماسي سابق خدم سفيرا لمصر في الولايات المتحدة، إنه على ما يبدو أن الخارجية لم يتح لها الوقت الكافي للتعامل مع رد الفعل الخارجي على عزل مرسي وخاصة على المستوى الأفريقي.
وقال المصدر في تصريح لمصراوي إن الخارجية تصرفت بشكل جيد بالنظر إلى ضيق الوقت وتعقيدات الموقف الحالي في مصر.
وأشار المصدر إلى الاتصالات والمقابلات التي أجرتها شخصيات في المعارضة مثل الدكتور البرادعي وعمرو موسى وكذلك الاتصالات التي جرت بين الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع ونظيره الأمريكي تشاك هاجل، والتي كان لها اثرا في احتواء تداعيات عزل مرسي.
فيديو قد يعجبك: