أبو سعدة: جماعة الإخوان تساوم الدولة بين العنف أو الإستيلاء على السلطة (حوار)
حاوره ـ هاجر حسني:
تصوير ـ نادر نبيل:
أكد حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان و عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن سلوك جماعة الإخوان المسلمين العنيف من قادة و أنصار هو ما يدفع المجتمع لرفض التصالح معهم، مشيراً إلى أن الجيش و الشرطة لم تستخدم العنف ضدهم أثناء فض الإعتصامات إلا بعد أن بادروا هم بذلك.
وقال إن زعم البعض بوجود إعتقالات مستهدفة فهو أمر غير صحيح لأنه حتى الآن لم يصدر أية قرار إداري بإعتقال أى شخص من أنصار الجماعة و لكن جميعها قرارات نيابية، وعن رأيه فيما يجرى على الساحة من أحداث بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسى و فض إعتصامات أنصار الرئيس، كان هذا الحوار ...
ـ فى البداية ما تقييمك لطريقة فض إعتصامي رابعة العدوية والنهضة من الناحية الحقوقية؟
مبدئيا كان هناك حضور لعدد من المنظمات الحقوقية أثناء عملية فض الإعتصامات التي قامت بها قوات الأمن، فمن جانبنا كنا حاضرين كمنظمة مصرية بميدان النهضة، كما كان هناك وجود لمركز الأندلس لدراسات التسامح و مناهضة العنف برئاسة أحمد سميح فى ميدان رابعة، و بالتالي فإن حقيقة ما حدث أنه خلال 45 يوم من الإعتصام كان هناك مفاوضات من عدة جهات مع المعتصمين لفض الإعتصام سلميا، و لكن لم تشكل هذه الدعوات أية استجابة، و بعد قرار رئاسة الوزراء بفض الإعتصام حرصت وزارة الداخلية على تنفيذ ما تم الإتفاق عليه فى إجتماعها بعد من منظمات المجتمع المدني للوقوف على المعايير الدولية فى فض الإعتصام.
و كان من بين هذه المعايير الإعلان عن طريق للخروج الأمن لمن يريد ذلك و يكون بصوت مسموع لكل الناس، وعدم استخدام الذخيرة الحية إلا ردا على استخدام السلاح من الطرف الآخر، و التزمت قوات الأمن بهذه المعايير إلا أنه بمجرد الإعلان عن بدء فض الإعتصام استمر إطلاق النار من جانب المعتصمين فى ميدان رابعة على قوات الأمن لمدة ساعتين و ثقت خلالها إصابات فى صفوف القوات، كما رصدت عدد من المعتصمين بحوزتهم أسلحة يطلقون النار من فوق أسطح العمارات.
و لذلك فليس هناك دليل واحد على استخدام القوات المكلفة بالفض الأسلحة دون مبرر، بدليل خروج الكثير من المعتصمين سلميا دون إصابات، و لو كان ما يزعمه البعض صحيحا لكان هناك أعداد كبيرة من الضحايا، فعلى الرغم من أن القوات مطالبة بالإلتزام بأقصى درجات ضبط النفس إلا أننا لا نستطيع أن نطلب منهم عدم الرد فى حالة وجود هجوم من الناحية الأخرى.
تجاوزات في فض اعتصامي رابعة والنهضة
ـ ما رأيك فى روايات بعض المصورين و الصحفيين و التي تؤكد إعتداء قوات الأمن عليهم أثناء عملية الفض؟
لا يمنع أن تكون حدثت بعض التجاوزات من جانب القوات أثناء فض الإعتصام، و لكن لا أعتقد أنها كانت مقصودة و الدليل على ذلك أن وزارة الداخلية هي من طلبت من الإعلاميين الحضور و كذلك من المنظمات الحقوقية، و كانت مكلفة بتأمينهم.
و لكن إذا كان هناك بلاغات رسمية لابد من التحقيق فيها حتى نرسخ أن مفهوم الإعلام و الصحافة مثل الصليب الأحمر لا يستطيع أحد المساس بهم لأنهم يؤدون مهمة انسانية و ليسوا طرف فى أي نزاع، فلا يمكن أن يكون الأمن تعمد ذلك لأنه من مصلحته تصوير ما يحدث و توثيق الإنتهاكات التي حدثت من جانب الطرف الأخر.
ذكرتُ من قبل أنه لا تصالح مع الإرهاب، فكيف سيتمكن أنصار الإخوان التأقلم و الإنخراط فى المجتمع مرة أخرى؟
فى رأيي لا يوجد أي دولة تستطيع التحاور مع مسلحون غرضهم الإستيلاء على الدولة بالكامل، و لكن كل من ينبذ العنف و يرفضه و يتفق على العمل السياسي السلمي مرحبا به، و الحظر هنا ليس على جماعة الإخوان لكونها جماعة إسلامية، و لكن لأنها جماعة تهدف للعنف و إذا تم تشكيل جماعة أو حزب تضم أنصار الإخوان تعمل سلميا فى الدعوة أو السياسة فلا ضير فى ذلك.
أما فكرة عدم التصالح جاءت بناء على سلوك الجماعة الذى كان يتعمد مساومة الدولة بين العنف أو الإستيلاء على السلطة، و هذا فعل كارثي و لذلك نحن بصدد عدم التصالح فقط مع أنصار الجماعة التي تستخدم العنف لفرض تصور أو معتقد معين على شعب بأكملة.
و تصريحات قيادات الجماعة فور القبض عليهم التي دائما ما تشير إلى عدم إشتراكهم فيما حدث من عنف طوال الفترة الماضية هي محاولة للتنصل مما حدث، و هناك تسجيلات كثيرة تداولتها مواقع التواصل الإجتماعي يظهر فيها هذه القيادات و هي تهدد و تتوعد للمصريين و هذا ما يؤكد سعيهم نحو العنف و الإرهاب بطريقة ممنهجة و معدة مسبقا.
ـ هل هذا يعنى أن حل جماعة الإخوان لمسلمين أصبح واجبا؟
أنا لستُ مع إجراءات استثنائية فى حل الجماعة لأن قرار الحل يجب أن يتم من خلال حكم قضائي، فالقواعد القانونية لابد أن تطبق حتى و لو كانت الجماعة مخالفة للقانون لا نستطيع حلها بقرار إداري، و تتخذ المحكمة قرارها بناء على الوقائع التي تُقدم لها بشأن أحداث العنف التي تسببت بها الجماعة و لها الحرية فى الإقتناع بها أو رفضها، لأن التهاون اليوم فى حقوق الشعب و التنازل مع الجماعة سيكون له عواقب سيئة فى المستقبل.
الشعب بدأ فى تنفيذ خطته
ـ ألا ترى أن هناك تخوف من فكرة سيطرة الجيش مرة أخرى على الحكم؟
هذا يعد تخوين، لأن الشعب بعد ثلاث ثورات عارض فيها ثلاث رؤساء و انتزعهم من الحكم، أصبح لديه الإرادة الكاملة التي يستطيع بها التصدي لأي نظام جديد، و ما يحدث الآن دليل على ذلك فالشعب بدأ فى تنفيذ خطته و هي تأسيس دولة ديمُقراطية قانونية و هذا كان من الصعب تنفيذه فى العهود السابقة، و أيضا يسعى المصريون لوضع ستور توافقي يضمن أليات الديمُقراطية التي لن تسمح بالإستبداد من قبل أي حاكم.
كما أن الشعب الذى تمكن من التصدي لسيطرة جماعة على الدولة سينجح بالتأكيد فى التصدي لأي جهة غرضها التحكم بالشأن العام، و لو أن هناك خطورة من السيطرة العسكرية كما يزعم البعض ما كان هناك فصائل سياسية إسلامية الآن تدعو للمصلحة و نبذ العنف كحزب البناء و التنمية.
ـ من ناحية أخرى، هناك خلاف حول لجنة العشرة التي وضعت الدستور و عدم تبنيها الكثير من المقترحات و كذلك المسودة التى خرجت بها، كيف رأيتها؟
أنا أرى المسودة مجرد أعمال تحضيرية، لأن لجنة العشرة تحاول تقنين المناقشة و تجعلها محدودة حتى تقلل الوقت اللازم للتصديق عليها من قبل لجنة الـ 50، فهناك مواد غير مهمة و غير موضحة تم حذفها، لتبقى المواد التي ستناقشها لجنة الـ 50 و هذه اللجنة غير مقيدة و لها مطلق الحرية فى تعديل المسودة سواء بحذف مواد أو إستعادة مواد تم حذفها، من هنا نستطيع القول أن لجنة الـ 10 قامت بدور جيد و العبأ الأكبر سيكون على لجنة الـ 50 و التي يمكنها أيضا الإستعانة بالمقترحات التي تم رفضها من قبل لجنة الـ 10 إذا ما كانت جيدة لأن الهدف النهائي هو وضع دستور تُجمع عليه كل الفئات.
المادة 219 غير موجود في كل دساتير العالم
ـ أثارت المادتان 219 و المادة الخاصة بتحديد نسبة الفلاحين و العمال فى البرلمان خلاف واضح حولهما، لماذا هذه المواد بالأخص؟
من وجهة نظري أن هذه المواد أساسية و لذلك أثارت الخلاف، فالمادة 219 تخلق مشكلة لأنه فى كل دساتير العالم لا توجد مادة مفسرة لمادة أخرى، فجاءت هذه المادة مفسرة للمادة الثانية من الدستور و التي تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية و الدين الإسلامي هو دين الدولة ومصدر التشريعات، و هذا النص لا يختلف عليه أحد سواء مسلمين أو مسيحيين و لكن المادة 219 جاءت لتفسر معنى الشريعة و تحصرها فى مذهب معين، و هذا خطأ لأن الأصل فى أحكام الدستور أن نجعل للشارح مطلق الحرية فى اختيار تفسير المادة مع ما هو أيسر و لكن هذه المادة تحجم و تضيق الخناق على المفسرين.
أما ما يخص العمال و الفلاحين فالخلاف هنا يأتي بسبب إساءة استخدام مفهوم العامل و الفلاح، و حتى الآن لا نستطيع أن نقننه، فمفهوم الفلاح يتحدد بالشخص الذى لديه حيازة أي يملك مساحة معينة من الأراضي و بالتالي فأي شخص يملك مساحة حتى و لو نصف فدان يكون بإمكانه استخراج وثيقة حيازة من الجمعية الزراعية و يصبح مؤهلا للترشح و هذا ما يجعل لواءات و رجال أعمال فلاحين طبقا لهذا المفهوم و من حقهم الترشح للبرلمان، و كذلك بالنسبة للعامل فلم يتم تحديد مفهومه، هل هو من ينتمى لأحد النقابات العمالية أم لا، و بالتالي إذا كان هناك تعريف مقنن لهذه الفئات سنتمكن وقتها من تحديد النسبة بشكل صحيح.
ـ ماذا عن وضع المرأة و الأقباط ؟
لا نستطيع أن نؤسس لدولة ديمُقراطية لا تهتم بشأن المرأة و الأقباط، فهذه الفئات لها مقترحات و ردود أفعال هامة نستطيع من خلالها أن نؤكد للمجتمع الدولي أن مصر قادرة على احترام هذه الفئات و الإهتمام بها، و بالتالي فلابد من تخصيص نسبة معينة لهم داخل البرلمان بحد أدنى 25%يكون منهم 10 % للمرأة.
ـ ما هي المواد التي سيقف عليها ممثلو المجلس القومي لحقوق الإنسان داخل لجنة الـ 50؟
أولا مادة كانت أُلغيت فى دستور 2012 و أعادتها لجنة الـ 10 و هي مادة تنص على منع التمييز بين المواطنين على أساس الجنس أو الدين أو اللغة و هي مادة أساسية و لابد من صياغة قانون يعمل بمنطلق هذه المادة، و ثانيا مادة تجعل مواثيق حقوق الإنسان الدولية التي وقعت عليها مصر ملزمة و لا يجوز للمشرع أو السلطة الحاكمة تجاوزها.
ـ هناك اتهامات موجهه للحكومة الحالية بتغاضيها عن حقوق الإنسان فى أولوياتها، كيف ترى الأمر؟
أنا أرى أن حكومة الدكتور حازم الببلاوي لديها مهمة عاجلة و هي القضية الأمنية يليها الإقتصاد المصري و هذا يعد فى صلب ملف حقوق الإنسان، فحصول الفرد على حقوقه الإقتصادية و الإجتماعية ينحصر فى حقوقه التي من المفترض أن توفرها له الدولة، و كذلك الأمن الذى يعد أهم الحقوق التي يحرص عليها المواطن المصري فى هذه الفترة و خاصة بعد انتشار العنف .
و لذلك لا نستطيع القول أن هذه الأولويات ببعيدة عن حقوق الإنسان، فوجود العدالة الإنتقالية و تشكيل القومي لحقوق الإنسان و المصالحة مع المجموعات المهمشة و تصفية الصراع السياسي يجعلنا أمام حكومة تهتم بالملف الحقوقي.
المنظمات الدولية حصلت علي معلومات غير حقيقية
ـ كيف ترى تعامل المنظمات الحقوقية الدولية إزاء الأحداث فى مصر؟
هذه المنظمات تصرح بآرائها وفقا لما تحصل عليه من معلومات من المجتمع المحلى، و هناك بعض الجهات التى كانت تقدم معلومات مغايرة للحقيقة و كانت المنظمات الدولية تتبنى وجهة نظرها بناء على هذه المعلومات، و لكن فى وجود معلومات موثقة و صريحة يكون هناك موقف آخر كمنظمة العفو الدولية و التي أصدرت تقريرا عن التعذيب الذى حدث من قبل أنصار الرئيس السابق فى إعتصام رابعة، فنحن لا نختلف على أن هذه المنظمات تعمل فى واقع صعب و إذا تبنت مواقف عدائية من قوات الأمن أو من الشعب نفسه يكون بناء على معلومات غير حقيقية حصلت عليها.
ـ البعض يزعم وجود حركة من الإعتقالات تشمل قيادات و أنصار جماعة الإخوان بغرض تصفيتهم، ما تفسيرك لذلك؟
لا يوجد ما يسمى بحركة إعتقالات لآن الإعتقال حتى يتم لابد أن يكون بناء على قرار إداري بالقبض على الأشخاص، و لكن حتى هذه اللحظة جميع القرارات التي صدرت هي ضبط و إحضار من النيابة العامة، و بالتالي ليس هناك قبض تعسفي كما يزعم البعض، و لكن هؤلاء الأشخاص متورطون فى قضايا و لهم كامل الحق فى الدفاع عن أنفسهم و المحاكمة أمام محاكم طبيعية و ليس محاكم استثنائية، و المنظمات الحقوقية تقوم بزيارات لأماكن احتجازهم للتأكد من وجود المناخ الملائم الى يضمن حقوقهم الإنسانية.
ـ رئاسية أم برلمانية، سؤال لطالما يثار عقب انتهاء فترة كل حكم رئاسي خلال الفترة الماضية، أيهما أفضل من وجهة نظرك؟
نحن نحتاج لرئيس جمهورية منتخب لتحسين الأوضاع الداخلية و الخارجية، لأن هناك الكثير من الدول تتخذ مواقف من الحكومة المصرية مثل وقف تراخيص تصدير الأسلحة من عدة دول و ذلك بسبب عدم وجود سياسة معلنة، و هنا يصبح من الأفضل أن تُجرى انتخابات رئاسية أولا عقب وضع الدستور مباشرة.
ـ ما هو مصير العلاقات المصرية الأمريكية خاصة عقب رحيل السفيرة الأمريكية؟
خلافنا مع أمريكا مرتبطا بتصورهم للأوضاع فى مصر بعد الثورة لأنهم أرادوا أن تكون مصر على غرار باكستان لتصبح دولة غارقة فى مشكلاتها الداخلية و معتمدة على دعم و مساندة الخارج، و لذلك تم تعيين باترسون فى هذا المنصب لأنها خبيرة بالشأن الباكستاني، و لذلك فلابد من تأكيد أننا نحتاج لوجود استقلالية و إرادة فى النظام الداخلي و هذا لا يعترض إطلاقا مع العلاقات السياسية و الإستراتيجية و أن تسترجع مصر دورها كقائد اقليمي فى المنطقة.
ـ كيف ترى مصر فى المستقبل القريب، و ما هي أليات تحقيق الأمن مرة أخرى؟
كلما حاصرنا المجموعات الداعمة للعنف داخل جماعة الإخوان و تمت محاكمتهم و فتح الباب لكل من ينبذ العنف، و كذلك إعادة فرض سيطرة الشرطة على الأوضاع الأمنية، و السيطرة على الوضع فى سيناء، وقتها فقط نستطيع تحقيق الأمن بشكل كامل .
فيديو قد يعجبك: