''البوابات والبلوعات والنوافذ''.. هنا نهاية حياة أطفال المدارس
كتبت - ياسمين محمد:
لم يكد يمر الشهر الأول من بدء الدراسة بالعام الجديد، حتى لقة طفلين مصرعهما داخل المدارس في حادثتي إهمال ارتبطا بشكل وثيق بأعمال الصيانة تقوم وزارة التربية والتعليم بها خلال فترة الإجازة.
ففي محافظة القاهرة، لقى الطفل يوسف محمد، الطالب بالصف الثالث الابتدائي بمدرسة عمار بن ياسر، مصرعه إثر سقوط إحدى نوافذ الفصل عليه أثناء قيامه بفتحها، وحينما تم نقله لمستشفى المطرية رفضت دخوله لتلقي العلاج فتم تحويله إلى مستشفى عين شمس التخصصي -التي لقى مصرعه بها- بعد أن نزف كمية كبيرة من الدم، بعد أربعة ساعات من الإصابة.
لم يكن هذا الطفل هو الضحية وزارة التربية والتعليم فقط، بل أيضًا ضحية وزارة الصحة -التي لم تسعفه- فمستشفى عين شمس التخصصي طلبت من والد الطفل 10 آلاف جنيه كتأمين قبل دخول نجله، حسب رواية الوالد.
الأمر الذي دفع الدكتور محمد فتوح، عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة، لتقديم شكوى للنقابة العامة للأطباء، ضد كلًا من وزير الصحة، الدكتور عادل عدوي، والدكتور هشام عطا، رئيس قطاع الطب العلاجي، ومُدراء مستشفيات كلًا من المطرية التعليمي والزيتون التخصصي وعين شمس التخصصي، بتهمة المخالفة الشديدة والمتعمدة لقسم الطبيب -الذي ينص على ''مراقبة الله في مهنة الطب وصيانة حياة الإنسان في كافة أطوارها في كل الظروف والأحوال وبذل كل الوسع في استنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق'' .
لم يمر أسبوع واحد على حادث وفاة الطفل يوسف محمد، حتى لقى طفل آخر يدعى يوسف سلطان، مصرعه بمحافظة مطروح إثر سقوط بوابة مدرسة الزغيرات الابتدائية المتهالكة عليه أثناء لهوه مع أصدقائه خلال فترة الراحة ''الفسحة''.
التحقيق مع المسؤولين
قرر الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم، إحالة مدير مدرسة عمار بن ياسر للتحقيق ووقفه عن العمل، كما أوقف مدرسة الفصل ومشرف الدور ومسؤلي الأمن والصيانة وأحالهم للتحقيق.
وأصدر قرارًا بإلغاء ندب صفي الدين ميهوب، مدير مديرية مطروح، لإهماله في متابعة أعمال الصيانة بالمدارس وندب محمد عبد الفتاح الشركسي، مديرًا للمديرية.
وقرر الوزير أيضًا إحالة مديرة مدرسة الزغيرات الابتدائية، ومدير الإدارة التعليمة، ومدير المتابعة بالمديرية للتحقيق، ووفقهم عم العمل، وإحالة مدير فرع الأبنية التعليمية بمطروح ومدير إدارة التخطيط بالمديرية للنيابة الإدارية .
وأرفق بيان صادر عن وزارة التربية والتعليم، صورة لمحضر إثبات حالة صادر عن هيئة الأبنية التعليمية، يؤكد أنه تم المرور على جميع مدارس إدارة النجيلة التعليمية -التي تقع بها مدرسة الطفل يوسف سلطان بمحافظة مطروح- وتم التأكد من أنه لا يوجد ما يؤثر سلبًا على سير العملية التعليمة أو أمن وسلامة الطلاب.
كما صرح هاني كمال، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، بأنه يتم تغيير شبابيك المدارس الإبتدائية الزجاجية بأخرى بلاستيكية، تجنبًا للحوادث.
مطالبة برحيل أبو النصر
أثارت أخبار وفاة الأطفال غضب النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا أن وزير التربية والتعليم، الدكتور محمود أبو النصر، هو المسؤول الأول عن حياة الطلاب، مطالبين بإقالته من منصبه.
في حين نفى ذكرت وكالة انباء الشرق الأوسط على لسان مصدر بالوزارة أن أبو النصر مستمرًا في عمله وزيرًا للتربية والتعليم، مضيفًا أن ''أبو النصر لم يكن همه المنصب في يوم من الأيام وانما كان همه فقط هو الوطن ومصلحته العليا''، بحسب تعبيره.
كما قال هاني كمال المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، أن تركة وزارة التربية والتعليم ثقيلة، وتحتاج إلى مجهود جبار من أجل إصلاحها، بالإضافة إلى الحاجة إلى اليقظة المجتمعية، مؤكدًا أن الوزارة تعترف بالأخطاء ثم تحاسب عليها المسؤلين، كما تم في حالتي يوسف محمد ويوسف سلطان.
4 وفيات في عهد أبو النصر
لم تكن هاتين الحالتين لوفاة الأطفال هما الحالات الأولى كضحايا الإهمال في عهد الدكتور محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم، فقد سبق ولقى طفلين آخرين مصرعهما العام الماضي، حيث لقت الطفلة هايدي ''4 سنوات''، بمحافظة الشرقية، مصرعها بسبب سقوط بوابة المدرسة عليها، فيما لقى الطفل محمد ''9 سنوات'' بمحافظة أسيوط، مصرعه حينما بتلعته ''بلوعة'' مدرسته.
يتوالى المسؤلين، وتتبادل الاتهامات، وتتعالى التصريحات، والأخطاء لازالت تتكرر، فالطالبة هايدي ضحية بوابة المدرسة العام الماضي، لحقها الطالب يوسف ضحية بوابة أخرى هذا العام، ولا نعلم من سيكون ضحية بوابة العام القادم، حتى تلقى وزارة التربية والتعليم نظرة على بوابات المدارس، ولا تتعلل بالميراث الثقيل الذي حملته من الماضي، ولا يظل الاطفال هم من يدفعون ثمن الإهمال المتوارث من جيل إلى جيل، هذا هو لسان حال الأهالي، الذي يريدون أفعال لا تصريحات.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: