لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حال التعليم في 2014.. لا حياة لمن تنادي

09:57 م الجمعة 02 يناير 2015

الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم

كتبت- ياسمين محمد:

في نهاية عام 2014، وبعد مرور السنة الأولى على بدء تنفيذ الخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم 2014-2030، التي وضعها الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم، رصد مصراوي آراء بعض المتخصصين، للتعرف على حصاد هذا العام من الإنجازات والاخفاقات في مسيرة العملية التعليمية بمصر.

تلخصت آراء المتخصصين في عبارة "لا حياة لمن تنادي"، حيث رأوا أن السلبيات تزيد كثيراً على الإيجابيات، والعملية التعليمية ومحاورها تمضي من سئ إلى أسوأ.

لخص الدكتور محمد السكران أستاذ أصول التربية بجامعة الفيوم، وضع التعليم في مصر خلال العام، بأنه من الحصاد يتبين الزرع الذي زرعته، فزرع التعليم لدينا كان مؤلماً، ابتداءً من منهج تقليدي متخلف، معلم لا همّ له إلا الدروس الخصوصية، إدارات تضع خطط استراتيجية، والنهاية "أمية منتشرة".

إيجابيات التعليم

رأي أيمن البيلي الناشط النقابي وأحد مؤسسي نقابة المعلمين المستقلة، أن من أهم الإيجابيات التي تحققت هذا العام، فكرة "المشاركة المجتمعية"، حيث تم إشراك أطراف العملية التعليمية في وضع خطة استراتيجية متعددة المراحل لتطوير التعليم تحت شعار "معاً نستطيع"، وكذلك إشراك المعلمين في تعديل "قانون التعليم" بما يحقق تطلعاتهم.

وأضاف البيلي أنه من إنجازات الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم، نجاحه في تطهير الوزارة من مجموعة من القيادات القديمة التي ثبت عدم قدرتها على إدارة العملية التعليمية، وكذلك تغيير كل مديري المديريات التعليمية تقريبا.

إدارة مترهلة

قال أيمن البيلي، إن هناك حالة من الفوضى تحكم العملية التعليمية، وصاحب القرار نظرته جزئية، فما فائدة وضع خطة استراتيجية قائمة على أسس علمية، ويُسند تطبيقها إلى نفس العقليات القديمة، التي لا تمتلك القدرة على التنفيذ.

وأضاف أن الوزير قام بإدخال التعليم التفاعلي إلى بعض المدارس، في حين لم تصل التكنولوجيا حتى الآن إلى إدارة العملية التعليمة، فلازلنا نستخدم الأوراق، ولا زال نمط الإدارة القديمة القائم على التصريحات هو الحاكم، موضحاً أن الوزير حتى الآن لم يجر أي تعديل أي من الـ278 إدارة تعليمية على مستوى الجمهورية، قائلاً " إذا استمرت العقلية الإدارية مترهلة ستتحطم خططك على صخرة الفساد".

واستشهد البيلي بأحد محاور الخطة الاستراتيجية للتعليم، وهو "النهوض بالتعليم الفني" من خلال "مشروع المصنع داخل المدرسة والمدرسة داخل المصنع" وتعيين نائب للوزير على رأس قطاع التعليم الفني، ومع ذلك لم نرى أي خطوة تجاه النهوض بهذا القطاع على أرض الواقع، في ظل الفساد والترهل والتربح. وفقًا لقوله.

ورأي الدكتور محمد الطيب أستاذ التربية بجامعة طنطا، إنه لم يحدث أي تقدم ملموس بالنسبة للتعليم في مصر، فالمشكلات لازالت تتفاقم، مشيراً إلى أننا نتبع نظم تعليمية متعددة غيرة موجودة بأي دولة في العالم فما بين المدارس "الحكومية- الخاصة- الدولية- الأزهرية- الفنية" تزداد نسب المحرومين والمتسربين من التعليم يوماً بعد يوم.

واعتبر الطيب أن وضع خطة استراتيجية للتعليم لا يعني النهوض به، فكل وزير وضع خطة لتطوير التعليم تنتهي فترتها دون أن نشعر بأي تغيير.

فيما طالب الدكتور محمد السكران بضرورة إنشاء مجلس وطني على أرقى مستوى من خبراء التعليم لإدارة العملية التعليمة، رافضاً وضع التعليم تحت قيادات مُعيَّنة، ومستنكراً تشكيل مجلس تخصصي للتعليم والبحث العلمي من قبل رئاسة الجمهورية دون تضمينه خبراء بالتربية والتعليم.

المناهج كارثية

أشار الدكتور محمد الطيب، إلى أن مفهوم تطوير المناهج لدينا غير واضح، فعندما نريد تطوير المناهج، نقوم بإنزال منهج الصف الخامس الابتدائي إلى الصف الرابع مثلا، دون الاعتماد على منهج علمي لتطوير المناهج يتناسب وعقول الطلاب، مشيراً إلى ضرورة دراسة تجارب الدول المتقدمة عند تطوير المناهج.

ولفت أيمن البيلي إلى ما وصفه بـ"كارثة" تحدث بمناهج "التربية الخاصة"، حيث يتم تدريس محتويات مختلفة تماماً عن الكتب التي يتم توزيعها، فمستشار المادة أرسل محتوى إلى المعلمين، وتم توزيع كتب على الطلاب تتضمن محتوى آخر، ولا زالت المسألة مهملة حتى الآن.

أما بالنسبة لبعض المناهج الأخرى، استشهد البيلي بمنهج التاريخ الخاص بالصف الثالث الثانوي، مستنكراً الإصرار على الزج ببعض الأشخاص في كتب التاريخ، وتوظيف البحث العلمي لخدمة اتجاه معين، فكل حكومة تأتي تروج للفكر الذي تتبناه على الرغم من أن التاريخ لا بد أن يتسم بالموضوعية.

وبالنسبة لفصل الثورات بالكتاب، أكد أن الثورات لا يكتبها معاصروها، فالثورة يؤرخ لها من يأتي بعدها حتى تظهر النتائج، وإذا أردنا سرد ما حدث فقط، كما بررت الوزارة ذكر الثورات قبل ذلك بأنها فقط تسرد ما حدث، فلا بد أن يتصف السرد بالموضوعية، فما معنى ذكر اسم "حركة تمرد" في الكتاب المدرسي كمحرك أحداث 30 يونيو، دون ذكر دور الأحزاب الوطنية، الشعب، العمال، النقابات وقادة الحركة الوطنية من أمثال الدكتور محمد غنيم، محمد أبو الغار وكمال أبو عيطة؟!.

واستكمالاً لترهل المناهج، رأى الدكتور محمد السكران، أن الامتحانات أيضاً تأتي لتزيد إخفاق العملية التعليمة، حينما تركز على الحفظ وتقتل الإبداع وتنحو نحو الابتداع.

المعلم غير مؤهل

يقول أيمن البيلي أن جزء أساسي من فشل العملية التعليمية، يرجع إلى عدم تدريب المعلمين، وتقديرهم مادياً بشكل يليق بهم، فمثلاً من ضمن الإيجابيات التي أحدثتها وزارة التربية والتعليم، إدخال "التابلت" التعليمي إلى المدارس، ولكن من سيقوم بالشرح للطلاب إذا كان المعلمون غير مدربين على استخدام "التابلت"؟!.

وأكد البيلي أن هناك العديد من المعلمين الذين يطالبون الطلاب بإغلاق "التابلت" ويقومون بالتدريس بالطرق التقليدية، بحيث يصبح المعلم مصدر المعلومة الوحيدة. وبالنسبة للقوافل التعليمية المنوطة بتدريب المعلمين، أشار إلى أن من يقوم بتدريب المعلمين؛ خبراء مواد يتقنون المادة ولكنهم غير ملمين بالتكنولوجيا الحديثة، وبالتالي تفقد فكرة إدخال التكنولوجيا إلى العملية التعليمية جدواها.

وتطرق البيلي إلى عدم تمكين الشباب، مشيراً إلى أن هناك نحو 4000 معلم حاصل على الدكتوراه، ومع ذلك لا يتم توليهم مواقع قيادية بالوزارة لتنشيط الفكر وتحديث العملية التعليمية.

لا زالت المدارس متهالكة

الأبنية التعليمية، جهاز تابع لوزارة التربية والتعليم، ومسؤل عن متابعة صيانة وإنشاء المدارس، ومع ذلك شهدت المدارس خلال هذا العام فقط 6 وفيات داخل أسوارها والسبب "إهمال في المرافق".

قال الدكتور محمد الطيب، إننا نتناول أمر التعليم في مصر بنوع من الاستخفاف ومزيد من الأكاذيب، مثل أن ندعي بأننا نبني مدارس ونرمم أخرى ونزودها بالتكنولوجيا، وقد يكون هذا واقعاً ولكنه واقع محدود، مدارس قليلة تبنى وآخري ترمم ويدخل إليها التكنولوجيا، في حين أن الكثير من المدارس الأخرى لا تزال متهالكة.

ومن ناحية أخرى، أشار أيمن البيلي إلى أن هيئة الأبنية التعليمية اتخذت النموذج الأمريكي في المدارس، بما يتعارض مع المناخ المصري، فيتكون البناء من 5 طوابق، دون مراعاة التهوية الجيدة للفصول، رغم أن هناك دراسات تقول أن درجة استيعاب الأطفال في المناخ الحار تقل بعد الساعة 12 ظهراً، هذا يعني انتفاء التعليم في مصر بعد الساعة 12 في ظل ارتفاع الكثافة بالفصول، وبنائها دون مراعاة التهوية الجيدة.

وتساءل البيلي، "لماذا تقوم هيئة الأبنية التعليمية بترميم المدارس مع بدء العام الدراسي؟، ولماذا يتم ترميم بعض المدارس بشكل متتالي وبنفس الميزانية؟، مثل المدرسة الثانوية التجارية بقليوب، ومدرسة البدراوي في سمنود، هاتان المدرستان على سبيل المثال تم ترميمهما في عامين متتاليين، وفي كل مرة يتكلف الترميم مليون ونصف جنيه، كيف؟!.

الإنفاق على التعليم "اتجاه نحو الخصخصة".

أكد الدكتور محمد الطيب أن نظم التعليم في مصر تحدد طبقاً للقدرة المالية وليس العقلية، فلا توجد عدالة اجتماعية ولا تكافؤ فرص، فرأس المال يساهم في زيادة الفجوة بين المواطنين، والتعليم لا يصنع مواطن ولكن يصنع "مواطنين مختلفين".

وطالب الدكتور محمد السكران، بزيادة الإنفاق على التعليم، وعدم اعتباره خدمة تقدم للمواطنين، بل عملية خدمية إنتاجية، تخصيص رأس مال لها يعد أولوية، موضحاً أننا قبل أن نقضي على الإرهاب لا بد أن نرتقي بالتعليم، فبالتعليم نستطيع أن نقضي على الإرهاب الذي يستغل ما يعانيه الفقراء من جهل وفقر ومرض.

ورأي أيمن البيلي أن مصر تتجه نحو خصخصة التعليم، مشيراً إلى أن عام 2014 هو أكبر عام تم فيه افتتاح مدارس خاصة ومدارس تدرس مناهج أمريكية، مما اعتبره تهديداً للفقراء.

وأشار البيلي إلى العديد من بروتوكولات التعاون بين وزارة التربية والتعليم، وبين رجال الأعمال، مستنكراً عدم تصريح وزير التربية والتعليم بحجم الأموال التي تم جمعها من رجال الأعمال لبناء المدارس.

واعتبر البيلي أن الـ77 مليار جنيه، حجم الإنفاق على التعليم في مصر، إهداراً للمال العام في ظل الفوضى التي تحكم العملية التعليمية، واستمرار الدروس الخصوصية، وخصخصة التعليم دون اعتبار لتعليم الفقراء.

لا رادع للدروس الخصوصية

استنكر أيمن البيلي، استمرار ظاهرة الدروس الخصوصية التي يصرف عليها كل عام نحو 16 مليار جنيه، دون رادع قانوني، مما أدى إلى تحويل المدارس إلى بيوت مهجورة، كما أثرت على منظومة القيم بالمجتمع، فالمدرسة ليست مكاناً لتلقي العلم وحسب، بل أيضاً لبناء القيم داخل نفوس الطلاب.

وأشار البيلي إلى أن قانون التعليم الجديد لم يجرم الدروس الخصوصية، ولكنه نص على تحويل المعلم الذي يعطي دروساً خصوصية إلى المحكمة التأديبية، مطالباً باعتبار هذا المعلم خائناً للوطن إذا كنا نتحدث عن التعليم كقضية أمن وطني.

ونفى البيلي ما صرح به وزير التربية والتعليم من قبل، بأن الدروس الخصوصية ظاهرة عالمية موجودة بمعظم الدول، مشيراً إلى أنها في أكبر الدول تعتبر جريمة، فالمدرسة في تلك الدول بيت الطالب "يأكل ويشرب ويلعب ويتعلم".

وأقر البيلي في النهاية بثقل ميراث وزارة التربية والتعليم، والدكتور محمود أبو النصر، ولكنه أكد أنه لا بد من العمل وفق اسلوب علمي قائم على ثورة جذرية بالوزارة يتم بعدها إعادة البناء، وإلا لن تتحقق طموحات وآمال الوزير.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان