مصراوي يكشف سر 572 كلمة إلى البرادعي مهدت للثورة
كتب – سامي مجدي:
عندما طرح اسم الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية، على الساحة السياسية المصرية، وجد صدى قويًا لدى كثير من الشباب الذي كان يفتقد إلى قيادة ورمز يسير وراءه بعد سنوات من التيه في صفوف المعارضة ''الهشة''، التي لم يكن في صفوفها من ينافس مبارك أو ابنه جمال الذي كانت عمليات إعداده جارية على قدم وساق لخلافة والده على رأس أكبر دولة في المنطقة العربية.
فرغم أن هناك صفحة أنشأت على فيسبوك تحمل اسم ''د. محمد البرادعي رئيسًا لجمهورية مصر العربية 2011''، إلا أن البرادعي نفسه لم يُعلن -وقتها- عن نيته العودة للقاهرة ولم يكن هؤلاء الشباب قد تواصلوا معه حينما أنشأوا تلك الصفحة، فالتواصل جاء فيما بعد عبر الناشط محمود الحتة الذي بعث برسالة إلى البرادعي، تلك الرسالة التي ينفرد ''مصراوي'' بنشرها، تلك التي هزت وجدان الشعب المصري وأحدثت تغييرًا حقيقيًا في تفكيره.
الرسالة من 572 كلمة، مؤرخة في 27 أكتوبر 2009، وموقعة من ''مجموعة من شباب مصر''، وكتبها ''الحتة'' بخط يده، حيث تلقى ردًا مُقتضبًا من البرادعي في نفس اليوم، مُفاده أنه – أي البرادعي - لا يركز حاليًا حول خططه المستقبلية نظرًا لأنه كان لا يزال يشغل منصب مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى نوفمبر 2009.
الرسالة كانت بداية لحراك شعبي كبير قاده الشباب والبرادعي أدى – مع عوامل أخرى - بعد أقل من عام ونصف العام، إلى قيام ثورة 25 يناير؛ فمع رجوع البرادعي واستقراره في مصر بعد انتهاء فترة رئاسته للوكالة الطاقة الذرية في فبراير 2010، تأسست الجمعية الوطنية للتغيير، وبدأت حملة جمع التوقيعات الشهيرة من المواطنين في بر مصر بأكمله.
يقول ''الحتة'' في رسالته مُخاطبًا البرادعي ''لا يُخفى عليكم سيدى ما وصلت له مصر من واقع مؤسف وحال يُرثى له، وكيف يُخفى عنكم وأنتم أدرى به منى؟، فأنا شاب في مقتبل العمر لم أعِ عن مصر ما وعيتم عنها.. سمعت أنها يومًا كانت أجمل بلاد الأرض وعلمت عنها أنها كانت أم الدنيا وينبوع الخير وأرض التلاقي والمحبة والسلام والقوة والعظمة والهيبة والإيمان.. وكيف صارت؟؟''.
وتصف الرسالة – وقت كتابتها قبل خمس سنوات - حال مصر من وجهة نظر شاب في العشرينات مع عمره ''مصر أصبحت أرضًا خربة يرعى فيها ذئاب البشر، ينهشون فيها لحوم العباد ممن وقعوا تحت أيديهم.. مصر أصبحت بلدًا يحكمها الاستبداد وشريعتها الظلم.. الشباب عُطل والعلم وُئد والخير أُجهض والقوة وهنت والهيبة خفت، مصر لم تعد هي مصر فهذه البلاد لم تعد كبلادي''.
ويعبر ''الحتة'' عن أمله المُعلق في البرادعي وعودته للتخلص من الظلم والاستبداد والثورة المُتقدة في قلوب الشباب ونفوسهم، فيقول ''عندما أكتب إليك سيدي فأنا أكتب بدموعي.. قلمي يئِنُ حزناً وغضباً وثورة، عندما أرسل إليك فإنني أُنادي الأمل الذي طال انتظاره والرجاء الذي لم ينقطع''.
واعتبر ''الحتة'' عدم استجابة البرادعي لمطالب الشباب بالعودة ''خيانة'' حيث قال ''لا مفر من القدر ولا من نداء الوطن وحاجة الناس؛ فهذه خيانة لا يغفرها شعب ولا ينساها تاريخ''.
وكان ''الحتة'' يعي أن حربًا شرسة وقذرة سوف يشنها نظام مبارك على البرادعي لتشويه صورته، حيث يقول ''أعلم أن المهمة شاقة وعسيرة فأنت ستكون سهمًا في مواجهة أسهم من الفساد والظلم والشائعات''، ويضيف في مكان آخر ''بالطبع فإن الخسائر واردة ولكن مصر تستحق.. اسمعوا لنداء ضميركم ودعوات الناس وآمالهم واخضعوا لقدركم''.
بعد ذلك بنحو شهرين كان هناك تواصل آخر بين الحتة والدكتور البرادعي أراد من خلاله أن يعرف الأول متى يصل الأخير إلى القاهرة ليستعدوا لاستقباله، حيث كتب ''الحتة'' بالإنجليزية - في رسائل انفرد بها ''مصراوي - يقول ''أريد أن أعرف متى سوف يعود الدكتور البرادعي إلى القاهرة لأنهم يُجهزون للترحيب به في مطار القاهرة''.
فكان الرد في 30 نوفمبر 2009 بأن ''البرادعي لديه كثير من العمل متعلق بالتزاماته وتاريخ مجيئه إلى مصر ليس مؤكدًا بعد، ومع ذلك فمن المتوقع أن يزور القاهرة في الأشهر القليلة المقبلة''.
في الأول من يناير 2010، كانت هناك رسالة تهنئة من البرادعي بمناسبة العام الجديد، أعرب فيها عن ''خالص تقديره وشكره العميق لوطنيتكم (شباب حملة البرادعي) الصادقة وجهودكم المخلصة من أجل تمكين شعبنا ليكون السيد والحاكم ولضمان ما يستحقه كل مصري من حياة آمنة في إطار مجتمع يقوم على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتضامن الإنساني''.
بعد ذلك بيومين، وتحديدًا في الثالث من يناير 2010، بعث ''الحتة'' برسالة يطلب فيها تحديد ميعاد بين الدكتور البرادعي وعبد الرحمن يوسف -منسق الحملة - ''للأهمية القصوى''، وأضاف ''الحتة'' في رسالته ''الحركة تحتاج توجيهات الدكتور (البرادعي) في كثير من الأمور ونحن لا نستطيع أن نتخذ قرارات بالنيابة عنه''، وجاء الرد من ''البرادعي'' بضرورة التواصل مع أخيه الدكتور علي البرادعي ولقاؤه.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: