أزمة نقص الأدوية.. تهدد المرضي بالموت البطيء (تقرير)
تقريرـ شيماء الليثي :
كارثة جديدة يشهدها سوق الدواء المصري، فأدوية تعالج القلب و المخ و عدد كبير من الأمراض الحيوية باتت في طي النسيان، بعد أن اختفت من الصيدليات تدريجيا وتسببت في أزمة كبيرة في صحة المواطن المصري تُعرض حياة المئات للخطر و ربما للموت ببطء .
أطباء عاجزون عن علاج المرضى
أطباء يعانون من عجزهم من مداوة المرضى بسبب عدم إمكانية توفير دواء حيوي ناقص بإمكانه إنقاذ أرواحهم ، الدكتور خالد أمين طبيب النساء و التوليد يروي " لمصراوي" مأساة محققة يعايشها يوميا بسبب نقص عقار "ميزوتاك" بجميع بدائله ، و هي أقراص لا يتعدى سعرها الجنيهات السبع لكنه يعالج حالات نزيف ما بعد الولادة و الإجهاض و الذي يعد نقصه هو موت يومي محتمل لحالات يصعب السيطرة على نزيفها إلا بهذا الدواء لأن لديه فاعلية أكبر من غيره ، والأمر الغريب هو عدم وجود البدائل أيضا مما يفاقم من صعوبة الموقف .
أما الدكتور عبد العزيز محمد طبيب الأمراض العصبية أكد أن عقار آخر يسمى "ايبانوتين" يعالج حالات الصرع الطارئة اختفي أيضا من الصيدليات بكل بدائله، و نفذ مخزون عدد كبير من المستشفيات منه رغم أن سعره لا يتجاور الثلاثة جنيهات ، لكن في غاية الأهمية و عدم وجوده يجعل حياة المريض بين الحياة أو الموت .
الطبيبين أكدوا أن هناك أدوية أخرى في العديد من التخصصات أيضا ناقصة و يؤدي نقصانها إلى أزمة كبيرة، و ما يضع المريض في كارثة أكبر محققة هو أن عددا من الأدوية الحيوية التي يحتاجها المريض في قسم الاستقبال و الطوارئ و في تخدير عمليات الطوارئ لم تعد موجودة بالمستشفيات و لا يجدها أهل المرضى في الصيدليات الخارجية .
حجم الكارثة وأسبابها
قبل بضعة أشهر أصدرت الإدارة المركزية لشؤن الصيدلة و الدواء بوزارة الصحة و السكان قائمة كبيرة لنواقص الأدوية تضم 135 صنفا دوائيا ناقصا من السوق المصري، و تشمل أدوية هامة جدا مضادة للفيروسات ، و تجلطات الدم و أمراض الكلى و القلب و الصدر و أمراض النفسية و العصبية و غيرها .
قائمة الـ135 صنفا الناقصة من الصيدليات لم تتوقف في عند هذا الحد، فالعدد بات في ازياد واضح و أدوية عديدة لم يعرف عنها السوق شيئا منذ عدة أشهر ، مما أدى إلى تفاقم الأزمة بشكل كبير ، إذ أكد الدكتور أحمد فاروق، عضو مجلس النقابة العامة للصيادلة، أن عدد الأصناف الناقصة من حيث المواد الفعالة يصل إلى 200 صنف ، فينما عدد الأدوية الفعلي الناقص من السوق من حيث كأصناف دوائية مختلفة يفوق 800 صنف دوائي ، مما يعني أن الأزمة كبيرة جدا و في تزايد مستمر و تهدد حياة المصريين ، خاصة و أن منها مصلات شهيرة وأدوية لتذويب الجلطات و لعلاج الضغط و السكر و القلب .
أسباب عديدة أرجعها فاروق أدت إلى تفاقم المشكلة بهذا الحجم كان أولها عدم وجود هيئة مستقلة تحفظ الأمن الدوائي في مصر، و نظرة الدولة للدواء على أنه سلعة وليس أمن وطني يجب توفيره لكل المرضى في كل وقت، فضلا عن ارتفاع سعر الدولار الذي أدي الى نقص المواد الخام ، حيث أن الوضع المالي لمصر أثر على استيراد الشركات للمواد الخام ، مما أصل بالتبعية على كل شركات انتاج الأدوية .
ولفت عضو الصيادلة إلى أن هناك الكثير من وسائل الاحتكار التي تمارسها سلاسل كبرى الصيدليات تؤدي الى تعطيش السوق من الأدوية ، كما أن احتكار شركات المالتي ناشينونال لـ 62% من صناعة الدواء أثر بالسلب على شركات قطاع الأعمال و تقلص أعمالها و مبيعاتها و هذه الشركات كانت تحمي الأمن الدوائي ، كما أدى إلى خروج العديد من الشركات من المنافسة في صناعة الدواء ، و جعل شركات كثيرة بصدد الإفلاس بعد أن كانت تمد السوق المصري بالعديد من الأدوية الحيوية .
هيئة مستقلة للدواء هي الحل
شدد فاروق على أهمية وضع قرار تسعيري للدواء لضبط أسعار الدواء بما يحفظ مصالح الشركات و الصيدلي و على رأسهم المريض ، مؤكدا على ثقته في أن الدكتور أحمد عماد وزير الصحة و السكان قادرا على فعل ذلك خاصة وأنه قام باتخاذ قرارات هامة بالفترة الماضية في شؤن الصيدلية ، لافتا إلى أن قرار التسعير سيقوم بتحقيق التوازن المطلوب حيث يعمل على زيادة سعر الأدوية التي يكلف انتاجها اكثر من سعرها، و خفض سعر الأدوية المرتفعة الثمن بدون مبرر، مشيرا إلى ضرورة توفير الدولة لمخزون كافي من الدواء لعدم الخوض في مثل هذه الأزمة مرة أخرى .
و أكد أن انشاء هيئة عليا لإدارة شؤن الدواء ستكون هي المخلص للدواء و الأب الروحي له و التي ستعمل على حماية الدواء و اعتباره ملف أمن قومي بالبلاد، حيث أن أزمة نواقص الأدوية على سبيل المثال لم تحدث بأي دولة من الدول التي لديها هيئة عليا للدواء ، معربا عن أهمية وجود هيئة خاصة مستقلة للدواء تتبع رئاسة الوزراء و يديرها صيدلي متخصص ، مما سيضمن وجود حلول لإنهاء أزمات الدواء .
فيديو قد يعجبك: