مصراوي يحاور مؤسس ''نفهم'' بعد وصول متابعيه الي 27 مليون مشاهدة
حوار- ياسمين محمد:
تصوير علاء القصاص:
أن يكون التلميذ معلماً في نفس الوقت، أمرٌ قد لا نستطيع تخليه بعقولنا، فكيف لطالب في حاجة إلى المعلومة، أن يكون هو مصدرها؟!.
على الرغم من أن الفكرة قد تكون غريبة، إلا أنها تحققت على أرض الواقع، حينما آمن ثمانية من الشبان، بأن العلم وظيفة المجتمع وليس الدولة، فكروا كيف يكون للمجتمع دوراً أساسياً في تعليم نفسه، ووفروا أبسط الأدوات، التي جعلت من التلميذ ''معلماً''، يبحث في المناهج، ويختار أبسط طرق الشرح وأكثرها إبداعاً ليصبح متعلماً، ومعلماً لغيره من الطلاب.
الوسيلة.. ''نفهم''، والشعار ''ببساطة نتعلم''، هكذا يتحدث محمد حبيب مؤسس الموقع الالكتروني المتخصص في بث المناهج الدراسية لمختلف المراحل التعليمية، في شكل ''فيديو تعليمي''، لتصل مشاهدات موقع ''نفهم'' إلى 27 مليون مشاهدة خلال ثلاث سنوات فقط من الانطلاق.
حاور ''مصراوي''، مؤسس الموقع، الذي روى لنا قصة النجاح، التي بدأت بفكرة، وانتهت بـ''جائزة رواد مواقع التواصل الاجتماعي''، ولا يزال المشوار مستمر.
البداية:
يقول محمد حبيب، مؤسس موقع ''نفهم'' الالكتروني، أن الفكرة بدأت بإحصائية، اطلع عليها في شهر فبراير من عام 2012، والتي تفيد بتزايد أعداد المواليد في مصر، كل عام بما يعادل 2.2 مليون طفل، وفي هذا العام وصلت الزيادة إلى 2.6 مليون طفل، في حين لا تزال الأماكن المتاحة لهم بالمدارس محدودة، مما ينعكس على أسلوب الفهم والاستيعاب بسبب الكثافة التي نعاني منها في الفصول.
هذا بالإضافة إلى أن كل مشكلات المجتمع، ترجع في نهاية المطاف إلى التعليم. من هنا جاءت فكرة ''نفهم''، حيث فكر في عمل خدمة تكميلية لما يتم شرحه بالمدارس ولكن ''On line''، بمعنى أن يتم إعادة شرح نفس المناهج المعتمدة من قبل وزارة التربية والتعليم، بدءً من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف الثالث الثانوي في شكل ''الفيديو التعليمي''.
كيف يتم إنتاج الفيديو؟
يتبع فريق العمل، المكون من ثمانية من الشباب فقط، ثلاثة طرق للحصول على الفيديو، لوضعه على الموقع الالكتروني، وتمثلت الطريقة الأولى في إنتاج ''الفيديو'' عن طريق الاستعانة بالمعلمين المتخصصين، والطريقة الثانية في تجميع كافة المواد التعليمية الموجودة على ''الانترنت''، أما الثالثة فتتمثل في مشاركة المجتمع في إنتاج ''الفيديو التعليمي''.
كيف يكون للمجتمع دور؟!
يقول محمد حبيب، أن من أكثر الصعوبات التي واجهت المشروع، عدد المناهج الدراسية، حيث يبلغ عدد المناهج خلال مرحلة التعليم الأساسي من 4000 إلى 4500 منهج، يتغير 30% منهم كل عام، مما يجعل قيام الأفراد القائمين على المشروع بإنتاج ''الفيديو التعليمي''، ليغطي المناهج الدراسية كافة، مستحيل، من حيث الوقت والجهد، والعائق الذي يقف في وجه كل مشروع جديد ''التمويل''.
يضيف حبيب، أن فريق العمل فكر في التغلب على هذا العائق، من خلال المجتمع، بحيث يقبل الموقع، أي ''فيديو تعليمي''، من إنتاج المعلمين، أولياء الأمور، طلاب الجامعة، وكذلك الطلاب، وذلك بشروط بسيطة جداً تتمثل في صحة المعلومات وجودة الصوت والصورة، وأن تتراوح مدة ''الفيديو'' من 5 لـ15 دقيقة.
وأشار حبيب إلى أن هذه التجربة أتت بثمار كبيرة، حيث تفاعل معهم الكثير من الأفراد على مختلف تخصصاتهم، وكذلك كان الموقع بمثابة فرصة للطلاب، ليبحثوا بأنفسهم في مناهجهم الدراسية، ويبتكروا وسائل للشرح وإيصال المعلومة، ليكونوا في منافسة مع معلميهم.
ماذا عن التجربة الأولى للمشاركين؟
يوضح حبيب، أن الموقع لا يتطلب شروطاً صعبة من المشاركين، كما أنه يقوم بعمل ''Event'' مرة أو مرتين كل شهر، لاستقبال المتطوعين، الراغبين في المشاركة بإنتاج المواد التعليمية، وتدريبهم على النقاط الأساسية التي يجب عليهم مراعاتها عند إنتاج ''الفيديو التعليمي''.
كما يتم عمل مسابقة، بين كافة المواد المقدمة، بحيث يتم ترتيب ''الفيديو'' المقدم وفقاً للمشاهدات التي يحصل عليها، ويتم ترتيب الفائزين في مراكز أولى وثانية وثالثة وهكذا.
لماذا ''نفهم''؟
يوضح حبيب، أن المتعارف عليه في مصر، أننا نحفظ من أجل الامتحان، لذا اختار الفريق كلمة ''نفهم''، شعاراً لمشروعه، في محاولة لإرسال رسالة إيجابية عن التعليم، وتقديم نماذج جيدة عن المجتهدين، واستكمل الفريق شعاره بـ ''ببساطة نتعلم''، لمحاولة محو الصورة السلبية عن التعليم في بلادنا ''مدرسة، مناهج تصم، امتحانات نفرغ فيها محتويات المناهج'' وفقط.
أين وزارة التربية والتعليم؟
لم يوقع ''نفهم'' حتى الآن أي بروتوكول تعاون مع وزارة التربية والتعليم، حيث يشير محمد حبيب، إلى أنه لا يوجد تعامل مباشر بين مؤسسي الموقع وبين الوزارة، لافتاً إلى أن المشروع دخل في مبادرات متعددة مع وزارة الاتصالات.
وماذا عن التمويل؟
يقول حبيب ''نحاول أن نبني نظاماً يغطي مصاريفه، فلدينا مصادر للتمويل غير ثابتة، تتمثل في الرعاية، حيث يرعى المشروع الكثير من الشركات مثل: '' سامسونج- جوجل – باي دو- انتل''، هذا بالإضافة إلى الإعلانات.
إلى جانب ذلك، فقد حصل الموقع على عدد من الجوائز التي تحتوي على جزء مالي، حيث حصل الموقع على جائزة أمير الكويت ''الشيخ سالم الصباح'' المعلوماتية كأفضل موقع عربي لعام 2014، وكذلك جائزة أفضل تأثير اجتماعي من شركة Mc Egypt في 2013، وجاءت الجائزة الأخيرة ''رواد التواصل الاجتماعي العربي، التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوب، والتي لم يكن بها شق مالي ولكن كان لها تأثير كبير على انتشار الموقع.
من كل هذا استطاع الفريق من خلاله تغطية مصروفات الموقع، بحيث يظل المحتوى المقدم للطلاب مجانياً.
شيء أخر ساهم في تخفيض التمويل، وهو اعتماد الموقع على المشاركة المجتمعية التطوعية، حيث يشارك المجتمع في إنتاج البرامج التعليمية، ويتكون فريق العمل من 8 أفراد فقط، يقومون بتنظيم العمل فقط، وتصل عدد ساعات العمل إلى ثمانية ساعات فقط يومياً شأنه شأن كافة الشركات والمصالح الحكومية.
كيف ترشح ''نفهم'' لتلك الجوائز؟
يقول حبيب أنه في فترة بسيطة أستطاع المشروع أن يصل إلى عدد كبير من الناس، حيث غطى احتياجات كثيرة عند الأسرة المصرية، وعدد كبير من الطلاب تخلوا عن الدروس الخصوصية في بعض المواد التي يفهمونها جيداً من خلال الموقع، كل هذا جعل لـ''نفهم'' تأثير اجتماعي جيد أهله للحصول على تلك الجوائز.
ماذا عن المشاهدات؟
يشير مؤسس موقع ''نفهم'' إلى أن الموقع لديه الآن، أكثر من نصف مليون مستخدم بشكل شهري على الموقع، و 97 ألف Subscribe على ''يوتيوب''، بالإضافة إلى 370 ألف fan'''' على موقع التواصل الاجتماعي ''فيس بوك''.
وأوضح محمد حبيب أن عدد المواد التعليمية المرفوعة على الموقع تصل إلى 23 ألف ''فيديو تعليمي''، بإجمالي عدد مشاهدات 27 مليون مشاهدة منذ بدء المشروع، و 100 ألف مشاهدة بشكل يومي.
إلى أين وصل ''نفهم''؟
يقول حبيب أن المشروع بدأ في عام 2012 بمصر فقط، ولكنه امتد ليصل إلى السعودية، الجزائر، الكويت، وسوريا، مشيراً إلى أنه تم الانتهاء من إنتاج كافة المناهج المصرية، فيما يعتبر بث الموقع بالنسبة للبلاد الأخرى ''تجريبياً''.
''نفهم'' والدروس الخصوصية:
يشير حبيب إلى أن موقع ''نفهم''، لا يحارب الدروس الخصوصية، لأن مشكلتها في مصر أكبر من فكرة ''المدرسين الطماعين''، فظاهرة الدروس الخصوصية تعكس عجز الدولة عن توفير مرتبات كافية للمعلمين، مما يضطرهم إلى البحث عن وسائل أخرى لتحسين مستوى المعيشة.
وأضاف حبيب أن فكرة الموقع، أن يستطيع الطالب الوصول إلى المعلومة عن طريق ''نفهم''، إذا بحث عنها، خاصة إذا كان غير قاد على دخول الدروس الخصوصية، أو كان رافضاً لها.
وأوضح، أن ميزة الفيديو التعليمي، انه يساعد الطالب على التكرار إذا لم يفهم نقطة معينة، كما أن الاعتماد على المجتمع في إنتاج المواد التعليمية، يساعدنا في توفير أكثر من طريقة للشرح لتتناسب مع الفروق الفردية بين الطلاب.
مجانية التعليم:
يرى حبيب أن التعليم يجب أن يظل مجاني، على الأقل حتى الانتهاء من مرحلة التعليم الأساسي، وهذا ما يفعله ''نفهم''، وبعد المرحلة الثانوية يجب أن ترتبط مجانية التعليم بالتفوق الدراسي.
وأشار حبيب إلى أننا في مصر لدينا ثقافة ضرورة حصول الطالب على الشهادة الجامعية حتى يتمكن من الحصول على عمل، موضحاً أنها ثقافة لا بد من تغييرها، فما يحتاجه كل فرد أن يكون التعليم مجانياً حتى انتهاء مرحلة التعليم الأساسي، ثم ترتبط المصروفات التفوق فيما بعد.
كيف يرى ''نفهم'' التعليم في مصر؟
يقول محمد حبيب، أن أهم ما يجب أن نركز عليه في طريقة التعليم المصري، هو تغيير طريقة تفكير الطالب في الامتحان كوسيلة لتحصيل الدرجات فقط.
وأكد حبيب أنه على الرغم من الاتهامات المتعددة للمناهج الدراسية المصرية، بأن جودتها أقل بالنسبة لمناهج الخارج، غير حقيقية، مشيراً إلى أن هناك الكثير من الطلاب المقيدين بالمدارس الدولية، يختارون منهج اللغة العربي المصري، دون بقية المناهج لجودة هذا المنهج، موضحاً أن المشكلة في طريقة توصيل المعلومات للطلاب ''الحفظ والتلقين من أجل الامتحان''.
هل المستقبل للتعليم التفاعلي؟
يرى حبيب أنه لا يمكن الاستغناء عن الفصل، واستبدال المدرسة بالتعليم التفاعلي، مشيراً إلى أنه لمواجهة كثافة الفصول بالمدارس يمكن الاستعانة بالتعليم التفاعلي، بحيث يشاهد الطالب ''الفيديو التعليمي'' قبل ذهابه إلى المدارسة، ويستغل فترة وجوده مع المدرس في سؤاله عن بعض الموضوعات التي لم يستطع فهمها من ''الفيديو''.
وأضاف حبيب أنه حينما يكون المدرس هو صاحب المعلومة الوحيد، يضطر للموازنة بين مستويات الطلاب المختلفة، كأن يشرح في مستوى الطالب المتوسط، فيشعر الطالب سريع الفهم بالملل، والطالب الضعيف تضيع منه الأفكار.
وتابع أنه في ''نفهم''، يستطيع الطلاب أن يسألوا المعلمين، On line، ليجيب عليهم المعلم المتخصص.
رؤية ''نفهم'':
يوضح حبيب أن خطة نفهم في المرحلة المقبلة تتضمن توفير مناهج التعليم الفني، مشيراً إلى أنه يحتاج إلى استثمار كبير جداً، خاصة مع تغير المناهج بشكل مستمر، كما يحتاج إلى تكوين شراكات مع المصانع والأماكن الحرفية.
كما يخطط ''نفهم'' لعمل نظام تقييم شامل للطلاب، وتوفير وسيلة أسهل للتواصل بين المعلمين والطلاب بشكل مباشر، هذا بالإضافة إلى التوسع في الوجود بالعالم العربي.
موقع نفهم:
http://www.nafham.com
فيديو قد يعجبك: