إعلان

ماسبيرو: "مجلس حكماء" تشخص الداء وتكتب روشتة الدواء

06:14 م الأربعاء 20 مايو 2015

الإعلامي حافظ الميرازي

كتب - سامي مجدي:

على طاولة مستطيلة ينقصها ضلع في القاعة الشرقية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في التحرير، جلست مجموعة من الشخصيات تشبه "مجلس حكماء"، تبحث في أزمات اتحاد الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو) والتحديات التي تواجه إعلام الدولة المرئي والمسموع وتقديم حلولا مقترحة لإصلاح منظمة ذلك الإعلام.

الجلسة أدارها الإعلامي حافظ الميرازي، أستاذ ممارس للصحافة التلفزيونية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وضمت إلى جواره المهندس أسامة الشيخ وحسن حامد وسامي الشريف رؤساء اتحاد الإذاعة والتلفزيون السابقين، إضافة إلى الإذاعي الكبير سيد الغضبان والإعلامي جمال الشاعر ووزير المالية الأسبق أحمد جلال والخبير الإعلاني أمجد موسى صبري، بالإضافة إلى الدكتور أحمد درويش وزير التنمية المحلية الأسبق.

تأتي الجلسة ضمن سلسلة إصلاح الإعلام التي يقوم عليها مركز كمال أدهم للدراسات الإعلامية بالجامعة الأمريكية.

بداية تحدث الميرازي في مقدمة قصيرة عن إعلام الدولة المرئي والمسموع، مشيرا إلى أن الدولة تمتلك منظومة ضخمة من الترددات الإذاعية والتلفزيونية، فضلا عن نحو 40 ألف عامل في ماسبيرو. وطرح تساؤلات بشأن الإصلاح وإعادة الهيكلة الذي يدور الحديث عنه منذ التسعينات.

"المشاكل واحدة"

وكان حسن حامد، الذي تولى رئاسة ماسبيرو من 2001 إلى 2004، أول المتحدثين من ضيوف الجلسة. وقال إنه منذ أن تولى منصبه وإلى الآن "والمشاكل هي نفس المشاكل بنطاق أكبر".

وأوضح أن أولى المشاكل هي "هوية المكان"، فاتحاد الإذاعة والتلفزيون وفقا للقانون هو "مؤسسة إعلامية تسعى للخدمة العامة وهو الجهاز الإعلامية للدولة"، لكن عند تطبيق هذ المفهوم على المستوى الوظيفي "فنجد أمامنا مشكلة إدارية كبرى: كم العمالة الكبير جدا.. غير المؤهل جدا".

ويشير حامد إلى أن الهياكل المالية لاتحاد الإذاعة والتلفزيون "بها خلل واضح"، فالعمل في المؤسسة بمكبل بمديونيات متراكمة على مر السنين منذ بدأت الاقتراض من بينك الاستثمار في ثمانينيات القرن الماضي (نحو 22 مليار جنية مديونيات ماسبيرو الآن وفقا للأرقام الرسمية). وضرب حامد مثالا بالأجهزة والمعدات الخاصة بالهندسة الإذاعية التي كانت تمول عبر القروض.

وعاد حامد إلى الفترة التي قضاها على رأس ماسبيرو (2001: 2004) وقال إن الاتحاد كان يحقق مبيعات في 2004 من إنتاجه الدرامي تقدر بنحو 150 مليون جنيه، ونحو 350 إلى 400 مليون جنيه من الإعلانات سنويا.

وأضاف أن الأمور كانت تسير بشكل معقول وأسفرت عن إنجاز مشروعين كبيرين هما: مدينة الإنتاج الإعلامي وملكية ماسبيرو فيها 42 سهما، والقمر الصناعي المصري "النايل سات". لكن اتحاد الإذاعة والتلفزيون لا يحقق استفادة من المشروعين لأن الديون أجبرته على رهن أسهمه لبنك الاستثمار.

وقال حسن حامد رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون الأسبق إن "إنه يستحيل استمرار الوضع على ما هو عليه.. والدولة لا تستطيع الإنفاق بهذا الشكل. فهناك ما لا استطيع فهمه، هو أن المكافآت والحوافز التي تصرف للعاملين ليست على أساس الإنتاج والعمل.. كما أن معظم الأموال لا تنفق على الأعمال التلفزيونية والإذاعية".

"ذبح الجهاز"

أما المهندس أسامة الشيخ الذي تولى رئاسة اتحاد الإذاعة والتلفزيون في الفترة ما بين أكتوبر 2010 حتى بعد ثورة 2011، فأشار إلى أنه ترك مديونية ماسبيرو في حدود 11 مليار جنيه والفروقات في المديونية جاءت من تراكم فوائد الديون التي استخدمت معظمها في مدينة الإنتاج الإعلامي والنايل سات.

وقال الشيخ إن ميزانية ماسبيرو تصل إلى 6 مليار جنيه، أغلبها تصرف بدلات للموظفين وهي غير مرتبطة بعملية الإنتاج التلفزيوني والإذاعي.

وأوضح أن "الأمور ليست واضحة بالنسبة لماسبيرو؛ فإذا كان يستهدف الخدمة العامة فعلى الدولة أن تصرف عليه على قدر طاقتها.. وإذا كان غرضه تجاري فالاتحاد على حالته الحالية غير جاهز".

من جانبه قال الدكتور سامي الشريف، الذي تولى رئاسة اتحاد الإذاعة والتلفزيون من مارس حتى مايو 2011، إن "ما نشاهده الآن هو ذبح للجهاز.. وننسى أنه كان قبلة الإعلام الخاص والإعلام العربي".

وذكر الشرف واقعة جرت معه عند بداية توليه منصبه، حيث اتصل به أحد أعضاء المجلس العسكري وأقترح عليه صرف مكافأة نصف شهر أو شهر للعاملين في ماسبيرو، فاستدعى مسؤول الشؤون المالية فوجد أن الموجود في الحسابات حوالي 6 مليون جنيه والأجور تتجاوز 122 مليون شهريا في مارس 2011.

وأوضح أن عدد العاملين كان 34 ألف، فمثلا قطاع الأمن حوالي سبعة آلاف فرد والهندسة الإذاعية 13 ألف و500 فرد، ولم يكن هناك إنتاج ولا إعلانات ووصلت جملة المديونيات 16 مليار جنيه.

وتساءل متعجبا: هل الدولة مطالبة بأن يكون لها ١٣ قناة تلفزيونية و١٧ إذاعة موجهة للخارج؟

"جهاز وطني لا جهاز دولة"

جاء الدور على أحمد جلال، وزير المالية الأسبق، الذي بدأ حديثه بضرورة توصيف المشاكل: الهوية والجانب الإداري والمالي، مشيرا إلى أن مصر بحاجة إلى جهاز وطني وليس جهاز دولة أي يكون اهتمامه صالح الوطن وليس صالح الدولة على نمط هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي.

ولفت إلى أنه سعى مع الدكتورة درية شرف الدين، وزيرة الإعلام السابقة لوضع خطة لإصلاح اتحاد الإذاعة والتلفزيون لكن الأمر ظل كما هو، إلى إن سمح عن وجود خطة لإعادة هيكلة ماسبيرو "لكن ملامح الخطة أصابتني بإحباط؛ حيث إن بيع الاراضي وتسديد المديونيات، كما يقال، لن يحل المشكلة.

وقال جلال "نحن بحاجة لمواجهة المشكلة لحلها بشكل أمين... نحتاج اعادة هيكلة مالية وإدارية وإنتاجية وغير ذلك ليست هيكلة".

وتحدث الخبير الإعلاني أمجد موسى صبري وقال إن "مشكلتنا في التلفزيون المصري هي غياب الإبداع، على عكس ما كان سائدا في ستينات وسبعينات القرن الماضي".

وأضاف صبري أن اتحاد الإذاعة والتلفزيون بحاجة إلى العمل وفق فكر مؤسسي والتخلص من العمالة الزائدة، والعمل بمنظومة "الإبداع التحديث المنافسة"، حتى يحقق ماسبيرو استفادة من السوق المفتوح بحيث يكون "المنتج هو الذي يتحدث".

"ألد أعداء إعلام الدولة"

واختلف الإذاعي الكبير سيد الغضان، مع الخبير الإعلاني أمجد موسى صبري في رؤيته لإصلاح اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وقال الغضبان في مداخلته إن الإعلانات "ألد أعداء إعلام الدولة"، مشيرا إلى أمجد موسى صبري أعطى صورة هائلة للإعلام الخاص والأعلام العربي "لكننا هنا نتحدث عن إعلام الدولة".

وأوضح الغضان أن الدولة تنشأ إعلاما كي تقدم خدمة عامة تتعلق بالشعب المصري وخصوصياته، هذه الخدمة تخدم موقف مصر على المستوى العربي والإقليمي.

وشدد الغضبان على أن "الحل يجب ألا يمس المصالح المالية للعاملين (في ماسبيرو) على الإطلاق. إعادة الهيكلة تعني أن يؤدي إعلام الدولة الخدمة المطلوبة منه.. وإذا وجد أن العدد أكبر مما هو مطلوب نفكر في طريقة أخرى لاستغلال تلك العاملة الزائدة".

وأشار إلى أن "لابد من التفكير في حل جذري لإيجاد هيكل إداري وفني ومالي حتى يستطيع اتحاد الإذاعة والتلفزيون أن يؤدي الخدمة العامة المطلوبة منه حتى نصل إلى مستوى يساعدنا على حل مشكلة الترهل الوظيفي".

وحذر الغضبان من  الاتجاه إلى الإعلان والشركات الاستثمارية، وقال "ذلك أدى إلى فساد الإعلام في مصر.. الإعلان لا يمت بأي صلة بأي شكل من الأشكال بالإعلام".

وأوضح الغضبان أن إعلام الدولة سوف يحقق الغرض منه بعدد محدود جدا من القنوات، مشيرا إلى أنه لابد من نقل تبعية القنوات المحلية ماليا وإداريا (وليس فنيا) إلى المحافظات. "كما لابد من توزيع الأمن على مؤسسات أخرى بعد تأهليه فلا يعقل أن يكون في ماسبيرو هذا العدد الضخم من أفراد الأمن".

"جناح اقتصادي"

وانتقل الميكروفون إلى الإعلامي جمال الشاعر، الذي بدأ حديثه بالقول إن اتحاد الإذاعة والتلفزيون ماسبيرو ينتابه شعور بأن "الحكومة مبتحبناش.. وليس هناك ما يكفي من الدعم من الحكومة ولا من الدولة".

وأوضح الشاعر أن كل المسؤولين يفضلون الظهور على القنوات الخاصة، مشيرا إلى أنه تمت إثارة الموضوع مع اللواء طارق المهدي الذي كان يتولى إدارة ماسبيرو في بعض وقت حكم المجلس العسكري.

وأعرب الشاعر عن انزعاجه الشديد من بيع أصول ماسبيرو وما يثار عن التخارج من مدينة الإنتاج الإعلامي والقمر الصناعي المصري (النايل سات) وهما يمثلان الظهير الاقتصادي لاتحاد الإذاعة والتلفزيون.

وطالب الشاعر بتحديد العلاقة بين الإعلام والإعلانات حتى يم تفادي "التضارب الخطير في المصالح؛ فالأمر وصل ببعض المسؤولين لأن يقولوا: هات راعي.. لابد أن يكون هناك لدى ماسبيرو جناح اقتصادي... ولابد من استعادة الإنتاج الدرامي وإنتاج البرامج.. وهي الأسلحة الثقيلة لماسبيرو".

فيديو قد يعجبك: