عمرو موسى: التدخلات الخارجية والفشل الداخلي وراء تدهور أوضاع المنطقة العربية
عمان- (أ ش أ):
حذر الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى من أن الوضع الذي تعيشه المنطقة العربية حاليا أخطر مما يتصوره الكثيرون، قائلا إنه "لا يمكن استمرار الحال كما كان عليه في عدد من الدول العربية التي خرج فيها الشعب محتجا على سوء الإدارة وعلى ما آلت إليه الأحوال".
جاء ذلك -خلال محاضرة ألقاها موسى مساء اليوم الخميس في العاصمة الأردنية عمان حول "تطورات الأحداث في المنطقة والنظرة المستقبلية لها"- والتي نظمتها جمعية الشئون الدولية في الأردن (وهي من مؤسسات المجتمع المدني) بحضور عدد من المسئولين الأردنيين على رأسهم فايز الطراونة رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ورئيسا وزراء الأردن السابقان طاهر المصري وعبد السلام المجالي.
وقال موسى "إن تراكم النتائج السلبية لسوء الإدارة وضعتنا أمام مشاكل حياتية خطيرة للغاية"، مشددا على أن عملية الإصلاح سوف تأخذ وقتا، وهي تحتاج إلى خطة وبشر مخلصين وليسوا فاسدين.
وأرجع موسى تدهور الأوضاع العربية والإقليمية إلى سببين، أولهما التدخلات الخارجية، وثانيهما الفشل الداخلي في إدارة الأمور وسوء إدارة الحكم في العديد من الدول ، لافتا إلى أن قوى كبرى جلست منذ مائة عام تقريبا (1914 – 1915) لرسم الخرائط وتحديد مستقبل الشرق الأوسط، وبصفة خاصة العالم العربي، وأنتجت خريطة سايكس بيكو.
وقال "إننا بعد مائة عام نواجه نفس الظروف وحقيقة أن نفس القوى ترسم خريطة العالم العربي طبقا لاحتياجات ومتطلبات القرن الحادي والعشرين".
وحول الأوضاع في العراق، قال موسى "إننا نسمع الآن كلاما رسميا ومن دوائر مهمة أن العراق من شأنه أن يقسم إلى ثلاثة كيانات، وهذا كلام لبعض المسئولين في الدول العظمى"، لافتا إلى أن تقسيم العراق يعني أن اضطرابا كبيرا سوف يحدث أكبر مما هو ظاهر الآن، وينتقل بدوره إلى سوريا في أسرع وقت ممكن، كما أنه سيؤدي بالضرورة لحدوث تداعيات مشابهة فيها، سواء أكانت أقل أو أكثر، ولن ينجو أحد من أهدافها أو آثارها السلبية " (على حد وصفه).
وأضاف "يتوجب علينا الحذر ، ما يتعرض له الشرق الأوسط الآن من تصورات سلبية سوف تؤثر على الجميع بالضرورة".
وبالنسبة للدور المصري في المنطقة، قال موسى "إن هناك من يتمنى - على الأقل - أن ترفع مصر يدها وأن توقف دورها في المشرق حتى يخلو المكان لدول كبيرة متطلعة إلى أدوار قيادية في المنطقة إن حدثت تغييرات".
وتابع "سمعنا من يقول إن هناك أربع عواصم عربية مهمة ورئيسية لا تدار عربيا ، وهذا مؤشر خطير جدا عما سوف نلاقيه أو نلتقي به أو يحدث أمامنا أو يحدث لنا في المستقبل القريب".
ونبه إلى أن هناك تغيرا إقليميا واضحا وضعفا وتراجعا في القوى العربية وتناميا في القوى الإيرانية والتركية ، معتبرا أن ذلك من شأنه إحداث وضع غير متوازن في الشرق الأوسط والعالم العربي.
ودعا دول المنطقة إلى ضرورة الجلوس سويا لرسم خريطة الشرق الأوسط، وألا تنتظر الخريطة التي تأتى من هذه العاصمة أو تلك، مؤكدا على ضرورة منع فصل عرى العالم العربي.
وقال "لابد من البحث في مستقبل العالم العربي والشرق الأوسط، وهل نستطيع بوضعنا الحالي أن نقف بصلابة ضد كل التدخلات والخطط المعادية ، أم نحن نحتاج إلى نظام عربي جديد ، أم إلى نظام إقليمي جديد".
وأضاف "بالقطع نحتاج إلى نظام أمني إقليمي جديد، فنحن لدينا من العقول والدارسين الأكفاء المطلعين على ما يجري في العالم، وما يسوءني كثيرا أن مختلف وزارات الخارجية والأجهزة الدولية تدرس مستقبل الشرق، ونحن لم نقم بذلك حتى اللحظة الحالية".
ولفت إلى أن العالم يخشى انتشار السلاح النووي، كما أن عددا من الدول الغربية ومعها إسرائيل تخشى من أي دولة في المنطقة تقدم على المعرفة النووية، وحدث أن إيران تقدمت في هذا المجال وتمكنت من الحصول على هذه المعرفة النووية، وربما تكون قد خرجت عن إطار السياسة السلمية النووية، متسائلا "وماذا عن إسرائيل وهي دولة نووية أيضا ولماذا السكوت ، ولماذا الصمت ، ولماذا الخوف؟".
وشدد على ضرورة إقامة منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط، عازياً ذلك إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك نظام إقليمي له اعتبار وله أهمية وهناك دولة نووية واحدة ومحرم على الجميع المعرفة النووية، واصفا ذلك بـ"غير المقبول"، خصوصا أن العالم العربي عضو بمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي.
ونوه بأن ما حدث في العالم العربي كانت له بعض النتائج الإيجابية التي ربطت التطور بين دول العالم العربي في مشرقه ومغربه ، وأصبحت دول المغرب العربي تلعب دورا رئيسيا في الحياة الحياتية والسياسية والعربية ، وقال " إن تطورا حصل في العالم العربي، وأمامنا مسئولية وواجب محدد يتطلب البدء في تدارس الخرائط التي تكون في صالحنا العربي ووضع تصور عن النظام الإقليمي الجديد والأفضل".
وشدد على ضرورة البحث في العلاقة العربية - العربية ، والعربية - الإيرانية ، والعربية - التركية .
وأشار إلى أن العلاقات مع إسرائيل لا يمكن أن تتفاعل إلا إذا بدأ حل القضية الفلسطينية، وأضاف " ولا أحد منا يمكن أن يصل إلى اتفاق معها على حساب حقوق الشعب الفلسطيني".
وقال إن الدول العربية تقع على عاتقها مسئولية المتابعة والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، إلا أن المسئولية الكبرى تقع على عاتق الفلسطينيين أنفسهم، ولا يمكن قبول وضع الانقسام بينهم بهذا الشكل (على حد قوله).
وأضاف إن الانقسام سيظل "سبة" في التاريخ الفلسطيني، خاصة أمام التحديات الهائلة التي تحدث الآن، مطالبا الفلسطينيين بتحقيق المصالحة ووحدة الشعب والمصلحة الفلسطينية، وإلا فإن الانقسام سيحدث لهم ضررا كبيرا.
وتابع " إنني متفائل رغم ما حدث في العالم العربي، وأعتقد أننا سوف ننجح ، ونصر على أننا لسنا أقل من الدول التي نجحت مثل الهند والصين وماليزيا وإندونيسيا التي حققت نجاحات كبيرة .. لا يوجد ما يعوقنا إلا الجدية .. لقد هزلنا كثيرا وكان ذلك واضحا".
وأكد موسى ضرورة رفض عمليات الوقيعة الجارية بين الشيعة والسنة، قائلا "يجب أن ينتهي هذا، وإذا كنا نؤمن بأننا أمة عربية إيجابية في تصرفها، فيجب أن نكون واعين، وأن نقف سويا لإثبات أننا نستطيع أن تتقدم إلى الأمام".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: