الحجر والصولجان.. قصر عابدين نموذجًا لعمارة السلطة
كتبت – نسمة فرج:
صدر عن الدار المصرية اللبنانية كتاب الحجر و الصولجان، من تأليف الدكتور خالد عزب، الكتاب يحمل هذا العنوان لكونه يثير جدلية العلاقة بين السياسة والعمارة، أي السلطة بالعمارة، ومن أبرز مظاهر هذه العمارة قصر عابدين.
يعد قصر عابدين أهم وأشهر القصور التي شيدت خلال حكم أسرة محمد علي، لمصر فقد كان القصر مقراً للحكم منذ عام 1872م، و شهد خلال هذه الفتره أهم الأحداث التي كان لها دور كبير في تاريخ مص الحديث و المعاصر.
جاء نقل مقر الحكم من قصر النيل و القلعة في عهد إسماعيل ليجسد تكريس النفوذ المعماري الغربي في مصر، الذي بدأ في عهد محمد علي، و يعود نقل مقر الحكم من القلعة لأسباب عدة منها: انتهاء عصر المماليك، و نتيجة لتطور المدفعية والبنادق وتحولهما إلى سلاح أساسي للدفاع و الهجوم و بالتالي قلة أهمية القلاع كمراكز للتحصن، وصاحب ذلك تغير تركيبة الطبقة الحاكمة من جنود محاربين يعتمدون على الشجاعة في إثبات شرعيتهم، إلى طبقة متمدينة تعتمد على العلم، و على توارث الحكم بينها، و ظهور الجيوش النظامية التي تخضع و تربي على الولاء للحاكم.
سكن الخديوي إسماعيل قبل توليه حكم مصر في منطقة عابدين، حيث أشتري دارين إحداهما لخورشيد باشا المعروف بالسناري، و الآخرى لإبراهيم بك الخوجه دار، و هدم أجزاء مهما لكي يدمجهما في بعضهما، هذه الخطوة من المرجح أن إسماعيل قام بها بعد عودته من إسطنبول عند تولي عمه حكم مصر ، أي بين عامي 1854م و 1860م، و هو عام تولي محمد سعيد حكم مصر هذا ما ذكره لنا عبد الحميد نافع عن القصر و قد أضاف أن إسماعيل قام بردم بركة اليرقان التي تقع إلى الشرق من السراي و جعلها ساحة أمامها.
و لكن حدث تطور هام أدى إلى تغيير خطط إسماعيل بالنسبة لهذه السراي، إذ رأى إسمعايل في عام 1868م أن يحول السراي بعد أن أصبح حاكماً لمصر إلى مقر للحكم على النمط الأوروبي كما فعل من سبقوه مثل عباس في قصري العباسية و الحلمية ، و سعيد في قصر النيل، و تم وضع خطة لنزع ملكية العديد من المنشآت في المنطقة المحيطة بالسراي، و منها منازل و جوامع عثمان بك إبراهيم الكبير و الدرب الجديد بما فيه من درر، و عطفه التوته، و حارة الزير المعلق التي أصبحت مبنى السرملك، و الحوش القبلي، و منافع وميضأة جامع عابدين بك.
و قام ديوان الأمور الخاصة بدفع 2048 كيسة و كسور ثمناً للمنازل و الحديقة التي نزعت ملكيتها من أجل بناء السراي و قام الخديوي إسماعيل باستبدال أرض وقف عابدين بك أحد الأمراء العثمانيين و كان أميراً للواء السلطاني، و التي بنى عليها القصر – بخمسة و أربعين فدان في الأقاليم و بلغ المصروف الشهري لبناء السراي 200 كيسة شهرياً، و تجاوزت المصروفات الخاصة بهذه السراي المخصصات المالية المحددة لها، إذ بلغت الزيادة المطلوبة لهذا الغرض في عام 1292هـ/1875م، 38 ألف جنيه إنجليزي و استوفى المبلغ من سندات الدين.
فيديو قد يعجبك: