إعلان

محمود شامي.. حينما تُعمّق نظرات الناس الابتلاء السماوي

11:16 م الخميس 17 سبتمبر 2015

محمود شامي

 

كتب - عبدالله قدري:

جلس الشاب صاحب الـ32 ربيعا، من ذوي الاحتياجات الخاصة، تبدو عليه علامات الحزن والأسى من كلام الناس ونظراتهم إليه، يفضل محمود شامي العزلة والبعد عن الناس بسبب "كلامهم الجارح، واستعطافهم القاتل". محمود واحد من ضمن 12 : 14 مليون معاق في مصر، وفقًا لأحدث إحصائية صادرة عن منظمة الصحة العالمية بشأن المعاقين في مصر.

وتُعرّف الأمم المتحدة المُعاق بأنه: "الشخص الذي لا يمكنه تأمين احتياجاته الأساسية بشكل كامل أو جزئي محصلة عاهة خلقية أثرت في أهليته العقلية أو الجسدية".

لا يستطيع محمود السير على قدميه، بسبب إصابته بشلل الأطفال منذ صغره، ويعتمد على يديه في كل شئونه الحياتية. جلس محمود يقول:" اتعرض لأسئلة من قبل زملاء لي في العمل من نوعية، هو أنت بتتحرك إزاي؟". يضيف" هذه الأسئلة قاتلة، يظن السائل أنها عادية، لكن تأثيرها النفسي يقتلني بالبطيء". يرى محمود أن نظرة الاستعطاف له وهو يسير على كرسيه المتحرك أو ركض طفل صغير وراءه، أبشع من الكلام والنظرات، يقول: "أريد أن يعاملني الناس بشكل طبيعي مثل أي إنسان".

وتنص المادة (17) من اتفاقية الأمم المتحدة لذوي الإعاقة بأن "لكل شخص ذي إعاقة الحق في احترام سلامته الشخصية والعقلية على قدم المساواة مع الآخرين".

وحتى الآن صدقت 58 دولة على الاتفاقية من بينها 9 دول عربية هي: مصر، الأردن، المغرب، قطر، المملكة العربية السعودية، عمان، السودان، تونس، واليمن. وتعتبر المصادقة على الاتفاقيات مرحلة متقدمة عن التوقيع؛ إذ يكون له إلزام قانوني على الدول المصادقة.

"محمود" الذي قرر شراء سيارة مجهزة طبية لذوي الاحتياجات الخاصة، تسمح له بحرية الحركة والتنقل، بالإضافة إلى "أنها ستحد من نظرات الناس علي في الشارع"، بحسب محمود. يضيف: "لكن السيارة لم تحد من تطفل البشر، فإذا وقعت مشادة بيني وبين أي سائق ينظر إلىّ قائلًا: عشان أنت عاجز مش هاكلمك". يحاول محمود تسويد زجاج السيارة لكن الأمن منع ذلك، يقول: "حتى السيارة لم تحد من كلام الناس الجارح".

وتنص ديباجة اتفاقية الأمم المتحدة لذوي الإعاقة على"أن التمييـز ضـد أي شـخص علـى أسـاس الإعاقـة يمثـل انتهاكا للكرامة والقيمة المتأصلتين للفرد".

كان محمود ينتظر أن يجد تعاملًا إنسانيًا من جانب أفرد المرور في الشارع تقديرًا لحالته الصحية، يقول:" حصلت على مخالفة بقيمة 520 جنيهًا، بسبب كنت أطلب طعامًا من أحد المطاعم بفيصل"، يتساءل محمود" كيف اشتري الطعام وأنا لا استطيع السير على قدمي؟ ولو وضعت السيارة جانبًا لن أستطيع طلب شيء".

وتنص المادة (20) من اتفاقية الأمم المتحدة لشؤون ذوي الإعاقة على ضرورة"تيــسير حريــة تنقــل الأشــخاص ذوي الإعاقــة بالطريقــة وفي الوقــت اللــذين يختاروهنما وبتكلفة في متناولهم".

يرى محمود أن الإعاقة ليست إعاقة حركة ولكنها إعاقة ذهن، يقول :"في أشياء كثيرة وقفت قدامي، فتحديت نفسي وعملتها، منها كنت بشوف الناس يلعبوا كره، فقررت أن أكون مثلهم". منذ صغره كان محمود يعتقد أن لديه قدرات خاصة، يصعد أعلى سطح منزله، ويلعب الكرة، ثم شيئًا فشيئًا أخد يلعب الكرة مع إخوته وأصدقائه، وبات يحرز الأهداف بيديه ويحسم الفوز لفريقه، حيث كان يلعب في مركز الهجوم.

نسبة الـ5 بالمائة

عُين محمود في شركة فودافون بنسبة الـ5% للمعاقين في التعيين بالمؤسسات الخاصة والحكومية، إلا أنه سرعان ما تخلت عنه الشركة مع ضمان وصول مبلغ شهري محدد له. يقول محمود:" الأمر ليس في المستحقات، ولكن أريد أن يتم التعامل معي كأي إنسان طبيعي، أريد أن أعمل أن يكون لي كيان وذات، ليس النقود فحسب هي ما تغنيني أريد من الشركات والحكومة أن يجربونا، هناك خبرات كبيرة وإمكانيات هائلة

وتنص المادة (24) من مسودة قانون ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر على"أن تلتزم الجهات الحكومية وغير الحكومية وكل صاحب عمل ممن يستخدم عشرين عاملًا فأكثر سواء كانوا يعملون في مكان واحد أو أمكنة متقرقة وأيا كانت طبيعة عملهم تعيين 5% على الأقل من الأشخاص ذوي الإعاقة التي ترشحهم مكاتب القوى العاملة".

لم يشتكِ محمود شركة فودافون لمكتب العمل مقتنعًا بمقولة" الشكوى لغير الله مذلة".

وتنص المادة (27) من اتفاقية الأمم المتحدة لذوي الإعاقة على "حظـر التمييـز علـى أسـاس الإعاقـة فيمـا يخـتص بجميـع المـسائل المتعلقـة بكافـة، أشكال العمالة، ومنها شروط التوظيف والتعيين والعمل، واستمرار العمل، والتقدم الـوظيفي، وظروف العمل الآمنة والصحية".

رسالة لأحمد حلمي

يقول: "حاولت منذ فترة كبيرة الوصول إلى الفنان أحمد حلمي ليهتم بقضية المعاقين في فيلم سينمائي مثلما حدث مع أصحاب الوزن الثقيل في فيلم إكس لارج".

ضعف القانون

من جانبه، قال خالد شوقي مدير إدارة الرقابة والمتابعة ومسئول ملف الـ 5% بالمجلس القومي للإعاقة، إن هناك مصانع تحايلت على نسبة الـ5% من خلال تسريح ذوي الاحتياجات الخاصة، مشيرًا إلى أن السبب في ذلك هو ضعف القانون أمام شركات القطاع الخاص.

وأضاف شوقي -في تصريح لمصراوي- أن المجلس القومي للإعاقة ليس له صلاحيات قوية بسبب ضعف القانون أمام شركات القطاع الخاص، وذلك لأن القانون يوجب غرامة قدرها مائة جنيه عن الشركة التي تتخاذل عن تعيين المعاقين بنسبة الـ5%، وبالتالي فإن الغرامة بسيطة جدًا على شركات رأسمالها كبير، ومن ثم ستقرر دفعها، ذلك بالإضافة إلى طول إجراءت التقاضي.

وتابع أن المجلس يعقد الأمل على القانون الجديد لذوي الاحتياجات الخاصة، ويطالب بضرورة تغليظ العقوبة على المتحايلين على نسبة الـ5%، مشيرًا إلى وزارة القوى العاملة غير قادرة على الزام شركات القطاع الخاص بالتعيين، لأن اختصاصها يتمثل في ارسالات جوابات ترشيح للشركات، وإذا رفضت الشركات فإن هناك إجرءات تقاضي طويلة جدًا.

ولا يزال المئات من ذوي الاحتياجات الخاصة مثل محمود شامي، عالقين أمام مواد حقوق ضائعة،ومواد قانونية ملزمة لكنه ضعيفة أمام شركات القطاع الخاص.

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان