واقعة "الواقي الذكري".. صراع سياسي أم أخلاقي؟
كتبت - ندى الخولي:
لا تزال الآراء المعارضة والداعمة، للشابين شادي حسين، وأحمد مالك، تتصارع على ساحات الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الإعلام المختلفة بعدما بثا مقطع فيديو لهما، يقدمان فيه واقي ذكري "كاندوم" على هيئة بلالين، لعدد من عساكر الشرطة، بميدان التحرير يوم ٢٥ يناير الماضي؛ ما اعتبره البعض "إهانة للشرطة"، وقٌدمت ضدهما بلاغات تطالب بالقبض عليهما ومحاكمتهما؛ فيما تمسك حقوقيون وناشطون بحق الجميع في إبداء الرأي والتعبير، معتبرين أن "السخرية سلاح في وجه الحكومة التي خنقت المجال العام" - حسبما عبروا.
إلا أنه بين تلك الصراعات، هناك حكايات بسيطة عن الممثل الشاب، أحمد مالك، ووالده رئيس الاتحاد المصري للنقابات المستقلة، مالك بيومي، وعن مقدم البرامج الشاب، شادين حسين، توضح أن تلك الصراعات، "قد تبدو في ظاهرها صراع على الأخلاق والقيم المجتمعية، ولكن باطنها يظهر جانبًا كبيرًا من صراع الأجيال، وصراع سياسي حول الثورة"، بحسب أستاذ علم النفس السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، سعيد صادق.
"القضية كلها مواقف من الثورة، فالفريق المدافع عن ثورة يناير؛ هو الفريق المتضامن للشابين في الواقعة، والفريق المعارض لثورة يناير، هم المهاجمين بشدة للواقعة، وهناك فريق آخر مجامل لوزارة الداخلية، من منطلق كسب ودها وإحراز هدف سياسي من خلال تلك الواقعة"، والحديث لا يزال على لسان صادق.
عٌرف أحمد مالك، بـ"مالك جونيور"، وهو اللقب الذي أطلقه عليه ثوار يناير للتفرقة بينه وبين الناشط السياسي، مالك مصطفى.
كان "جونيور" دائم التواجد بميدان التحرير خلال الثمانية عشر يوما الأولى في الثورة، وفي معظم الأحداث السياسية التي أعقبتها. لدرجة أنه كان يأتي الميدان مستندا على عكازه، بعد إصابته في ساقه، وفي رأسه في أحداث محمد محمود الأولى.
الأمر نفسه، تكرر مع شادي، الذي أصيب في أكثر من حدث سياسي، بطلقات خرطوش في مختلف أنحاء جسده، وفي إحدى المرات، اقتربت الطلقات بشدة من عينه اليسرى.
خلال يومين من بروز الأزمة على ساحات الإعلام والفضاء الإلكتروني، تراوحت ردود الأفعال ما بين "عيب كدا"، و"دا رد فعل طبيعي على انتهاكات الداخلية"، بحسب أستاذ علم النفس السياسي، الذي فسر حديثه "الانتقام أحد الغرائز الإنسانية الطبيعية داخل كل إنسان.. وهؤلاء الشباب خطر على بالهم التهكم على عساكر الداخلية دون إلحاق الضرر بهم، كرد فعل على إصاباتهم وقتل غيرهم دون محاكمة أحد؛ وهو ما يبرر به الفريق المدافع عن مالك وحسين، موقفهم من الواقعة".
أما الموقف المعارض، فهو بحسب صادق "لديه إزدواجية في المعايير؛ بدليل أنه يقبل شتائم وسباب ليلًا نهارًا من شخصيات سياسية وإعلامية، بعضها أصبح داخل البرلمان، ولكنه يتشبث بالدفاع عن سمعة مؤسسات الدولة، ويعارض هتاف (الداخلية بلطجية) ولكنه في الوقت نفسه يبرر جميع انتهاكات الداخلية بمبرر (الحالات الفردية)، فهو يهتم فقط بالسمعة على حساب التفاصيل، وهو صراع بين جيل الشباب وجيل الآباء".
التمسك بتحويل الواقعة إلى صراع على الأخلاق والقيم المجتمعية، هو من وجهة نظر أستاذ علم النفس السياسي "هروب من القضية الأساسية، وهو الصراع السياسي بين الأجيال، والهروب عن تحقيق مبادئ المساواة والعدالة للجميع"، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية وحدها، هي المعنية بالواقعة، ومن حقها رد الفعل، سواء بإصدار بيانات أو تصريحات، أو رفع دعاوى قضائية وفقا للقانون.
أما والد مالك جونيور، فهو، مالك بيومي، رئيس الاتحاد المصري للنقابات المستقلة، شارك في تأسيس الاتحاد، في قلب ميدان التحرير بعد الثورة، كرئيس للنقابة المستقلة للعاملين في الطيران المدني، وعمل مستشارا لوزير الطيران الأبسق، وائل المعداوي، أثناء فترة حكم الإخوان، ثم استقال من منصبه بعد ثورة ٣٠ يونيو، وكان مرحشا لانتخابات مجلس النواب، عن حزب المؤتمر على المقعد الفردي في دائرة قصر النيل، والتي تشمل الزمالك وجاردن سيتي وبولاق والأزبكية.
ونشر بيومي، مساء أمس، بيانا على حسابه الخاص على "فيسبوك"، قدم فيه اعتذارا عن الواقعة، واصفا ابنه بـ"العام لوالده ولوطنه"، وهو ما فسره أستاذ علم النفس السياسي، قائلا "هي محاولة لإنقاذ ابنه من أزمة قلبت الدنيا.. بمنطق أضرب ابني علقة قدام الناس وأهي علقة تفوت ولا حد يموت".
فيديو قد يعجبك: