9 ملفات حقوقية على أجندة البرلمان لإرساء قواعد الديمقراطية وحكم القانون
كتبت ـ هاجر حسني:
دعت 13 منظمة حقوقية البرلمان لأن ينظر بعناية فيما شهدته مصر، خلال الأعوام الخمسة الماضية، من تشريعات تفتقر للحدود الدنيا من احترام حريات الأفراد وحقوقهم، فضلًا عن تناقضها مع أحكام الدستور، مشددة على أنه لا سبيل لاستعادة الاستقرار بمعزل عن التفاهم المشترك والحوار البنّاء بين جميع الفاعلين المدنيين والسياسيين السلميين، بما في ذلك المنظمات الحقوقية والبرلمان.
وتقدمت المنظمات بتوصيات محددة في ملفات تسعة تأمل أن تشكل أجندة البرلمان وأولوياته في دورته الأولى، وذلك بهدف إرساء دعائم الديمقراطية والاستقرار، في ضوء احترام الدستور والالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان التي تعهدت الحكومات المصرية المتعاقبة بالالتزام بها.
مراجعة كافة القوانين
فقالت المنظمات إن أعضاء البرلمان الجديد يستهلون عملهم بالقسم على حماية الدستور والدفاع عنه، باعتباره الإطار الضابط لعمل كافة مؤسسات الدولة وعلى رأسها البرلمان، ومن ثم، وبحسب المادة ١٥٦ من الدستور، فإن على البرلمان إعادة النظر في القرارات بقوانين التي أصدرتها مؤسسة الرئاسة منذ إقرار الدستور في يناير ٢٠١٤، وذلك في مدى زمني غايته ١٥يومًا من انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان.
وأوصت المنظمات الموقعة النواب المنتخبين بضرورة التمسك بتطبيق أحكام هذه المادة بصرامة وعدم الانسياق خلف الدعوات الخطيرة المترددة مؤخرًا بأن هذه المادة تنطبق فقط على البرلمان في غير فترات الانعقاد العادية، ولا تسري على هذا البرلمان.
ضمان مواجهة الإرهاب
أوصت المنظمات في هذا الصدد بإلغاء كل من قانون الإرهاب وقانون الكيانات الإرهابية وتنقيتها من المواد التي تتضمن توسعًا غير مقبول في التجريم أو تضييقًا على حريات أساسية كحرية التعبير أو الحق في التجمع السلمي أو ضمانات المشروعية الجنائية المحصنة دستوريًا، وغيرها من التحفظات التي سبق وأشارت المنظمات لها على القانونين في بيانات، وتعليقات قانونية تفصيلية، إلى جانب مراجعة البيئة التشريعية المقيدة لجملة الحقوق المدنية والسياسية المحصنّة دستوريًا، وبخاصة قانون التظاهر وقانون الأحزاب السياسية والقوانين المنظمة لعمل الجامعات.
ولفتت إلى ضرورة تعديل البرلمان لنص المادة 126 من قانون العقوبات كونها تخالف المادة 52 من الدستور، التي اعتبرت التعذيب بكل أشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم، وبالتالي يجب أن يتضمن التعديل كل أشكال التعذيب التي عددتها المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب، والتي لم تقصر التعذيب على الحصول على اعترافات المتهم فقط، لكنها اعتبرت تعذيب شخص ثالث بغرض الحصول على معلومات أو على اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، أو تخويفه أو إرغامه على ذلك، من قبيل التعذيب. كما أن هذا التعديل سيحد من إفلات مرتكبي جرائم التعذيب من العقاب، حيث أن المحاكم العليا تعتبر هذه الجرائم من جرائم استعمال القسوة التي يقرر لها القانون عقوبة الغرامة.
بالإضافة إلى إلغاء التعديل الأخير على المادة 78 من قانون العقوبات، وما تضمنه من توسع غير مبرر في العقوبة، وذلك في تجريم أفعال غير واضحة، تمت صياغتها بمصطلحات فضفاضة من شأنها إثارة الخلاف حول فهم المعنى المراد منها، من بينها "الإضرار بمصلحة قومية"، "الإخلال بالأمن والسلم العام"، دون أن يحدد النص ماهية تلك الأفعال المسببة لتلك الجرائم.
تعزيز استقلالية القضاء
طالبت المنظمات بضرورة إصدار قرارات بقوانين بتعديل قانون الإجراءات الجنائية بما يجعل التقاضي في الجنايات على درجتين وليس درجة واحدة، وإصدار قانون يوقف ندب القضاة للعمل في الجهات التنفيذية بالدولة، وفقًا للأحكام الدستورية الانتقالية، ووضع ضوابط لتعيين النائب العام بصورة تتماشى مع الدستور، بالإضافة إلى تعديل قانون السلطة القضائية بما يضمن تحقيق الاستقلال المالي والإداري للقضاء، عن طريق إلغاء وصاية وزارة العدل، كجزء من السلطة التنفيذية، على كل ما يتعلق بـالندب، النقل، الترقيات، المعاشات والتفتيش على القضاء، وتحويل تلك الاختصاصات لمجلس القضاء الأعلى، بعد تشجيعه على وضع خطة لتعزيز استقلال القضاء ورفع كفاءته، بما يتطلبه ذلك من إصلاحات ضرورية كفيلة بتحصين القضاء من التدخلات السياسية والأمنية في العملية القضائية، على النحو الذي تزايد بشكل فادح في السنوات الثلاث الأخيرة.
كما طالبت بتعديل قانون تنظيم أعمال الخبرة أمام جهات القضاء والقائم منذ عام 1952، لمزيد من ضمان الاستقلالية ونزاهة الخبراء والأطباء الشرعيين، إعادة النظر في القانون المنظم لعمل القضاء العسكري، بما يضمن عدم مثول المدنيين أمامه، وحقهم في المثول أمام القاضي الطبيعي، إلغاء قانون تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، والذي جعل عددًا هائلًا من المنشآت العامة في حكم المنشآت العسكرية، مما يترتب عليه توسيع مجال اختصاص القضاء العسكري على نحو يعرض حق المواطنين في محاكمات عادلة للخطر، ويفاقم من أزمة منظومة العدالة التي تشهدها مصر حاليًا.
إطلاق عملية للعدالة الانتقالية
دعت المنظمات إلى ضرورة الانتهاء من قانون العدالة الانتقالية وفقًا لأحكام الدستور، وطرحه للحوار المجتمعي على وجه السرعة، فضلًا عن سرعة إصدار قانون يضمن حماية الشهود والمبلغين، ويعتد بالاقتراحات التي سبق تقديمها من قبل منظمات المجتمع المدني، تشكيل لجنة لتقصى الحقائق تتجاوز العقبات التي واجهت مثيلتها، على أن يضم تشكيل اللجنة أهالي المتضررين من انتهاكات حقوق الإنسان من 2011 وممثلين عن المجتمع المدني. وعلى البرلمان تذليل أية عراقيل أمام عمل هذه اللجنة وإلزام مختلف مؤسسات الدولة وأجهزتها السيادية بتقديم المعلومات والوثائق المطلوبة، واتخاذ التدابير الفعالة لتأمين الحماية الكافية للشهود، على أن تمارس اللجنة عملها بشفافية وتطلع الجمهور على مراحل التحقيق والنتائج النهائية.
كما دعت إلى وضع آليات تشاركية للإشراف على وضمان التنفيذ الفعلي لنتائج عمل اللجنة وتوصياتها، وتقديم المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إلى العدالة أيًا كانت مواقعهم، وكذا الضالعين في كافة أعمال العنف السياسي المنسوبة إلى أيًا من الخصوم، ويستوي في ذلك الفاعلين من داخل جهاز الدولة أو من خارجه، رفض القرارات بقوانين التي سمحت بجواز التصالح في قضايا الكسب غير المشروع خلال مرحلة التحقيقات ودون توقيع عقوبات من أي نوع، فضلًا عن إعادة النظر فيما يتعلق بالقوانين المنظمة لعملية استرداد الأموال المهربة.
تفعيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
قالت المنظمات إنه يتعين على البرلمان اتخاذ التدابير التشريعية اللازمة لتطبيق حزمة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المنصوص عليها دستوريًا، وضمان فعالية هذه النصوص، ومنها رفض التعديلات التي أُدخلت مؤخرًا على قوانين الضرائب على الدخل، والتي تتعارض بشكل واضح مع مبدأ العدالة الضريبية تمهيدًا لتعديلها في المستقبل، رفض قانون الاستثمار الأخير الذي توسع في منح امتيازات إضافية للمستثمرين على حساب مبادئ الشفافية والعدالة الاجتماعية.
بالإضافة إلى رفض القرارات بقوانين التي تؤدي عمليًا لتحصين العقود المبرمة من قبل الدولة من الطعن القضائي عليها، أو تلك التي منحت الحق لرئيس الجمهورية في عزل رؤساء الهيئات المستقلة والجهات الرقابية، بما يمثل إخلالًا واضحًا بمعايير الشفافية المتعارف عليها دوليًا، إعادة النظر في التعديلات الأخيرة على قانون الإسكان الاجتماعي (إسكان الفقراء) بما يضمن عدم مخالفتها للدستور، وتمكين الدولة من القيام بدورها في توفير السكن لمحدودي الدخل.
تعزيز حقوق النساء
لفتت المنظمات إلى أنه أصبح لزامًا على البرلمان ترجمة المواد الدستورية التي تنص على المساواة وحقوق المرأة منها استكمال عملية الإصلاح القانوني الخاصة بمواد الجرائم الجنسية في قانون العقوبات والخاصة بجرائم الاعتداء الجنسي والاغتصاب، وإصدار قانون لحماية النساء من العنف الأسري، إصدار قانون لإنشاء مفوضية مكافحة التمييز التي نص عليه الدستور مع ضمان تخصيص موارد كافية للمفوضية ومنحها سلطات لتلقي الشكاوى والتحقيق فيها، وضمان استقلاليتها، إصدار تشريع واضح يكفل إنفاذ ما كفله الدستور من حق النساء في تولي المناصب القضائية وخاصةً في مجلس الدولة والنيابة العامة والمحاكم الجنائية.
حقوق الأطفال
وفي هذا الصدد طالبت المنظمات بحماية المكتسبات التي حققتها المادة 80 من الدستور المصري وضمان تفعيلها، وإلزام الحكومة بتفعيل نصوص قانون الطفل، وتعديل لائحته التنفيذية بما يفسر جوانب الحماية المنصوص عليها بالقانون، مراقبة التزام الأحكام القضائية بالتعامل مع الأطفال المتهمين في القضايا السياسية، باعتبارهم محل استغلال وليس باعتبارهم مجرمين خارجين عن القانون، دعم دور المجتمع المدني في الرقابة على إعمال القانون، من خلال تفعيل لجان حماية الطفل العامة والفرعية، ودعم استقلالية المجلس القومي لحقوق الطفل وعودة تبعيته لرئاسة مجلس الوزراء.
الاتفاقيات الدولية
قالت المنظمات إن الدستور أولى اهتمامًا خاصًا للشرعة الدولية لحقوق الإنسان، واعتبر المواثيق الحقوقية الدولية التي تصدق عليها الحكومة المصرية جزءً من التشريع الداخلي، مضيفة أنه ويتعين على مجلس النواب التصديق على عدد من المواثيق التي لم تصدق عليها الحكومات المصرية السابقة، منها التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وإعلان التزام مصر بالمواد 21 و22 من الاتفاقية التي تكفل للمواطنين المصريين –وكذا لأي دولة طرف في الاتفاقية– التقدم بشكاوى للجنة مناهضة التعذيب حيال خرق الحكومة المصرية لالتزامها بموجب هذه الاتفاقية، التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، التصديق على البروتوكول الاختياري للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والبروتوكول الاختياري للعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التصديق على البرتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وسحب التحفظات على المواد 2،16،29 من الاتفاقية، التصديق على البروتوكول الاختياري الثالث لاتفاقية حقوق الطفل، التصديق على ميثاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، التصديق على البروتوكول الاختياري للميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، المنشئ للمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان.
استقلالية الإعلام
قالت المنظمات إن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعًا مفزعًا في وتيرة خطابات التحريض والكراهية الدينية والمذهبية وحملات تشويه الخصوم السياسيين، والتعدي على الحريات الشخصية والتشويه والتحريض على العنف من قبل الإعلام، داعية إلى الاسترشاد بمشروعات القوانين التي سبق وتقدم بها خبراء الإعلام وحقوق الإنسان خلال مناقشتهم لمشروع القانون الساعي لإعادة تنظيم وهيكلة الإعلام الخاص والمملوك للدولة.
يُذكر أن المنظمات الموقعة هي: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الائتلاف الوطني لحقوق الطفل، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مركز حابي للحقوق البيئية، مركز هشام مبارك للقانون، مصريون ضد التمييز الديني، المفوضية المصرية لحقوق الإنسان، مؤسسة الحقانية للحقوق والحريات، مؤسسة المرأة الجديدة، المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، مؤسسة قضايا المرأة المصرية.
فيديو قد يعجبك: