تعويم الجنيه في 2003 أدى إلى ارتفاع الأسعار.. هل يتكرر في 2016 ؟
كتبت- داليا شبل:
قرر البنك المركزي، اليوم الخميس، خفض سعر الجنيه بنسبة 48 في المئة، ليسجل الدولار 13.10جنيها للشراء و 13.5 للبيع في البنوك المصرية، مع السماح بتحريكه في هامش بنسبة 10% ارتفاعا وانخفاضا، ليعلن بذلك قرارا رسميا بـ "تحرير الجنيه " في السوق المصري .
المشهد نفسه باختلاف التفاصيل أعاد إلى أذهان المصريين واقعة تعويم الجنيه في حكومة الدكتور عاطف عبيد، حيث ظهر مصطلح "تعويم الجنيه" في مصر في 29 يناير 2003 ، حينما قرر عبيد رئيس الوزراء حينها، تعويم الجنيه المصري وفك ارتباطه بالدولار الأمريكي، وترك المعاملات المالية لسوق العرض والطلب، والذى عرف حينها بـ "التعويم المدار"، الأمر الذي تسبب في ارتفاع سعر الدولار بنسبة اقتربت من 50 في المئة، ليسجل ارتفاعا من 370 قرشاً إلى 535 جنيه، ليرتفع بعدها مرة أخرى ليسجل نحو 7 جنيه.
جاء هذا القرار حينها مبرراً، بمحاولة خفض العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات، وتحقيق توزان بين العرض والطلب في السوق النقدي، بزيادة المعروض من الدولار والعملات الأجنبية الأخرى.
وقبل يناير 2003، كان سعر الصرف يقوم على أساس ربط قيمة الجنيه بالدولار الأمريكي، ولكن انخفاض قيمة الدولار عالميا حينها أمام العديد من العملات الأجنبية خاصة اليورو، كان له أثراً سلبياً على الجنية المصري، و أدى إلى انخفاض قيمته أمام العملات الأخرى.
ولم يتخوف الخبراء من مصير القيمية الشرائية للجنيه المصري بعد قرار البنك المركزي، مؤكدين أنه لن يلقى مصير الجنيه في 2003، بعد قرار التعويم المدار الصادر عن حكومة الدكتور عاطف عبيد.
وقال الدكتور فخرى الفقى مستشار صندوق النقد الدولي الأسبق: "لم يكن توقيت إعلان حكومة عبيد ل"تعويم الجنيه في 2003 مناسب، حيث كان يعانى سوق النقد الأجنبي في مصر من عجز في العملات الأجنبية بالمقارنة بالطلب عليها، كما أن هناك اختلافات بين ملابسات تعويم الجنيه في 2003، وقرار البنك المركزي اليوم، فما حدث في حكومة عبيد من إجراءات لتعويم الجنيه وفك ارتباطه بالدولار الأمريكي، لم يكن في إطار برنامج متكامل للإصلاح الاقتصادي والمالي والتنموي، بينما جاء قرار المركزي في إطار برنامج اقتصادي واضح للتطوير على مستوى الاقتصادي والمالي، اعتمد من فريق صندوق النقد الدولي.
وعن المناخ السياسي حينها قال فخرى إن المناخ السياسي في ظل حكومة عاطف عبيد كان مستقرا إلى حد كبير، ولم يكن هناك مؤشرات لاضطراب السوق المالي في الدولة، بينما الأمر مختلف في الوقت الراهن؛ فالمناخ الساسي حاليا أصبح من أهم العوامل التي تؤثر على اقتصاد الدولة وعلى حركة التعاملات المالية والاقتصادية، وهو ما حدث بالفعل، وعدم وجود آليات لضبط السوق السوداء للعملات كان أحد أهم الأسباب في قرار تعويم الجنيه.
وقال شريف الديواني، المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية سابقاً، إن انخفاض قيمة الجنيه المصري بعد تعويمه في 2003، أدى إلى ارتفاع الأسعار في مصر، ليس على مستوى المنتجات المستوردة، وإنما طال الأمر السلع والخدمات التي يدخل في تصنيعها وانتاجها قطع مستورة، وأصبح التلاعب في سوق البيع والشراء لا يمكن السيطرة عليه.
وأضاف الديواني أن النتيجة الطبيعة لزيادة سعر المنتجات هي انخفاض الدخول والمستويات المعيشية.
وأردف، أن قرار التعويم الصادر اليوم عن البنك المركزي لن يكن له نفس التأثير، لأن هناك كثير من الأسعار تم تحرير أسعارها، وأخرى ارتفع سعرها بارتفاع سعر الدولار الأيام السابقة ومن المنتظر انخفاض أسعارها أو على الأقل ثبات نوعى للأسعار.
ويذكر أنه، جاء قرار المركزي، بعد فترة من الإعلان عن الاتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولي، بشأن قرض بقيمة 12 مليار دولار، على مدار 3 سنوات، وكان أحد شروط هذا الاتفاق هو "تحرير العملة المصرية"، وفك ربط قيمته بالدولار عن سعر ثابت هو السعر الرسمي في البنوك، في محاولة للتخفيف من نقص العملة الأجنبية، والذى أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء ليقترب من 18 جنيها خلال الأيام الماضية.
فيديو قد يعجبك: