مصراوي في مواقف السيارات.. "التعب" يطال الجميع
كتب - محمد قاسم:
قبل منتصف ليل الخميس، بينما ينادي "سيد" ركابه في موقف (الجيزة - الوراق)؛ فوجئ بزميله، مصطفى، يبلغه بإعلان الحكومة رفع أسعار الوقود: "تخيل الزيادة كام المرة دي. صفيحة البنزين (20 لتر) زادت 11 جنيه. بعد ما كانت بـ36 جنيه بقت بـ 47 جنيه".
الأسعار الجديدة للوقود، أعلنها حمدي عبدالعزيز، وكيل وزارة البترول، مساء الخميس الثالث من نوفمبر، تشمل رفع سعر لتر البنزين 80 إلى 2.35 جنيه من 1.6 جنيه، وسعر البنزين 92 إلى 3.5 جنيه للتر من 2.6 جنيه.
جلس سيد يتشاور مع زملائه بعدما فاجأتهم الحكومة بإعلانها: "هنعمل إيه؟ هنرفع الأجرة كام؟!"، هكذا دار حديثهم قبل أن يستقروا على رفع الأجرة من 175 قرش إلى جنيهين لحين حلول الصباح واتضاح الصورة أكبر.
وفور الإعلان على الزيادة وتداول الخبر، تزاحم المواطنون بسيارتهم أمام محطات الوقود، واصطفت السيارات بمحيط محطات الوقود حتى تلحق بنصيبها من الأسعار القديمة قبل تطبيق الزيادة ولو بدقائق. نشبت مشادات بين سائقي تاكسي وميكروباص أثناء تزودهم بالوقود حسبما أفاد مراسل مصراوي ليل الجمعة.. للتفاصيل اضغط هنا
يقول "ناجي"، مشرف محطة وقود التعاون - مصر بتروليوم، بحي المهندسين في الجيزة، "فوجئنا بالليل بنشرة من الشركة بالزيادة الجديدة لأسعار الوقود".
وأضاف "الحكومة لعبتها صح المرة دي.. قررت الزيادة فجأة علشان محدش يخزن وقود زي ما كان بيحصل قبل كده".
كان وقع الزيادة مؤلمًا على المواطنين خاصة مع ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية، وشح أخرى. كذا الخوف من ارتفاعات أخرى في الأسعار جراء الاجراءات التقشفية التي من المقرر أن تتخذها الحكومة حتى تحصل على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي، 12 مليار دولار على ثلاث سنوات.
يقول سعيد محمد، مواطن خمسيني، قبل استقلال سيارة سيد من ميدان الجيزة، متوجهًا إلى منزله بحي الوراق بذات المحافظة: "هنلاقيها منين ولا منين! السكر غلي من أسبوعين.. وياريت تيجي على الأجرة بس، ده الغاز كمان."
وكانت الحكومة رفعت أسعار الوقود بنسبة وصلت إلى 78 في بالمئة في 2014 لتخفيف الضغط عن العجز المتزايد في الموازنة.
لم يكن أمام السائقين خيار آخر سوى رفع الأجرة. يقول محمد، سائق على خط الجيزة- مساكن فيصل، "رفعنا الأجرة لأن سعر البنزين زاد كتير أوي.. والناس عارفة ده." محمد في الثلاثينات من عمره ورفض كشف اسمه الثاني. تستغرق رحلته من الجيزة حتى مساكن فيصل أقل من 15 دقيقة في الأحوال العادية.
وأضاف "الناس هتعمل إيه يعني.. هي جت على زيادة الأجرة ما كل حاجة زادت".
وبرر محمد سائق خط (الوراق ـ جيزة) زيادة الأجرة بارتفاع تكاليف المعيشة ومصاريف أسرته المكونة من 5 أطفال، فضلًا عن والديه. يقول "الزيادة بتاعة الأجرة بتروح للحكومة.. مش بحطها في جيبي."
ويلتهم دعم الأغذية والطاقة عادة ربع الإنفاق الحكومي. وتعمل الحكومة على خفض الدعم أملًا في إنعاش الاقتصاد الذي تضرر جراء سنوات من الاضطرابات التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011.
غير أن المواطن سعيد محمد أكد أن راتبه لم يرتفع منذ عامين رغم زيادة الأسعار أضعاف، الأمر الذي زاد من العبء الملقى على كاهله وكاهل من مثله من محدودي الدخل.
يعمل محمد، الذي يقطن في منطقة فيصل، مشرفًا في شركة أمن خاصة ويتقاضى راتبًا شهريًا مقداره 1800 جنيه ولديه من الأبناء 4 نصفهم في التعليم الجامعي.
يقول محمد "إحنا تعبنا. كل الأسعار زادت. الحكومة بتقول الزيادة دي لحماية محدودي الدخل، طب إزاي؟!"
وتأتي إجراءات تعويم الجنيه وزيادة أسعار الوقود في إطار إجراءات إصلاح اقتصادي تتبناها الحكومة، للحصول على قرض صندوق النقد. ورحب مسؤولو الصندوق بها واعتبروها "خطوة مهمة نحو طريق الإصلاح الاقتصادي لجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية في مصر،" وفقًا لبيان صدر عن كريس جارفيس، رئيس بعثة الصندوق النقد الدولي في مصر، الخميس.
الحكومة اتخذت عدة إجراءات بينها رفع دعم البطاقات التموينية من 18 جنيه إلى 21 جنيه، وستطبق الشهر القادم، بالإضافة إلى تنقيح البطاقات التموينية لغير المستحقين لتذهب للمستحقين.. للتفاصيل اضغط هنا
وقالت الدكتورة نادية هنري، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن قرارات رفع سعر الوقود مرتبطة بقرار تحرير سعر الصرف لكن "توقيتها غير مناسب."
وأضافت هنري لمصراوي أن "تلك القرارات غابت عنها الضمانات الكافية لعدم الإضرار بحياة المواطنين (محدودي الدخل)."
وأوضحت النائبة البرلمانية أن تحرير سعر الصرف لم يكن المرة الأولى في تاريخ مصر فقد سبقه مرتين، وكان فيهما "الحل أسوأ ولم نصل لنتائج إيجابية، حيث تتكرر الأزمة."
فيديو قد يعجبك: