بطرس غالي.. جنرال الحرب والدبلوماسية في متاهة الموت (بروفايل)
كتب - عبدالله قدري:
توفي الدكتور بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، عن عمر ناهز 94 سنة، قضى منهم 4 سنوات سكرتيرًا عامًا للأمم المتحدة، في الفترة ما بين 1992 - 1996.
كانت السنوات الست التي ترأس فيها بطرس غالي الأمم المتحدة، مليئة بالصراعات على الصعيدين العسكري والدبلوماسي، فعلى الصعيد الدبلوماسي كانت الحرب سجالًا بينه وبين مجموعات الضغط الأمريكية التي مارست بشدة ضغوط على غالي للانحياز إلى وجهة النظر الأمريكية في قضايا كثيرة، وظل الصراع دائمًا حتى استطاعت الولايات المتحدة كسب تأييد الدول الأعضاء لانتخاب كوفي عنان خلفًا لبطرس غالي.
ويحكي غالي واحدة من هذه الضغوطات حينما أرادت دوائر أمريكية أن تمارس نوعا من الوصاية على خطابات الأمين العام للأمم المتحدة، وطلبت منه حذف أي كلمة كانت معادية لإسرائيل.
وفي هذا الإطار تقول السفير الأمريكية للأمم المتحدة "أولبرايت" آنذاك في سياق رفضها لتولي غالي فترة ثانية في منصب الأمين العام للأمم المتحدة "غالي كثير السفر، وعنيد وصعب المراس ولديه آراء محددة، والولايات المتحدة تمارس عليه ضغوط حتى يتماشى مع سياستها، كما أن الولايات المتحدة لا تقبل هذا النوع من الأشخاص".
أما على الصعيد العسكري؛ فقد كانت الفترة التي شغلها غالي في الأمم المتحدة، نار موقدة، وحروب دائرة هنا وهناك لم تضع أوزارها بعد، إذ كانت مجزرة البوسنة والهرسك من جانب القوات اليوغسلافية تدور رحاها، وعلى جانب آخر، برزت على مائدة الأمم المتحدة إبادة مليون أفريقي في رواندا في إطار الصراع بين طوائف متناحرة هناك، واتُهم غالي وقتها بأنه لم يجرؤ على كتابة تقرير يدين فيه قتل المسلمين في البوسنة والهرسك ويأمر بالتدخل العسكري ؛ لأنه مسيحي الديانة.
كان رد بطرس غالي على هذه الاتهامات قاطعًا، ونفي تلك الاتهامات، وزاد عليها أن الأمين العام للأمم المتحدة دوره تنسيقي بين الدول، وليس له صلاحيات على الدول الأعضاء، كما " أني أحببتُ أن أعطي القضايا الإفريقية اهتمامًا كبيرًا في الأمم المتحدة، لأنها لم تحظ باهتمام بالغ على الصعيد الدولي".
وبالرغم من عمله دبلوماسيًا لفترة طويلة، كان فيها سكرتيرا للأمم المتحدة، ووزير للخارجية في عهد الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك، إلا أن بطرس غالي تعرض للشأن المصري وكتب شهادة للتاريخ على شخصيات مصرية كان لها دور في الستين عامًا الماضية.
فهو يرى أن تولي الرئيس الأسبق محمد مرسي حكم مصر بمثابة كارثة، وأن الرئيس السيسي هو الأفضل للحكم، واعتقد أن الرئيس الأسبق مبارك حاول أن يحفظ للبلد استقراره، وأشاد بدور الرئيس السادات في استعادة سيناء، وقال إن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حاول أن يخلق فكرًا جديدًا لكن أضراره كانت أكثر من منافعه، إذ أنه قضى على الطبقة البرجوازية، وساعد على خروج الجاليات الأجنبية من مصر.
وردًا على انتقاده لخروج الجاليات الأجنبية من مصر لأنه تزوج من يهودية، نفى بطرس غالي معلومة سادت في أذهان الكثير، وهي أن والدته كانت أرمينية وأنه تزوج يهودية، وقال "إن هذا غير حقيقي".
كان غالي مصري الجنسية، لبناني الهوى، يعشق بيروت وهوائها، وربما غلبت عليه طبيعته الدبلوماسية والسياسية في الحكم على الأمور، إذا كان حبه لبيروت يرجع إلى وجود توازن بين الطوائف المختلفة هناك، "ورغم أن هناك اختلاف، يوجد استمرار وانفتاح".
وغالي، من مواليد 14 نوفمبر 1922، عمل أستاذا بالقانون الدولي بجامعة القاهرة، وأسس مجلة السياسة الدولية، ترأس المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومنظمة الفرانكفونية الدولية بعد عودته من الأمم المتحدة، كما له فكرة طرحها أيام حكم الرئيس السادات، وكانت الفكرة تدور حول "إنشاء عاصمة عربية تتوسط جغرافيا بين مصر وليبيا".
فيديو قد يعجبك: