لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد تهديدهم بالإضراب.. "المبادرة المصرية" توضح الضوابط المنظمة لتصعيد الأطباء

10:20 م الثلاثاء 09 فبراير 2016

المبادرة-المصرية-للحقوق-الشخصية

كتبت - هاجر حسني:

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، اليوم الثلاثاء، ٧ أسئلة وأجوبة عن إضراب الأطباء، على خلفية الجمعية العمومية الطارئة التي أعلنت عنها نقابة الأطباء، الجمعة المقبلة؛ لبحث تداعيات اعتداء عدد من أمناء الشرطة على طبيبين بمستشفى المطرية التعليمي، حيث هددت النيابة بدعوة أعضائها للإضراب الكامل عن العمل، حال عدم التحقيق الشفاف في الواقعة.

ما هو الإضراب؟
لعل أفضل تعريف للإضراب، هو امتناع العمال جماعيًا، امتناعًا مؤقتًا، عن العمل الواجب عليهم بمقتضى عقود العمل، نتيجة منازعات العمل، التي تحدث بينهم وبين أصحاب العمل، وبِنِيَّةِ الرجوع إلى العمل بعد حسمها.

لماذا يتم اللجوء إلى الإضراب؟
يتم اللجوء إلى الإضراب؛ بهدف توصيل رسائل إلى أصحاب العمل أو التنفيذيين أو المشرعين أو غيرهم، من متخذي القرار، والضغط عليهم بمطالب جماعية محددة ومشروعة، ونظرًا إلى تطلبه عملًا تنسيقيًّا ضخمًا وصعوبة تعميمه، فغالبًا ما يتم اللجوء إلى الإضراب السلمي، كأداة ضغط أخيرة بعد استنفاذ طرق التواصل الأخرى.

هل إضراب الأطباء مشروع وفقًا للقوانين المصرية؟
الإضراب السلمي عن العمل هو حق، تكفله القوانين المصرية، اكتسب وجوده بالتشريع المصري، من خلال مصادقة مصر على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ثم صدر قانون العمل رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ والذي ينص في مادته رقم ١٩٢ على أن "للعمال حق الإضراب السلمي، ويكون إعلانه وتنظيمه من خلال منظماتهم النقابية دفاعًا عن مصالحهم المهنية والاقتصادية والاجتماعية". أخيرًا، جاء دستورا عام ٢٠١٢ و٢٠١٤ بالنص في المادة ١٥، على أن الإضراب السلمي حق ينظمه القانون.

ورغم أن القانون لم يفعل بعد تعديله، ليتماشى مع هذا النص الدستوري، إلا أن القوانين الحالية لا تقتصر على فئات أو عاملين بعينهم، ومن ثم، فالإضراب السلمي حق يكفله الدستور والقانون للأطباء.

هل يضرب الأطباء في دول العالم الأخرى؟
بالتأكيد، لا تخلو دولة نامية أو متقدمة في العالم، من إضرابات للفريق الطبي بأحجام مختلفة ونطاقات متعددة؛ فالأطباء في ألمانيا قاموا بإضرابات واسعة في عام ٢٠٠٥؛ للمطالبة بتعويض مناسب عن ساعات العمل الإضافية لهم، ثم أعادوه في عام ٢٠٠٦ وفي ٢٠١٢.

وفي سويسرا، قام آلاف من أطباء الأسرة بالإضراب في عام ٢٠٠٩؛ اعتراضًا على تغييرٍ قامت به الحكومة في أسعار التحاليل الطبية دون استشارتهم.

وفي فرنسا، ينظم الأطباء إضرابات شبه سنوية، آخرها إضرابات "اليوم الأسود" التي قام بها الأطباء في نوفبمر ٢٠١٥ اعتراضًا على مقترحات قام بها نواب مجلس الشعب، ومنها إضراب ضخم عام ٢٠١٤ اعتراضًا على تعديلات في المنظومة الصحية، من شأنها تحويله إلى النموذج الإنجليزي، في حين قام صغار الأطباء بإنجلترا بتنظيم إضراب عام في يناير ٢٠١٦ اعتراضًا على ما تؤول إليه المنظومة الصحية الإنجليزية.

ولم تقتصر إضرابات الأطباء على الدول المتقدمة، ففي أوغندا قام الأطباء الجدد، بالإضراب عن العمل، في عام ٢٠٠٥؛ لرفع مرتباتهم الأساسية من ٢٢٢ دولارًا إلى ٣٧٠ دولارًا في الشهر، كما قام أطباء الامتياز بالإضراب عن العمل لمدة ٥ أيام كاملة؛ للمطالبة بتسديد مستحقاتهم، وفي عام ٢٠١١، قام أعضاء الفريق الطبي بالبرازيل بالإضراب عن العمل في ٢١ ولاية؛ للاعتراض على سوء ظروف العمل.

لماذا يضرب الأطباء؟
يلجأ أعضاء الفريق الطبي، للإضراب في حالة وجود ما يحول دون القيام بعملهم على أكمل وجه، وقد يكون هذا الحائل مرتبطًا بالمرتبات أو التعويضات المادية أو مميزات العمل الأخرى، أو يكون نقصًا في الموارد البشرية المتاحة، أو في المخصصات أو الأجهزة الطبية أو المستلزمات، أو فقرًا في الأبنية أو أماكن تقديم العلاج، أو يكون الحائل في بعض الأحيان إحساسًا بالظلم، أو عدم العدالة، أو تطبيق سياسات إدارية أو فنية تؤثر في عملهم، أو أي ظروف أخرى قد تعوق أعضاء الفريق الطبي عن أداء عملهم.

وقد يتفق الجمهور أو يختلف على مشروعية بعضٍ من تلك المطالب، وقد يبرر متخذوا القرار عدم القدرة على تحقيق بعضٍ من تلك المطالب لأسباب اقتصادية أو فنية أو سياسية أو غيرها قد تكون لها اعتبارها، لكن هناك موانع لتقديم الخدمة يصعب الاختلاف على أهميتها وعلى محوريتها لتقديم الخدمات الصحية وعلى رأسها الأمان للمرضى والفريق الطبي.

ففي دول مثل الهند وباكستان وأفغانستان وغيرها، قام الأطباء في الأعوام الأخيرة بإضرابات واسعة؛ للمطالبة بحمايتهم، والتحرك السريع من أجل ضمان أماكن تقديم خدمات طبية آمنة للجميع؛ ففي عام ٢٠١٥، قام الأطباء بالهند بتنظيم إضراب عام للمطالبة بوضع كاميرات مراقبة في المستشفيات، وفي عام ٢٠١٢، قام الأطباء بباكستان بتنظيم إضراب واسع للمطالبة بتأمينهم بالمستشفيات وبتحقيق العدالة ضد الاعتداءات عليهم.

في النهاية، تظل هذه الحاجة الأساسية شرطًا لا يمكن التغاضي عنه لضمان مناخ آمان للمريض، قبل أن يكون لأعضاء الفريق الطبي وهو حق مشروع للمرضى، وفقًا لجميع المواثيق والتشريعات الدولية والمحلية.

ما هي أقصى حدود إضرابات الأطباء؟
مع اختلاف أحجام وأهداف وأسباب الأمثلة المذكورة أعلاه، إلا أن جميعها يتفق في شروطه العامة، والتي تهدف إلى الضغط على الحكومات دون المساس بحياة المرضى أو صحتهم.

جميع تلك الإضرابات تكون في الخدمات غير الطارئة، مثل العيادات الخارجية والعمليات التي لا يؤثر تأخيرها على حياة المرضى. أو يكون الإضراب من فئة معينة من أعضاء الفريق الطبي -صغار الأطباء على سبيل المثال- على أن تقوم فئة أخرى بتعويض هذا النقص طوال فترة الإضراب.

كما يتم تحديد مدة الإضراب وأيامه، قبل تنفيذه، وكذلك ساعات العمل التي سوف يمتنع العاملون فيها عن العمل، ومداه، وأهدافة، والبدائل المتاحة لتلقي الخدمات الطبية، وتقوم التنظيمات في الكثير من الأحيان بتوزيع الإضراب على أماكن مختلفة في مواعيد متعاقبة، بحيث تضمن عدم التأثير في الخدمات المقدمة للمرضى.

وفي أحيان أخرى، يكون الإضراب عن وجه معين من أوجه الخدمات لا يمس المريض، على قدر ما يؤثر في الحكومة، مثل الامتناع عن تسجيل المرضى، أو تحصيل رسوم، وتحويل المرضى إلى خدمات محددة، وغيرها من الطرق المبتكرة للضغط على المشرع أو الجهات التنفيذية، والتي قام الأطباء المصريون بقدر لا بأس به منها على مدار الأعوام الأخيرة.

هل يشكل إضراب الأطباء خطرًا على المرضى؟
في حقيقة الأمر وعلميًّا، لا يوجد تأثير موثق للإضرابات في صحة أو حياة المرضى؛ فالإضراب بهذا الشكل الذي يستثني الحالات الطارئة، يبتعد عن أي خطر على المريض، ففي البحث العلمي الذي قام به فريق من الباحثين من جامعة "جورج تاون" بالولايات المتحدة، وماك ماستر بكندا، والذي تم نشره في المجلة العلمية Social Science and Medicine، قام فريق البحث بدراسة خمسة إضرابات واسعة للأطباء حول العالم، ما بين عامي ١٩٧٦ و٢٠٠٣ ومقارنة ذلك بالمخرجات الصحية للمرضى من حيث الوفيات.

فرغم قيام الأطباء بالإضرابات لفترات تتراوح ما بين ٩ أيام و١٧ يومًا، فإن جميع حالات الوفاة بعد البحث، كانت إما أنها لم تتأثر بالإضرابات، أو في بعض الأحيان، كانت أقل من معدلاتها في الأيام العادية، ولم تجد الدراسة أن أيًّا من تلك الإضرابات الواسعة تسببت في زيادة معدلات الوفيات.

والسبب في ذلك ببساطة هو أن الإضراب يكون أساسًا في العلاجات غير الطارئة، والتي بطبيعتها تشمل عمليات وإجراءات طبية لها مخاطرها، وبالتالي فالإضراب عنها في فترة الإضراب تتسبب في تقليل نسب الوفيات الناتجة عن تلك التدخلات الطبية، في حين أن خدمات الطوارئ والجراحات العاجلة لم تتأثر في فترات الإضراب.

كذلك كانت النتيجة في دراسة أخرى عن إضرابات طويلة الأمد امتدت حتى ثلاثة أشهر، وكان التفسير بها أن الإضراب يحرر الأطباء من بعض القيود الإدارية التي في الكثير من الأحيان، تعيقهم عن أداء عملهم بشكل سليم.

ففي جميع الأحوال، وإن أضرب الطبيب كحق مشروع له، إلا أنه لا يستطيع أن يضرب عن كونه طبيبًا ومسئولًا عن حياة وصحة مرضاه.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان