على غرار تونس.. هل يُقر البرلمان المصري قانون لتداول المعلومات؟
كتبت ـ هاجر حسني:
صادق البرلمان التونسي على مشروع قانون يمنح عموم الشعب إمكانية الوصول إلى معلومة (الحصول على المعلومات)، لدى مؤسسات عامة.
ويعدّ هذا القانون أوّل مشروع قانون في تونس يكرّس حقا دستوريا مضمّنا في البند 32 من الدّستور التونسي، وبما أن تونس كانت القدوة لمصر من قبل في اندلاع ثورة يناير، يُثار هنا التساؤل حول ما إذا كان البرلمان المصري سيسير على ذات النهج ويناقش قانون لتداول المعلومات.
خطوة بعيدة
ويقول جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن مناقشة قانون تداول المعلومات ليس ضمن خطة البرلمان خلال الفترة القادمة، لافتا إلى أنه بفرض تم مناقشة القانون سيضع البرلمان محاذير على تداول المعلومات ستعمل على تفريغ الحق من مضمونه.
وأضاف رئيس الشبكة العربية، لمصراوي، أن هناك مسودة لقانون تم وضعها في 2011 بين وزارة الاتصالات وبعض منظمات المجتمع المدني، وكذلك في 2012 تم وضع قانون بالتعاون مع مجلس الوزراء والبنك الدولي وهذا كان قانونا جيدا، بحسب قوله.
وتابع عيد "على الرغم من ذلك فأنا لا أتوقع أن يناقش البرلمان هذا القانون قريبا، فنحن مازلنا بعيدا عن هذه الخطوة".
وكان برنامج الحق في المعرفة بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، نشر ورقة قانونية عن معايير قانون تداول المعلومات، قال فيها إن إقرار القانون وحده لا يكفي ولكن لابد من وجود إرادة سياسية حقيقة لتنفيذه.
ووضعت المؤسسة عدة معايير لابد من توافرها في القانون وهي: توافر الأسس القانونية للحق في الوصول وتداول المعلومات، الإفصاح الاستباقي مع الالتزام بأقصى درجات الإفصاح تلتزم الدولة بنشر المعلومات الرئيسية التي تتعلق بالمصلحة العامة على أوسع نطاق، وهو ما يتضمن افتراض أن جميع المعلومات الرسمية المتوفرة لدى السلطة العامة وغيرها من الهيئات العامة محفوظة و مُؤرشفة بشكل يسمح بإتاحتها، الطابع الإلزامي للإفصاح، الأصل إتاحة المعلومات والتضييق من نطاق الاستثناءات والسرية بمعنى الإتاحة المطلقة هي الأصل؛ أي يجب أن يكون الحق في الاطلاع على المعلومات الموجودة بحوزة الحكومة هو القاعدة وليس الاستثناء.
وتشمل المعايير حماية الموظفين العموميين في حالة الإفصاح عن معلومات تتعلق بالفساد ويعني أن يشمل القانون عفوًا عن أي عقوبات من الممكن أن تُطبقَ في حال أفشى موظف عام أو مسئول عن معلومات -بغير الطرق التي رسمها القانون- إذا كانت هذه المعلومات تتعلق بفساد أو بمخالفات وجرائم تُهدِد المصلحة العامة أو كانت تلك المعلومات قد تهدد أمن وحياة أحد الأفراد، توفير المعلومات دون الحاجة إلى إثبات مصلحة مباشرة، العقوبات وتعني أنه يجب أن تتضمن نصوص القانون بشكل صريح عقوبات رادعة للمسئولين المخالفين لنصوص القانون عمدًا، وكذلك للهيئات العامة
التي تُقصر صر على نحو منهجي ومتعمد في الوفاء بالتزامات الإفصاح، وذلك في حالات تتعلق بالامتناع عن الإفصاح عن معلومات، أو الإدلاء بمعلومات خاطئة، أو التأخير المتعمد في الرد على طلب الاطلاع في حالة ما كان الأمر يتعلق بمعلومة وقتية.
واقترحت الورقة إنشاء مفوضية المعلومات وينشأ بموجبها هيئات إدارية مستقلة، لها موارد كافية، وتتمتع بصلاحية إلزام الحكومة بتقديم المعلومات، وذلك كي يتسنى لها إصدار قرار بشأن ما إذا كان أي حرمان من الحصول على معلومات مشروعًا أم لا، ومن ثم إصدار قرارات مُلزِمة للسلطات العامة. الطعون وتعني أنه ينبغي أن تتضمن التشريعات حق الطعن في القرارات القاضية برفض الحصول على المعلومات، وتكون الطعون على الامتناع عن إعطاء معلومات، التصريح بالحصول عليها بشكل منقوص، رفض توفير المعلومات بالطريقة المحددة بالطلب، الصمت
الإداري أو ما يُعرَف بالرفض الضمني، وغيره من أشكال مخالفة المدد الزمنية، بما فيها فرض رسوم مبالغ فيها، كذلك إضافة الإدارة مركزية للسجلات والحفظ ومكاتب المعلومات.
قرارات غير مبشرة
ورأى حسن الأزهري، محامي ببرنامج الحق في المعرفة بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن قانون تداول المعلومات الآن في يد الجهات الأمنية لأن القانون في الأساس يعتمد على الحكومة وكل التزاماته تقع على عاتق الدولة التي تنظم حق الفرد في الحصول على المعلومات، فبوجود القانون سيكون هناك رقابة على هذه الأجهزة.
وأضاف الأزهري لمصراوي، أن الجهات الأمنية تقلق من الطريقة التي يتم بها إتاحة المعلومات، فهي ترى أن الحكومة هي المالك الأساسي للمعلومة وهي من تحدد ما يُعلن منها.
وتابع "البرلمان لن يناقش هذا القانون قريبا وهناك وجهتي نظر يتبناها البعض، إما أن يتم مناقشة قانون ويحدث مشادات من أجل تعديله فيما بعد، أو لا يصدر البرلمان قانونا إلا بعدما يكون مستوفيا جميع المعايير"، لافتا إلى أنه برفض البرلمان استحداث لجنة لمكافحة الفساد سيكون من الصعب مناقشة قانون لتداول المعلومات.
مكافحة الفساد
ورفض مجلس النواب استحداث لجنة لمكافحة الفساد في البلاد، كانت مقترحة تحت اسم "النزاهة والشفافية" حيث جاء الرفض بأغلبية أعضائه، فيما دافع عدد قليل من النواب عن ضرورة وجود هذه اللجنة، ومنهم النائب أكمل قرطام والنائب مدحت الشريف.
واحتلت مصر مرتبة متأخرة في ترتيب مؤشر الفساد العالمي الصادر عن منظمة "الشفافية الدولية" لعام 2015؛ حيث جاءت في المرتبة الـ88 من بين 168 دولة وردت على المؤشر، ويرتب المؤشر الدول بترتيب تنازلي؛ ما يعني أن الدول التي تأتي في المراتب الأولى هي الأقل فسادا بينما تعد الدول التي تأتي في المراتب الأكثر فسادا.
وكان هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، كشف، في تقرير له، أن حجم فاتورة الفساد في الدولة وصل في عام 2015 إلي 600 مليار جنيه (76.6 مليار دولار)، وتعرض جنينة بسبب هذا التقرير إلى حملة انتقادات واسعة من قبل السلطات المصرية، ووسائل الإعلام الموالية لها؛ واتهمت لجنة تحقيق شكلها السيسي، إلى أن التقرير الصادر عن الرجل اتسم بـ "التضليل وعدم المصداقية".
وقال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إنه تداول المعلومات من ضمن القوانين المكملة للدستور، وعلى البرلمان مسؤولية إقرار مثل هذا القانون.
وأضاف أبو سعدة لمصراوي، أن هناك أولويات تشريعية كثيرة تسبق هذا القانون، ولكن على الرغم من ذلك فالبرلمان المصري بتشكيله الحالي لا يبشر بمناقشة قانون لتداول المعلومات وخاصة بعد رفضه لاستحداث لجنة لمكافحة الفساد.
ورأى أبو سعدة أن فكرة الاستعانة بالمنظمات الحقوقية ومقترحاتها في وضع مسودة لهذا القانون غير واردة، لأن معظم المنظمات أصبحت في فوهة المدفع بعد منع بعض العاملين بها من السفر ومحاصرتها بقانون الجمعيات الأهلية وغيرها من القيود المفروضة على هذه المنظمات، كما أن الحكومة ليس لديها النية للاستعانة بالمنظمات الحقوقية، قائلا "مش متفاءل".
وقال أحمد فرغلى، عضو مجلس النواب المستقل عن دائرة الزهور والمناخ بمحافظة بورسعيد، إن وجود القانون ضمن أولويات البرلمان أم لا هو أمر عير معروف حاليا، خاصة وأن البرلمان لم يحدد حتى الآن أولوياته.
وأضاف لمصراوي، أن البرلمان حاليا مشغول بتشكيل لجانه الفرعية، ثم وضع اللائحة والموافقة عليها، وعقب ذلك سيتم تحديد البرلمان فهو حتى الآن لم يقم بدوره بالكامل.
وتابع أن القانون يتم وضع مسودته من من قبل الحكومة أو النوابن ثم يتم مناقشته وعرضه على الجهات المعنية لإقراره.
فيديو قد يعجبك: