"المبادرة المصرية": السجون أوضاعها متدهورة والأعداد تفوق قدرتها الاستيعابية
كتبت ـ هاجر حسني:
قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن السجون في مصر تتكدس بأعداد تفوق قدرتها الاستيعابية ما جعل أوضاعها المتدهورة أصلًا تصل إلى مستوى غير مسبوق من الاستهلاك وإهدار الكرامة وتهديد صحة النزلاء، مضيفة أن مرافق السجون الأساسية تتهاوى وتنعدم الرعاية الصحية تقريبًا، بينما يفتقر النزلاء إلى أبسط إمكانيات الحياة الصحية والنظافة الأساسية، في الوقت الذي يعانون فيه سوء معاملتهم هم وزائروهم وعدم السماح بإدخال الملابس والأغطية والأطعمة لهم من خارج السجن رغم عدم توفرها للسجناء بالداخل.
ولفتت المبادرة في بيان لها، اليوم الأربعاء، إلى أن الأوضاع في بعض الأحوال تكاد تقترب مما كان عليه الحال في القرون الوسطى، حيث كانت إساءة المعاملة والتعذيب والحرمان من الطعام والرعاية الصحية هي سمات طبيعية لحياة السجون، الأمر الذي يثير التساؤل حول أسباب تردي أوضاع السجون المصرية بهذه الحالة بعد أكثر من قرنين من بداية الدولة الحديثة في مصر، وفي انتهاك واضح للقواعد واللوائح المنظمة للسجون في مصر.
واعتقدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن أهم أسباب اتساع الانتهاكات بالسجون المصرية واستمرار تردي أوضاعها هو عدم خضوع موظفي السجون لأي رقابة بحيث باتوا في أمن من العقاب أو المحاسبة بسبب انتهاكهم حقوق السجناء.
وأشارت إلى أن الخبرات الدولية أثبتت أن الأسلوب الناجع في تحسين أوضاع السجون والحد من الانتهاكات داخل أماكن الاحتجاز هو وجود آلية مستقلة لتفتيش ومراقبة أماكن الاحتجاز عن طريق تشكيل لجنة أو فريق مستقل ومؤهل بشكل مناسب لديه الصلاحيات اللازمة لإجراء زيارات متكررة ومفاجئة للسجون وأماكن الاحتجاز.
وتابعت : "يجب أن يكون أعضاء ذلك الفريق على دراية كاملة بالإطار التشريعي الحاكم للسجون وأماكن الاحتجاز والمشكلات العملية الموجودة بالإضافة إلى ضرورة أن تكون لهم صلاحية تفقد وفحص كافة أماكن السجن بما في ذلك الزنازین والعنابر وغيرها من الأماكن التي يستخدمها السجناء وأن يكون لهم الحق في إجراء مقابلات مع السجناء الذين يختارونهم هم - وليس السجناء الذين تختارهم إدارة السجن- على انفراد وبدون رقابة من إدارة السجن وفحص كافة سجلات السجن، وبهذه الطريقة ستكون مثل هذه اللجنة أو الفريق الدائم قادرة على تحليل وضع السجن بدقة وتحديد المشكلات القائمة وإصدار تقرير يشمل توصيات وحلول تُرفع إلى الجهات المعنية بهدف تحسين الأوضاع وبما يتماشى مع التزامات الدولة وسلطات السجن بمواد الدستور والقوانين الوطنية والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق السجناء".
وقالت المبادرة، إن الجهة الوحيدة التي لها الحق في التفتيش على السجون وأماكن الاحتجاز بجمهورية مصر العربية بشكل مفاجئ ودوري هي السلطة القضائية التي تستمد هذا الحق من عدة نصوص قانونية 10 ويحق للمجلس القومي لحقوق الإنسان أن يطلب من النائب العام زيارة سجن محدد في موعد محدد سلفًا، ويتعين الحصول على موافقة الجهات المعنية قبل القيام بالزيارة.
ورصدت المبادرة أهم القضايا والأسئلة التي يجب أن تتناولها تقارير زيارات السجون عن الظروف المادية للسجن ومن أهمها: الطعام، الإضاءة والتهوية، المرافق الصحية، النظافة الشخصية، الملابس ولوازم الأسرة، اكتظاظ غرف الاحتجاز
ولفتت إلى أن مسئوليات الدولة تقتصر على توفير بيئة مادية ملائمة داخل السجون فحسب، وإنما يجب عليها أن تعمل على تحسين شخصية المحتجزين، وتسعى إلى إعادة دمجهم في المجتمع بعد إطلاق سراحهم تحقيقًا للهدف المرجو من توقيع العقوبات السالبة للحرية وهو ما يعود بالنفع على المجتمع بأسره. ولذا ينبغي أن تتناول تقارير زيارة السجون بغرض التفقد والتفتيش كالاتصال بالأسرة والأصدقاء، الاتصال بالعالم الخارجي، التعليم، التمارين الرياضية في الهواء الطلق، الدين وممارسة الشعائر الدينية، العمل، الحصول على الرعاية الطبية، توفير الموظفين الطبيين، توفير رعاية صحية خاصة للنساء والأطفال الصغار، توفير الرعاية الصحية للسجناء المصابين بمرض عقلي، موظفو السجون.
وتابعت المبادرة أنه في ظل غياب أي شكل من أشكال الرقابة على السجون لا يمكن أن تتحسن أوضاعها فالنيابة العامة لا تقوم بدورها وواجبها القانوني بالتفتيش على السجون مرة على الأقل شهريًّا وبشكل مفاجئ، وآخر تفتيش قامت به النيابة العامة مر عليه عام كامل وقد كان بتاريخ 6 أبريل 2015 وقام فريق النيابة العامة حينها بتفتيش 9 سجون بمختلف أنحاء الجمهورية، بالإضافة إلى تفتيشهم أقسام الشرطة بالقاهرة والجيزة وأصدر النائب العام بيانًا عن نتائج التفتيش وأمر بالتحقيق فيما ورد من ملاحظات بتقارير التفتيش التي لم توفر المعلومات الكافية بشأن ظروف أماكن الاحتجاز والأوضاع المادية لها. كان هذا منذ عام، وخلال هذه الفترة وإلى الآن لم تقم النيابة العامة بإجراء تفتيش على السجون ولم تَصدُر أية بيانات من النائب العام عن أوضاع السجون وأقسام الشرطة، بحسب بيان المبادرة.
وقالت إنه إذا كان هذا هو حال الجهة الوحيدة التي لها حق الإشراف والتفتيش على السجون والتي لها حق التحقيق في الانتهاكات التي تحدث داخل السجون فالمجلس القومي لحقوق الإنسان وتقاريره عن الزيارات في ظل العراقيل والمعوقات التي يتعرض لها أعضاؤه عند قيامهم بزيارات للسجون لا توفر أقل المعلومات المطلوبة والضرورية للعمل على تحسين أوضاع السجون، فالتقاط الصور الفوتوغرافية داخل السجون لن يحسن أوضاعها، والخطوة الأولى لإصلاح نظام السجون في مصر ـ الذي بات ينحدر سريعًا إلى ما كانت عليه أماكن الاحتجاز قبل الدولة الحديثةـ هي الحصول على معلومات واضحة ووافية بشأن الأوضاع المادية وظروف الاحتجاز.
فيديو قد يعجبك: