"حينما تُبيح الضرورات المحظورات".. مُنتقبة تروي لماذا انضمت لمبادرة "امنع النقاب"
كتبت ـ هاجر حسني:
ربما يرى البعض أن انضمام سيدة منتقبة لمبادرة تهدف لمنع النقاب في المؤسسات العامة والحكومية أمر غريب، وربما يرى البعض الآخر أن موقفها يحمل الكثير من التناقضات، ولكن بمنطقها هي الوضع مختلف عما يراه الآخرون ووجهة نظرها تنطوي على تفاصيل تراها هي "عين العقل"، فهي بهذه الخطوة كانت أول سيدة تنضم لمبادرة "أمنع النقاب" والتي تم إطلاقها منذ أيام.
"الضرورات تُبيح المحظورات" هكذا بدأت "سيدة عبد الجليل" حديثها، فهي ترى أن العمل له متطلبات لا يجوز أن تتغاضى عنها لمجرد أنها تريد ارتداء النقاب، ومع وجود تعارض بين العمل وارتداء النقاب تُصبح الحاجة ماسة للظهور دون حجاب بينها وبين من تتعامل معهم "في مهن النقاب ممكن يأثر عليها زي الطبيبة والمدرسة، في أثر نفسي أن بتركه في اللي بكلمه لما بكون بشتغل الحاجات دي وملامحي ليها جزء كبير في توصيل ده"، ولكن عدم الظهور بالنقاب في فترات العمل يكون له معايير أخرى بالنسبة لها "لو في عمل يستحق إن المرأة تخلع النقاب تعمل ده، بس يكون شغل يستاهل، متكونش مثلا بتشتغل في وسط صنايعية أو غير آمن وتعمل ده، زي ما قلت المدرسة أو الجامعة أو المستشفى بيتطل إن يكون في تواصل".
عمل السيدة الأربعينية في بعض المهن كان يدفعها أحيانا إلى الظهور بوجهها أثناء فترات العمل ولكن ذلك لم يمثل لها أي مشكلة، بل على العكس هي وجدت أن حريتها الشخصية تبدأ بعد انتهاء فترات عملها "كنت بشتغل سكرتارية في شركة أمن، كنت بخلع النقاب وأنا في الشغل وبلبسه أول ما بخرج، هما من حقهم يشوفوا ويتواصلوا مع الشخص اللي بيشتغل معاهم، وأنا من حقي البسه بعد ما اخلص الشغل"، عملت سيدة بأكثر من مكان وكانت تتركه ولكن ذلك ليس لتعارضه مع نقابها لأنها كانت تتقبل شرط عدم وضعه أثناء فترات العمل "كنت بسيب الشغل علشان مش مرتاحة بس عمري ما سبت شغل بسبب أني منتقبة".
التناقض الذي يظهر في موقف "سيدة" ظاهرًا لمن لا يعلم الأمر جيدًا كما ترى، فتقول "أنا لابسة النقاب باختياري مفيش حد أجبرني عليه، وبالتالي أنا لما بخلعه أثناء العمل مبكونش مجبرة على ده، هدف المبادرة مش منع النقاب تماما لأن ده فعلا حرية شخصية بس لما الأمر يكون متعلق بتعاملك مع ناس تانية بيكون في ضرورة"، عدم ارتداء النقاب أثناء العمل لن يكون انتقاص من الدين ولا ارتكاب لمعصية طالما أن الأنثى تلتزم بزي محتشم "أنا لما بخلع النقاب أثناء الشغل بكون لابسه عادي جدا لبس طويل محترم وبكم، ولما بخلص بلبسه وأنا في الشارع أو غير أوقات العمل لأني بحس انه بيحميني من المعاكسات أو المضايقات في الشارع".
تعلم "سيدة" جيدًا أن رأيها لن يكون متقبلًا بسهولة، فبالرغم من عدم مواجهتها لاعتراض من زوجها إلا أن أسرتها على خلاف معها بسبب ارتداءها النقاب منذ البداية "زوجي لم يعترض لأن ده قراري أنا، ولكن أهلي كلهم ضد النقاب وفي عداوة بيني وبينهم لأنهم بيعتقدوا إن المنتقبة تكون محسوبة على اتجاه أو تيار ديني بعينه، ميعرفوش إن ده ممكن يكون رأيي بعيدًا عن أي تيار"، الرأي العام ربما لن يتقبل رأيها بسهولة هو الأمر الذي تعلمه جيدًا "كل شخص له رأيه وأنا معنديش مشكلة مع أي حد مختلف معايا".
المبادرة قد تُفهم خطأ كما يقول محمد عطية، مؤسس مبادرة "امنع النقاب"، "المبادرة تهدف لأن يكون في مساحة أكبر من التأمين من السيدات اللاتي يرتدن النقاب في المصالح الحكومية والمؤسسات العامة ومش بتهدف لمنع النقاب نهائيًا"، يقول عطية، "الهجوم على المبادرة جعلها تنجرف إلى مسار آخر واجهت بسببه انتقادات سيئة "المبادرة هدفها مش ديني خالص أنا مبتكلمش في الدين الموضوع يخص المجتمع أولًا وأخيرًا".
"تعابير الوجه ليها دور كبير في التأثير على التواصل في المدارس والجامعات ودي أماكن من اللي بنطالب إن يكون فيها مدرسات غير منتقبات"، هكذا يقول عطية، ويرى مؤسس المبادرة أن النقاب ربما يكون سبب في الكثير من العمليات الإرهابية وخاصة في ظل الوضع الأمني الحالي في البلاد، وأن ارتداء النقاب أصبح في زيادة كبيرة، ولكن الحياة الشخصية ليست هدفا للمبادرة لأن كل شخص حر في اختيار ما يناسبه من زي.
التعرف على هوية الشخص هو حق يراه محمد مهمًا في هذه الفترة "دي طريقة علشان يبقى التعرف على هوية السيدات سهل بمجرد النظر لأن فيها حفاظ على أرواح الناس، وبالتالي منع المنتقبات من الجامعات والمصالح الحكومية أصبح ضرورة"، ما يُقلقه هو تأويل ما ينادي به بطريقة أخرى والتي عرضته للتهديد بحياته "بيتقال علينا عقول مريضة واحنا بنحارب فكر متطرف، احنا مش ضد الإسلام والأمر ميوصلش لأننا نتهدد بالتصفية الجسدية".
من وجهة نظر مؤسس المبادرة أن علاقة الفرد بربه أصبحت مغلفة بالألغام وهو ما تحاول المبادرة تغييره "احنا مؤمنين إن التجديد الديني يحتاج لجرأة العرض ومواجهة الرأي بالرأي ومنع المتشددين اللي بيقولوا إن النقاب فرض بعكس الكثير من الآراء والفتاوى في الأمر ده".
فيديو قد يعجبك: