رئيس الجالية السورية بمصر: الأسد يدعم داعش ماديًا.. والجامعة العربية سبب تدهور الأوضاع - (حوار)
حوار ـ هاجر حسني:
تصوير ـ علياء عزت:
يرى راسم الأتاسي، رئيس الجالية السورية في مصر، ورئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان بسوريا، أن الجامعة العربية أحد أسباب تدهور الأوضاع في سوريا.
وتطرق الأتاسي، في حوار أجراه معه "مصراوي"، ليد إيران التي تتوغل في الشأن السوري، بهدف مد الإمبراطورية الفارسية، في الوقت الذي يؤكد فيه أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، هو من صنع الإرهابيين، ودعم تنظيم داعش الإرهابي.
وأشار رئيس الجالية السورية في مصر، إلى أن حلول الأزمة السورية تكمن في انتقال سياسي للسلطة، وفقًا لبيان جينيف.
وإلى نص الحوار:
كيف قرأت الوضع الحالي في حلب؟
لا يوجد عبارات تصف الوضع؛ فسوريا تمر بمأساة العصر، فما يجري هو محاولة من النظام للاستيلاء على حلب، لأن جزء كبير منها مُحرر بأيدي الثوار، وهناك محاولات لوضعنا بمتاهات المتطرفين والإرهابيين والجيش الحر المعتدل حتى تضيع القضية، وهو ما يصب في النهاية في مصلحة إسرائيل، كما أن مجلس الأمن أصدر 4 قرارات بخصوص سوريا، لم ينفذ منها بند واحد، رغم أن قسم كبير منها صدر بالإجماع، وبالتالي فلا بد من الجميع احترام هذه القرارات؛ حتى تُنفذ، فإذا كان مجلس الأمن نفسه لا يحترم هذه القرارات، إذن فلا توجد فائدة من كل ذلك، والبكاء على الأطلال بلا جدوى، والواقع يختلف كثيرًا عما تتداوله وسائل الإعلام.
ما الهدف من تعدد مُسميات العناصر المسلحة بسوريا؟
الهدف من ذلك هو إضاعة الثورة، النظام عمل منذ البداية على ذلك، فالنظام هو من صنع جزء كبير من الإرهابيين، والدول الكبرى وجدت مصلحة في دعم هؤلاء الإرهابيين؛ لمحاولة إطالة الصراع، ولإيجاد مبرر للتدخل في سوريا، واحتلالها بشكل أو بآخر، رغم إني لا أريد أن أقول احتلال، ولكن هدفها هو محو البلد من شعب واقتصاد وبنية تحتية، وهم استساغوا القصة التي ابتدعوها من وجود إرهاب، ولو كانوا جادين بالفعل لكانوا قضوا على الإرهاب في خلال شهر أو شهرين، والحيلولة دون انتشاره.
وماذا عن التشكيك في سلمية الثورة؟
بسوريا قامت ثورة شعبية، عفوية، من شباب وشيوخ ونساء ضد التسلط وضد الفساد، وكل الأمور المنافية لحقوق الإنسان، وبقيت هكذا 6 أشهر، تظاهرات سلمية لم يُرفع فيها عصا، لكن النظام حاول استدراج بعض الشباب لحمل السلاح، وبدأ في توزيع السلاح بشكل غير مباشر على المدنيين، وكان النظام نفسه يستخدم السلاح لفض التظاهرات، مثل "مجزرة الساعة" بحمص، والتي كانت في يوم 17 أبريل 2011، والتي راح ضحيتها ليس أقل من 300 شهيدًا، حيث كان الامر لا يتعد كونه اعتصامًا سلميًا، وهجم الجيش عليهم بالرصاص آنذاك.
وبالطبع هناك مجازر أخرى بالخالدية ودرعا وكانت جميعها تظاهرات سلمية تنادي بالإصلاح، وسلمية الثورة اعترف بها بشار الأسد نفسه في إحدى تصريحاته، حيث أكد أن الثورة والتظاهرات كانت سلمية خلال 6 أشهر، ولكن بعد مواجهة الشباب بالسلاح، اضطر بعض الشباب المتحمس والمندفع باستخدام السلاح؛ للدفاع عن المتظاهرين.
وخلال هذه الفترة ذكر بشار الأسد بلسانه أنه أطلق سراح 64 ألف سجينًا جنائيًا، أغلبهم من المتطرفين، والأمن والمخابرات السورية أمنت لهؤلاء الخروج، وهم الآن من يُقال عنهم إرهابيين، وبعد أحداث القتل اضطر جزء من جيش النظام، أن ينشق ويُشكل ما يسمى بالجيش الحر، وهو عبارة عن بعض الضباط والمجندين اللذين انشقوا عن النظام، وبعض الشباب المتحمسين الذين كانت بدايتهم هي الدفاع عن المتظاهرين.
ماذا عن وجود عناصر إرهابية بصفوف "الجيش الحر"؟
سوريا تضم الآن عدة هيكليات مقاتلة، أولها هم من تبقوا من جيش النظام مع مقاتلي حزب الله، مع فصائل أبو الفضل العباسي العراقيين، ومع جنود وضباط من الحرس الثوري الإيراني، والقوات الروسية، والقسم الثاني هم داعش "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وهناك قسم آخر أقل حدة في التطرف وهم جبهة النصرة، بالإضافة إلى الجيش الحر المعتدل، فالجيش الحر يصنف على أنه ضمن المعارضة المعتدلة، ولكنه لا يضم إرهابيين، وإنما النظام السوري وأجهزة إعلامه، هي من تعتبر أن كل من قام ضده فهو إرهابي.
من صاحب المصلحة في اشتعال الأزمة السورية مرة أخرى؟
الحقيقة أن ما يجري في سوريا، هو من مصلحة إسرائيل في المقام الأول، وليس في مصلحة أي طرف آخر، وصحيح أن روسيا هي حليفة النظام، ولكن إذا كان لهم نظرة مستقبلية فسيرون أن الشعب السوري لن يرضى بهم، نظرًا لما يقومون به الآن، أما إيران فتحاول مد الإمبراطورية الفارسية إلى البحر الأبيض المتوسط، مرورًا بالعراق وسوريا ولبنان، وهذا أم صرح به الكثير من الزعماء العراقيين، فمنهم من قال إن سوريا المحافظة رقم 35 لإيران، ومنهم من قال أن حدود إيران تمتد للبحر الأبيض المتوسط، ومنهم من قال بأن إيران تسيطر حاليًا على 4 عواصم عربية وهي صنعاء ودمشق وبغداد وبيروت.
بينما يُعد النظام السوري منتهِ، والشعب حوالي 50 أو 60% منه ما بين مهاجر ونازح، ومن تبقى في سوريا موجود قسرًا عنه، إما متشبثًا بالأرض، وإما أنه لا يملك ما يمكنه من الخروج، والوحيد المستفيد من الصراع الحالي هي اسرائيل، وحتى أمريكا فهي تخدم إسرائيل، وبالتالي فمصلحتها من مصلحة اسرائيل، والأمر وصل إلى هذ الحد بسبب الجامعة العربية التي لم تستطع الوقوف من البدايات وإيجاد الحلول المناسبة، وكانت -نوعًا ما- تلقي الحمل على الآخرين، وحولته إلى مجلس الأمن، وأًصبح الأمر اتفاق بين روسيا وأمريكا على إنهاء سوريا.
ماذا عن المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية؟
أرى أن المنظمات الحقوقية، قامت بدورها، لأن مهمتها الرقابة وليس التنفيذ، وخاصة مجلس حقوق الإنسان العالمي بجنيف، والذي أصدر 3 قرارات تدين النظام، وتعتبر ما يجري إبادة جماعية وجرائم حرب، كما أن الجمعية العمومية للأمم المتحدة صوتت على 2 من هذه القرارات بأغلبية الثلثي، وحتى الآن لم يحدث شئ، والمنافسة بين روسيا وأمريكا هي من تعطل هذه القرارات، حيث لم يتم تنفيذ القرارات الإنسانية -على أقل تقدير- مثل فك الحصار، فهناك أشخاص يموتون من الجوع بسببه وعدم وجود الدواء، كذلك هناك قرارات صدرت بحق المعتقلين بالألاف في سجون سوريا، ولم ينفذ منها شئ، النظام العالمي بهذا الشكل يقف دون إيجاد حل، والوصول لنتيجة مرضية، وهو بذلك يخدم إسرائيل.
ما رأيك فيما يتردد عن أن قوات الأسد لا تستهدف المدنيين ولكن الإرهابيين؟
المناطق التي تُستهدف كالمستشفيات لا تضم إرهابيين أو مُسلحين بالتأكيد، وخلال الأسبوع الماضي أكثر من 10 مستشفيات تم قصفها وخاصة في حلب، والمدارس في بداية الثورة كانت تُقصف ويُقتل التلاميذ، وكذلك الأفران والمساجد، أين المسلحين هنا؟، فالنظام قصف المدنيين قبل المُسلحين وكان يترك المجال للمسلحين ويحتجز المثقفين وأصحاب الرأي.
ماذا عن التشكيك فيما ينقل من صور وفيديوهات عن حلب؟
لابد أن نعرف أن هناك البعض -وإن كانوا قلة- ممن يناصروا النظام، وهم غالبًا المستفيدين من الفساد، بالإضافة إلى الإعلام الإيراني والروسي ومن معهم، فمن الطبيعي أن يروجوا لهذا الكلام للدفاع عن أنفسهم، وقليل من التفكير والتروي يستنتج الجميع الحقيقة، وكمثال
فالهدنة بدأت منذ شهرين، والنظام اخترقها أكثر من 2000 مرة، راح خلال هذه الفترة أكثر من 600 إلى 700 شهيد، وفي النهاية يبررون ذلك باستهدافهم جبهة النصرة.
هل تلقيتم طلبات من أهل حلب للخروج من سوريا خلال الأحداث الأخيرة؟
بالطبع، هناك الكثيرين خرجوا لتركيا ومنها لأوروبا، لأن القصف يحدث يوميًا، بل وكل ساعة، بالإضافة إلى عدم احتمال الحياة المعيشية من انعدام المرافق، والكثير من الأمور الحياتية الأساسية، ونحن كمنظمة لدينا أعضاء، وعلى تواصل معهم داخل سوريا، ولدينا تقارير أسبوعية إن لم تكن يومية لما يجري هناك.
البعض يرى أن هناك محاولات لإخلاء سوريا، هل تتفق مع ذلك؟
نعم فكما قلت سابقًا، أن هناك محاولات لتغيير ديموجرافية سوريا، وبيحاولوا يجعلوا المعيشة صعبة حتى يهرب الناس من البلد، فهناك جماعات إيرانية وجماعات أبو الفضل العباسي في العراق تم تجنيسهم بالجنسية السورية من قبل النظام.
إذن إيران أيضًا مستفيدة مما يحدث في سوريا؟
نعم ولكن استفادتها على المدى القصير ومستقبلًا ستكون خاسرة.
خلال الهدنة الحالية، هل تتوقع أي تغييرات في الأزمة السورية؟
نحن الآن في هدنة، ماذا استفاد السوريون منها؟ لا شئ، إذا كان يوميًا هناك قصف واختراق لها، فالهدنة "كلام فارغ" مثل الحديث عن انسحاب روسيا من سوريا، وهو ما لم يحدث، بل انسحب عدد قليل من القوات فقط، والطيران الروسي يوميًا يضرب سوريا، وكذلك البراميل المتفجرة التي تسقط على حلب.
وماذا عن المفاوضات بين المعارضة والنظام؟
المفاوضات بين أي طرفين، يجب أن يسبقها إثبات حسن النية، فعندما طلبت هيئة المفاوضات العليا للمعارضة، الجلوس على مائدة المفاوضات، والمطالبة بانتقال سياسي، وتطبيق بندين من بنود الأمم المتحدة، وهما فك الحصار عمن يموتون جوعًا، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الذين اعتقلوا لمجرد قولهم كلمة، لم يحدث شيئًا، وأنا أتعجب عندما يتفاخر بان كي مون (الأمين العام للأمم المتحدة) ويتفاخر بأنه توصل لاتفاق مع النظام بفك الحصار جزئيًا عن منطقة من 120 منطقة محاصرة في سوريا، فالنظام العالمي لابد أن يطلب فك الحصار لأنه شئ إنساني وليس سياسي، ولذلك فإذا كنت تحاول الوصول لحل؛ فعليك أولًا أن تُثبت حسن النية.
وما هو الحل في وجهة نظرك؟
الحل بشكل عام لن يكون دون انتقال سياسي، وفقًا لبيان جنيف الذي وافق عليه العالم أجمع منذ 2011 والذي اعتبرته المعارضة أساسًا للحل، وكذلك إيجاد هيئة حاكمة انتقالية، لا يشارك فيها بشار وبعض المقربين منه، ممن تلوثت أيديهم بالدماء السورية، وصدر عن لجنة التحقيق الدولية قائمة بـ 250 اسم هم المتسببين بقتل المدنيين، وذهبت إلى مجلس الأمن ولم تظهر حتى الآن، فالحل الوحيد يكمن في الإرادة الحاسمة والحازمة للنظام الدولي ومجلس الأمن، ومن ثم تمضي الأمور تباعًا في خارطة الطريق.
هل ستقع سوريا فريسة للإرهاب حال تنفيذ الانتقال السياسي للحكم الآن؟
الشعب السوري بشكل عام مثقف ومسالم، ولا يعاني من التطرف، والنظام هو من عمل على صنع هذا التطرف، وإذا ذهب النظام كرئيس ومن حوله، الشعب نفسه سيكون ضد المتطرفين، وسيسقطوا من تلقاء أنفسهم من خلال الشعب، كما أن قطع الإمدادات التي تأتي إليهم من بعض الدول سيسقط 50% منهم اجتماعيًا و30 إلى 40% سيسقطوا نتيجة قطع هذه الإمدادات، فداعش بعد سيطرتها على منابع النفط من يشتري منها؟ النظام السوري هو من أتاح لداعش الفرصة، بانسحابه من الأماكن التي بها آبار النفط وجعلهم يسيطرون عليها ثم يشتري النظام منهم، وهذا دعم لداعش ماديًا.
في رأيك.. من يملك قرار وقف إطلاق النار في سوريا؟
بشار لا يملك كلمته، فالحرس الخاص به إيراني، ومن يتصرف في سوريا هم الروس والإيرانيين، وليس بشار، وهو عبارة عن صورة
فقط.
كيف تقرأ الوضع مستقبلًا في سوريا؟
الشعب السوري غالبيته -إن لم يكن جميعه- شعب عربي، لن يوافق بأي شكل من الأشكال، أن يكون تحت الإدارة أو السلطة الإيرانية، وستنتهي الأزمة عندما يجد العالم الخارجي نفسه مضطرًا لإنهاء الأمر، فكمثال عندما هاجر عدة آلاف لأوروبا انقلب الوضع هناك وأصبحوا يواجهون مشكلات بسبب هذه الأعداد، فعندما يشعر العالم بأن الأمر "وصل لذقونهم" سيعمل مجبرًا ومكرهًا على إيجاد الحل.
ما حيلة الشعب السوري للخروج من الأزمة الحالية؟
الشعب يريد الاستقرار، ويريد الحياة الكريمة، وعندما اتخذ القرار بالثورة، لم ينتظر موافقة من أمريكا أو روسيا، واعتمد الشعب على ذاته، وسيبقى كذلك منتفضًا حتى يحقق ما يريد، وأثناء الهدنة كانت تحدث أشياء ربما لم يعيرها العالم انتباهًا، وهو أنه كل يوم جمعة كان يخرج في تظاهرات سلمية، وهذا خير دليل لمن يسأل أين ذهبت الثورة، فالثورة داخل نفوس الشعب السوري، ولذلك فإن النظام ليس من مصلحته وجود هدنة؛ لأن الشعب سيعاود الخروج مرة أخرى بشكل سلمي؛ ليبرهن أن من تبقى من الشعب السوري في سوريا ما زال ثائرًا.
كيف تفسر تجاهل الإعلام العربي والعالمي لهذه التظاهرات السلمية؟
لسبب ما لا أعرفه، ولكن لابد من وجود توضيح لما يحدث فعلًا داخل سوريا، وخاصة لمن يتسائل أين الثورة والثوار، وهذه التظاهرات أكبر دليل على أن الثورة مازالت في نفوس هؤلاء اللذين مازالوا تحت الضرب والقصف.
فيديو قد يعجبك: