حملة مد رئاسة السيسي VS "الإيكونوميست".. محاربة للإرهاب أم إهانة للرئيس
تقرير- أحمد لطفي ومحمود أمين:
حملة شعبية جديدة، تلتف إليها الأنظار بعد "تمرد" التي جمعت ملايين التوقيعات لعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013، واعلان انتهاء فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين.
"الحملة الشعبية لجمع توقيع 40 مليون مصري"، هي الحملة التي دشنها ياسر التركي، لمد فترة رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ثماني سنوات، بدلًا من أربعة دون إجراء انتخابات رئاسية جديدة.
وقال في تصريحات متلفزة، إن هدف الحملة مد فترة رئاسة السيسي 4 سنوات أخرى، دون انتخابات رئاسية؛ من أجل استكمال بعض المشاريع الاقتصادية والبنية التحتية، واستكمال مشروع العاصمة الادارية الجديدة؛ ساعيًا لإعطاء فرصة أكبر للرئيس من أجل محاربة الإرهاب، "عاوزين ندي للرئيس فرصة عشان يحارب الإرهاب".
وأشار التركي إلى تشكيل مجلس إدارة للحملة من أجل التنسيق بين مندوبي الحملة في المحافظات والذين يتولون جمع التوقيعات، وضخها لمركز التجمع.
وأكد أنه استطاع جمع 120 ألف توقيع حتى الآن، دون أن يحدد كيفية ايجاد المواطنين تلك الورقة أو اظهارها لوسائل الإعلام أو تحديد المدة المستغرقة في جمع هذه التوقيعات، ولكنه اكتفي بالقول أنه سيعلن كافة التفاصيل في مؤتمر صحفي قريبًا.
وبين تأييد ورفض للحملة التي تتشابه إلى حد كبير للحملة الشعبية "تمرد"، حاول مصراوي استعراض أراء السياسيين والقانونيين والحقوقين حول المبادرة ومدي تطبيقها دستوريًا، خاصة بعد الضجة التي حدثت عقب نشر تقرير بمجلة "الإيكونوميست" الذي ناقش تدهور الأحوال السياسية والاقتصادية بمصر، مطالبًا السيسي بعدم الترشح لمدة الرئاسة الثانية.
جريمة جنائية وسياسية
قال الناشط الحقوقي نجاد البرعي، إن تلك المبادرة تعد "جريمة جنائية وسياسية" من الدرجة الأولي لأنها تتعارض مع أحكام الدستور وتسعي إلى قلب نظام الحكم، مؤكدا أن دستور 2014 حدد 8 سنوات للرئيس فقط دون تغيير.
وأضاف البرعي، في تصريح خاص لمصراوي، أن على النائب العام التحرك لملاحقة مَن يحاول العبث بنصوص الدستور والقانون، متسائلا: "أين المحامون في تقديم بلاغاتهم؟".
وأكد البرعي أن الحملة تعطي انطباع بـ"إهانة" شخص الرئيس لأنها تصوره على أنه خائف من المواجهة في الانتخابات المقبلة، نافيًا في الوقت ذاته ربط تلك الحملة بالاخري "تمرد" التي طالبت بانتخابات رئاسية مبكرة، ويعد امرًا قانونيًا ودستوريًا على عكس ما يحدث الآن.
مبادرة الفريق الرئاسي
ومن جهة أخري، أعلنت مبادرة الفريق الرئاسي، التي أطلقها العالم المصري عصام حجي، عن رفضها التام لتلك الحملة الشعبية التي وصفها بـ"تغييب الرأي العام".
وأكدت مبادرة الفريق الرئاسي، في بيان لها، أن الحملة التي تسعي لاستهداف جمع ملايين التوقيعات مفادها المطالبة بتمديد فترة الرئاسة لثماني سنوات بالمخالفة للدستور، مشيرة إلي أن الأشخاص القائمين على الحملة "مدعومون بأجهزة من الدولة",
وتابعت: "إذا صدق ذلك فالمبادرة تعلن رفضها التام لتغييب الرأي العام ومحاولات البقاء دون انتخابات ورسم شعبية زائفة لرموز تخطتها طموحات المصريين في دولة تحارب الفقر والجهل والمرض، وستقوم المبادرة بالتنسيق مع كل قوى التغيير بجمع توقيعات عن طريق هذه الصفحة وسيتم تحضير عريضة بذلك خلال الساعات القادمة".
وجه للنفاق
وصف الحقوقي البارز الدكتور سعدالدين إبراهيم، ومدير مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية السابق، أن القائمين على الحملة مجرد اشخاصا يسعون إلي التقرب من السلطة، وتعبر عن أنها وجهًا من أوجه النفاق الموجودة في كل عصر.
وطلب "إبراهيم"، في تصريح خاص لمصراوي، من الرئيس السيسي باعلان تبرئه من الحملة، ويُظهر أمام الشعب بأكمله أنه رئيس ديمقراطي وملتزم بأحكام الدستور ويقبل المنافسة في أي وقت.
حق لكل مواطن
ومن جانبه علق الدكتور رأفت فودة، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، بأن الدستور المصري لم يعطَ الحق للشعب المصري باقتراح تعديل أو تغيير في النصوص، موضحًا أن الاقتراح مقصور على رئيس الجهورية وتقريباً خمس نواب داخل البرلمان، الأمر الذي يعني أن الشعب بعيد تماماً في تغيير أي بند من بنود الدستور .
وأكد رأفت في تصريح خاص لمصراوي، أن من حق أي مواطن أن يقترح مايشاء، ولكنه غير ملزم للجهات المعنية .
وتابع رأفت،" 95 % من دساتير العالم الحديث تعمل على تقليل فترة المدة الرئاسية، وهذا توجه عام بالعالم الديموقراطي الحديث، وتنص على أن تعاد السلطة الي صاحبها الاصيل لاختيار من هو مناسب لها".
وأوضح، أن اطالة فترة الرئاسة مع اعطاء الرئيس جميع الصلاحيات تخلق ديكتاتوراً، والعالم الديموقراطي يجمع بين تقليل فترة الرئاسة، واقرار مسؤولية رئيس الجمهورية .
وبسؤال رأفت عن تقرير الإيكونوميست، قال إن دهاليز السياسة لادخل فيها وهذه وجهة نظر تحترم، ودستورياً طبقاً لتعديل الدستور لاينفرد الرئيس بالسلطات ويتم توزيعها دستورياً بين رئيس الدولة والحكومة وإذا كان هناك أزمة اقتصادية كما ركز التقرير يجب تحمل جميع الاطراف الحاملة للسلطة للمسؤولية وليس الرئيس فقط.
لا يجوز دستوريًا
أما عن المستشار بمجلس الدولة، الذي رفض ذكر اسمه في الإعلام، أكد أنه لا يجوز دستورياً جمع توقيعات من الشعب لتغيير نص من نصوص الدستور.
وتابع المستشار في تصريح لمصراوي، أن الحل الدستوري الأمثل أن ننتظر اعادة انتخاب الرئيس، دون المساس ببند مدة الفترة الرئاسية.
وأردف، "مثل هذه الحملات تؤثر على الاقتصاد المصري بالسلب، وعندما يعلم مستثمر اجنبي أن مصر تغير الدستور عن طريق حملة توقيعات، سوف يري أن القوانين ايضاً قد تتغير فجأة وأن البلد غير مستقرة وبالتالي ينهار اقتصاد الدولة".
ورأي المستشار، أن الحل الدستوري الوحيد لتغيير النص الخاص بمدة الفترة الرئاسية، يتم عن طريق البرلمان، الذي يدعو بدوره إلي تعديل النص الدستوري، واذا وافق ثُلثين البرلمان يتم الاستفتاء على القرار من الشعب .
اساءة للرئيس
"حملة تُسيئ للرئيس"، بهذه الجملة رد محمد سامى رئيس حزب الكرامة، على الدعوات التي أطلقها بالحملة المذكورة سلفًا، مؤكدًا أنه لم يمضِ على الفترة الرئاسية الأولي إلا عامين فقط وهذا يدل على النفاق وطلب الشهرة من قبل بعض الأشخاص .
واعتبر "سامي" في تصريح خاص لمصراوي، هذه الدعوة بالعبث في الدستور، ويجب أن يعلم الجميع أن الدستور واضح وصريح فيما يتعلق بنص المدة الرئاسي، وهي فترتين رئاسيتين متتاليتين في حالة اعادة الانتخاب .
وأشار سامي، إلى أن فكرة تعديل نص الدستور أمر غير وارد وغير مطروح على الساحة السياسية، مناشدًا في الوقت ذاته بأن قبل المنداة بمد الفترة الرئاسية، لابد من النظر للانجازات وطموحات الشعب المصري ومنها القضاء على العشوائيات، وحل أزمة البطالة.
وأكد سامي، أن الانتقادات التي توجه للرئيس يجب أن يكون هناك رد فعل حكيم للتعامل مع مثل هذه الانتقادات على أرض الواقع.
وعن تقرير الإيكونوميست، قال سامي إن التقرير جاء من طرف محايد ويجب تعامل الدولة مع الانتقادات بطريقة إيجابية.
رأي السيسي
وفي مداخلة هاتفية مع برنامج "القاهرة اليوم"، للإعلامي عمرو أديب على قناة أوربت، مارس الماضي، وجه "أديب" سؤالا للرئيس عن امكانية ترشيحه لمدة ثانية، رد السيسي: "أمر حكم مصر يخضع لإرادة الله سبحانه وتعالى وحده ومن بعده إرادة الشعب المصري".
وتابع أنه لن يستطيع أحد أن يفرض إرادته على الشعب، باعتباره شعب ذكي جدا وله تاريخ حضاري طويل، وأن الشعب المصري شايف.. وفي تقديري لن يقدر أحد أن يفرض عليه أمر، وأنا أعمل بالتزام داخل نطاق تكليفي الحالي.. لو قدرت أنجز في عامين ما ينجز في 20 عاما سأعمل هذا.. يارب يقدرنا وتروا الخير يا مصريين بيكوا وعملكوا".
الإيكونوميست
وأثار تقرير مجلة الإيكونوميست حول الوضع الاقتصادي والسياسي في مصر، الجدل بين السياسيين والمحللين، الذي جاء تحت عنوان "خراب مصر – القمع وعدم كفاءة عبد الفتاح السيسي سيشعلان انتفاضة أخرى".
ونصح تقرير الإيكونوميست السيسي بعدم الترشح للانتخابات في عام 2018 كجزء من خروج البلاد من الأزمة الاقتصادية في مصر.
فيديو قد يعجبك: