إعلان

"أذكى طفل في العالم".. ألهمه "زويل" بنوبل.. و وعد أخلفه القدر

01:34 م الجمعة 12 أغسطس 2016

أذكى طفل في العالم وزويل

كتبت – ياسمين محمد:

بشكل مفاجئ انتقل التليفزيون المصري، مساء يوم الثلاثاء الموافق الثاني من أغسطس الماضي، لإذاعة خبرًا عاجلًا مفاده وفاة الدكتور أحمد زويل، العالم المصري الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء.

وبينما كان يتابع الأخبار، تسلل الحزن إلى قلبه، بعد أن فقد قدوته، وتذكر الوعد الذي قطعه الراحل على نفسه منذ ست سنوات: "سأكتب لك سيرتك الذاتية عند حصولك على نوبل، كما كتبها لي من قبل الأديب الراحل نجيب محفوظ بعد حصولي عليها".

كثيرٌ ما تكون روايات أبائنا لنا سببًا في تشكيل حياتنا، فقد روى والد محمود وائل، قصة العالم المصري الدكتور أحمد زويل، على ابنه، وهو في الخامسة من عمره؛ ليتعلق الطفل بالقصة كثيرًا، ويتمنى ملاقاة هذا الرجل الذي اتخذه قدوة منذ ذلك الحين.

وفي نفس العام، اكتشف الوالد موهبة خص الله بها ابنه، وهي الذكاء، حيث بلغ معدل ذكائه 155 درجة، وهي درجة لا يحصل عليها إلا قلة من البالغين، ليحصل على لقب "أذكى طفل في العالم".

يسرع الطفل بعدها ويرسل رسالة إلى الدكتور زويل، قداوته الذي لم يراه من قبل، ويخبره بالموهبة التي منّ الله بها عليه، ويذكر له تطلعاته للمستقبل، مشيرًا له إلى أنه سيحصل على نوبل في سن أصغر منه.

ولكن زويل كان عالمًا مربيًا، فلم يصل للطفل ردًا منه ولو بكلمة لمدة أربع سنوات، حتى جاء الوقت الذي فوجئ فيه بطلب العالم لملاقاته في مقر السفارة الأمريكية.

كان الطفل يظن أن زويل لم يلتفت إلى رسالته، ولكنه كان الدرس الأول، حيث أراد أن يعلمه أن الذكاء منحة من الله سبحانه، وبالتالي لا يجب أن نميز بين إنسان وآخر بناءً على موهبة لا يد له فيها، ولكن بناءً على استثمار الإنسان للموهبة، والخطوات التي يتخذها من أجل حياة أفضل له ولمن حوله.

وحان وقت اللقاء الذي انتظره الطفل طويلًا، وسيظل يذكر تفاصيله حتى آخر حياته، حيث نصحه بأن يظل في مصر، حتى انهاء حياته الجامعية وألا يقبل عروض الهجرة التي قُدمت له من بعض الدول مقابل عدم العودة إلى مصر مجددًا، قائلًا له: "التعليم الجامعي في مصر هو ما أهلني للسفر إلى الولايات المتحدة واستكمال المسيرة هناك".

وطلب زويل من صاحب لقب أذكى طفل في العالم، ألا يجعل الموهبة التي اختُص بها تمنعه أن يعيش حياته وطفولته، فرفض عرض وزارة التربية والتعليم بالانتقال من المرحلة الإعدادية إلى المرحلة الجامعية مباشرة، دون المرور بالمرحلة الثانوية، وأكد عليه بأنه مهما سافر إلى أي مكان لا بد وأن يعود إلى مصر.

وهو ما استقاه الطفل عمليًا، عند سماعه وصية الدكتور زويل، بدفنه في مصر، فها هو العالم كثير الترحال، الذي كان يمكن أن يدفن في أي مكان يموت فيه، وسيجد من يقوم بكافة إجراءات دفنه، ولكنه الوفاء للوطن الذي جعل الجسد يتحمل خمسة أيام على ظهر الأرض بعد أن صعدت الروح إلى ربها، ليدفن في وطنه الذي حارب من أجل رفعته. هكذا يصف محمود وائل رؤيته لوصية زويل قبل مماته.

وفي ختام اللقاء، أهدى زويل للطفل المعجزة، سيرته الذاتية "عصر العلم"، الذي كتبه له الراحل نجيب محفظوظ، معلنًا قبوله تحدى الطفل بالحصول على جائزة نوبل في سن أصغر منه، ومتعهدًا بكتابة سيرته الذاتية بنفسه. 

23

وانتهى اللقاء، وكان الأول والأخير نظرًا لظروف المرض الذي مر به العَالم الراحل، ولكن الاتصال كان مستمرًا بشكل غير مباشر، كما يقول محمود وائل: "مااتقابلناش بعد كدا تاني، لكنه طلبني بالاسم للمشاركة في إعلان مدينة زويل، ولم اتردد في الذهاب والتجول في المدينة وتصوير الإعلان". (إعلان مدينة زويل)

"كان مثلي الأعلى، قرر يفيد البشرية ولم يستسلم، وهبقى زيه، وهحصل على جائزة نوبل"، هكذا رثى محمود وائل الدكتور زويل، مؤكدًا أن العلماء في مصر لا ينتهون، إلا ان نقطة التحول من متعلم إلى عالم عادة لا تكون داخل مصر، ما حرمها كثيرًا من ثمرة كفاح أبنائها.

ينتوى الطالب الذي أنهى للتو دراسته الثانوية بنظام "البكالوريا الدولية"، الالتحاق بكلية الهندسة قسم الـ"ميكاترونيكس"، وهو تخصص غير موجود حاليًا بمدينة زويل، لذا لن يستكمل دراسته من خلالها، إلا أن علاقته لن تنقطع بها، كما يؤكد.

يحول الشاب الذي سيبدأ خطواته نحو الرشد، حديثه إلى البحث العلمي في مصر، الذي وصل إلى حالة يرثى لها، فيؤكد انه منذ حصوله على لقب "أذكى طفل في العالم"، لم يحصل على أي دعم حكومي، فكل الدورات التي التحق بها كانت عبارة عن منح من الجامعة الأمريكية و "مايكروسوفت".

ويشير وائل، إلى انه قد يستعد للسفر إلى الخارج بعد إنهاء دراسته الجامعية، ويتمنى أن يلتفت انتباه الحكومة المصرية نحو البحث العلمي، حتى يكف أبنائها عن الهجرة، وحتى الذين هاجروا يتمكنوا من مساعدتها، كما جاهد زويل الراحل لبناء مدينته العلمية، التي صارت حلمًا للكثير من أبنائها الذين يصرون على استكماله رغم وفاة المُلهم "زويل".

فيديو قد يعجبك: