فيديو من داخل ورش بولاق.. كيف تُبعث "قطارات الحوادث" من جديد؟
كتب – عبدالله قدري:
في ورش عنابر بولاق "شركة إيرماس" لصيانة القطارات، ينهمك عشرات العمال في أداء مهامهم لإصلاح قاطرة (جرار) قطار رقم 2009، بعد تعرضها لحادث أدى لخروجها من الخدمة، يُقسّم العاملون أنفسهم مجموعات، كل مجموعة تتولى مهمة محددة لإصلاح الجرار المتهالكة، في عملية يمكن تسميتها بـ"إحياء القطار من جديد".
وتبدأ أولى مراحل "إحياء أو بعث" القاطرات المعطوبة، بغسيل الجرار وتنظيفه عند استلامه، ثم تركيب الكابلات الكهربائية، يليها تركيب البواجي (وحدة تشغيل القطار)، بعدها يتم اختبار الدوائر الكهربائية للجرار، ثم يدخل في طور تجربة على السكة الحديد، وعند التأكد من سلامة العَمّرة والصيانة، يتم طلاء "دهان" الجرار، ودخوله الخدمة مباشرة.
يقول المهندس محمد فتحي رئيس قسم العمليات بشركة "إيرماس" لصيانة الجرارات، إن الجرار يصل إلى الشركة بعد تحديد هيئة السكة الحديد الصيانة والعمرات المناسبة له، ثم يخضع لعملية تركيب شاسية (هيكل القطار) للجرار، وبعدها يتم لحام الأجزاء المقطوعة بسبب الحادث، ثم يتم تبريدها من قبل "البرادين" (مجموعة من العمال).
ويضيف فتحي: بعد ذلك يأتي دور عمال الأمن الصناعي لتأمين الجرار في عمل القوة الإطفائية له تفاديًا لحدوث أي حريق بعد دخوله الخدمة، وبعد ذلك يتم حمل الكابلات الكهربائية واختبار العوارض "الدوائر الكهربائية"، وشد الحمل الكهربي للجرار.
وشركة "إيرماس"، التي تقع في السبتية شرقي نهر النيل، هي شركة مساهمة مصرية لإنجاز أعمال عمرة وإصلاح وحدات النقل المتحركة المملوكة للهيئة القومية لسكك حديد مصر.
"أشرف": لما بسلم الجرار وبشوفه دخل الخدمة بحس إنه ملكي
وتضع الشركة برنامجًا شهريًا لصيانة الجرارات، سواء المتعرضة لحادث أم التي بحاجة إلى صيانة عادية، ويخصص لكل شهر إنتاج محدد من الجرارات، فعلى سبيل المثال، وضعت الشركة نحو 14 جرارًا بحاجة إلى الصيانة على قائمة الجرارات المستهدف صيانتها في شهر فبراير 2017، كما حددت نوع العمرات المطلوبة سواء كانت خفيفة أم متوسطة أم جسيمة.
وفي داخل الورش التي يكسو أرضيتها شحم القطارات، وتفوح منها رائحة الكير، وقف أشرف، كهربائي الجرارات، يشرح لمصراوي تفاصيل عمله الشاق داخل جرار رقم (2009) والذي تعرض لحادث، وقال الرجل الذي استوطنت بقايا شحم القطارات تحت أظفاره، فصبغتها بالسواد، وبهت الشحم على بذته الزرقاء فصارت ممزوجة باللونين، إنه يعمل وفق لوحات إرشادية مخصصة لنظام العمل داخل الجرار، حيث يتركز عمله على تركيب الكابلات الكهربائية للجرار، ثم مساعدة زملائه في اختبار قدرات الجرار قبل دخوله الخدمة، مؤكدًا أن مدة انتهاء العمل من الجرار تختلف من واحد لآخر، وحسب طبيعة العمل والصيانة التي يحتاجها الجرار.
يعمل أشرف في ورش إيرماس منذ 19 عامًا، ومرّ عليه عدد من الجرارت التي تخضع للصيانة، ولا يُخفي أشرف شعوره حين يتم عمله في الجرار ويدخل الخدمة على شريط السكة الحديد، قائلًا:"لما بسلم الجرار وبشوفه دخل الخدمة بحس إنه ملكي، بصرف النظر عن الفلوس".
ورغم ضغط العمل الذي يتعرض له أشرف في ورشة إيرماس، فإنه بمجرد أن يشاهد القطار في الخدمة، ينشرح صدره ويبتهج:" بشاور على الجرار وبقول ده أنا اللي عملته".
وتمتد شركة إيرماس على مساحة مترامية الأطراف، تبلغ نحو 27 فدانًا، وهي عبارة عن عنابر وورش متعددة، لكل ورشة اختصاصها، فهناك ورش لصيانة وعمرة الجرارات، والتسبيك، وصيانة المولدات، وأخرى لهيكلة المحركات، وغيرها.
فيديو قد يعجبك: