وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالوقوف بحزم أمام الإرهاب ومواجهة الدول الراعية له
جنيف- (أ.ش أ):
أكد وزير الخارجية سامح شكري اليوم الأربعاء، أن شرور الإرهاب علي رأس التهديدات الأخطر التى تواجه الأسرة الدولية حيث تعصف عصفا بالحق فى الحياة والأمن وكافة حقوق الإنسان الأخرى .
وقال شكري فى كلمته أمام الشق الرفيع المستوى لمجلس حقوق الإنسان الذى تنعقد دورته الرابعة والثلاثين حاليا فى جنيف، إن مصر كواحدة من أكثر الدول تألماً جراء هذا الإجرام الآثم من جماعة الإخوان الإرهابية وغيرها تجدد مطالبتها للمجتمع الدولى بالوقوف بحزم أمام الإرهاب وقطع خطوط تمويله وتسليحه ومواجهة الدول الراعية له بما فى ذلك تلك المتواطئة معه بدعاوي هدامة للمصالحة والتعايش مع تنظيمات الإرهاب والتطرف.
وأضاف " فى هذا الإطار، يأتى مشروع القرار الذى تقدمه مصر ضمن مجموعة نواة من الدول العربية وتنضم إليها دول أفريقية وآسيوية ولاتينية عديدة خلال الدورة الحالية حول أثار الإرهاب علي التمتع بحقوق الإنسان، وندعو الدول التى لم تساند هذه المبادرة إلي مراجعة موقفها والانتصار لآلام ضحايا الإرهاب حول العالم. لافتا إلى أهمية عدم استخدام بعض منظمات المجتمع المدني لتحقيق مآرب سياسية وبما قد يدفع المجلس الى مستقبل محفوف بالمخاطر .
وأعرب عن اعتزاز مصر بانتخابها عضوا بالمجلس الأممي بتأييد واسع إضافة إلى اختيارها كأحد النواب الحاليين لرئيس المجلس.
وقال: يسعدنى التحدث اليوم أمام الشق رفيع المستوي لمجلس حقوق الإنسان والذى يأتى متزامناً مع أولى دورات المجلس بعد انتخاب مصر لعضويته بتأييد واسع بل واختيارها كأحد النواب الحاليين لرئيس المجلس، وهى الثقة التى نعتز بها وتتوج النشاط المصرى أثناء عضويتنا السابقة من 2007 إلي 2010 والتى كانت مصر خلالها وبعدها صوتاً صادقاً لدوائرها الأفريقية والعربية والإسلامية وعدم الانحياز.
وأكد شكري أن مصر تولى اهتماماً خاصاً بمجلس حقوق الإنسان وتحرص علي نجاح تجربته كجهاز فرعى للجمعية العامة مُكرس لأغراض التعاون الدولي فى حماية وتعزيز كافة حقوق الإنسان. وليس بخاف عليكم أن تأسيس المجلس الذى شاركت فيه بصفة شخصية اقترن بآمال عريضة فى محفل عالمي للحوار البناء والتعاون الدولي فى إطار من احترام سيادة الدول والخصوصيات المجتمعية والتنوع الثقافي، ومع احياء الذكري العاشرة لتأسيس المجلس العام الماضي، ومن منطلق حرصنا الأكيد علي هذا المحفل الأممى الفريد، ينبغى التنبه لتزايد القلق من أن العودة للتشهير والتسييس والاستقطاب والاستهداف الانتقائي للدول النامية بل واستخدام بعض منظمات المجتمع المدنى لتحقيق مآرب سياسية تدفع هذا المجلس نحو مستقبل محفوف بالمخاطر، بما قد يهدم الثقة الدولية التى أحاطت بميلاده وينال مما نبتغيه له من فعالية ومصداقية."
وتابع : أنه لا بديل عن الحوار البناء الصادق الذى يقوم علي احترام الآخر ومراعاة احتياجات وشواغل وأولويات كافة الأطراف، والعمل المشترك والتعاون الدولي إزاء إقرار الحقوق المتفق عليها فى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مما أقره المجتمع الدولي بتوافق الآراء فأكسب هذه الحقوق صفة العالمية.
وأضاف شكري: إننى علي ثقة بأن عضوية مصر بالمجلس بعد ما شهدته من تحولات كُبري خلال الأعوام المُنصرمة ستزيد من ثراء النقاش به وستستحضر تجارب هامة عاشها الشعب المصري وشعوب المنطقة. فمصر، التى مرت بسنوات مليئة بالتحديات الصعبة منذ ثورتها الأولي عام 2011 ومروراً بثورتها الشعبية الثانية فى 2013، أقبلت علي عصر جديد من الأمن والاستقرار والديمقراطية وسيادة القانون، وتمكن شعبها العظيم برغم كل التحديات وفى مقدمتها خطر الإرهاب والضغوط الاقتصادية من إقرار دستور شهد العالم بانتصاره للحقوق والحريات الأساسية، ومن استكمال بناء المؤسسات الدستورية لدولته الوطنية.
وأوضح شكرى أنه فى ظل مُناخ من حرية الرأى والإعلام واستمرار ما ينُاهز خمسين ألف منظمة غير حكومية فى الإسهام فى تنمية المجتمع المصرى، وفى إطار من سيادة القانون واستقلال القضاء والمحاسبة الفعالة؛ فإن تعزيز وحماية حقوق الإنسان باتت فى قلب السياسة العامة للدولة ، مشيرا إلى أن الحكومة المصرية استعرضت باستفاضة ما حققته فى هذا الشأن خلال آلية المراجعة الدورية الشاملة في نوفمبر 2014.
وأضاف أنه منذ انعقاد المراجعة فقد استمرت التطورات الإيجابية ومن بينها انتخاب 89 سيدة لعضوية مجلس النواب، وتعزيز البنية التشريعية والتنفيذية للتصدي للعنف ضد المرأة، ومراجعة قانون التظاهر، وإصدار السيد رئيس الجمهورية قرارات بالعفو عن شباب تورطوا فى مخالفة القانون، فضلاً عن نقلة نوعية فيما يتعلق بتعزيز المواطنة وحماية الحق فى حرية الدين والمعتقد، وهى لطفرات هامة يتعمد البعض التغافل عنها، ولكن يكفينا ثقة المجتمع الدولي الذى انتخبنا لعضوية هذا المجلس وما يقترن بعضويته من معايير رفيعة فى مجال حقوق الإنسان.
وقال وزير الخارجية إنه اتصالا بالقرارات المصرية الأخرى المطروحة فى المجلس المُوقر، تحرص مصر علي أن تعكس مبادراتها اهتمامات وأولويات وطنية ودولية مشتركة، ومن هذا المنطلق تستمر فى طرح القرار السنوي حول الحق فى العمل كأولوية حيوية لملايين الشباب فى مصر وحول العالم، وهو ذات المنطق الذى ترعي مصر علي أساسه مبادرة الشباب وحقوق الإنسان والذى يتضاعف اهتمامنا بها علي خلفية المؤتمر الوطني الأول للشباب الذى دشنه رئيس الجمهورية العام الماضي كمحفل لتمكين الشباب والحوار معهم.
وأضاف أن مصر تابعت مع الأشقاء التونسيين والليبيين وبالنيابة عن المجموعة الأفريقية طرح مشروع قرار أثر عدم استرداد الأموال المنهوبة علي التمتع بحقوق الإنسان وما يبرزه من تبعات سلبية للتدفقات غير المشروعة لرؤوس الأموال علي التمتع بالحق فى التنمية فى العالم النامى بما فى ذلك مصر.
وأكد أن مصر ستواصل دعمها للمبادرات التي تُعلى الاهتمام بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتنتصف لها من الاهتمام الحصري من بالحقوق المدنية والسياسية وذلك من منظور ترابط الحقوق وتكاملها، بما فى ذلك مبادرتها السنوية حول حماية الأسرة ودورها فى مجال حقوق الإنسان.
وقال وزير الخارجية إن عالمنا يواجه ظروفا أمنية واقتصادية مُركبة فيستمر تفشى الإرهاب والصراعات المسلحة وتزايد حدة التغير المناخي والكوارث الطبيعية، ويُضاف إليها القلق من تنامى مظاهر العنصرية وكراهية الآخر وما يدفعه المهاجرون واللاجئون والأقليات العربية والمسلمة في الخارج من أثمان باهظة لهذه التوجهات.
وأضاف إن مصر كدولة تتحمل مسئولياتها الإنسانية والاخلاقية والقانونية فى استضافة الملايين من اللاجئين دون إيداعهم فى معسكرات أو استغلال معاناتهم لتسجيل نقاط سياسية، وتؤكد علي أن إغلاق الحدود وتغليب المنظور الأمني لن يُجدى فى وقف التدفقات البشرية، وتحث علي استثمار مليارات الدولارات التي تُنفق علي المجالين الأمني والعسكري في معالجة الأسباب الجذرية الاقتصادية والاجتماعية ودفع الجهود الدولية لحل الصراعات المُسلحة.
وأوضح وزير لخارجية أنه برغم هذه التحديات الصعبة، لا ينبغي أن نتناسى التزامنا المشترك بالوفاء بالأهداف الطموحة التي أرستها أجندة التنمية المُستدامة 2030 والتى نقدر أن إدراك حقوق الشعوب فى التنمية وفى نظام دولي مُنصف وعادل يُمثل عنصراً أساسياً في تحقيقها.
واستعرض وزير الخارجية فى نهاية كلمته بشكل مُوجز رؤية مصر، العضو الحالي فى مجلس حقوق الإنسان، ومجلس الأمن، ومجلس السلم والأمن الإفريقي، تجاه عدد من الأوضاع المتأزمة إقليمياً ودولياً حيث قال إن القضية الفلسطينية تستمر فى الإلقاء بظلالها علي حقوق الإنسان الفلسطيني وعلي أوضاع حقوق الإنسان فى المنطقة بأسرها، وكمعين لا ينضب لدعاة الكراهية والاستقطاب، وهو الأمر الذى لن تُطوي صفحته دون تسوية عادلة تتأسس علي قيام دولة فلسطينية مُستقلة وفقاً لمقررات الشرعية الدولية.
وعن الملف والسوري قال شكري، إن الصراع فى سوريا فاجعة كُبري تؤلم الضمير البشري ، مؤكدا أن مصر مستمرة فى دعواها لحقن الدماء، والتأكيد علي ضرورة التوصل لحل سياسي يُلبى تطلعات الشعب السوري، والتنديد بما يتدفق من سلاح وأموال لجماعات إرهابية تُثخن جراح الشعب السوري الشقيق.
وبالنسبة للأزمة الليبية قال شكري إنه انطلاقاً من دور مصر كدولة جوار مباشر، فهى تولى اهتماماً خاصاً بأمن واستقرار الجار الليبي الشقيق، وتبذل جهوداً صادقة للتقريب بين الأطراف الليبية للتوصل لتسوية توافقية علي أساس اتفاق الصُخيرات.
وقال شكري: إن خارج محيط مصر العربي، تتابع مصر بقلق، أسوة ببقية دول منظمة التعاون الإسلامي، ما تتناوله التقارير الأممية حول أوضاع المسلمين الروهينجا بميانمار، مؤكدين علي ضرورة المعالجة الفورية للوضع الإنساني المُتأزم هناك.
وانطلاقاً من مسئوليات مصر أفريقياً سنتابع عن كثب نقاشات المجلس اتصالا بالتطورات فى عدد من الدول الأفريقية دافعين نحو تغليب منطق الحوار والتعاون الفني بدلاً من التسييس والاستهداف الانتقائي.
وأعرب شكري عن تمنياته لمجلس حقوق الإنسان أن يرتقى دورة لتطلعات المجتمع الدولي وينتصر لمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة مؤكداً علي أن مصر لن تدخر جهداً للإسهام فى تمكين المجلس من الوفاء بولايته وتحقيق الصالح المشترك للأسرة الدولية.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: